سكان "منشية ماعين" في مأدبا من دون شبكة إنترنت

الرابط المختصر

لأكثر من نصف ساعة، ظلت ليلى تحاول التقاط اتصال بشبكة الهاتف المحمول، لإبلاغ الدفاع المدني عن تسلل أفعى إلى منزلها بمنطقة منشية ماعين في مادبا جنوب الأردن.

 

تقول ليلى "عندما تم التحول إلى الدراسة عن بعد بسبب كورونا، كانت ابنتي في مرحلة التوجيهي، وبسبب ضعف شبكة الإنترنت لم تتمكن من متابعة اي درس لها على منصة درسك".

 

يعاني سكان "منشية ماعين " منذ سنوات من ضعف شبكات الاتصال والإنترنت، التي تكاد تكون مقطوعة معظم الوقت، لذا يجدون صعوبة كبيرة في إجراء الاتصالات العادية.

منشية ماعين، منطقة سكنية تقع في لواء قصبه مادبا، تبعد عن مركز 10 كم تقريبا. تنتمي لقضاء ماعين الذي يضم خمس مناطق، ويقدر عدد سكانها بستة آلاف نسمة، بحسب نجوى أبو وندي، موظفة في ديوان قضاء ماعين.

 

عنود الغنيمات، أم لثلاثة أطفال، ارتفعت درجة حرارة طفلتها، وبدأت تظهر عليها علامات إعياء شديدة، شعرت معها بضرورة نقلها إلى المستشفى. ظلت تحاول الاتصال بزوجها في عمله لكن هاتفها النقال لم يلتقط الشبكة. وعندما عاد من عمله بعد ساعات طويلة، نقل طفلته على الفور إلى المستشفى.

 

 يؤكد شرحبيل عبد الحميد من سكان المنطقة، أنه تقدم بشكاوى لجميع شركات الاتصالات يشرح فيها سوء وضع الشبكات في منطقتهم (منشية ماعين) ويطالب بحلول، لكن "من دون جدوى"، كما يقول.

 

يوضح عضو مجلس محافظة مادبا حمزه الموازرة، أن "هناك مناطق أخرى في منطقة ماعين غير منطقة المنشية تعاني من ضعف الشبكة". ويقول إن مجلس المحافظة "قدم أكثر من شكوى رسمية لشركتي الاتصالات (أورانج وزين) لكن المشكلة لم تحل". مضيفا أن "المنشية تحديدا تكاد تختفي فيها الشبكة بشكل كامل، ورغم أن أهالي المنطقة قدموا شكاوى كثيرة لشركات الاتصالات لكن لا حياة لمن تنادي".

 

بموجب القانون

يعلق المحامي صخر الخصاونة، على هذه المشكلة بالقول إن "ما يجري حرمان لمجموعة كبيرة من الأشخاص من حقهم في الحصول على خدمة الاتصال وخدمة الإنترنت، وهذا أثر بشكل سلبي على الطلاب الذين كان يفترض أن يتلقوا دروسهم عبر منصة وزارة التربية والتعليم خلال فترة الجائحة". في هذه الحالة، يقول الخصاونة إنه يجب على الأهالي المطالبة بتعويض مادي عن انقطاع الخدمة وردائتها في حال عدم حل المشكلة.

 

بدورها، تقول المحامية إيمان محمود إن المادة (6) من الدستور نصت على أن "الأردنيين سواء أمام القانون لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات". وأضافت: "هذا حق من حقوق أي مواطن يجب أن تتوفر له جميع السبل المتاحة والمتوفرة للحصول على المعلومة باستخدام أي وسيلة من وسائل الاتصال بلا قيود أو عوائق".

وفي حال وجود ما يعوق وصول الخدمة، تقول محمود، إن قانون الاتصالات رقم (13) لسنة 1995 وتعديلاته يضع المسؤولية على هيئة تنظيم قطاع الاتصالات.

 

تتولى الهيئة المسؤوليات التالية:

-تحديد الحد الأدنى لدرجة جودة الخدمة التي يلتزم المرخص لهم بتقديمها لتحقيق حاجات المستفيدين بالتشاور مع المرخص لهم ودون إلزامهم بحلول تقنية محددة.

-حماية مصالح المستفيدين ومراقبة الأشخاص والجهات المرخص لها للتأكد من الالتزام بشروط الرخصة، بما في ذلك مواصفات الخدمات المقدمة وجودتها وأسعارها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لهذه الغاية ومعاقبة من يخالف هذه الشروط.

 

تعزيز التغطية

يقول مسؤول قسم الجودة في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات زيد القاضي، إن الهيئة بعد تلقيها شكوى من المتضررين، تقوم بإرسال فريق فني لفحص المنطقة التي تعاني من ضعف الشبكة. ويضيف: "الفحص يحدد ما إذا كانت المنطقة بحاجة إلى تعديل أبراج أو تقوية أو وضع برج جديد، وبالنسبة لمنطقة منشية ماعين يوجد فيها برج واحد فقط بارتفاع 40 مترا".

 

وبحسب عبد الله العجارمة، المتخصص بتركيب خطوط الإنترنت والفايبر في شركة زين، فإن البرج يتبع شركة زين. 

يرى المهندس طه الجراح -يعمل في مجال الهندسة الإذاعية وأمن الشبكات- أن "منطقة بمساحة المنشية وعدد سكانها يمكن تغطيتها بشكل كامل بواسطة برج واحد"، ويقول إنه "يمكن أيضا تقوية الشبكة بوضع (مايكرو أنتين) على سطح أحد بيوت المنطقة ما يسمح مثلا باستقبال خمسة آلاف اتصال في الوقت نفسه".  

 

وفي محاولة لفهم أسباب استمرار مشكلة ضعف الشبكة في منشية ماعين، تقدمت معدة التقرير بشكوى لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات بتاريخ 13 أبريل/ نيسان 2022. وبعد أسبوعين من تقديم الشكوى تم إرسال المهندس عبد الله طويط  من قسم مراقبة الجودة لفحص المنطقة.

أوضح طويط أنه والفريق الفني المرافق له أجروا فحصا فنيا للمنطقة لتسجيل قراءات ميدانية دقيقة لقوة الشبكة لإحدى شركات الاتصالات، وتبيّن أن هناك ضعفا كبيرا في تغطية الشبكة يؤثر على جودة الصوت والاتصالات.

طويط قال إنه "إن أحد المتضررين المتواجدين بالموقع لم يصرح على اي شركة سِوَى أورانج " بعد ذلك أرسل طويط تقريرا بهذا الخصوص للشركة بتاريخ 27 نيسان/ أبريل 2022، وفي  23 حزيران/ يونيو 2022 جاء رد من  شركة أورانج بأن "التعداد السكاني للمنطقة لا يسمح بإنشاء برج". 

 

 طويط  أوضح أيضا بأن "الهيئة ليس لها علاقة بتركيب الأبراج، فهي فقط تقوم بترخيصها بعد تركيبها وقال أيضا: "إن شاء الله بنتابع لنلاقي حل قريب". 

 

توجهنا بمجموعة من الأسئلة لشركات الاتصالات الثلاث "زين" و"أورانج" و"أمنية" حول شكاوى المواطنين التي وصلتهم وكيف تعاملوا معها، وعن أسباب عدم اهتمامهم بتحسين أداء شبكاتهم  في المنطقة، لكننا حتى وقت انتهائنا من إعداد هذا التقرير لم نتلق ردا إلا من شركة أورانج.

 

وجاء فيه أن الشركة تلقت بالفعل شكاوى بخصوص ضعف الشبكة في منشية ماعين، وأنها درستها "بمهنية"، مضيفة أنها قامت "بدراسة التغطية في المنطقة ومعرفة احتياجات سكانها لاتخاذ الخطوات اللازمة". وختمت الشركة في ردها أن منطقة منشية ماعين "على خريطة خطط الشركة لتعزيز تغطية الشبكة للعام 2023".

ي