سحر الاعلام فـي حل قضايا المواطن
تحفل حياتنا اليومية بالكثير من المواقف والاشارات التي تستحق التأمل والتوقف سعيا الى تفسير او تبرير ما يعتريها من تساؤلات في ظل تحولها الى ظواهر اجتماعية كثيرا ما يعاني المواطن من تبعاتها وتداعياتها السلبية، وهو يقف حائرا او عاجزا عن التصرف او التعاطي معها بشيء من المنطق. ربما لان الطريق التي من المفترض ان يسلكها في سبيل تسيير حاجاته ومعاملاته بصورة طبيعية تعترضها معيقات وعثرات بيروقراطية (وبشرية)، يفترض انها غير موجودة اصلا اذا ما اخذنا بالاعتبار ضرورة مراعاة المساواة بين الناس واحترام اوقاتهم وانسانيتهم. ولان شرعية الحصول او الوصول الى الهدف تقتضي اتباع المسار الصحيح وتنفيذ الاجراءات المطلوبة، فان المشكلة التي سرعان ما تظهر تتمثل في عدم الحصول على نتيجة، رغم السير في الاتجاه المطلوب. ما يدفع البعض الى البحث عن طرق بديلة او التفافية علها تختصر عليه الجهود والمسافات في سبيل حل مشكلته او قضيته. أي انه بدأ يفكر كيف يتغلب على الاجواء التي تعيق وصوله الى الهدف، والتي فرضت نفسها على اموره الحياتية عله ينجح في تسيير هذه الامور، التي هي في معظمها تمثل قضايا اجتماعية وانسانية عامة تحتاج الى معالجة ورعاية من قبل الجهات المعنية. وامام هذه الاجواء العامة المشحونة بالمرارة والشعور بالظلم تبدأ تتكرس القناعات لدى المواطن، بان قضيته لا يمكنها ان ترى النور الا اذا حطت على مكتب المسؤول. ما يضطره الى السعي للامساك بالطريق المؤدي الى هذا المكتب. فاذا ما نجحت جهوده الشخصية في تمكينه من تلمس هذا الطريق.. ففي الغالب ووفقا لحالات كثيرة فانه لن يحصل على مراده. ولكن دون ان يمنعه ذلك من مواصلة محاولاته لعل وعسى.
الى ان يهتدي اخيرا الى طريق الاعلام بوصفه افضل وسيلة يمكن اتباعها لطرح قضيته وعرضها.. حتى اذا ما اختار الوسيلة الاعلامية الناجعة (غالبا الصحافة او الاذاعة)، ظهرت بوادر انفراج تؤشر الى ان القضية في طريقها الى ان تدرج على اجندة اهتمامات المسؤول الوظيفية، الذي سرعان ما يبدي تجاوبه واستعداده واهتمامه بالامر، وذلك تحت تأثير الوسيلة الاعلامية التي عرضت او نشرت المشكلة بغية التوصل الى حلها. فاذا بنا نتابع صورة مغايرة تماما في التعاطي مع القضية مدار البحث بعد ان دخل الاعلام على الخط. الامر الذي نلمسه من الاجواء التفاؤلية التي تسود الحوار (الودي) الذي يجري بين الاعلامي والمسؤول، وما هي الا لحظات واذ بالامور تسير نحو الحل، وذلك بمجرد مراجعة المسؤول في مكتبه. وامام عدم تصديق المواطن ودهشته مما يجري، تجده يحاول ان يوضح للاعلامي بانه سبق وان حاول ذلك عدة مرات، الا ان احدا لم يستقبله ولم يستمع اليه. ولكنه سرعان ما يمتثل لتوجيهات الاعلامي وتطميناته ليكتشف ان الامور تغيرت، وانه بات موضع اهتمام المسؤول وترحيبه، حتى اذا ما انتهت قضيته بسلام وامان، بادر الى الاتصال بالاعلامي شاكرا ومقدرا ومثمنا دوره في معالجة قضيته.
ولان الموقف حافل بالمشاهد الغريبة التي افرزها السيناريو الاعلامي الاستعراضي المعد سلفا للعرض او النشر ، يصبح من حقنا ان نتساءل عن المغزى من وراء هذه الحركات الاستعراضبة طالما ان امكانية الحل متوفرة اصلا. وعليه.. فهل وصلت الامور لهذا الحد من عدم الاكتراث بقضايا المواطنين الا اذا تدخل الاعلام، ما يؤشر الى توظيفنا المنصب واستغلاله في ترويج انفسنا بحثا عن الشعبية.. ؟.











































