رئيس لجنة السياحة في مجلس الأعيان يحذر من فخ الموسمية السياحية ويدعو إلى إصلاحات استراتيجية

الرابط المختصر

 أكد العين ميشيل نزال، خلال اجتماع مشترك لنادي عمان كوزموبوليتان وعمان فيلادلفيا روتاري، يوم الأربعاء، أن قطاع السياحة في الأردن، الذي يُسهم بنسبة ١٥٪ مباشرةً في الاقتصاد الوطني ويدعم مجموعة واسعة من القطاعات الأخرى، يواجه تحديات هيكلية يجب معالجتها لاستدامة النمو.

وفي كلمة له بفندق فور سيزونز، أوضح نزال، رئيس لجنة السياحة والتراث في مجلس الأعيان، والذي ينحدر من عائلة تمتد لخمسة أجيال في قطاع الضيافة، الآثار الاقتصادية للسياحة، من الفنادق والمطاعم إلى مُنتجي الحرف اليدوية وشركات الطيران وشركات النقل.

وقال: "السياحة لا تقتصر على إشغال الفنادق فحسب، بل تشمل العديد من القطاعات التي تعتمد على هذه الفنادق". واستشهد بأمثلة من دول مثل إسبانيا وتركيا ومصر والإمارات العربية المتحدة، حيث ساهم نمو السياحة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية على نطاق أوسع.

روى نزال مساهمات عائلته في هذا القطاع، بدءًا من إدارة فندق فيلادلفيا في وسط مدينة عمّان في عشرينيات القرن الماضي، وصولًا إلى الفنادق الرائدة في البتراء والعقبة والبحر الميت وماعين، بالإضافة إلى تأسيس الخطوط الجوية الملكية الأردنية وشركات الحافلات.

كان عام 2019 أفضل عام للأردن قبل الجائحة، لكن التعافي لم يكن متكافئًا. فقد استقبلت البلاد ستة ملايين زائر في عام 2023، ومع ذلك زار البتراء 1.1 مليون زائر فقط، وهي فجوة تُظهر ضرورة التمييز بين السياح الحقيقيين وغيرهم من الزوار مثل المغتربين، ورجال الأعمال، والفلسطينيين العابرين من الضفة الغربية، وركاب الترانزيت. وقال إن الأرقام المبالغ فيها قد تُخفي الحقيقة: "لو زار البتراء 250 ألف شخص فقط، لكان لدينا 250 ألف سائح فقط".

 

 

 

وأكد نزال على أن الحد من الموسمية أمر بالغ الأهمية لتحسين معدلات الإشغال، وزيادة متوسط أسعار الغرف، وجعل الاستثمار الفندقي جذابًا. وأشار إلى أن شركة زارا، وهي شركة أردنية كبرى في قطاع الضيافة، لم تُوزّع أرباحًا على المساهمين منذ 25 عامًا، وأن ارتفاع تكاليف التشغيل يُصعّب حتى على الفنادق الفاخرة تحقيق عوائد. بلغ متوسط إشغال الفنادق في الأردن 55% في عام 2023، وهو أقل بكثير من المطلوب لتحقيق الربحية. ويهدف القطاع إلى خلق 100 ألف وظيفة جديدة خلال العقد المقبل، مما يتطلب 30 ألف غرفة فندقية إضافية، لكن المستثمرين يترددون في ظل غياب عوائد أفضل. وقال نزال: "لن يأتِ المستثمرون إلا عندما يرون عائدًا"، مشيرًا إلى الحاجة إلى استراتيجيات مثل تشجيع السفر خارج الموسم السياحي وتأمين المزيد من سعة شركات الطيران.

وسلط نزال الضوء على التراث الديني الغني للبلاد، معربًا عن أسفه لأن موقع معمودية المسيح لا يستقبل سوى حوالي 100 ألف زائر سنويًا، مقارنةً بـ 26 مليون زائر يزورون الفاتيكان. وقال: "كان يسوع نفسه هنا، مع الرسل". "ومع ذلك، لا نستقبل سوى جزء ضئيل من الزوار". وحثّ على تطوير الموقع والمناطق المحيطة به، إلى جانب المعالم المسيحية والإسلامية الأخرى، لجذب المزيد من المسافرين ذوي المعتقدات الدينية.

كما أوضح أن الربط الجوي لا يزال يُشكّل عائقًا. فقد انسحبت العديد من شركات الطيران منخفضة التكلفة خلال التوترات الأخيرة، واستبدال رحلاتها ليس بالأمر السهل، كما قال نزال، نظرًا لقيود الجدولة وتخصيص الطائرات. وأضاف أن الخطوط الجوية الملكية الأردنية تُركّز على الخطوط عالية الطلب المغتربين والمسافرين الإقليميين، مما يترك سعة محدودة للسياح الترفيهية لمسافات طويلة من أوروبا وأمريكا الشمالية - وهي أسواق يمتلك الأردن فيها بالفعل بنية تحتية تسويقية.

 

 

كما دعا نزال إلى تحسين النقل البري لربط المواقع الرئيسية مثل عمّان والبتراء ومادبا والعقبة، مشيرًا إلى غياب نظام عام موثوق به للسياح. وجادل بأن نقص مرافق المؤتمرات والمعارض واسعة النطاق يُشكّل عائقًا آخر أمام جذب الزوار ذوي الإنفاق العالي وملء الفنادق ذات الخمس والسبع نجوم.

قال السيناتور إن قطاع السياحة قد اضطلع بأدوار ينبغي أن تتولى الحكومة القيام بها، بدءًا من التسويق عبر هيئة تنشيط السياحة الأردنية ووصولًا إلى التدريب عبر مدارس الفنادق. وأشار إلى أن "القطاع الوحيد الذي يدعم تدريبية وتسويقية هو السياحة". ومع ذلك، أعرب عن تفاؤل حذر بأنه مع القيادة الرشيدة وانتهاء حرب غزة، يمكن للقطاع أن ينتعش إلى مستويات قياسية عام 2023.

انتقد نزال كثرة تغيير وزراء السياحة، حيث بلغ عددهم 36 وزيرًا في العقود الأخيرة، معظمهم خدموا لأقل من عام، مما أعاق استمرارية السياسات. وحثّ على اتباع نهج أكثر تحليلًا من جانب وزارة السياحة، بما في ذلك دراسات مفصلة لسلوك الزوار لإطالة مدة إقاماتهم وسد الفجوات الموسمية.

 

ردًا على الأسئلة، رفض نزال فكرة أن أسعار الفنادق مرتفعة بشكل مفرط بالنسبة للأردنيين، مشيرًا إلى خيارات اقتصادية في العقبة والبحر الميت، لكنه أقر بأن ارتفاع الضرائب وتكاليف الكهرباء ونفقات العمالة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وفيما يتعلق بالسياحة العلاجية، التي كانت في السابق نقطة قوة أردنية، قال إن سوء الخدمة لدى بعض الأطباء شوّه سمعة البلاد، مما دفع مرضى الخليج إلى البحث عن العلاج في آسيا. كما أيّد إقامة أمسيات ثقافية بأسعار معقولة، وعروض عشاء، ورقص تقليدي، وموسيقى، لإتاحة المزيد من الأنشطة للسياح بعد حلول الظلام، وإبراز تراث الأردن.

في حين أن قطاع السياحة في الأردن يمتلك الأصول والبنية التحتية والخبرة اللازمة للنمو، حذّر نزال من أنه دون معالجة العوامل الموسمية، والنقل الجوي، والنقل، وتطوير المنتجات، فإن البلاد تُخاطر بفقدان الفرص. وقال: "السياحة مرتبطة بكل شيء، النقل، وشركات الطيران، والتسويق، والخدمات. لا يمكننا الاكتفاء بالقول إننا نريد المزيد من السياح. علينا تهيئة الظروف لهم للقدوم، والبقاء لفترة أطول، وإنفاق المزيد من المال".