رسامة أول إمراة قسيسة يفجر خلافا مسيحيا في الأردن وفلسطين
تسبب رسامة أول امرأة كقسيسة في الكنيسة العربية اللوثرية في القدس بموجة خلاف عقائدي ومجتمعي من مؤيد ومعارض في الأوساط المسيحية في الأردن وفلسطين
أُقيمَت رسامة الشابة سالي عازار 2 كانون الثاني/يناير كقسٍّ في الكنيسة الإنجيليّة اللوثريّة في الأردن والأرض المقدسة، ويعتبر ذلك محطّةً تاريخيّةً للكنيسةِ الإنجيليّةِ اللوثريّةِ.
وُلدَت عازار وترعرعت في القدس، وحصلت على شهادة البكالوريوس في اللاهوت من كليّةِ اللاهوت للشرق الأدنى في بيروت، لبنان، في عام 2019. وفي عامِ 2022، أنهت دراسة الماجستير في اللاهوت الدوليّ من جامعة جورج أغسطس في غوتنغن وهيرمانسبورغ في ألمانيا.
عملت عازار أيضاً في كنيسة القدّيس يوحنا الإنجيلية في فروناو في ألمانيا، وهي منخرطةٌ جدّاً في المجتمع اللوثريّ الدوليّ، حيث تعمل كعضو في مجلس الاتحاد اللوثريّ العالميّ، وفي مجلس إدارة تحالف آكت (ACT).
خلاف وجدل
إلا أن ترسيمها تسبب بخلافات ورفض من قبل بعض الشخصيات الدينية والمجتمعية لأسباب عقائدية وتاريخية في معارضة الرسامة في حين ظهر هناك انقسام كبير في الكنائس البروتستانتية الإنجيلية في هذا الموضوع وقبول محدود لدى بعض المواطنين غير العقائدين.
مجلة ملح الأرض المتابعين للموقع ملح الأرض من خلال استطلاع رأي غير علمي نشر على الموقع وموقع العشائر المسيحية المتعاون، حيث كانت نتيجة الاستفتاء وكان التصويت غزير وجاءت النتيجة الأولية كما يلي:
يقول القس ديكران صلبشيان راعي كنيسة الحياة الجديدة (اللويبدة-عمان) التابعة لجماعات الله لـ "ملح الأرض" إنه "لا يوجد نص كتابي ضد رسامة المرأة وعلينا قراءة النصوص الكتابية ضمن سياقها".
“نعرف من حياة الرسول بولس أن بريسكلا واكيلا كانوا يعملون في بيتهم كنيسة”. ويعلق القس صلبشيان “أن مجرد ذكر نساء قديسات كانوا يتنبؤوا ويصلون يعتبر تعليم وأنا شخصيا و كنيستنا – جماعات الله – تقوم برسامة النساء”.
في حين يقول المفكر الإنجيلي القس بسام بنورة من بيت ساحور لـ "ملح الأرض" إن الموضوع فكر بشري وليس حق سماوي مؤكدا أن ذلك “لا يلغي المساواة في الإنسانية و القدر والقيمة والمقام بين المرأة والرجل أمام الله. اختلاف الوظيفة بين الرجل والمرأة حقيقة وهذا الاختلاف نعمة من الله، لأنه يعطي للحياة جمالها وروعتها، ويشكل أساسًا للاحتفال بالمحبة والصداقة وتكوين الأسرة، والحياة الاجتماعية الغنية بالفرح”.
الناشطة الفلسطينية نورا كارمي، التي عرفت حالها أنها تعمل من أجل كرامة شعبها، قالت لـ ملح الارض“أعتقد أنني أستطيع أن أخدم الكنيسة والمجتمع دون أن ارتسم ولكني لست ضد رسامة المرأة إذا كانت وفية ونبيلة ومتواضعة. مبارك لسالي عازر والله يوفقها”.
الأب بولس حداد راعي كنيسة الروم الكاثوليك الفحيص اكتفى بالرد “انا ضد” فقط.
رفعت قسيس عضو المجلس البلدي في بيت ساحور قال لـ ملح الارض انا مع النشر حول الموضوع على الصفحات الجادة وتبادل الآراء بإيجابية ولكن بشرط عدم شيطنة وتكفير الآخر.
"انا مع الرسامة، أولا لأن ليس هناك منع كتابي واضح قاطع، وثانيا لتغيير السياق الاجتماعي وعدم إمكانية تجاهل دور المرأة اليوم.(بولس الرسول أفاد بصمت المرأة التام في الكنيسة)( كان تلاميذ المسيح من اليهود فقط، فهل يعني بوجوب أن يكون كهنة اليوم من اليهود ايضا) انا مع الناس التي تفهم النص من خلال السياق الحالي وليس فهم السياق الحالي من خلال النص الذي كتب قبل ألفي عام….القراءة والفهم الحرفي للكتاب المقدس تجميد للمسيحية".
وعلق الأب نكتاريوس حداد راعي كنيسة الروم الارثوذكس السلط لـ ملح الارض (لا يجوز للمرآة في الخدمة وممارسة الأسرار حسب تعاليم الإنجيل الشريف وتعاليم وتقليد الكنيسة الارثوذكسية لذلك لا يجوز للمرأة ان تتقلد مناصب كنسية) حسب تعليم الإنجيل الشريف وتعاليم وتقليد الكنيسة الارثوذكسية لا يجوز للمرأة أن تتقلد مناصب كنسية.
وتحدث القس هيثم المزاهره راعي كنيسة ماركا الانجيلية لـ ملح الارض “هناك عدد من الأسباب التي تجعل بعض الكنائس والطوائف تعارض رسامة النساء. الحجة الأساسية ضد رسامة الأنثى متجذرة في الكتاب المقدس. الكتاب المقدس هو المورد الذي تستخدمه العديد من الطوائف المسيحية لتفسير وتوجيه معتقداتهم”.
لينا داود، من بيت ساحور قالت لـ ملح الارض إنها مع هذا القرار وليس لدي أي اعتراض وهذا من مبدأ المساواة بين المرأة والرجل فالمرأة القسيسة يمكن أن تكون بنفس قدرة الرجل في الوعظ وقيادة أي طائفة.
رلى السماعين صحافية وكاتبة مختصة في شؤون الحوار بين الأديان والسلم المجتمعي قالت لـ ملح الأرض “برأي الشخصي، هذا الموضوع بالذات فيه تشتيت وتشويش كبيرين. الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يعلمنا بأن الكهنة هم من الرجال من هارون ونسله من بعده ، وفي العهد الجديد السيد المسيح قال: “جئت لأكمل لا لانقض”.
"الآية المشهورة بهذا الخصوص هو في العهد الجديد ما قاله القديس بولس في رسالة إلى أهل كورنثوس الاولى حيث قال: “لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا.” (1 كو 14: 34).هذا ليس للتقليل من قيمة المرأة أو إلغاء أهمية وجودها في بناء الكنيسة، لأن وجودها له أهمية بالغة من نواح كثيرة ومتعددة فيما يتعلق في بالكنيسة وبناء أعضاء الكنيسة من الناحية الروحية، والدعم المجتمعي، وغيرها من أمور كثيرة، فقد ذكر الكتاب المقدس أسماء نساء قياديات من بينهم القاضية دبورة، والنبية خلدا، الملكة استير، راعوث المؤابية، ليديا سيدة الاعمال، برسكيلا وفيبي … وغيرهن كثيرات تم ذكرهن وذكر خدمتهن وأهميتها البالغة في امتداد الكنيسة فيّ الكتاب المقدس بعهديه الجديد والقديم".
وتابعت سماعين “معرفة الحدود في الحياة أمر جداً مهم، ونتذكر بأن مخافة الله وطاعته هي رأس الحكمة. علينا نحن البشر وبالذات اعضاء الكنيسة بكافة مسمياتها أن نجتهد لنعيش الحياة المقدسة في عالم ساقط فيه نقع في فخ أفكارنا البشرية”.
الباحث علاء أبو سعدى من بيت ساحور قال لـ ملح الارض ” عندما تحكي عن قسيسة او كاهن او خوري امرأة فهي تمثل المسيح على الأرض وفي الكتاب المقدس رغم أهمية ومكانة السيدة مريم العذراء إلا أن رسالة بولس الرسول واضحة تماما ان المرأة ليس لها حدود ولكن لا تستطيع أن تكون كاهن أو قسيسة”.
وكان القس منذر اسحق قد نشر مداخلة مداخلة طويلة على صفحته عبر الفيسبوك قال فيها إنه بالإضافة إلى الاختلاف الكتابي لدى البعض كان هناك “من كفّرنا وهرطقنا. وهناك من دعانا بالشياطين. وأننا أعداء الإيمان والكنيسة، وأن هذا من علامات آخر الأيام (رغم أن رسامة المرأة بشكلها الجديد عمرها حوالي 200 عام).”
كما وشدد القس اللوثري منذر اسحق على استقلالية قرار الرسامة: “بعض المعترضين من قال أننا نقلّد الغرب أو أننا من أتباع الحركة النسويّة.
"أود أن أنوّه إلى أنّ كنيستنا مستقلّة القرار. نحن لا نتبع كنيسة غربية. نعم نحن أعضاء في الاتحاد اللوثري العالمي، ولكننا من أصحاب القرار فيه، وترأس مطراننا الفلسطينيّ هذه الاتحاد لسبع سنين. و كنيستنا محليّة وطنيّة بامتياز وقد تم اتخاذ قرارنا برسامة القس سالي عازر بالإجماع”. كما يقول
القسيسة: شعرت بسعادة
بدورها قالت القسيسة سالي عازرا (26 عاما) في تصريحات لبي بي سي،: "لقد شعرت بسعادة أكبر لرؤية الحماس الكبير من جانب الحضور. إنه شعور لا يوصف أن تتخذ هذه الخطوة بدعم من الكنيسة".
وأضافت: "آمل أن تعرف العديد من الفتيات والنساء أن هذا ممكن وأن تنضم إلينا نساء أخريات في الكنائس الأخرى. أعلم أن الأمر سيستغرق وقتا طويلا، لكنني أعتقد أنه قد يكون من المثير أن يتغير هذا في فلسطين".
وسالي عازر هي ابنة المطران سني إبراهيم عازر، مطران الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأرض المقدسة، كان والدها يترك لها الحرية في أن تختار ما تريده، وتقول: "إن والدي يوضح لي دائماً، ومنذ البداية، أن توجهي لدراسة اللاهوت يجب أن يكون من أجلي أنا، وليس لأنني متأثرة به، وبالفعل هذا ما حصل، لقد درست اللاهوت لأن هذا شغفي ورغبتي، وبذات الوقت أعتبر أن والدي هو نموذجي ومثلي الأعلى في الحياة".
يُذكر أن الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية التي تتبع روما، أي ما تُعرف بالكنائس التقليدية، تعارض الكهنوت للمرأة، وتعتبر أن الكاهن هو رجل دين مكلف بحمل رسالة السيد المسيح، وبذلك يقتصر الكهنوت على الذكور، لكن الكنائس الإنجيلية التي تتبع بريطانيا واللوثرية التي تتبع ألمانيا أقرت منذ سنوات أنه يمكن للمرأة أن تكون قسيسة ومطرانة أيضاً.
عربيا، إن الكنيسة الأولى التي أخذت هذه الخطوة هي الكنيسة الإنجيلية في سورية ولبنان، وتم تنصيب 3 نساء في لبنان، وامرأة في سورية، خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، وهذه علامة فارقة في كنيسة المشرق في السنوات الماضية.
شارك في إجراء المقابلات وجدي نشيوات وجريس بصير