صوماليون لاجئون في الأردن.. يبحثون عن الحياة
تُخلف الحروب التشريد والتهجير والضياع، سواء كانت في فلسطين أم العراق أم غيرهما، فالنتائج تتشابه والشعوب تدفع الثمن، وها هم اللاجئون الصوماليون في الأردن على قلتهم يوجهون رسائلهم إلى العالم.عددهم في الأردن لا يتعدّى العشرات وأكثرهم من النساء اللاتي فقدن أزواجهن وعائلاتهن، وجزء منهم جاءوا من العراق بعد الحرب الأخيرة، بعد هربهم في تسعينات القرن الماضي، والبعض الآخر لجأ الى الأردن مباشرة قبل سنوات عديدة.
رغبتهم بالعيش في سلام وطمأنينه جعلتهم يتركون بلدانهم ويأتون للعيش خارج الصومال، فالبحث عن حياة جديدة والعيش بكرامة هي اولى أحلامهم التي يودّون تحقيقها.
عائلات لديها أطفال، بعضها بلا آباء، ولا يستطيع أي منهم العمل لأنهم..بلا إقامة، أوضاعهم الاقتصادية والنفسية سيئة وأحوالهم المعيشية مضطربة، وعلى الرغم من أنهم مسجلين عند المفوضية السامية للأمم المتحدة كلاجئين إلا أنهم يشتكون من الإهمال، ومن أوضاعهم المعيشية الصعبة في الأردن.
تصرف المفوضية لبعض هؤلاء الصوماليين مبلغاً من المال، "لكنه لا يكاد يكفي أجرة السكن الشهرية"، فيلجأ بعضهم الى مؤسسات البر والإحسان لمساعدتهم بالدعم المادي، وإحدى اللاجئات الصوماليات لا تأخذ أي مساعدة لا من المفوضية ولا من أي أحد آخر، وتعيش مع أبنائها ظروفاً أكثر من ان توصف بالصعبة كما تقول.
مجموعة من الصوماليات اللاجئات، أخذن يسردن لعمان نت مشاكلهن اليومية، "هناك عدة فتيات صوماليات أغلقت ملفاتهن في المفوضية بدون سبب يذكر، ومنهن من أكملت سنة واكثر، وهناك شباب أيضاً، نريد ان نعيش حياتنا، نريد أن نمشي في الشارع دون أن نخاف".
وتقول ام نعمة: "المبلغ الذي يصرفونه لنا لا يكفي لأجرة المنزل الذي أسكنه وهي 61 دينارا، وأنا أم ولدي طفلة صغيرة ولا أستطيع تركها والذهاب للعمل ولو استطعت العمل فهذا غير مسموح لنا لأن لا إقامة لدينا".
وحين سألناهن إن كن يردن العودة الى الصومال استهجنت إحداهن السؤال وقالت "لا نستطيع العودة الى بلادنا، الناس يهربون منها، كوفي أنان قال أن اللاجئين الصوماليين عن دون لاجئين العالم أولى أن يحتضنوا ونحن في الأردن نعد على الأصابع وأغلبيتنا من النساء".
إحداهن فقدت عائلتها وأبنائها في الصومال وأضاعت جواز سفرها في إحدى سيارات الأجرة، تقول "لو لم أفقد جواز سفري لسافرت الى بلد آخر لكنني لا أستطيع، وليس هناك سفارة للصومال في الأردن حتى تخرج لي جواز جديد، فهل سيبقى حالي هكذا، ومنظمة الأمم المتحدة ترفض أن تعطيني كرت صغير يدل على هويتي كي أستطيع التنقل به، فلماذا يرفضون وهو حق لنا كلاجئين، الشرطة تتركني لأنني أرتدي الحجاب، لكن حين يمسكوني في الشارع ويطلبون الهوية لا أعرف حقاً ماذا أقول فكيف أستمر هكذا".
وتتابع أخرى الحديث حول أوضاعهن.."إذا مرض أحدنا لا يدري ما يفعل فليس مسموحا لنا العلاج في المستشفيات الحكومية، وغير هذا فأولادنا مشردين بلا مدارس، فالولد يكبر ويضيع عمره وهو من حقه أن يتعلم كأقل حق، وهنا في الأردن الأجنبي ليس له حق الدراسة في المدارس الحكومية إذا لم يكن لديه إقامة، نراجع المفوضية بشكل مستمر لكن بلا فائدة، ولا يكفي هذا فقط، فهم يعاملوننا بطريقة غريبة، فهم يهينوننا إذا ما راجعنا المنظمة".
تراجع اللاجئات المفوضية يومياً أملاً في الحصول على بطاقة لاجئ، لكن بلا نتيجة كما تشرح إحداهن، وتقول: " نحن لم نلجأ للمفوضية سوى لأن واحدة من واجباتها أن توفر لنا مكان نعيش فيه وأن يصرفوا لنا مالاً لنستمر به على العيش".
"اللاجئون العراقيون أخذوا الجزء الاكبر من الاهتمام، نريد القليل من الاهتمام ونريد أن ينظر إلينا بعين الرحمة، نريد أن نعيش عن حياتنا من جديد فيكفي أن نصف عمرنا ضاع بين الهجرة والتنقل والضياع".
والتمني الذي أدته أكثر من لاجئة هو أن تكون تلك الكلمات رسالة إلى المؤسسات الدولية بأن هناك لا يزال لاجئون ينتظرون الحياة.
حقوق الإنسان
أحد مهام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الرئيسية، الرعاية وحماية اللاجئين حول العالم بغض النظر عن الجنس واللون، أما من ناحية حقوقية يقول مدير المرصد الأردني للتنمية وحقوق الإنسان طالب السقاف إن مفهوم الولاية العليا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يشمل الولاية بمجرد تقديم طلب اللجوء إليها من قبل أي شخص، وعليها ان تشرع في نظر الطلب، وهذا يقتضي تأمين مجموعة من القضايا الاساسية لهؤلاء اللاجئين منها المسكن والعلاج والطعام، هذه الولاية تجعل طالبي اللجوء خارج سيطرة السلطات الرسمية الأردنية من حيث أنهم لا يعاملون معاملة الاجانب ولا يطلب منهم إذن الإقامة ولا يُسألوا عن مشروعية الدخول طالما انهم تحت ولاية المفوضية بالتالي فإن أي إجراء يتعلق بهذه الفئة من اللاجئين هو إجراء متوقف على المفوضية العليا للاجئين".
وفيما يخص اللاجئين الصوماليين، يعلق السقاف "يبدو أن خيارات المفوضية في حل هذه المشكلة وهي إما التوطين في بلد ثالث أو العودة الطوعية، ويبدو أن مسعاها في التوطين لم تنجح الى الآن وهي تشجع خيارات العودة الطوعية خاصة للاشخاص في المناطق التي لم تتأثر بالحرب الأهلية الدائرة هناك لكن يبدو ان الأشخاص الموجودين في الأردن متأثرين بالحرب".
ويتابع حديثه أن على المفوضية تقديم خدمات التعليم، وكل الاحتياجات الإنسانية من غذاء ومأوى وتعليم، " كما يجب أن توفرها على اعتبار أنها جهة ولاية، واللاجئون ليسوا مضطرين للبحث عن مصادر رزق أخرى، وحتى إذا كان هناك إمكانية للتشغيل فتكون من خلال المفوضية وليس من خلالهم هم، لأنهم قد لا يكون لهم حقوق بدخول العمل دون وجود وصف الأجنبي المقيم في الأردن إقامة مشروعة، وهؤلاء الصوماليين ليس لديهم هذا الوصف حتى الآن وهم طالبوا لجوء لهم وصف في القانون الداخلي وفي القانون الدولي".
إذا لم يصل هؤلاء اللاجئون الى إيجاد حلول لأوضاعهم، فيستطيعون اللجوء الى مراكز حقوق الإنسان، هذا ما يقوله السقاف ويضيف "هناك جهات يمكن الرجوع لها سواء للمفوضية نفسها عن طريق الاعتراض أو الشكوى على اي من الإجراءات الصادرة عنها، أو اللجوء الى المركز الوطني لحقوق الإنسان، فيتمكن المركز من مخاطبة المفوضية بتوفير الخدمات والاحتياجات الأساسية لطالبي اللجوء المقدمين لديها كونهم موجودين في الأردن، والمفوضية لها مكتب تمثيل في الأردن وهذا يدخل ضمن الولاية القانونية للمركز الوطني لحقوق الإنسان".
وفيما يخص التعليم، يقول السقاف "حتى في مسائل التعليم، يمكن مخاطبة الإدارات الرسمية المختصة مثل وزارة التربية والتعليم ومديرياتها خاصة وأن الاردن وقع اتفاقية مكافحة التمييز في التعليم منذ عام 1966، وبموجب هذه الاتفاقية يحظر أي تميز في فرص التعليم بين المواطنين والاجانب حتى وإن كانت إقامتهم غير مشروعة داخل البلد".
موقف المفوضية
وفي محاولة للتعرف على موقف المفوضية في الأردن، من أوضاع الصوماليين اللاجئين، فتعلق مسؤولة الإعلام في المفوضية يارا الشريف إن المفوضية تعمل ضمن قواعد وتعليمات محددة لا تسري علينا فقط بل على جميع مكاتب المفوضية عالمياً، ومن أهم شروط الاعتراف باللاجئ بغض النظر عن جنسيته؛ أن يكون هناك خطر حقيقي يتهدد حياته في حال عودته الى موطنه الأصلي، فإذا تم إثبات هذا عن طريق البيانات التي يقدمها الشخص المعني أو البحث التفصيلي الذي تقوم به المفوضية تعترف به كلاجئ وتوفر له جميع المساعدات التي يحتاجها".
وفيما يخص اللاجئين الصوماليين في الأردن تقول "لا استطيع البت في قضايا فردية، فيجب عليهم ان يتقدموا بطلب الى مكاتب المفوضية ويراجعوا وأن يكون مع كل فرد فيهم صورتين شخصيتين والتقدم بطلب تسجيل في المفوضية، بعد التسجيل والمقابلة، وكل حالة تعامل بشكل فردي وتختلف عن كل حالة وأخرى، بالنسبة لأوضاع الصوماليين داخل الأردن فلا خلفية لي عن ملفاتهم ولا أستطيع البت فيها، وكونهم سجلوا لا يعني أنهم لاجئين معترف فيهم ويتلقون المساعدات من المفوضية".
وتتابع "مسؤوليتنا تنحصر في أنهم إذا كانوا معترف بهم في المفوضية كلاجئين توفر لهم جميع المساعدات المالية والحماية، اما في حال معاناتهم من أوضاع اقتصادية سيئة فذلك لا يخولهم أن يكونوا لاجئين معترف بهم داخل المفوضية إلا إذا كان هناك سبب أقوى كأن يكون هناك خطر يتهددهم داخل الصومال".
ومع هذا لا يزال اللاجئون ينتظرون المفوضية أن تتحرك وتتابع أحوالهم، لأنهم على أرض الواقع لا يقتنعون بما تقدمه المفوضية لهم، "أو على الأقل أن تقوم بما هي مؤسسة عليه".











































