ضحايا البورصة .. هل من جديد بشأنهم؟
مضت أسابيع طويلة ، هي من دون شك أطول بكثير بالنسبة لعشرات الآلاف من ضحايا البورصة ، وها إن عيداً آخر يطل على هذه الفئة من دون وضوح مصير الأموال التي وضعوها بين يدي الشركات والمكاتب إياها.
قبل أسابيع ، وفي جلسة مجلس النواب المخصصة لمناقشة الموضوع قدمت الحكومة بعض المعلومات حول الأموال التي جمعتها (سائلة وممتلكات) من تلك المكاتب والشركات ، الأمر الذي أثار جواً من الارتياح الأولي ما لبث أن أخذ يتبدد عندما لم ترشح أية معلومات جديدة بشأن المدة التي ستستغرقها عمليات التحقيق والتدقيق وصولاً إلى إعادة الأموال ، وأقله بعضها إلى أصحابها. وقد ذهب بعضهم إلى أن الحكومة بهذا الأمر تدفع الناس إلى تهبيط سقف توقعاتهم شيئاً فشيئا.
من المؤكد أننا تجاوزنا أسئلة من يتحمل المسؤولية عن تلك الكارثة التي أصابت عشرات الآلاف من الأسر ، وقد قال الناس وقال النواب والسياسيون ما عندهم ، وصار السؤال التالي مركزاً حول إجراءات الحكومة الرامية إلى إعادة الحقوق إلى أصحابها ، لا سيما أن معظم المتورطين في النصب على الناس صاروا بيد القضاء ، وإذا كان ثمة آخرون ما زالوا طلقاء ، فالأصل أن يمثلوا أمام العدالة ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ما يعنينا في كارثة من هذا النوع هو الحقوق أكثر من الانتقام ، لأن نظرية "المال السايب يعلم السرقة" ربما انطبقت على ما جرى ، وبالطبع حين وضع بعض الناس أموالهم بأيدي أغرار ليس لهم في عوالم المال والاستثمار أية تجربة ، فضلاً عن حقيقة أن ما كانوا يدفعونه من أرباح كان يشير بوضوح إلى أن ما يجري هو لعبة نصب أكثر منه عملية استثمار حقيقي.
أياً يكن الأمر ، فقد توزعت المسؤولية ، ومن ضمنها مسؤولية الحكومة التي تركت كل شيء يمر من دون تدخل سريع ، وصرنا أمام السؤال الأهم ممثلاً في جدوى الإجراءات المتخذة لإعادة الحقوق إلى أهلها.
رغم أننا لا نميل في العادة إلى الثقة بالحكومات: هنا وفي سائر العالم العربي ، إلا أننا نشعر هذه المرة أن نوايا إيجابية تبدو متوفرة لدى الجهات الرسمية ، ليس فقط من أجل أصحاب الأموال وهم أبناء هذا البلد الطيبين والمساكين الذي حلموا بتحسين أوضاعهم ، بل أيضاً من أجل حركة الاقتصاد التي ستدخل في وضع صعب أكثر من القائم إذا بقي الحال على ما هو عليه.
لكن مراقبة الفعل الحكومي أو عرضه على المعنيين لإبداء الرأي فيه يبقى مطلوباً لتحسين الأداء ، لا سيما أن وقتاً طويلاً قد مرّ ، بينما لا يعرف هل السياسة القائمة هي حلّ الملف برمته دفعة واحدة ، أم حله بالتقسيط تبعاً لكل شركة أو مكتب.
من الأفضل أن يصار إلى متابعة وضع كل شركة أو مكتب على حدة ، وإجراء تسويات تأخذ بعين الاعتبار ما قبضه المساهم أو المضارب ، من دون التساهل مع من كانت نواياه النصب منذ البداية. نقول ذلك لأننا ندرك أن الناس لم يعودوا يحلمون بإعادة كل شيء ، وإنما بجزء من أموالهم ، أو الجزء الأكبر في أحسن تقدير.
ما نريد قوله أن ترك الناس يتخبطون في التوقعات لا يمكن أن يكون حلاً لأسر منكوبة تريد معرفة وضعها لكي تتعامل على أساسه ، لا سيما أننا نعلم أن بعضها قد وضع كل ما يملك ، بينما استدان آخرون من البنوك وصاروا أمام استحقاقات لم تكن في الحسبان.
يبقى سؤال مهم يتعلق بغياب القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني عن هذه القضية ، والأسوأ أن يكون بعضها قد مال إلى تحميل الناس المسؤولية بدعوى الطمع والجشع وكفى الله المؤمنين القتال ، مع أن المسؤولية تتوزع ، فضلاً عن أن صحة هذه النظرية في تفسير الكارثة لا يبرر الغياب عن مراقبة آليات معالجتها ما دامت تمس هذه الشريحة الكبيرة من المواطنين.











































