سجال إعلامي.. يتطلب شفافية حكومية

الرابط المختصر

تعرض الاعلام الاردني في الآونة الاخيرة الى سلسلة هجمات وصفها صحفيون وكتاب مقالات انها شوهت صورة الاعلام،

خصوصا وان جل تلك الهجمات كانت بسبب تورط الإعلام على حد تعبير العديد من الشخصيات بأنها دخلت في منطقة محظورة إلا وهي اغتيال الشخصيات والتهجم عليها".

كما اتهم الإعلام بتناقل بعض الإشاعات كأخبار شوهت الصورة لدى المواطنين وخلقت جدلاً واسعاً في الشارع الأردني حول قضايا عديدة بدأت من بيوعات ممتلكات وطنية تلاها تناقل تصريحات منسوبة ثبت عدم دقتها روبرت ميغن مستشار المرشح الأمريكي جون مكين الذي أعلن فيه ان الاردن هي الوطن البديل لفلسطين، بالإضافة إلى الدور الأردني في المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية وشبهات مهرجان الأردن.
 
السجال الذي دار في الآونة الاخيرة من قبل فئات استغلت الإشاعة وفبركتها لصالحها وانتقدت بالعلن اسماء الشخصيات متنفذه تتبنى النهج الليبرالي متهمة إياهم بالسعي  لنشر أجندتهم السياسية وبيع ممتلكات الوطن لصالحهم، بحسب ما أورده كتاب مقالات معارضين كليا لبيع ممتلكات الوطن فضلا عن عدد من النخب السياسية الرافضة للسياسية اللبيرالية.
 
الملك .. يحسم الخلاف..
هذا السجال تم تفنيده رسمياً في تصريحات حكومية حسمتها المقابلة الأخيرة للملك عبدالله الثاني مع وكالة الأنباء الاردنية (بترا)، حيث اكد ان السياسات العامة لن تكون رهينة للإشاعات والجهل، واضاف" ان نقد السياسات الحكومية في الأوقات الصعبة واستعمال هذا من اجل أجندة معينة لمجموعة من الناس أمر مقبول ولكن استعمال الأكاذيب المكشوفة والإشاعات الصبيانية لإعاقة مسيرتنا نحو التقدم أمر غير مقبول على الإطلاق".
 
فبعد هذه المقابلة أعلن عن إنشاء صندوق للتدريب الصحفيين ورصد مبلغ ما يقارب مليون دينار للارتقاء بمستوى الاعلام وتعزيز مستوى الحريات خلال للقائه نقيب الصحفيين الاردنيين عبد الوهاب زغيلات، وهذه الخطوة قد تفتح الأفق بأن لن يكون الاردن بيئة خصبة لتقارير المنظمات الحقوقية العالمية التي تشير في تقريرها انخفاض مستوى الحرية الاعلامية في الاردن.بحسب ما يرى متابعون للشأن الإعلامي.
 
جودة.. الابتعاد عن لعبة " التلاوم"!
وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال ناصر جودة خلال مؤتمرا صحفي عقدة الثلاثاء الماضي أشار الى أنة من غير المفيد الدخول في لعبة "التلاوم" والمطلوب هو الاعتراف بان الجميع جزء من المشكلة والحل في آن واحد، واضاف" لا بد لكافة الجهود ان تتكاتف وتتوافق لمواجهة التحديات وان لا نلجأ الى الإشاعات المغلوطة".
 
واكد جودة ان مبادرة الملك عبد الله الثاني بإنشاء صندوق للتدريب الصحفيين تأتي "بمنتهى الأهمية في المرحلة القادمة ليستفيد منها العاملون في الصحافة والإعلام سعيا للارتقاء بالمهنة للمستويات المطلوبة من الحرية الاعلامية التي يريدها الملك بلا سقف".
 
وبين ان هذه الحرية "يجب ان تراعي الاستناد الى المعلومة الدقيقة والحيادية وان لا يشعر أيا كان بان هناك احتكارا للحقيقة من أي جهة كانت، وان نبتعد عن اغتيال الشخصية ونقل المعلومة المغلوطة وغير المنسوبة".
 
جودة شدد كذلك على ضرورة التركيز على إبراز الايجابيات وعدم إنكار انجازات الوطن المتراكمة على ارض الواقع إضافة الى الامن والاستقرار السياسي الوطني.
 
زغيلات: 70% من الإشاعات يتحملها السياسيون!
نقيب الصحفيين الاردنيين عبد الوهاب زغيلات أوضح ان هناك جهات غير صحفية تقصد توصيل الإشاعة للوسط الصحفي،" الصحفي في النهاية يتلقف أي معلومة، لكن القضية هل ينشرها بدون ان يتقصى الحقيقة اعتقد هنا المشكلة التي نقع بها في الصحافة، فالبعض الذين تحدث عنهم الملك عبد الله الثاني في الوسط الصحفي يتحمله 30 % من الذي حصل خلال الشهرين الماضيين، ولكن 70% يتحملها الآخرين من سياسيين ونواب واعيان في بث الإشاعة".
 
وبين ان بعض الأشخاص المضادين من سياسيين أردنيين هم المستفيدين من الإشاعات التي تم تداولها في الصحف خلال الشهرين الماضيين.
 
حرية.. ولكن!
النائب تسير شديفات النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، اكد على ضرورة وضع ميثاق شرف إعلامي لضبط مهنة الصحافة في ظل وجود بعض من الصحفيين يسعون الى تشويه صورة الشخصيات العامة على حد قوله.
 
"لا اقصد من ذلك كبت الحريات ولكن نحن مع حرية الاعلام المطلقة ولكن يجب ان تكون حرية مسؤولة، وان من خلال الميثاق نصل الى إعلام موضوعي".
 
هذا ما اتفق معه النائب عزام الهنيدي عضو كتلة العمل الإسلامي الذي اكد على ضرورة وضع ميثاق شرف إعلامي لتوخي الحقيقة والموضوعية في الطرح، ولكن رفض مطلقا التقييد على الاعلام" التقييد يؤدي الى الهبوط في مستوى الحريات الاعلامية، وأطالب الحكومة بكف يدها عن الاعلام وتعطيه الحرية في التحدث بما يشاء بعيدا عن القيود".
    
في خطوة وصفت بـ"الاستباقية" التقى نقيب الصحفيين عبد الوهاب زغيلات عددا من أصحاب وناشري مواقع الانترنت الإخبارية الأردنية وصل عددها الى ما يقارب 15 موقعا إخباريا، وذلك تحسبا "لصدور قانون محتمل سيحد من الحريات الإعلامية".
 
زغيلات في الاجتماع تخوف من توجه مجلس النواب لسن قانون يحد من الحريات الاعلامية بما يتعلق بالمواقع الالكترونية، وطالب اصحاب المواقع الالكترونية بالابتعاد عن كل ما يمس الديوان الملكي والدوائر الأمنية".
 
واتفق أصحاب المواقع الالكترونية من الذين حضروا الاجتماع في مقر نقابة الصحفيين، على تشكيل لجنة للمواقع الالكترونية ووضع ميثاق شرف لها.
 
صندوق للصحفيين...
نقيب الصحفيين الاردنيين عبد الوهاب الزغيلات أوضح انه تم البدء بإعداد نظام معهد تدريب الصحفيين وآلية عمله وسوف يتم الانتهاء من الآلية خلال 14 يوما، مؤكدا ان هذا الصندوق" ليس فقط لأعضاء نقابة الصحفيين وإنما هو لكل الإعلاميين والصحفيين بدون استثناء".
 
واضاف في حديثه عن فكرة الصندوق بقوله:" سيكون هناك مدربين أردنيين وسيتم الاستعانة بأساتذة الجامعات الذين يعملون بتدريس في كليات الصحافة والإعلام، وعلى سبيل المثال سوف يتم تدريب الصحفيين على المواضيع القانونية، ومواضيع حقوق الإنسان لتمكن الصحفي من معرفة القوانين، فضلا على إننا سنسعى من خلال هذا الصندوق الى التوصل بان يكون هناك دورات متخصصة بالصحافة، كدورات في البيئة والرياضة والاقتصاد".
 
الصحفية سمر حدادين من جريدة الرأي والمتخصصة في تغطية شؤون المرأة وحقوق الإنسان، اثنت على فكرة إنشاء صندوق يسعى الى تدريب الصحفيين لأجل صقل الأدوات الصحفية،" انه من الضروري جدا ان يتم الأخذ بموضوع التدريب والاحتكاك وتبادل الخبرات مع صحفيين عرب وأجانب، لكن اذا بقينا على ما هو موجود في الساحة الصحفية لن يقدم لنا خبرة جديدة او معلومات جديدة، واذا صار هذا النوع من الاحتكاك مع الغير فانه بالتأكيد سوف يطور من خبراتنا الصحفية".
 
هذا ايضا ما اثنى علية الصحفي والعضو في نقابة الصحفيين ماجد توبة، الذي وصف خطوة إنشاء صندوق بالخطوة الممتازة لما سوف يقدمه من مساهمة جيدة في المضمار الاعلامي، واضاف:"نحن كنقابة صحفيين، وإعلاميين بحاجة الى مركز تدريب وبرامج لتعزيز القدرات الصحفية وهذا الصندوق سيساهم في تقديم مساهمة جيدة في هذا المضمار، لكن اعتقد ان المهم ان توفر الإرادة السياسية للحكومة وأجهزتها الرسمية لدعم حرية الاعلام وحق الوصول الى المعلومات وعدم التضييق على الحريات".
رددت مصادر إعلامية مختلفة أن رئيس الحكومة نادر الذهبي حث مؤخراً الوزراء على ضرورة الانفتاح على وسائل الإعلام والتعامل معهم بكل شفافية وشرح سياسات وأهداف ومشاريع وخطط الوزارات بكل وضوح وذلك تجنبا للإشاعات.
 
وهذا يؤدي  إلى حقيقة يجب اعتبارها من الجميع ألا وهي أن لا مجال للإعلام المهني بأن يأخذ دوره المأمول دون تضافر جهود جميع الأطراف وأهمها الحكومية بأن ترفع سقف شفافيتها إلى السماء حيث من المفترض أن يكون سقف الإعلام نفسه.