رغدان السياحي في ذمة التاريخ

الرابط المختصر

"وكأنك يا أبو زيد ما غزيت"..هذه المقولة الشائعة بين المواطنين لعلها تلقى الصدى بين ممرات وأزقة مجمع رغدان السياحي الذين كانوا ولا يزالوا ينتظرون تشغيله حتى الآن.ورغدان السياحي الذي افتتح مطلع العام الحالي ليكون مجمعا للنقل العام ومركزا للسيارات العمومية، لم يكن بعد افتتاحه متاحا إلا لعدد من خطوط السرفيس التي تخدم عددا محدودا من مناطق عمان، وإعلان الأمانة الذي سبق الافتتاح بقليل كاد أن يكون "النقلة الأولى والنوعية في عالم مجمعات النقل" ولكن هذا ما لم يحصل!!

وما حصل؛ نقل بعض الخطوط من مجمع المحطة المؤقت حينها إلى المجمع الجديد من باب الاستحياء..
 
توقعات مسبقة
وأي مشروع لابد من وضع التصورات والتوقعات المسبقة حول مستقبله، "المشروعات قد تكون مبنية على فرضيات غير واقعية وهذا حال الكثير من المشروعات المنفذة لدينا"..كما يقول المحلل الاقتصادي منير الحمارنة.
 
فالمجمع أصبح وقفا يبكي على أطلاله التجار المجاورين له، والمواطنون الذي بنوا علاقة وطيدة مع مكانته عندهم يندبون مجمعا كان ملازمهم لسنوات خلت، فلا ركاب يهرولون ولا مارة يمرون من أمامه والصمت استوطن المكان.
 
وما الخطوط العاملة في المجمع والمتواجدة في جزء قليل من ساحته، ما هي إلا "مجاملة"، وكأنها نقلت إليه لأجل "حفظ ماء الوجه" لمجمع دفع عليه سبعة ملايين دينار.     
 
ويدعو الحمارنة الأمانة مراجعة حساباتها والإعلان عن الخطط والأهداف الموضوعة من مجمع رغدان السياحي. 
 
والمشهد العام للمجمع: مباني فارغة، حجارة بيضاء نظيفة، إضاءة ناصعة شديدة الصفار، وهدوء يملئ المكان ما كان سابقا يعرفه.
 
واستطاع المجمع أن يحافظ على سكينته حتى بعد الانتهاء من تدشينه، وهو الذي صمم ليستوعب آلاف البشر وكذلك السيارات بطبيعة الحال، لكنه الآن يستوعب بعض الخطوط وقليل من البشر.
 
ويقول الحمارنة إن الخطورة تكمن في المشاريع غير المبنية على فرضيات واقعية والتي لها علاقة بمراكز المدن وهي مشكلة كبيرة "إذا لم ينظر إلى المدينة بشكل متماسك وبخارطة واحدة، فقد تحدث العديد من الاختلالات".
 
"المجمع ينتظر أحد المستثمرين الخليجيين لأجل شرائه واستثماره"، "المجمع سيغلق وسيعاد تصميمه ليصار مجمعا تجاريا ضخما"، "المجمع سيغلق بالكامل"، وذلك جزء مما يتداوله الناس فيما بينهم..
 
المستثمر محلي
وتحسين العبادي، مدير مجمع رغدان السياحي، نفى استثمار المجمع لصالح مجموعة مستثمرين لكنه قال: "حتى لو استثمر من قبل مستثمرين، فسيكون من قبل محليين وعلى أن يراعوا كل ما يتعلق بتاريخ وسط المدينة والأمانة تدرس الطريقة المثلى لاستغلاله  اقتصاديا واستثماريا". 
           
وتأجيل استثمار المجمع –وفق العبادي- إلى حين تأهيل الساحة الهاشمية المجاورة له.. "المجمع هو جزء من مشروع تحسين وسط البلد ومرتبط بتحسين الساحة الهاشمية وعطاء التطوير سيبدأ على أرض الواقع في شهر تشرين الأول القادم وأجّلناه إلى حين الانتهاء من موسم عمان السياحي"..
 
لكأن المجمع أعيد تصميمه لأن يكون خاليا من المواطنين الذين كانوا يملؤه ضجيج الترحال، والسبعة ملايين دينار تكلفة المشروع على مساحة أرضه البالغة 34 ألف متر مربع كانت "ضمن خطة إعادة تأهيل وتطوير وسط العاصمة لكي تصبح منطقة جذب سياحي"..ولكن عن أي سياحة تبحث "الأمانة" صاحبة المشروع!   
 
وتدرك هيئة تنشيط السياحة دور الأمانة في التنشيط السياحي لمنطقة وسط المدينة، متأملة أن يكون المجمع في المستقبل نقطة جذب سياحي، ويقول مديرها العام بالوكالة فايز خوري "أن التطلع لأن يكون المجمع عامل جذب للمنطقة وهذا ما نتمناه من الأمانة".    
 
برسم البيع
"لو أبقوه فارغا أفضل من افتتاحه الحالي، فلا حيوية في الشارع ولا ناس، وغالبية المحلات وضعت يافطات كتب عليها برسم البيع، فجميع أصحاب محلات بيع التراثيات الشرقية والمحلات المجاورة لرغدان تضررت كثيرا"..وفق ركان السعود الناطق باسم مجموعة وِأصحاب تجار الساحة الهاشمية.
 
"كنت سابقا، وفي اليوم الذي لا ِأشتغل فيه، كان يكفيني أن أقف على باب المحل وأنظر إلى المواطنين وهم يمرون من أمامي. هذه الصورة جميلة ولكن الآن فلا شيء منها، منطقة رغدان كانت أكثر منطقة تعج بالحيوية الآن هي حزينة فارغة، هي فعلا ماتت". "التجار مع تطوير المنطقة، ولكن ليسوا مع تدمير تجارتهم" كما يتحدث ركان.
 
وللعلم فالمجمع الآن مستغل لـ 578 سيارة السرفيس  تعمل على 13 خط في عمان. ويشار إلى أنه مول من القرض المقدم مـن بنك الإنماء اليابانـي (JAIC ) للحكومة الأردنية وذلك لدعم المشاريع السياحية، حيث كان نصيب الأمانة من القرض دعم اثنان من مشاريعها هما مشروع مجمع رغدان ومشروع تحسين وسط البلد.

أضف تعليقك