رقابة النقابات تفتح باب توافق حكومي مع قوى المعارضة

الرابط المختصر

انعكست اتجاهات النقد النيابي للحكومة وسياساتها في جلسة
النواب الأخيرة مساء الأحد الماضي، حيث تصدى النواب الإسلاميين في المجلس وعدد من
النواب المستقلين لأول مرة للدفاع عنها ومدح أدائها.و بارك النواب الإسلاميون جهود الحكومة التي حظيت منهم
بتقدير كبير لمبادرتها الأخيرة بالتوافق على صيغة تفاهم مع نقابة المهندسين لجهة
الصورة التي ستراقب بها أموالها.

ولم ترض رياح الحكومة سفن طيف نيابي عرف عنه سابقاً
تأييده لسياسات حكومات سابقة "بصالحها وطالحها"، واعتبروه غير دستوري
ولا قانوني، وتعطيل لذراع مجلس النواب الرقابي ديوان المحاسبة على أموال النقابات.

كما ضم هذا
التيار نواب اعتادوا النقد الموضوعي للسياسات الحكومية وآخرين اعتادوا النقد غير
الموضوعي، ولكنهم التقوا جميعاً على عدم قانونية ولا دستورية التفاهمات الحكومية
مع نقابات أو جمعيات أو أي جهة للرقابة الحكومية على أموالها فالولاية العامة هي
للدولة وأموال النقابات هي بحسب قانون الجرائم الاقتصادية هي أموال عامة وليست
خاصة وإلزامية العضوية للنقابات تثبت أن الرسوم التي تدفع هي أموال عامة-حسبما
دفعوا في مداخلاتهم-.

وهذه الصيغة وصلت إليها الحكومة مع نقابة المهندسين بعد
ورود شكاوى إليها من خمسين مهندساً من الهيئة العامة للنقابة يطلبون منها التحقق
في أموال النقابة، والشكاوى ليس في مضمونها ما يجرم بشبه فساد مالي بل هي مجرد
رغبة من داخل النقابة للرقابة الحكومية عليها، حسبما جاء في مداخلة لرئيس الوزراء
في الجلسة التي خصصت لمناقشة دستورية هذا الإجراء ا بناء على طلب قدم من 11 نائباً.

وتقرر تشكيل
لجنة مكونة من 28 عضواً من نقباء ووزراء ونواب سابقين من خارج الجسم النقابي وإعطائها
مهلة 3 أشهر للتدقيق والتحقق من الشكاوى المعروضة عليها وتقديم تقريرها إلى الهيئة
المركزية في النقابة وديوان المحاسبة.

هذا وذهب النائب المستقل عبد الرحيم ملحس بالتأشير إلى
تدخل أمريكي في هذا الموضوع وقال" هذا التفاهم تنبعث منه رائحة طلب أمريكي يهمه معرفة حركة جميع الأموال
في بلادنا بما في ذلك أموال النقابات وبالأخص نقابة المهندسين مضيفاً أن هذا
التصرف يبعث على القلق الشديد، واصفاً التفاهم الحكومي النقابي بالغير قانوني.

وأضاف
ملحس" عندما تسخر الحكومة الأدوات القانونية لأهداف سياسية يصبح القانون
والدولة التي تحميه في خطر وعندما تستهدف الحكومة فئة معينة منة فئات المجتمع العاملة
تصبح الحكومة لا تلك الفئة في خطر، داعياً الحكومة في نهاية مداخلته باحترام
التشريع ورفض النصائح الأمريكية كما قال.

وطالب من أعتبر هذا التوافق غير قانوني بتفعيل القانون
المؤقت المعدل لقانون ديوان المحاسبة ساري المفعول والموجود حالياً في أدراج مجلس
النواب وطالبهم البخيت بسرعة النظر فيه وإقراره أو تعديله، وفي كل الأحوال وإن لم
يتم ذلك التزم البخيت برقابة أموال النقابات بالسبل والقانونية المتاحة للحكومة.

وبالرغم من النقد الحاد للحكومة من جهة في تلك الجلسة
والمدح لها من جهة أخرى فقد وصلت المباركة لها بهذا التوافق إلى ما يشبه مباركة
عقد القران قدمها النائب الإسلامي نضال العبادي الذي ختم مداخلته بالقول" أقول
للطرفين بارك الله لكما ولكما وجمع بينكما على خير وما دام القاضي راضي..شو بدنا
بالكلام الفاضي"

في إشارة منه لمن هاجوا هذا الاتفاق حيث بدأ مداخلته
" دائماً نتحدث عن الوئام والانسجام والتناغم بين فئات المجتمع واليوم نتحدث
عن الوئام بين الحكومة من جهة وبين النقابات من جهة وما حصل من تفاهم عاقل وواع
وحكيم بين الطرفين حري بان يتم دعمه من الجميع والأردن بالذات أحوج إلى وحدة الصف
والكلمة خاصة في هذا الطرفين وقد نجح الطرفان حين جنبا الوطن الخلاف والاختلاف
والتأزم والخلاف الوطني وكلاهما يستحق الشكر واعتقد أن ما جرى من تفاهم يدل على
تقديم المصلحة العليا للوطن لدى الطرفين ولا أظن أن هذا التفاهم يتعرض مع القانون
أو الدستور"

وهذه الظروف الذي تحدث عنها العبادي بالإضافة إلى عدد
كبير من النواب قلل من شانها المعارضين لهذا التفاهم وقالوا أننا في الأردن ليس
بلد طوائف ولا ميليشات حتى نتحجج بالأوضاع المتأزمة.

إلا أن كثيرين من خارج الجسم النيابي اتفقوا مع هذا
الاتفاق فقد قال الكاتب الصحفي باسل العكور في مقال له نشر على موقع عمون
الإلكتروني" إن هذه صيغة مناسبة ولا
نعتقد إنها تشكل تنازلا حكوميا عن الرقابة إذا كان الدافع فعلا هو حماية أموال
الهيئة العامة، مضيفاً أن في بنود الاتفاق ما يضمن بوضوح دورا رقابيا للديوان يستطيع من خلاله أن
يكشف عن التجاوزات ويقدمها إلى المرجعية الرقابية العليا لدينا وهي مجلس النواب
الذي بدوره يملك القدرة -إذا تبين أن هناك تجاوزات خطيرة – على فرض الرقابة التي
يراها مناسبة لحماية أموال النقابيين وهنا لن يخرج علينا احد ليقول ارفعوا الوصاية
الحكومية عن النقابات . وهي أيضا صيغ متوازنة وتحقق الغاية من التوجه الحكومي
المعلن والمتعلق بالنظر بالشكاوى التي قدمت من أعضاء في الهيئة العامة حول تجاوزات
مالية وإدارية في مجلس نقابة المهندسين على وجه التحديد".

عملياً لم تسفر جلسة المناقشة عن أي قرار عملي ولكن يبقى
التساؤل هل سيستمر الوئام الحكومي مع قوى اعتادت معارضتها رغم معارضة شديدة من ما
عرف عنهم محافظتهم واعتبارهم حلفاء تقليديين للحكومات.

أضف تعليقك