سباق إذاعي مارثوني يتحدى العوائق

سباق إذاعي مارثوني يتحدى العوائق
الرابط المختصر

دخل الإعلام الأردني في الآونة الأخيرة في سباق مارثوني مع الحريات الاعلامية رافعا شعار الحرية "سقفها السماء" كما نادى به الملك عبد الله الثاني

وفي خضم السباق أصبح الأثير السمعي، متخم بمحطات إذاعية متعددة الأنواع.
 
ويبدو ان قانون هيئة المرئي والمسموع الذي أجاز مطلع عام 2006 ظهور الإذاعات الخاصة، باتت الإذاعات تشهد تكاثرا من حيث الكم، تبث برامج منوعة وإخبارية سياسية واجتماعية ، وأصبحت تنافس القنوات المرئية بقوتها وجراتها في الطرح، وباتت أكثر قربا للمستمع واهتماماته.
 
عند إدارة مؤشر جهاز الراديو تبدا هذه الموجات بالتداخل فيما بينها فارضة نفسها بالقوة على جهاز الراديو الخاص بك، كراديو البلد (عمان نت سابقا)، فن fm ،  امن fm، حياة  fm، مزاج fm،  play fm وغيرها من الاذاعات التي يصل عددها الى 26 اذاعة مرخصة من قبل هيئة الإعلام المرئي المسموع؛ الجهة الوحيدة المخولة بمنح التراخيص وانطلاق الاذاعات على الاثير.
 
قلة عدد الإذاعات المجتمعية، يجعل تسليط الضوء عليها يسيرا بعض الشيء، لكن واقع هذه الإذاعات يبدو محاطا بالغموض، وتثار شكوك حول إمكانية استمرارها في مواجهة غير متكافئة مع موجة كبيرة من المحطات الإذاعية الترفيهية.
 
كيف يمكن لهذه الإذاعات أن تواجه قانونا "مطاطيا" من هيئة الإعلام المرئي والمسموع عند إصدارها الرخصة التي لا تشمل البرامج والأخبار السياسية، إذ يقترب كثيرا الشأن الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وحتى الشبابي من الشأن السياسي، كما أن سبل الاستمرار بقوة دفع ذاتية، من الناحية الاقتصادية، اعتمادا على الإعلانات يبدو صعبا نظريا، لأن الإعلانات تفضل الأجواء الترفيهية أكثر.
 
فضلا عن ما ذكر سابقا، فان الكثير من المؤسسات الحكومية والشبة الحكومية تتنافس فيما بينها اعلاميا وعمدت إلى إنشاء إذاعات خاصة بها، فلم تجد في الإذاعات المحلية المستقلة مساحة كافية لبرامجها ومشاريعها.
 
كإذاعة امن fm التابعة لمديرية الامن، وامانة عمان الكبرى التي اعلنت هي الاخرى عن ولادة اذاعة جديدة ناطقة باسمها (هوا اف ام) ولازالت في مرحلة البث التجريبي. وتعمل حاليا الجامعة الأردنية على إنشاء إذاعة خاصة بها.
 
 
في حين عمدت إذاعة فن fm التابعة للجيش إلى تغطية محتوى ألأكثر شمولاً في تغطيتها، وهي اولى الإذاعات المحلية التي دخلت سباق الإذاعات والتي ذاع صيتها بعد برنامج محمد الوكيل ( بصراحة مع محمد الوكيل) حيث حصد البرنامج في تقرير ايريكس الصادر عام  2007 أعلى نسبة استماع وصلت إلى 26.2%.
 
لكن السؤال الذي يطرح في ظل وجود هذا الكم من الإذاعات والتي تتنوع بين ترفهية وبين اخبارية تجمع النموذجين معا، هل استطاعت ان تصل الى اهدافها وتحقق مكانة في الوسط الاعلامي في ظل هذا الزخم؟!.
 
المختص في الشأن الإعلامي، رئيس تحرير البوابة محمد عمر، وجد أن الإذاعات لم تساهم في رفع الحريات بمقدار مساهمتها في خدمة الجمهور. والسبب "أن هذه الإذاعات تقدم خدمات لجمهور مثل أزمة السير والأوضاع والأسعار وهذا اكبر إسهام في الإعلام، ولكن بدأ المتلقي الأردني يعتاد على مسائلة المسؤول وتوسيع هامش الحريات لكن ليس في مقدار عال".
 
عمر، يعتبر أن إنشاء مؤسسات حكومية إذاعات خاصة بها يؤدي إلى عدم التكافئؤ في المنافسة بين الإذاعات الخاصة والإذاعات المدعومة من قبل الجهات الحكومية. "أنا لست ضد أي جهة من مؤسسات الدولة في امتلاكها وسيلة إعلامية خاصة بها لكن اعتبر انه يجب المساواة". لكنه يقول في ذات الوقت "هذا نوع من خنق للقطاع الخاص أو الإذاعات المستقلة، والسبب أن الحكومة لدينا لا تستطيع أن تكون فجة في إغلاق مؤسسات إعلامية أو أن لا تسمح بالترخيص، وذلك يلجأون لإقامة إذاعات موازية تمنح إعفاءات وتدريب وكفاءات ودعم حتى تصبح منافسة للإذاعات الأخرى، ويمكن اعتبار ذلك عملية التفاف على قصة تضيق على الإذاعات والإعلام المستقل الخاص، فضلا أن الإذاعات الخاصة تخضع لرقابة صارمة من قبل الهيئة الإعلام المرئي والمسموع، وفرض رسوم ترخيص عالية على من يريد أن ينشا إذاعة ذات طابع أخباري وسياسي".
 
جرير مرقة مدير الإذاعة والتلفزيون بالوكالة يقول عن الاذاعة الاردنية:" كانت الإذاعة الوحيدة التي تبث عبر الأثير فليس لدينا أي مشكلة في المستوى البرنامج العام فلدينا 66 برنامج بين يومي وأسبوعي يتناول القضايا السياسية والثقافية وغيرها، فمن يقوم بهذا العمل من الإذاعات الخاصة".
 
ولم يعتبر مرقة ان الاذاعة الاردنية لا تدخل في مجال  المنافسة مع الاذاعات الخاصة والمستقلة،"هذه الإذاعات زادت من مساحة الاستماع وأعطت المستمع فرصة للاختيار، ولا اعتبر ان هذه الإذاعات تنافس الإذاعة الأردنية فلا احد غيرنا ملتزم بالخطاب الكلي للدولة بموقفها السياسي والثقافي والاقتصادي".
 
تجربة الإذاعات المجتمعية تعتبر انفتاح جديدة للإعلام الأردني المسموع، لكن هذا الانفتاح يواجه تحديات ومصائب كثيرة ليس اقلها اثبات ذاتها على الساحة بطرق مختلفة أسهلها الترفية والأغاني، في حين فضلت بعض الإذاعات الاعتماد على برامج اجتماعية مختلفة تثبت قوتها ونجاعتها ، كما هو الحال مع راديو البلد، واذاعة حياة الدينية الطابع.
 
راديو البلد (عمان نت سابقا) أول إذاعة مجتمعية بدأت البث عبر موجة fm قبل نحو ثلاث سنوات، لم يكن حصولها على رخصة البث سهلا، ولكنه جاء بالنهاية لتكون إذاعة تهدف الى خدمة الجمهور من خلال المضمون المجتمعي ، حيث بدأت الإذاعة بثها قبل خمس سنوات عبر شبكة الإنترنت، لعدم السماح بوجود إذاعات خاصة في ذلك الوقت. وتبث برامج متنوعة والحصة الأكبر للاخبار.
 
مدير الإذاعة داود كتاب اعتبر أن سقف الحرية مرتبط بالرقابة الذاتية، مؤكدا انه لا يوجد أي أجندة تنتهجها الإذاعة، في عملها الاعلامي،" منذ إنشاء الإذاعة ونحن نصر على إطلاق العنان للعاملين لدينا في الإذاعة، من غير المطلوب على الصحفي مراقبة ذاته، وأن يكون مسؤولا ومهنيا ويسير حسب القانون، وفي النتيجة اصبح الكل يقول ان سقفنا مرتفع لانه على ما يبدو فان الاذاعات الاخرى سقفها منخفض بسبب الرقابة الذاتية، ولا نسمح لأي صحفي أن يأخذ موقف غير محايد ونصر على الحيادية والاهتمام بالعمل المهني ويظهر لدينا الرأي  والرأي الآخر جليا في كافة تقاريرنا ونشرات الإخبارية".
 
راديو البلد، أول إذاعة محلية تقوم ببث جلسات مجلس النواب على الهواء من غير قطع لأي جلسة، ولكن تم منع الإذاعة من استكمال بث الجلسات بسبب نشر تعليق جارح بحق المجلس على الهواء وتحريك دعوى قضائية من قبل الهيئة المرئي والمسموع بحق الإذاعة ولازالت منظورة امام القضاء، فضلا عن ذلك منعت لغاية الآن من بث جلسات مجلس أمانة عمان الشهرية.
 
وهنا يتوجه السؤال إلى قانون المرئي والمسموع الذي لا يصنف البرامج السياسية بوضوح، ويقول داود كتاب الذي عبر عن استياءه من القانون، واصفا إياه "بالمطاطي". واضاف" بنود القانون مطاطة، أي ممنوع ان يبث اي برنامج يسيء بهيبة الوطن والاداب فلا يوجد وصف دقيق لها، فاي عمل قد يفسره البعض بانه اساءة للوطن وهذا اكبر مشكلة وعبرنا كثيرا للهيئة انه لا بد من توضيح هذا البند بشكل مفصل اكثر توضيحا".
 
وتم رُفض طلبا لراديو البلد من إنشاء إذاعة خاصة في محافظة الزرقاء دون ابداء اي سبب للرفض، يعلق كتاب بهذا الخصوص."وجود بند في نظام التراخيص الذي يعطي مجلس الوزراء حق رفض أي طلب بدون إبداء أي أسباب، افهم أن الحكومة يكون لديها تحفظات على أي شخص أو جهة لكن لا افهم ما هو السبب من التخوف من أبداء الأسباب وهذا ما حصل معنا في ترخيص الزرقاء فلا ادري ما هي الحكمة من عدم إبداء الأسباب رغم وجود قانون حق الوصول إلى المعلومات  فلا بد أن يكون هناك شفافية من قبل الحكومة وتبين سبب الرفض".
ويعمل راديو البلد كمؤسسة غير ربحية تسعى إلى تقديم برامج تخدم الجمهور وتغطي بعض التكاليف من رعاية البرامج والإعلانات، ولكن الربح لا يوزع على مالكي المؤسسة، وتعتمد الإذاعة في تمويلها على منظمات NGO'S، وفق لمديرها دواد كتاب.
 
حصلت إذاعة "حياة fm" على ترخيص من هيئة الإعلام المرئي والمسموع، لتبدأ بثها عام2006 كإذاعة ثقافية إجتماعية وإسلامية، تستهدف قطاع الشباب بشكل أساسي، والمجتمع عموما، عبر برامج للأسرة والطفل والشباب.
 
يقول موسى الساكت مدير عام الاذاعة:" انشئنا اذاعة حياة fm من باب تعريف الشباب بالاسلام من خلال قالب جديد، فالاسلام يبقى جوهر ولكن تقديم هذا الجوهر يحتاج إلى أسلوب عصري لمخاطبة  الفئة الشبابية بحد ذاتها، فهناك الكثير من الشباب مبعدون عن الإسلام ولا يفهمون الاسلام كونه لا توجد اداة تخاطبهم بعقولهم وبمنطقهم ومن هذا المنطلق قدمنا هذا الجوهر".
 
واعتبر الساكت ان إذاعته رفعت سقف الحريات وخصوصا من خلال تغطيتهم للانتخابات البلدية والبرلمانية الماضية، "تفاجئنا في سقف الحرية الذي وصلنا إليه في إذاعة حياة اف ام، وكان ذلك جلي في تغطيتنا للانتخابات البلدية والنيابية الماضية رغم اننا مرخصين كإذاعة اجتماعية ثقافية ولكن سقفنا كان عالي رغم ان رخصتنا كانت اجتماعية ثقافية ولم نتعرض لأي مسائلة من قبل الهيئة، ولا زالنا نطمح إلى الأكثر في رفع مستوى الثقافة وخصوصا في خطاب الملك الأخير دعا الى حرية سقفها السماء".
 
مخالفة يتيمة وثقت في سجلات ملفات هيئة الاعلام والمرئي المسموع، بحق إذاعة الحياة، وهي عدم إعلام الهيئة بقيام الاذاعة بحملة تبرعات (سارعوا) في رمضان الفائت، الامر الذي دفع الى توجية تنبيه للقائمين على الاذاعة، وفق موسى الساكت.
 
واستشرف الساكت ان مستقبل الإذاعات سيكون في انحسار، وسيبقى منها ما يريده الجمهور، فيرى انه لا يوجد اي مبرر في ان يكون هناك 26 اذاعة لا بد من اعتماد سياسية التقنين "إلا إذا حصلت على دعم من الخارج يمكن ان يصبح لدينا عدد كبير من الاذاعات ولكن في ظل الظروف الحالية فانه لانه لا يمكن ان تحقق هذه الاذاعات ربح او استمرارية ضمن سوق الإعلاني المحدود".
 
دواد كتاب، مدير إذاعة راديو البلد، خالف ما جاء به الساكت في حديثه مطالبا بزيادة عدد الاذاعات خصوصا في المحافظات والاكتفاء بما موجود في العاصمة عمان من اذاعات، لكن اعتبر ان واقع الاعلانات يعاني من مشكلة كون التركيز الاكبر في حجم الاعلانات يكون في وسائل الاعلام المقروءة وهذا اكبر دليل على وجود خلل بنيوي في سوق الاعلانات، على حد قوله.
اذاعة امن fm  هي اذاعة تابعة لمديرية الامن العام بدات بثها عبر الأثير منذ حوالي عام ونصف العام، "لعبت هذه الإذاعة دورا كبيرا في مد جسور الثقة والتواصل بين المواطن ورجال الامن العام فضلا عن الدخول في صلب المواضيع المتعلقة في الامن الشامل"، على حد قول مديرها عصام العمري.
 
فاذاعة امنfm  ليست هي الوحيدة في ساحة الاذاعات التابعة للمؤسسات الحكومية، وتسير على خطها اذاعة "هوا اف ام" التابعة لأمانة عمان، ويقول العمري: "عندما لم نجد اي اذاعة تقوم بهذا الامر قررنا انشاء اذاعة خاصة بنا لمد جسور الثقة وتقريب وجهات النظر واحترام الرأي الآخر والدخول في صلب المواضيع المتعلقة في الأمن الشامل فكان لا بد من إفراد إذاعة خاصة بالأمن العام تكون اقرب الى الحدث والمسؤول وهذا اكبر دليل عن شفافية جهاز الأمن العام الذي يعمل وفق رؤية نابعة من الملك عبد الله الثاني للاعلام الوطني".
 
العمري اتفق مع كتاب فيما يخص الإعلانات وذلك بضعف قوتها مقارنة بوسائل الإعلام الأخرى، معتبرا انه لا يوجد أي مورد للإعلانات لإذاعتهم. "الإعلان مكِلف والأمن العام لديهم امكانات مادية ولكن يتم تخصيصها للأمن أكثر من الإذاعة".
 
إذاعة مزاج اف ام، إحدى الإذاعات الترفيهية التي تقدم مختلف البرامج الإذاعية الترفيهية بدأت بثها عبر الأثير قبل سنوات فارضة نفسها بقوة باعتمادها أسلوب جديد في المجال الترفيهي ببثها أغاني الفن البديل. وتعتمد على تمويل شخصي في رفد الإذاعة بالأموال.
 
يقول طارق ابو لغد، شريك مؤسس لإذاعة مزاج "الهدف الأساسي، هو مشروع تجاري والفكرة كانت أن تقدم أنماط مختلفة من الموسيقى والغناء العربي وتطوير البرامج الإذاعية أي نعطي خيار آخر للمستمع للمشاركة في برامج أخرى وجاءت الإذاعة تجارية لخدمة الجمهور".
 
حصلت الإذاعة على لفت نظر واحد من قبل هيئة الإعلام المرئي والمسموع، والسبب يتعلق ببث أغنية تمس الذات الإلهية، والإذاعة تعاملت بدورها عبر سحب الأغنية وعدم بثها مطلقا لفنان اللبناني زياد رحباني، وفق لما جاء به طارق أبو لغد.   
 
إذاعة play fm هي إحدى الإذاعات التي تبث الأغاني الانجليزية منذ حوالي 4 سنوات لفئات نخبوية في المجتمع الأردني، و تواجه أيضا تنافساً كبيرا في ظل وجود عدد لا باس به من الإذاعات الأجنبية يصل ما يقارب الخمسة اذاعات تبث برامج واغاني باللغة الانجليزية.
 
ظافر يونس، شريك مؤسس ومدير play fm  يقول عن تجربة الإذاعة"حبا بالموسيقى هو الذي دفعنا للإنشاء هذه الإذاعة، والسبب الآخر لأجل المادة فهي إذاعة تجارية تسعى للربح".
 
ومن إجراءات هيئة الإعلام المرئي والمسموع في إعطاء التراخيص لأي إذاعة، مراعاة ما تنص عليه المادة 16 من القانون، حيث تقدم الأوراق الثبوتية اللازمة، ومن ثم يدرس الطلب من خلال لجنة خاصة وترفع التوصيات بشأنها إلى وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ومن ثم يتم التنسيب الطلب إلى مجلس الوزراء لإعطاء الرخصة لإنشاء الإذاعة.
 
وفقا للإحصائيات منظمة ايريكس الصادرة عام 2007 فإن نسبة الاستماع للإذاعات خلال سبع أيام وصل إلى 56.9%، وفي حين حصدت إذاعة فن أف أم الإذاعة الاولى32.2%، إذاعة القران 20.8% راديو روتانا 15%، الاذاعة الاردنية 14.4%، مزاج اف ام 7.6%، حياة اف ام 5.8%، امن اف ام 4.4، صوت الغد 2.8، ميلودي اف ام 2.6 المدينة 1.4%، الوطن 1.5%، عمان نت راديو البلد 0.7% وباقي الاذاعات تراوحت في ذات النسبة الى اقل.