"صراع الاخوة" يحتدم في "دائرة النار"..الزرقاء الثانية

الرابط المختصر

تَعدُ الدائرة الثانية في الزرقاء، حيث تحتدم المنافسة بين 25 مرشحا بينهم 21 من عشيرة واحدة، بمفاجآت ساخنة سيكون من شأنها تعزيز موقعها باعتبارها "الدائرة النارية"، وهو اللقب الذي اكتسبته على مدى الانتخابات النيابية السابقة.

وتشمل الدائرة التي خصص لها ثلاثة مقاعد، 22 منطقة هي: عوجان، الملك طلال، الأمير الحسن، الفلاح، الأميرة رحمه، الجبل الأبيض، الأمير حمزه، أم بياضة، الدويك، الزواهرة، القمر، المدينة المنورة، مكة المكرمة، الاحمد، نصار، الأميرة هيا، الجبر، قرطبه، الجنينة، شومر، البستان وقضاء بيرين.

 

وللزرقاء التي تمتد على 4080 كلم مربعا وتعد ثاني اكبر محافظة في المملكة، عشرة مقاعد في مجلس النواب.

وتأتي الدائرة الثانية في الزرقاء من حيث عدد الناخبين بعد الدائرة الاولى التي يصل عدد من يحق لهم الاقتراع فيها الى 137 الفا.

 

ويبلغ عدد من يحق لهم الاقتراع في الدائرة الثانية نحو 60 الفا نصفهم تقريبا من الاناث، علما ان من صوتوا منهم خلال الانتخابات السابقة اقل بقليل من 28 الفا.

 

وترشح 26 بداية لهذه الدائرة قبل ان ينخفض العدد الى 25 بعد انسحاب احدهم رسميا وهو محمد العبادي. و9 من المرشحين من الخلايلة ومثلهم من الزواهرة وثلاثة من الغويري، وجميعهم ينتمون الى عشيرة بني حسن. وبين هؤلاء مرشحة وحيدة هي علياء ايوب الخلايلة.

 

والمرشحون الباقون هم ابراهيم المشوخي الذي احتكرت جبهة العمل الإسلامي من خلاله الترشيحات الحزبية في الدائرة، وحاتم الصرايرة وحاتم العرابي (نقيب المحروقات) وسلامة ابو سرحان.

 

واربعة من المرشحين نواب سابقون يعيدون الكرة وهم المشوخي الذي نجح في الانتخابات السابقة عن الدائرة الأولى في الزرقاء، وحاتم الصرايرة (نائب الكرك في المجلس السابق) وموسى رشيد الخلايلة وموسى الزواهرة وكلاهما فاز في دائرة الزرقاء الثانية.

 

ويبرز بين مرشحي الدائرة محمود الخلايلة (ابو عاطف) وموسى الزواهرة بوصفهما الاوفر حظا للفوز الى جانب المشوخي مرشح الحركة الاسلامية.

 

وفي غياب استطلاعات علمية للرأي، فان المقياس الذي يتم اعتماده حاليا للتعرف على فرص المرشحين هو اعداد ونوعية المؤازرين والرواد الذين يؤمون مقراتهم الانتخابية واحجام تلك المقرات وبخاصة الرئيسية منها.

 

وتتباين احجام المقرات التي بني معظمها من بيوت الشعر او الصواوين تبعا لثراء وشعبية كل مرشح.وتستطيع بعض المقرات، كمقر محمود الخلايلة مثلا، استيعاب مئات الضيوف جلوسا، وبضعة الاف في ساحاته كما حصل خلال احتفال اقيم لمناسبة افتتاح هذا المقر غداة الانطلاق الرسمي للحملات الانتخابية.

 

وساعد على استيعاب هذه الاعداد موقع المقر الذي اقيم على مساحة كبيرة مطلة على شوارع رئيسية. ويكاد يوازي مقر موسى الزواهرة مقر محمود الخلايلة في هذه التفاصيل.

 

وفي مثل هذه المقرات التي لا اقل من ان توصف بانها ضخمة، يفاجأ الرواد والمؤازرون بحجم الانفاق على الضيافة، والذي يصل الى مستويات خيالية.

 

فمثلا تؤكد مصادر مقربة من احد المرشحين انه قدم نحو طنين من الكنافة للضيوف الذين وفدوا على مهرجان افتتاح مقره، فضلا عن الاف عبوات العصائر والمشروبات الغازية ومئات من دلال القهوة.

 

على ان مقرات اخرى لا يعدو بعضها بيوت شعر متواضعة تنصب وسط الاحياء المكتظة، وتمتد امامها ساحات ضيقة هي في معظم الاحيان الرصيف العام، وتبعا لذلك تصل مستويات الضيافة الى حدود متواضعة جدا.

 

وتكاد بعض هذه المقرات تخلو في معظم الاوقات الا من اصحابها وبعض الرواد الذين يجلسون لتبادل احاديث سرعان ما تنقضي ليخرجوا بعدها قاصدين مقرات مرشحين اخرين. واجمالا، فان الشأن الانتخابي هو المسيطر على حوارات المقرات.

 

لكن هذه الحوارات لا تجري مع المرشح، بل هي بين الرواد والزائرين انفسهم، حيث تجد مجموعة منهم ملتحمة في حديث قد يتماثل او يختلف مع الحديث الذي تتبادله مجموعة اخرى مجاورة.

 

وفي وسط هذه الاجواء، ينصب دور المرشح على الترحيب بالقادمين وتوديع المغادرين، والتنقل بين مجموعات الجلساء لمشاركتهم احاديثهم ما امكنه ذلك.

 

وليس هناك الكثير ليقال من قبل المرشحين بشأن توجهاتهم وبرامجهم الانتخابية داخل هذه المقرات، تماما كما هو حاصل مع يافطاتهم وصورهم التي تملأ الحارات والازقة ولا تحمل ما يمكن ذكره من الشعارات.

 

فالسياسة خارجيا وداخليا غائبة او تكاد، ومجمل ما يدور هو حول مطالب خدمية وشخصية، وفي هذا يتحدث المرشحون بلا حرج.

 

وعلى صعيد اليافطات والصور التي تكسو الجدران وتعترض الشوارع، فقد بلغ الانفاق عليها هذا العام ذروة غير مسبوقة، حيث يقدر مختصون بهذا الشأن بمئات الاف الدنانير ما تم انفاقه عليها حتى الان في منطقة الدائرة الثانية.

 

وافرز التنافس على اليافطات بعض الاحتكاكات بين مرشحين في الدائرة شكوا من قيام مساعدي منافسين لهم بتمزيق صورهم وازالة يافطاتهم والصاق صور ويافطات المرشحين الذين يعملون لصالحهم مكانها.

 

وقد نفى مرشح قام مساعدوه بمخالفة مماثلة علمه بالامر، ليتبين لاحقا ان مساعديه يعملون معه ومع مرشحين غيره، وانهم لم يتوانوا في احد المرات عن ازالة يافطاته وصوره لصالح مرشح اخر.

 

وبعيدا عن احاديث الوعود والمطالب واليافطات، هناك موضوع يتناوله مرشحون عشائريون بقلق وهو المتصل بتشظي الاصوات جراء كثرة اعداد المرشحين، فضلا عن الهمس الدائر حول محاولات لشراء الاصوات.

 

وقد سعى مدير الحملة الانتخابية لاحد مرشحي الخلايلة الى التقليل من الاثر الذي قد تخلفه كثرة اعداد مرشحي العشيرة، لكنه لم يخف قلقه من الحديث عن محاولات شراء الاصوات سواء بالنقد المباشر او عبر حالات الاحسان المفاجئة.

 

وقال "ابناء الخلايلة يشكلون اكثر من 20 بالمئة من مجمل الناخبين في الدائرة الثانية..وبالتالي فان الاصوات المتوفرة تستطيع فرز نائبين ان لم يكن ثلاثة".

 

واضاف "لا يزال الحد الادنى المطلوب للفوز في الدائرة قياسا بعدد المرشحين هو عند مستوى 2500 صوتا، وهذا يجعل الامور مريحة الى حد ما".

 

لكنه قال ان "ما يقلقنا هو ما نسمعه عن محاولات لشراء الاصوات من بعض المرشحين..هذا امر لا يجوز السكوت عليه ان كان يجري حقيقة، وبالتأكيد سيكون له تأثير على فرص المرشحين".

 

ومحاولات شراء الاصوات التي يتهامس حولها ابناء الدائرة الثانية في الزرقاء تقوم على دفع مبلغ يصل الى عشرين دينارا لصاحب الصوت مقابل ان يقسم على المصحف ان ينتخب مرشحا بعينه، وبعد ذلك يتم حجز هويته لدى المرشح لضمان توجهه الى مركز الاقتراع يوم الانتخابات.

 

ويتندر البعض بان ناخبين استطاعوا جمع مبالغ من اكثر من مرشح بهذه الطريقة وان "الحبل على الجرار".

 

وعلى الجهة الاخرى، هناك اسلوب شراء الاصوات الذي يأتي مغلفا بحالات الاحسان المفاجئة، حيث يقوم مرشحون بتقديم طرود ومساعدات عينية ودفع فواتير الكهرباء والماء والهاتف عن اسر مقابل ضمان التزامها بالتصويت له.

 

وتتردد في الدائرة الثانية حكاية عن قيام احد من اعترتهم حالة الاحسان المفاجئة بتوزيع الاف الطرود التي تحوي مواد غذائية على اسر في الدائرة الثانية.

 

وفي حكاية اخرى اكدها غير مصدر، قام مرشح باعطاء اسر محتاجة مواعيد في اوقات متقاربة جدا للقدوم الى منزله واخذ اعطياته، لينتهي المطاف بعدد كبير من هذه الاسر الى طوابير طويلة امام بيته، وليروج لاحقا ان هذه الاعداد جاءت للتعبير عن مؤازرتا له في حملته الانتخابية.

 

وتحظر المادة 20 من قانون الانتخاب على أي مرشح ان يقدم من خلال قيامه بالدعاية الانتخابية هدايا او تبرعات او مساعدات نقدية او عينية او غير ذلك من المنافع او يعد بتقديمها لشخص سواء كان ذلك بصورة مباشرة او بواسطة الغير كما يحظر على أي شخص ان يطلب مثل تلك الهدايا او التبرعات او الوعد بها من أي مرشح.

 

وتجرم هذه المادة كل من يقدم علي تلك الخطوة من المرشحين المفترضين او الناخبين الذين يطلبون هدايا او غير ذلك وتضعهم عرضة للمسؤولية القانونية والجزائية.

 

وبقلق ايضا تحدث مرشح من الزواهرة حول موضوع محاولات شراء الاصوات، والذي رأى انه قد يتسبب باحداث مفاجآت في النتائج.

 

وقال ان "شراء الاصوات ينصب في معظمه على اوساط الناخبين من خارج العشيرة، وهؤلاء يمثلون نسبة لا بأس بها من اصوات الدائرة، والى حد بعيد هم بيضة قبان تستطيع ترجيح كفة مرشح على آخر".

 

واضاف "نحن الى حد ما نستطيع ان نتوقع في الظروف العادية من سيفوز سواء منا او من ابناء عمومتنا الخلايلة، لكن هذه التوقعات مهددة بالانقلاب رأسا على عقب في حال كانت عمليات شراء الاصوات حقيقية".

 

ومع هذا، لا يخفي تيار واسع من شيوخ وشباب العشيرة قلقهم من ضياع فرصة عودة تمثيلهم في المجلس المقبل إذا استمر تشرذم الثقل التصويتي للعشيرة على أكثر من مرشح.

 

كما يبدي العديد من أبناء الزواهرة تخوفهم من أن ما حصل في إنتخابات 2003 من فوز العشيرة بمقعد واحد رغم تشرذم أصوات العشيرة على أكثر من مرشح قد لا يتكرر في إنتخابات 2007.
الى ذلك، لم يبد مدير الحملة الانتخابية لمرشح الخلايلة والمرشح عن الزواهرة قلقا حول المنافسة التي يمكن ان يشكلها مرشح الحركة الاسلامية المشوخي والمرشحان حاتم العرابي وحاتم الصرايرة.  

 

وفي رأيهما ان فرص المشوخي والعرابي جيدة خاصة في اوساط الناخبين من من خارج العشيرة، لكنها لا تهدد الفرص التقليدية لمرشحي الخلايلة والزواهرة الذين يعتمدون على قاعدة ناخبين ثابتة.على انهما يريان ان الاصوات التي سيحصدها العرابي او المشوخي او الصرايرة ستكون اقل بكثير من الذي يتوقعه البعض.

 

وبالنسبة للمشوخي تحديدا، والذي رأيا انه الاوفر حظا بين المرشحين الثلاثة، فقد توقعا ان يحصد عدد اصوات اقل بكثير من تلك التي حازها الاسلامي علي ابو السكر خلال الانتخابات السابقة والتي بلغت نحو 575 الفا.

 

وفي ما يتعلق بالمنافسة التي يشكلها مرشحو الغويري الثلاثة، فانها لا تبدو واضحة خاصة في ظل حقيقة ان الحظ لم يحالف مرشحيها في انتخابات 2003 وهما فرحان نومان الغويري الذي حصل على 950 صوتا، وعبد الله حمد خلف الغويري الذي حصل على 467 صوتا.

 

اما المرشحة الوحيدة في الدائرة وهي عليا الخلايلة، فانها على ما يرى البعض لا تتمتع بفرصة امام المنافسين الذكور على مستوى المنافسة الحرة.

 

ولكنها مع ذلك تحظى بفرص اكبر على صعيد الكوتا بحكم احتكارها الوجه النسائي في الدائرة بخلاف الدوائر الاخرى في المحافظة والتي ترشحت فيها اعداد كبيرة من السيدات كما في الدائرة الاولى التي بلغ عددهن فيها سبع مرشحات.