زواج ذوي الإعاقة .. قصص نجاح تواجه رفضا مجتمعيا
لا تنفك المجتمعات العربية عن عرض مواضيع زواج ذوي الإعاقة في سياق الغرابة والازدراء، رغم أن الكثير منهم كسر وا قيود العادات التي تقف بوجه زواجهم و استقلاليتهم وتكوينهم لذواتهم.
وتغيب عن المشهد الإعلامي والبحثي قضايا زواج ذوي الإعاقة عن المشهد الحقوقي على اعتبار أنها قضايا ثانوية مُهمشة.
تقول أم إبراهيم والدة أحد المصابين بمتلازمة داون أن خطوة زواجه جاءت بطلب منه، ولم تجد العائلة مانعا من ذلك كونه شخص مستقل ومعتاد أن يكون مسؤول عن نفسه وملتزم وظيفته التي يقوم بها في أحد فنادق العاصمة عمان .
الوعي بخطوة الزواج ..سر استمرار نجاح زواج ذوي الإعاقة
وتنوه إلى أنه تزوج قبل شهرين بفتاة من غير ذوي الإعاقة وتم الزواج بالرضا من قبل الطرفين وعائلاتهم، وأنه كان يعي تماماً الخطوة التي يقوم بها وهذا سبب إقباله ونجاحه في خطوة الزواج.
وحول مواجهة إبراهيم وعائلته لكلام الناس والمجتمع المحيط فيهم، تتحدث أم إبراهيم "لعمان.نت"، أنهم واجهوا بعض ردود الأفعال الغريبة من قبل بعض المعارف والأصدقاء، وأن أغلب الأسئلة كانت حول قدرة إبراهيم على الزواج وبناء أسرة والتشكيك بقدرته على تحمل المسؤولية، إلا أن الكثير من أصدقاء إبراهيم في مبادرة "متلازمة داون معنا حياتنا لها معنى" كانوا من أشد الداعمين له في إقدامه على خطوة الزواج وتكوين أسرة.
وبحسب المادة (5) (أ) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2017 قانون رقم 20، "لا يجوز حرمان الأشخاص ذوي الإعاقة من حقوقهم أو حرياتهم أو تقييد تمتعهم بها أو ممارستهم لأي منها، ولا يجوز تقييد حريتهم في اتخاذ قراراتهم على أساس الإعاقة أو بسببها
".
الارتباط الروحي يلاشي الإعاقة بين الزوجين ويسهّل تقبلها
وتؤكد آية داوود أحد أصحاب الإعاقة الحركية، أنها تعرفت على زوجها بلال من ذوي الإعاقة البصرية منذ 11 عام في الجامعة عندما كانت تدرس تخصص الأدب الإنجليزي، وهي الآن أم لثلاثة أبناء.
وعن الكلام الذي تلقته آية وزوجها تقول "سمعنا كلام كتير وفي ناس كانت تحكي لزوجي إنتو الاثنين بدكم مساعدة كيف رح تساعدوا حالكم"؟، إلا أنها وبحسبها شخصيتها قوية ولم تكترث لما يقال في الخارج من قبل الناس، معتبرة أن توبيخ الناس لهم ومحاولة السخرية من إعاقتهم هو جهل بحد ذاته، وأن دعم عائلتها لها كان له أثراً على وصولها إلى ما هي عليه.
وتركز داوود على أن عادات الناس في التهكم والتعليق على زواج ذوي الإعاقة ما زالت موجودة لكنها تكثر عند زواج الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية "متلازمة داون"، وحول أهمية إجراء فحوصات ما قبل الزواج تقول "فحصت أنا وزوجي إذا كنّا حاملين لأي مرض وراثي، وأرسلنا عينة الفحص إلى قبرص للتأكد من مستقبل سلامة الأطفال".
ما بعد اختيار الارتباط لذوي الإعاقة ..التربية أمر إجباري
وتشير إلى أن الزواج أمر اختياري أما عن تربية الأبناء فهو أمر إجباري سيتحملون أعباءه الأهل سواء من ذوي الإعاقة أو من غيرهم، وأن الأشخاص من ذوي الإعاقة لديهم تخوفات عديدة لعدم إقبال الكثير منهم على الزواج منها كلام الناس ونظرة المجتمع ومنهم عدم القيام بالتجربة خوف الفشل.
استشاري الطب النفسي والتربوي موسى مطارنة يضيف، أن الإنسان هو إنسان وإن كان عنده قصور في جزء من تركيبته الجسدية، ويجب أن تتوفر له كافة الحقوق كالزواج والعمل والتعليم.
عوائق ثقافية اجتماعية تقف بوجه زواج ذوي الإعاقة
ويواصل أن العائق الأول في وجه زواج الأشخاص من ذوي الإعاقة هو العائق الثقافي الاجتماعي وليس النفسي، ويرجع ذلك إلى أن المجتمع لا يتقبل ذوي الإعاقة ويراه شخص غير صالح لأداء دور الأب والزوج، وهذه الثقافة هي التي تحول من زواجهم.
ويستأنف مطارنة حديثه حول وجهة نظر زواج ذوي الإعاقة من ذوي الإعاقة، أن المقبلين على الزواج في المجتمعات يرون أنفسهم غير مجبرين على الزواج من شخص من ذوي الإعاقة البصرية أو السمعية أو الجسدية أو الذهنية، لأنه سيتحمل مسؤولية تربية الأطفال والاهتمام في الشريك الآخر، مع إصرار المجتمع على وضع بصمات المقارنة بين الطرفين، لذا يصبح هناك رفض داخلي من الطرف من غير ذوي الإعاقة.
وحول العديد من التجارب الناجحة لذوي الإعاقة يتابع مطارنة "في أشخاص من ذوي الإعاقة تزوجوا وأنجبوا أبناء متفوقين في المدارس لكنهم قلة قليلة"، مؤكداً على حق زواج الأشخاص من كافة أنواع الإعاقة أنه حقاً طبيعياً إنسانياً.
ويشدد على أهمية نشر الوعي بقضايا ذوي الإعاقة، ودثر نظرة المجتمع للشخص ذوي الإعاقة على أنه غير متكامل كزوج وأب، ويقترح مطارنة حلولاً لتوجيه المفاهيم الاجتماعية لتلائم ذوي الإعاقة وتنصف حقهم في الزواج، تكريس الوعي من قبل وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وفرض مبادرات تشجع زواجهم وتوعي المجتمع بأهمية دعمهم.
ووفقاً لمقال نشرته صحيفة القبس بمطلع عام 2018 بعنوان "قدرة المعاقين على تكوين أسرة" وخلصت نتائج الدراسة التي تضمنها المقال إلى أن زواج ذوي الإعاقة يعتبر من أقل الموضوعات التي تناولتها الصحافة العربية بواقع 1%.
يبين دكتور الشريعة "أصول الدين" أحمد مناعي، أن الشخص من ذوي الإعاقة هو إنسان كامل الإنسانية وله كامل الحقوق كما لغيره من غير ذوي الإعاقة، وأن وجود الإعاقة فيه لا يعني حرمانه من الزواج ما دام قادراً على ذلك، سواء كان معاق أم غير معاق المحدد في مسألة الزواج هو قدرته على النفقة والإباءة وهو أن يعطي كلا الطرفين حقهم في العلاقة الزوجية.
ذوي الإعاقة إنساناً كاملا.. وتجب المعرفة التفصيلية بحالة الطرف المعاق
ويوضح أن الزوجة أو الزوج يجب أن يطلع كلاً منهم على حالة المعاق وحدودها قبل عقد القرآن إذ لم يكن على علم بذلك، وبعدها تبنى موافقتها أو موافقته عن قناعة، ويجب الإعلام بإذا كانت هذه الإعاقة توارثية أم لا، ويؤكد مناعي في حال أخفي ذلك فيعد أعظم أنواع الغش، ومن حق الشخص الذي تم إخفاء الأمر عنه أن يطالب بفسخ العقد من قبل المحكمة والقاضي.