شتاء فـي لغابون
لن أفعل كما تفعل مؤسساتنا الحكومية، حيث تعلن استعدادها التام لمواجهة موسم ما، ثم تفاجأ به كالعادة..ومثال ذلك أعداد الطلبة في كل سنة دراسية، توزيع الكتب، المنخفضات الجوية، موسم الحج، والطلب على الأرز في أول يوم رمضاني.
لقد حزمت أمتعتي منذ الآن وحجزت تذاكر سفر الى ''الغابون''، حيث سأقضي شتاءي القادم هناك..أخذت معي أربعة أزواج من شبشب''ابو اصبع'' ووسادتين، وبطانية لزوم'' التكويع''..وأطلقت على نفسي اسم ''موبوتو''، أما ابني ''عبّود'' فأسميته ''موكابو''، وحمزة ''توموزو'' أي الخروف الرضيع..سأحاول في يوم سفري أن أرتدي ملابسي ''الغابونية'' من مطار عمان، حيث سأزين معاصمي بأساور فضة، و أعلّق برقبتي عقدا من الخرز الكبير ومن ضروس الماعز، وألفّ حول خصري ''وزرة'' كريهات..و''أتمختر'' في صالة المغادرين ''بحربتي'' البدائية وبوشمي المميز.
هناك الجو دافىء، والجفاف وفير، والمراعي قاحلة، حيث الموت أسهل.. سأمضي ''كوانيني'' هناك هرباً من ''جلن'' الكاز الذي سيناوش سعره العشرين ديناراً هنا...لقد رتّبت كل شيء، درّبت ابني البكر''عبّود'' على كيفية التعامل مع الصحفيين الأجانب..قلت له :''يابا'' اذا ما شاهدت كاميرا تلفزيونية أجنبية،عليك ان تطلّ وتختبئ من خلف الخيمة، مع ضرورة ان تكون عارياً تماماً وبيدك كعكة تقاسمك عليها ألف ذبابة..أما ''المدام'' فطلبت منها أن تحلب بقرة عجفاء حتى لو كان ضرعها ''معبّي هوا''، وأن تحمل ما تيسر من حلبة الصباح بإناءٍ نحاسي ''مطبّق''، وأن تبتسم للكاميرا ثم تلوذ في الخيمة.
أما أنا فسأجلس القرفصاء أمام قدر كبير لأحضّر لفريق ''السي أن أن'' ''شوربة النمل''، وسأشرح لهم أن لدي رأسين من الجاموس أعتاش وعائلتي عليهما،كما سأخرج لهما جمجمة ثور عجوز وأشرح لهما كيف قتل الجفاف..ثوري الوحيد المسمى '' سوروتو'' أي المخلص في اللغة الغابونية..وإذا ما طلبوا مني تصوير الخيمة من الداخل فسأريهم صورة صوبة ''الفوجيكا'' داخل برواز خشبي وعليها شريط اسود مع عبارات حزينة.
سأمارس الدفء والجفاف هناك، هروباً من البرد وارتفاع البترول هنا..
فأفريقيا هي الملاذ الوحيد، لمواجهة ''مربعانيات'' السياسة وعواصف النفط.
*الرأي