زواج الانترنت: التقاليد في عباءة التكنولوجيا

الرابط المختصر

العديد من المواقع الالكترونية على الشبكة العنكبوتيه ( الانترنت) تتيح لك الفرصة للتعرف على شريك أو شريكة الحياة من خلال الايقونه التي تفتح لك عالم مواقع ومنتديات التعارف وغيرها.

إذ تظهر لك أيقونه على شكل فلاشات مستمرة تحثك للدخول على مواقع الدردشة بالإضافة إلى ان كل موقع أصبح يحتوي على أيقونة (تعرف على شريك... اضغط هنا من فضلك)!.

 

البعض يجد هذه المواقع السبيل الوحيد للحصول على العريس المناسب والعروس المناسبة أو للتمضية الوقت مع الطرف الآخر، إذ أصبح غالبية الشباب يرون ان الزواج عن طريق "الخطّابات" طريقة تقليدية قديمة لا يحبون اللجوء إليها، بل يرغبون بالتعرف على شريك الحياة بطرقهم الخاصة.

 

في الفترة الأخيرة زادت أعداد مستخدمي الانترنت من الشباب في الأردن، وفي العالم أجمع، وزاد من يمتلكون جهاز الحاسوب في بيوتهم ويحتل قسما كبيرا من حياتهم اليومية.

 

فهذه الشبكة ذات الفوائد العديدة أعطت مستخدميها فرصة تفصح العديد من المواقع والمنتديات واستخدام ما يسمى بـ"غرفة الدردشة" (chat) للتعرف على آخرين، من بلدانهم ومن دول أخرى، والتحدث في موضوعات مختلفة تعرفهم على الطرف المقابل، مستخدمين العديد من الأسماء التي لا تعرف بهويتهم الحقيقية أو في أي دولة يعيشون. وهناك من يفرضون أنفسهم بإضافتك إلى قوائمهم للدردشة.

 

زواج الانترنت والتقاليد الاجتماعية

 

كثيرون في مجتمعنا مازالوا لا يتقبلون أفكارا خارجة عن إطار عاداتنا وتقاليدنا التي عشنا وتربينا عليها. بالنسبة لأحمد، طالب جامعي في العشرينيات من عمره، فإن التعارف عن طريق الانترنت لدينا كمجتمع شرقي يعتبر دخيلا. "وأنا بصراحة لا أحبذ هذه الفكرة لان الزواج هو ارتباط قائم على المعرفة والتفاهم بين الطرفين، أما التعرف عن طريق الانترنت قد يكون به نوع من التلاعب والكذب بين الطرفين وعدم الصراحة والوضوح".

 

ويتابع: "هذه أمور لا تعجبني أبدا حتى لو قابلت فتاة أحلامي عبر الانترنت فسأبقى على مبدأ الرفض إلى ان أتعرف عليها وأتأكد من صدقها ومن تطابق صفاتها مع صفاتي وهي أيضا لابد ان تتعرف علي وان وتعجب بي".

 

أما سمر ابنة الثلاثينات من العمر فلا تؤيد فكرة الزواج عبر الانترنت لأنها لا تعطي صورة واضحة عما إذا كان الشخص مناسب أو غير مناسب، مقارنة بالتعامل مع الشخص عن قرب. لكنها تعلم أن هناك قصص زواج ناجحة عبر الانترنت، فتروي لنا قصة صديقتها، قائلة: "كان لصديقتي علاقة عبر الانترنت عن طريق زوج أختها الذي أعطاها عنوان احد الأصدقاء فقامت هي بمراسلته وفي النهاية تم الزواج وهو زواج سعيد جدا".

 

لمهند، طالب في العشرينيات من عمره، تجربة شخصية رواها لعمان نت. "تعرفت إلى فتاه عبر الانترنت واتفقنا ان نتقابل ودامت علاقتنا فترة، ومن ثم انفصلنا عن بعضنا ولم يكن السبب لأننا تعرفنا عبر الانترنت، وإنما لأسباب عادية كأي علاقة أخرى".

 

ومهند يرى أن التعارف عبر الشبكة العنكبوتيه ليس بالضرورة أن ينتهي بنجاح العلاقة، إذ يجد ان "التعرف من خلال الانترنت تعرف مبدئي مع الطرف الأخر وليس بالضرورة ان يؤدي إلى زواج سريع من دون معرفة مسبقة، فمن خلال الانترنت يستطيع ان ينال على فتاة أحلامه وان يبني معها علاقة لكن لا بد ان تكون هذه العلاقة خارج نطاق النت".

 

نبراس ابن العشرينيات من العمر يعارض فكرة الزواج عن طريق الشبكة لأنه لا يعرف بماضي الفتاة وما يرغب بمعرفته، لكنه يستدرك قائلا: "إذا وجدت مواصفات فتاه أحلامي عبر الانترنت سأفكر بشدة في الموضوع لان الأمر أصبح يتعلق بفتاة أحلامي".

 

إيناس تصف لنا تجربة أخ صديقتها قائلة: "أخ صديقتي تزوج عن طريق الانترنت، تعرف عليها من خلال التشات وأدى تعارفهم إلى الزواج، ويمر زواجهم حاليا بالعديد من المشاكل كونهم تعرفوا على بعضهم البعض عن طريق الانترنت وهم متزوجون منذ أكثر من سنة ونصف".

 

وعن نفسها، تقول إيناس: "انا أعارض الزواج عن طريق الانترنت لان الطرفين يتعرضون للكذب ولا اعتبره أسلوبا صحيحا أبدا، والبعض أصبح يرفض مفهوم الخطبة التقليدية لعدم معرفة الطرفين بالآخر فكيف إذن سيكون التعرف من خلال النت".

 

هيا ترفضه رفضا تاما لان برأيها تبقى العديد من الأمور مخبأة بين الطرفين عبر الانترنت، "فلا نستطيع ان نرى الشخص وجها لوجه وتبقى بعض الأمور مخفية. لكنها تستدرك قائلة: "إذا كان الأمر جدي أو عبارة عن صدفة يمكن ان أفكر في موضوع التعارف والزواج عبر النت، لكن لا بد ان يكون قبلها العديد من المقدمات".

 

زواج الانترنت كنتيجة للتكنولوجيا

 

أخصائي علم الاجتماع د. حسين خزاعي يرى ان الزواج عن طريق الانترنت لا يختلف عن غيره من أنواع الزواج، ويقول: "نحن نعيش في عصر التكنولوجيا، أي عصر السماوات المفتوحة والقنوات المفتوحة، وكان الأردن من أوائل الدول في الشرق الأوسط التي استخدمت التكنولوجيا رغم إمكاناتنا المحدودة أي في عام 1994 بدأنا باستخدام شبكة الانترنت قبل العديد من الدول الغنية في الوطن العربي والتي يتميز اقتصادها بأنه أقوى من اقتصادنا".

 

ويتابع: "الزواج عن طريق الانترنت يختلف مئة بالمائة عن الزواج العادي، أي انه في بداية التعارف يكون الشاب افتراضي أو الفتاة افتراضية، ولا يعرفان شيئا عن بعضهما مطلقا، وتبدأ عملية التواصل عبر جهاز الحاسوب وعبر الشبكة وعبر المراسلات وتبدأ عملية الجيل الافتراضي ينتقل إلى جيل حقيقي عن طريق الصور وتبادل المعلومات ويتطور التعارف إلى تبادل اللقاءات".

 

ويضيف الخزاعي: "الزواج عن طريق الانترنت مكلف اقتصاديا أكثر من الزواج العادي لأنه في بعض الأحيان يحتاج الشخص إلى سفر وقطع المسافات لرؤية الشخص الذي تعرف عليه عن طريق النت، بالإضافة إلى أن الشخص قد يضيع أكثر من 12 ساعة من وقته على الانترنت للتعرف على شخص ما، وعدا عن ذلك قد يصدم بالواقع، وإذا صدم بالواقع سيقبل به لأنه هو لا يرغب ان يحبط من هذه العلاقة التي استمرت عبر جهاز الحاسوب لفترة من الزمن قد تطول أو تقصر".

 

ويرى الخزاعي ان الزواج إذا تم في فترة زمنية اقل من سنة لن ينجح أبدا ويطلق عليه "الجيل المستعجل".

 

ويجد الخزاعي ان الانترنت فتح المجال للشباب الذين يتسموا بعدم الجرأة والانطواء على أنفسهم ان يتعرفوا على الجنس الآخر من خلال الشبكة، قائلا: "الانترنت سرع عملية التعارف بين الجنسين إضافة إلى تسريع عملية التعارف بين الشعوب وتتدخل في خصوصيات الطرف الآخر الشخص".

 

ويرى الخزاعي ان الخطورة من زواج الانترنت تكمن بالتعلق بالانترنت، ويقول: "بعد زواج الانترنت ماذا يضمن للزوجة ان يترك زواجها تعلقه بالانترنت أو ان يبحث عن زوجة أخرى عن طريق الانترنت، بالإضافة إلى ان الجيل الافتراضي الذي عاش معه لفترة من الزمن قبل الزواج ويكون الشخص قد استمتع معه عبر الحديث وتبادل المعلومات والصور والحديث المطول أكثر من الزواج، لأنه فعليا تمت عملية الزواج وانتهت عملية الجلوس خلف الحاسوب لساعات طويلة للبحث عن حبيب. ولا يكون الزواج عن طريق الانترنت بحد ذاته هو الهدف الرئيسي بل يكون هناك أهداف أخرى وغايات أخرى بين الطرفين".

 

 

ويتساءل الخزاعي عن ما إذا كانت المعلومات التي تصل إلى الطرفين حقيقية وصحيحة، أي "هل كان الواقع كما كانت هي المعلومات التي تصل إلى الطرفين، فهناك العديد من الأمور التي قد يخفيها الطرفين عن بعضهما، كالإمراض مثلا".

 

أضف تعليقك