صحفيو القدس والضفة الغربية شركاء مهنة تطالهم الاعتقالات والحرمان من إيصال صوتهم للعالم
على مشارف الاحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف 10 كانون الأول الجاري، يُقصي قسم كبير من العالم الشعبَ الفلسطيني من حساباته الإنسانية.
وسائل الإعلام المختلفة محليًا ودوليًا انشغلت بتغطية القتل والتدمير للصّحفيين في قطاع غزّة لتنقل صورة جزء من الأرض الفلسطينية يقتلها الاحتلال في معركة طوفان الأقصى، إن هذا لا ينبغي أن يخفّف من تسليط الضّوء على ما يجري في الجزء الآخر (القدس والضفة الغربية) من التّنكيل بالصّحفيين والاعتداء على حقوقهم التي كفلتها المواثيق والشرائع الدولية، فالمعركة واحدة.
صحفيون في القدس والضّفة الغربية المحتلة بمن فيهم العاملون مع مؤسسات دولية يواجهون منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم عدوانًا يحرمهم حقهم كشركاء في مهنة ذات رسالة عالمية، ويمنعهم من إيصال الصّوت والصّورة لما يجري على الأرض الفلسطينية للعالم.
الاحتلال حوّل الصّحفيين ومؤسساتهم لأهداف عسكرية، حيث أكّدت نقابة الصّحفيّين الفلسطينيّين اعتقال 31 صحفيًا في الضفة الغربية، وسجّلت في الشهر الأول للمعركة أكثر من 112 واقعة، كان أبرزها: 37 حالة منع من التغطية واحتجاز الطواقم، و21 حالة استهداف بقنابل الغاز السّام، و17 حالة اعتداء جسدي وضرب، و15 حالة استيلاء على أدوات ومعدات شخصية ومهنية للصّحفيّين، و13 حالة تحريض مكتوب ولفظي من جهات إسرائيلية مختلفة، و8 حالات تهديد مباشر بإطلاق النار، و4 حالات إغلاق مؤسسات إعلامية، وإصابة اثنين من الزملاء بأعيرة نارية من جيش الاحتلال، عدا عن أشكال أخرى متعدّدة من الانتهاكات، أبرزها المنع من التّنقل بين المحافظات، والاستدعاء لمقرات مخابرات الاحتلال لغرض التّحقيق والتّهديد والإرهاب.[1]
تغطيات الإعلام الأردني لما يجري في الأراضي الفلسطينية، تأخذ رغم مواكبتها وزخمها والتحول المهم في نوعيتها، تأخذ الجمهور في اتجاه قوي نحو غزّة والاعتداء على الصّحفيّين فيها، وهذا سلوك مبرر إذا ما قيس بحجم القتل والتدمير للأسر والمنازل هناك، وهو ما طال 66 شهيدًا، وتدمير 70 منزلًا لصحفيّين وعائلاتهم جراء الاستهداف المقصود الذي راح ضحيته نحو 200 شهيد من عائلاتهم، بحسب المصادر الفلسطينية.
غير أن تزايد اعتقال الصّحفيّين والاعتداء على مؤسساتهم والحد من حريتهم في الحركة والعمل في الضفة العربية والقدس، يحتاج بسبب ذلك أن يأخذ حيزًا أكبر وأكثر تخصّصًا بطريقة العرض وإبراز الخصوصيات والتناول في الإعلام المحلي لأن الممارسات الإسرائيلية تمنع وصول جزء هام من الرواية الفلسطينية للأحداث ونقلها بالصوت والصورة والكلمة على لسان أبناء وبنات المهنة، ليقولوا للعالم إن استهداف الصّحفيّين لا يقتصر على غزّة وحدها، وليكشفوا للعالم أفعال الجيش الإسرائيلي ومليشيات المستوطنين.
موقف الملك عبد الله الثاني، وتصريحات وزير الخارجية أيمن الصفدي تنقل رواية الدولة الأردنية للأحداث، وتعبر عن حقيقة المخاطر التي تواجه الفلسطينيّين في القدس والضفة الغربية عدا عن غزّة بطبيعة الحال ، ما ينبغي أن يشكل حافزًا للإعلام المحلي نحو جعل الاستهداف الإسرائيلي للإعلام الفلسطيني قضية إعلامية وطنية كبرى وذات أولوية، وجزءًا لا يتجزأ من إسناد الموقف الرسمي للدولة تجاه الدفاع عن الحقوق الفلسطينية.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) يؤكد أن تسليط الضوء على اعتداءات الاحتلال الصهيوني على الصحفيّين الفلسطينيّين ومؤسساتهم الإعلامية على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة مسالة ملحة، وينبغي أن ينهض الإعلام المحلي بدور خاص في حمل هذه القضية لتدقّ ضمائر الصّحفيّين في العالم، فهناك واجبات مهنية في نشر الحقائق وتوثيق الوقائع والشهادات، والكشف عن الأبعاد الإنسانية لهذه المعاناة.
بهذا يمكن للإعلام المحلي، بمكوناته من رسمي وخاص ومجتمعي، أن يتفوق على نفسه بعد أن نجح في المواكبة المتميزة للحرب على غزّة.