صيف ساخن ينتظر قيادات الحركة الإسلامية
أثار ترشيح مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين للقيادي الإسلامي زكي بني ارشيد أمينا عاما لحزب جبهة العمل الإسلامي استياء عدد من قيادات الحزب المحسوبة على تيار الحمائم.
بني ارشيد طالما شكّل مصدر قلق وإزعاج للحكومة .. ولم تمض سوى ساعات حتى بدأت حرب البيانات الالكترونية في صفوف الحركة الإسلامية بين تياري "الصقور" الذي يمثله بني ارشيد والحمائم الذي يمثله د.رحيل الغرايبة.
وفي الوقت الذي كان الصراع بين التيارين مقتصرا داخل الغرف الإخوانية المغلقة انفتح أمس على شاشات الفضائيات، فشن تيار الحمائم المعروف بقرب شخصياته من خط الحكومة هجوما عنيفا على بني أرشيد حتى بدا للبعض انه اقرب لان يكون شخصيا منه فكريا وتنظيميا.
وقد فجر ترشيح بني ارشيد أزمة ما فتئت تجد من يضع تحت نارها الحطب، حيث يستند الحمائم برفضهم لبني ارشيد إلى أن ترشيحه "فُرض عليهم" من قبل مجلس شورى الجماعة، فيما يقول تيار الصقور انه بإمكان قيادات الحمائم ترشيح من ترغب في ترشيحه، وان صناديق الاقتراع هي الحكم بينهما.
اختيار بني أرشيد ذي الشخصية الإشكالية جاء في اجتماع عقد الخميس الماضي وخلاله قرر مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين تطبيق قرار مكتب الإرشاد العالمي القاضي بفك العلاقة التنظيمية بين إخوان الأردن وحركة حماس، اضافة الى ترشيح بني ارشيد.
وإذا كان من المجدي طرح سؤال عن المستفيد الأول من خلافات الحركة الاسلامية فان الاجابة ستكون بالإجماع الحكومة حسب ما يراه محللون.
وكلما اعتقد الشارع الأردني أن الأزمة الداخلية في الجماعة أقرب إلى الحل ظهر ما يشي بأنها متوجهة إلى التصعيد.. فقد بات الأردنيون ليلة الخميس الماضي على أخبار تتحدث عن التوافق بين التيارين ولكن ما ظهر أن الأزمة كانت في الحقيقة في طريقها إلى التعقيد والانغلاق.
الكاتب طاهر العدوان من صحيفة العرب اليوم، يرى أنه من الصعب توقع الدوافع العميقة للخلاف داخل جماعة الإخوان وحزبها.
متسائلا هل هي مجرد خلافات على كراسي القيادة داخل أكبر حزب في البلاد، أم أنها بفعل تفاقم الصراع بين الحمائم والصقور على خلفيات جهوية وإقليمية يتم تداولها في الأوساط الرسمية والحزبية والشعبية!.
ويرى العدوان أن ترشيح بني أرشيد من قبل الجماعة إلى رئاسة الجبهة يمثل انعكاسا للمناخ العام، تظهر فيه حالة من الاندفاع نحو أقصى اليمين عند مختلف القوى والتيارات الحزبية والسياسية والشعبية في البلاد، أنها مؤشر على حالة عدم الثقة بالسياسة الحكومية، واتساع النقد الشعبي الحاد لهذه السياسات، خاصة في مسألة الإصلاح التي تراوح مكانها بعدما نشر من خطوط عريضة لقانون الانتخاب الجديد تكرس سياسة حرمان القوى الشعبية من إرسال ممثليها الحقيقيين إلى مجلس النواب في انتخابات وفق قانون عصري.
الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي رأى في حديثه لعمان نت أن استمرار الخلاف داخل الحركة سيكون له عواقب وخيمة ليس على مستوى الحزب فحسب وإنما على الأردن بمجمله.
مشيرا إلى أن الخلافات الحالية ستضعف من قدرة الحزب على التعامل مع التحديات الداخلية والخارجية، واعتبر الرنتاوي أن هذه الخلافات لا بد أن تخظى باهتمام وطني وليس إخواني فقط.
ولفت إلى أنه ليس من مصلحة أحد أن تنشق هذه الحركة ولكن هناك الكثير من القوى المتربصة لا تريد للحركة أن تنجو من حالات الانقسام والتآكل والانخراط. وقال:" وجود تيارين في حركة واحدة من شانه أن يخلق حالة من التوازن والاستقرار بين الأخوان والنظام وبقية التيارات الفكرية وفيما بينهم أيضا ".
وأشار الرنتاوي إلى أن الخلافات السابقة التي عصفت بالحركة الإسلامية في السابق جعلها تدفع ثمنا باهظا في انتخابات 2007، مبينا أن استمرار الحال على ما هو عليه قد يؤدي إلى خسارتها في الانتخابات القادمة.
واستبعد أن تؤدي الخلافات داخل الحركة إلى الانشقاق، مؤكدا عدم وجود نية مبيته لدي أي من التيارات الحركة الإسلامية، ولكنه استدرك أن استمرار الحال على ما هو عليه قد يؤدي إلى انشقاقات جراء استمرار الحسابات الشخصية والانقسامات المنابتيه.
الرنتاوي رفض قبول فرضية تياري الحمائم والصقور، وقال:" فمن يعدون حمائم في الملف الفلسطيني على سبيل المثال ويريدون علاقة مستقلة عن حماس هم أيضا صقور فيما يخص العلاقة الداخلية حيث طرحوا الملكية الدستورية لذلك لا ينبغي الاكتفاء بالقول أن الحمائم هم الأقرب إلى النظام أو الصقور هم الأبعد عن النظام".
صيف ساخن كما يراه مراقبون سيكون بالانتظار قيادات الحركة رغم أنها في عجلة من أمرها لإيجاد حل ما لخلافاتها استبقا لأمرين الأول داخلي والأخر خارجي.
أما الداخلي فاستحقاق الانتخابات النيابية التي لم يتبق على بدء التسخين لها الكثير. والخارجي فقرع إسرائيل لطبول الحرب أو التجهيز لها وهو ما يعني وقوف الأردن على رؤوس أصابعه خشية من تنفيذ الحكومة الإسرائيلية لمخططات الترانفسير مستفيدة من الفوضى التي ترغب في إيجادها في المنطقة.
هذه الخلافات لم تجد طريقا لتهدئتها بعد بين أقطاب الحركة، ولكن أن طالت مدة هذه الخلافات، هل ستؤثر على شعبية أكبر الأحزاب في المملكة؟!.