شهر على ميلاد السادس عشر.. أثقال الأمل لا تزال على حالها
قبل ان تصدر الارادة الملكية بحل مجلس النواب الرابع عشر وبعدة اشهر كتبت تقريرا مطولا عن آمال النواب بتاجيل الحل, وتمديد عمر المجلس تحت عنوان أمهلني سنة فقط,.. نشرته العرب اليوم في عددها الصادر بتاريخ 15/6/2007.
وكان للنواب في حينه ولرئيس المجلس المهندس عبد الهادي المجالي رؤية لتبرير المطالبة بتاجيل الانتخابات سنة واحدة, من بينها تعديل قانون الانتخاب واعتماد القوائم النسبية الى جانب ان الظروف السياسية في المنطقة والاقليم لا تساعد على اجراء الانتخابات, وغيرها من المبررات الأخرى التي كان النواب في حينه يعلنون عنها, ويذهب الكثيرون منهم لطرحها على مكتب رئيس الوزراء آنذاك د. معروف البخيت.
وقبل يومين كنا نحن الصحافيين نجلس الى رئيس مجلس النواب فيصل الفايز في مكتبه مستمعين اليه وهو يطلب هذه المرة من الاعلام والصحافة ان يمهلوا مجلس النواب السادس عشر سنة فقط امهلونا سنة فقط, ومن ثم يمكنهم الحكم على المجلس وتقييمه, وإطلاق الأحكام عليه إما معه, وإما ضده.
وتذكرت المطلبين وانا أغادر مكتب الرئيس الفايز, والفارق الزمني بين المطلبين ليس كبيرا بما يكفي لنسيان ما كنت كتبته قبل ثلاث سنوات ونصف السنة مرت بكل ما فيها من تداعيات واستحقاقات, تم فيها حل مجلس النواب الرابع عشر, واجريت انتخابات المجلس الخامس عشر بكل ما جرى فيها, وتم حل المجلس بعد عامين ويومين فقط من انتخابه, واجريت انتخابات المجلس السادس عشر, بعد ان خضع لماكينة ضخ إعلامية رافقت التحضير لانتخاباته, عملت وبكل ثقة على تضخيم الأمل بالمجلس, واعتباره مجلسا مختلفا, ومنقذا, وصوّرته للناخبين بانه سيكون المجلس الذي سيستعيد ثقة المواطنين بالسلطة التشريعية, وبالحكومة, وسيرفع من قناعة المواطنين بالمشاركة في الانتخابات, وبالانخراط في العملية السياسية, وسيكون المجلس الذي سيغيّر حتما من الصورة المشوهة التي كوّنها المواطنون عن المجالس النيابية السابقة.
وهكذا ولد المجلس السادس عشر وهو يحمل أثقال الأمل, مما جعله وحتى هذه اللحظة محط أنظار المواطنين والمراقبين على حد سواء, وأصبح المجلس حتى قبل ان يبدأ دورته العادية الأولى في الثامن والعشرين من تشرين ثاني 2010 مثقلا بالآمال , وبالطموحات.
وكانت الصورة داخل الجسم البرلماني مختلفة قليلا حتى قبل ان يذهب النواب الى القبة, ففي إحدى الندوات الحوارية المبكرة التي نظمها مركز حماية وحرية الصحافيين وشارك فيها العديد من النواب كان رئيس المجلس فيصل الفايز يتحدث بأمل كبير عن خططه المقبلة في استعادة هيبة المجلس, واستعادة ثقة المواطنين بالسلطة التشريعية, بينما كان الى جانبه النائب محمد الحلايقه يعلن مطالبا المواطنين والحضور بعدم التفاؤل كثيرا بالمجلس الجديد قائلا وبالحرف الواحد لا ترفعوا سقف التوقعات من المجلس الجديد...
أثقال الأمل
وانعقد المجلس في دورته العادية الأولى وهو يرزح تحت أثقال الأمل والطموحات التي يعلقها المواطنون عليه, التي بدت بعد التصويت على الثقة بالحكومة وكانها تتعرض لصدمة قاسية عبّرت عن نفسها بطرق شتى, لعل من اهمها ان النواب انفسهم أصبحوا مطالبين أمام ناخبيهم بتبرير الثقة, وبتوضيح موقفهم, فيما كانت الإنتقادات الإعلامية تلامس عن قرب قشرة الثقة البرلمانية وليس قلبها, حتى لا يتم خدش المجلس وهو يقضي شهره الأول تحت القبة.
فلا يزال الاعلام حتى اليوم محكوما ب¯ الامل المرتبط بالمجلس الحالي..
وبالأمس أنهى مجلس النواب السادس عشر شهره الأول الذي شهد الكثير من المحطات التي يجدر بكل مراقب التوقف عندها إحصاء وتحليلا.
بناء الكتل.. اكثر مما يجب
ولعل مجلس النواب السادس عشر هو أول المجالس النيابية التي تشهد عملية بناء قبلية للكتل البرلمانية بهذا العدد الكبير حتى قبل ان يبدأ مجلس النواب اعماله, فقد دخل النواب القبة في الثامن والعشرين من تشرين ثاني وهم متكتلون ضمن ست كتل برلمانية تم تشكيلها وبناؤها قبل ان يبدأ المجلس اعماله, وهي كتل الشعب, والعمل الوطني, والتيار الوطني, والوفاق, والمستقلة, والتجمع الديمقراطي, إضافة الى النواب المستقلين.
وهذه ظاهرة لم تتكرر في المجالس البرلمانية السابقة بهذا العدد الكبير, فقد درج النواب على تشكيل الكتل بعد ان يبدأ المجلس اعماله مطلع الدورة العادية الاولى, وباستثناء ما جرى في المجلس الخامس عشر بتشكيل كتلة التيار الوطني, والمجلس الرابع عشر بتشكيل كتلةوطن فان هذه الظاهرة التي رافقت عملية بناء الكتل بهذه الكثرة لم تتكرر في مجالس سابقة.
الكوتا .. ظاهرة المجلس 16
ومجلس النواب السادس عشر هو اول المجالس النيابية في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية الذي ضم 13 امراة من اصل 120 عضوا, وهي ميزة للمجلس تحسب له, ولا تحسب عليه, فنسبة النساء فيه بلغت 83,10 % .
ورغم من ان المجلس في شهره الأول اخفق في حمل النساء الى عضوية المكتب الدائم في سنته الاولى وفقا لما جرى في المجلسين السابقين, فان هذا المجلس هو اول المجالس النيابية الذي منح المراة 4 مقاعد قيادية في لجانه الدائمة وفي مواقع المقررين, وهي ميزة ايجابية تحسب له أيضا.
وهو اول المجالس النيابية الذي تسجل المراة فيه تصويت اربع نساء بحجب الثقة عن الحكومة, وهي الظاهرة الأبرز التي فرضت نفسها على المجلس في شهره الأول الذي انتهى امس الثلاثاء, وهي الظاهرة التي ساهمت مساهمة كبيرة في تعريض المجلس لحملة النقد الشعبية التي ولدت سريعا عقب التصويت على الثقة.
خلافات مبكرة ..
وسجل المجلس في شهره الأول تعرضه لثلاثة خلافات نيابية عبرت عن نفسها بتبادل الشتائم والتهديد والضرب, كانت الاولى والثانية بين النائبين يحيى السعود وفواز الزعبي, والثالثة كانت بين النائبين محمد زريقات واحمد الصفدي.
وسجل المجلس في شهره الأول استخدامجداول اعمال الجلسة كسلاح غير تقليدي استخدمه النائبان احمد الصفدي ومحمد زريقات لضرب بعضهما بعضا, بينما اكتفى النائبان الزعبي والسعود في صراعهما الاول بتبادل الشتائم, لكن في صراعهما الثاني خرج السعود من مقعده للهجوم على الزعبي قبل ان يحول النواب بينهما.
ولا تبدو تلك الخلافات الحادة والخشنة بعيدة عن حالة التشنج شبه الدائمة تحت القبة, فقبل ان ينهي المجلس شهره الأول بيوم واحد فقط, كان النائب سامي الحسنات يعلن ولأول مرة في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية عن بروز ظاهرة جديدة تحت القبة اطلق عليها ظاهرة العنف البرلماني, رابطا بينها وبين ظاهرة العنف المجتمعي.
ثاني المجالس
ومجلس النواب السادس عشر هو ثاني المجالس في تاريخ الحياة البرلمانية الذي تصل فيه امراة بالتنافس الحر وهي النائب ريم بدران, وسبقتها النائب فلك الجمعاني في المجلس الخامس عشر.
وهو ثاني المجالس النيابية الذي يمنح الحكومة ثقة عالية جدا منذ عام ,1989 فقد منح المجلس الثقة لحكومة سمير الرفاعي الثانية بنسبة92.5% , وسبقه في ذلك مجلس النواب الثالث عشر الذي منح حكومة علي ابو الراغب الاولى ثقة 74 نائبا وحجب الثقة عنها 6 نواب وبلغت نسبة الثقة المئوية 92.5% .
وهو ثاني المجالس النيابية منذ عام 1989 الذي يتعرض لقرار حزب جبهة العمل الاسلامي بمقاطعة الانتخابات, وسبقه الى ذلك المجلس النيابي الثالث عشر عام 1997 عندما قررت الحركة الاسلامية مقاطعة انتخاباته والمشاركة فيه.
ويلاحظ ان اعلى نسبة ثقة حصلت الحكومات عليها كانت في المجلسين الثالث عشر والسادس عشر بسبب مقاطعتهما من قبل الحركة الاسلامية, مما رفع من منسوب الثقة للحكومات, وهو ما يؤشر ضمنا على ان المعارضة في المجلسين كانت هامشية تماما ولا تاثير لها.
اسئلة غير دستورية
وسجل المجلس في بواكير دورته العادية الاولى الغاءه اسئلة لعدد محدود من النواب لعدم دستوريتها بعد محاكمتها على قرار ديوان تفسير القوانين الذي اعتبر كل سؤال نيابي يتعلق باسماء الموظفين وغيرهم غير دستوري وهو القرار الذي وقف وراءه رئيس المجلس السابق عبد الهادي المجالي, ودفع النواب ثمنه في المجلس الخامس عشر, ومن المؤكد ان نواب المجلس السادس عشر سيدفعون ثمنه بشكل مضاعف.
وهو ثاني المجالس النيابية منذ عام 1989 الذي يرأسه رئيس وزراء اسبق, فقد سبق فيصل الفايز في رئاسة المجلس رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري في المجلس الثاني عشر.
ولعل المجلس الحالي هو اول مجلس يشهد قيام رئيسه بالقاء كلمة في مناقشات الثقة بالحكومة, وكأن رئيسه الفايز اراد ان يوجه رسالة للجميع مفادها بأنه نائب بالدرجة الاولى, ورئيس للمجلس بالدرجة الثانية, ولديه ما يقوله في مناقشات الثقة بالحكومة.











































