صراع الإعلام الالكتروني الأردني.. عمون تتراجع لصالح سرايا وخبرني!

الرابط المختصر

لم يبق الإعلام الالكتروني في الأردن والذي يتسارع بوتيرة توازي تسارع عالم الاتصالات والتقنية، مكانا للصحافة الورقية التي تراجعت مبيعاتها وحجم إعلاناتها بشكل ملحوظ.

 قبل أشهر فقط تنازعت 3 مواقع الكترونية إخبارية أردنية وهي عمون وسرايا وعمان نت على أحقية الشهرة والحضور، واليوم لم يعد متصفحو الشبكة العنكبوتية قادرين على متابعة هذا العدد الهائل من المواقع الالكترونية الأردنية التي زاد عددها عن 35 موقعا.خاصة وان كثيرا منها يستنسخ بعضه ويتداول على مدار اليوم ذات الأخبار والإشارات والتحقيقات دون بذل جهد صحفي حقيقي .
يسجل لعمون أنها كانت من أوائل المواقع الإخبارية في الأردن فحجزت لنفسها مكانا منحها زخما ومتابعة قل نظيرهما ، لكنها اليوم تتراجع بسرعة توازي سرعة انتشارها لتفقد معها بريقها وحضورها بين زوار الشبكة العنكبوتية في الأردن ، ولتخلي الساحة أمام موقعين يتنافسان بشدة لكسب الجولة في الفضاء الأردني .
أسباب تراجع عمون عديدة، ليس اقلها ضعف دورية التحديث ، والتفات القائمين عليها الزميلان باسل العكور وسمير الحياري إلى سياسة خفض السقف وممارسة الرقابة الذاتية، مع الكثير من القمع للتعليقات، وهي ثلاثية كفيلة بقتل روح الصحافة الالكترونية ووأدها في مهدها.


الأكثر تهديدا لمكانة عمون في الفضاء الالكتروني الرحب، اتخاذها مواقف واضحة وانحيازها لاصطفا فات سياسية بعينها، والتعامل مع قضايا وطنية شائكة بحساسية مفرطة، الأمر الذي ادخلها في أزمة هوية وجدلية صحيفة الخبر ام صحيفة الموقف.


سرايا لناشرها الزميل هاشم الخالدي ، والتي أخذت طابعا شعبويا منذ بدايتها بخلاف نخبوية مواقع أخرى، أصبحت اليوم في مصاف المواقع الإخبارية الأردنية وهي تحقق انتشارا واسعا، يجعلها تزعم أنها الأولى وهذا حق للجميع .خاصة مع تسديدها ضربات مؤلمة لمنافسيها من حيث سرعة نشر الأخبار ودورية التحديث وكثافة تعليقات القراء.


وعلى الرغم من تجاهل الصحفيين " البرجوازين " لها في العلن ومتابعتها بحرص ودقة في الخفاء ، إلا ان سرايا تحتفظ برصيد طيب في قلوب الزوار.. وهم بطبيعة الحال الشريحة الأكثر أهمية من " النخب" المتعجرفة والأقلام الفوقية.


في السياق لا يمكن لمنصف ومهني أن يتحدث عن المواقع الإخبارية الأردنية دون ان يأتي على ذكر موقع " خبرني" وما لها من حظوة لدى شريحة واسعة من القراء والزوار، خاصة وأنها اختطت لنفسها لونا إعلاميا مهنيا ورزينا ،مغاير لما هو سائد في مواقع اخرى. وهنا نشير إلى ان الانتصار الذي حققه الزميل خالد محادين في معركته أمام القضاء ضد مجلس النواب فيما عرف بقضية مقال" مشان الله يا عبد الله" إنما هو انتصار لـ " خبرني" ولمهنيتها في حقيقة الأمر.


شخصيا وبحكم متابعتي الدقيقة للإعلام الالكتروني الأردني أجد لزاما علي الإشارة الى مواقع تحقق بين الحين والأخر متابعات وتغطيات مهمة وحصرية كموقع (أخبار البلد) لناشره الزميل اسامة الراميني و(اجبد) لناشرها الزميل عبد الهادي المجالي و(رم) لصخر ابو عنزة وغيرها من المواقع التي لم آت على ذكرها مع الاعتذار للقائمين عليها والتقدير لجهودهم. لكن كثيرا من هذه المواقع تخبو فجأة وتغيب عن المشهد الإعلامي أحيانا لأيام الأمر الذي يتنافى مع فلسفة المواقع الإخبارية .


يمكن القول ان (عمان) نت هي الموقع الإخباري الأكثر مؤسسية من بين كل المواقع ، لكنه يفتقد الى زخم التغطيات، ولربما شكل اشتباكه الخبري اليومي مع راديو البلد إضافة لا وجود لها في مواقع أخرى .عمان نت أيضا تمتاز بمتابعة شرائح كثيرة لأثيرها وموقعها وهي شرائح لا تتواجد في المواقع الأخرى .


 موقع (المدينة نيوز) التابع لمجموعة المدينة الإعلامية ..يسجل قفزات نوعية بين الحين والآخر بعمل دءوب ونشاط منقطع النظير للزميل خالد فخيدة وبإدارة مهنية وموضوعية للأستاذ عمر عبندة. لكنه حتى اللحظة ظل أسيرا لجو( الأسبوعيات) ومنهجها في التعاطي مع الحدث. فيما المفترض (حرق الأخبار) والابتعاد عن نمطية الأحداث الأمنية والقصص الإخبارية الاجتماعية مع عدم إلغائها تماما.


ابرز الوافدين الجدد في ساحة الإعلام الالكتروني الأردني هو موقع( المحرر)" لناشره الزميل انس قطاطشة ويدير تحريره باقتدار الزميل جهاد ابو بيدر.. والجديد في الموقع هو غياب ظاهرة تكرار الأخبار التي تجدها في كافة المواقع الأخرى .


لـ" المحرر" اخباره وتقاريره المختلفة وكلها مغرقة في المحلية ..جذابة ولافتة .ويبدو ان هذا الموقع سيحقق نجاحا لافتا اذا ما استمر على نفس الوتيرة من التحديث المستمر بأخبار وتقارير عن الشأن الداخلي بعيدا عن الإسفاف الذي تعرضه بعض المواقع بكثرة الخبر الأمني والاجتماعي.


ثمة مواقع إخبارية جديدة أخرى تتسم بالجرأة والجدية كـ(أريج نيوز) للزميل مالك عثامنة و(العراب) للزميل عماد شاهين و(أخبارنا) ليزن خواص و(جراسا نيوز) لجمال المحتسب.


قناعتي الشخصية لا تتفق مع آخر إحصائية صنفت المواقع الأكثر متابعة وفق التالي   : عمان نت 2.6%، وكالة عمون الإخبارية 2.4%، وكالة سرايا 2.3%، رم 1.7، خبرني 1.2%، ومرايا   1.1%.


ولست مع التصنيفات وإطلاق المسميات وإسباغها على بعض المواقع كالأب الشرعي للصحافة الالكترونية ، والأكثر مشاهدة ، وصوت الأغلبية الصامت ...الى آخر هذه المناكفات التي لا تستند الى أرقام وحقائق .


اعتقد ان المشهد تغير وان في الأفق مشاريع الكترونية أكثر جدية ومهنية واحترافية  وأكثر تفعيلا للوسائط المتعددة ورأي القراء واستخدام خصائص صحافة الانترنت ،مما هو موجود على الساحة الآن .


والقصة ليست قصة إمكانات ،فالمفارقة ان موقع صحيفة الرأي الإخباري لم يستطع حتى اللحظة ان يسجل حضورا أمام مواقع أخرى انطلقت بجهود فردية وبأقل القليل. المسألة مسألة مصداقية ومهنية وموضوعية وحيادية ونزاهة وسقف مرتفع والابتعاد عن سطوة رأس المال، وهو الاختبار الذي فشلت به اغلب المواقع الإخبارية الأردنية حتى الآن. الأمر الذي ينبئ بان كثيرا منها سيطويها النسيان .


إنها ببساطة الكتابة للانترنت.