رؤية الرئيس في الاقتصاد الأردني

الرابط المختصر

 

اهتم اعلامي بارز يشرف على احدى المؤسسات البحثية لإجراء مراجعة للكتابين الصادرين في نهاية عام 2020 حول الاقتصاد الأردني، من وجهة نظر رؤيتين مختلفتين - يسارية وأخرى ليبرالية -.

 اقترح الزميل احمد عوض مدير مركز الفنيق للدراسات الاقتصادية تقديم قراءة لكتابي الأزمة المالية والاقتصادية اسباب ونتائج الصادرعن "الآن ناشرون". كما اقترح زميل أخر تقديم كتاب السيد جعفر حسان الصادرعن نفس الدار وبنفس الفترة بعنوان الاقتصاد السياسي الأردني . لم تنجز المهمة بسبب ضيق الوقت المحدد للباحثين التي طلبت منهما.ورغم تقادم الزمن على صدور الكتابين الا انهما لا يفقدان رؤية كل منهما حول الاقتصاد الأردني فأنني أجدد الدعوة لإجراء المراجعة بمناسبة تكليف السيد جعفر حسان برئاسة الحكومة والتي قد تمتد للسنوات الأربعة القادمة. فإن تسليط الضوء على رؤية الرئيس المكلف حول كيفية مواجهة الإقتصاد الأردني موضع اهتمام الرأي العام.

من المعروف ان الرئيس المكلف شغل مناصب هامة في الدولة منها وزيرا للتخطيط لمدة خمس سنوات في الفترة ما بين 2009-2013 . عبر الرئيس في كتابه عن رؤيته للإقتصاد الأردني، موجها نقده للحكومات السابقة وللمواطنيين بسبب الميل العام لما وصفه "بسياسات الإتكال". مشيدا بالإجراءات التي اقدمت عليها الحكومات بتوجيهات وإملأءات صندوق النقد والبنك الدوليين التي شهدتها البلاد أعوام 1992 - 1997 ومن ابرزها قانون تشجيع الاستثمار الذي أقر في عام 1995 ممهداً لملكية كاملة للمستثمر الأجنبي في معظم القطاعات، وقانون ضريبة المبيعات في عام 1994، الذي حدد الضريبة بـ 12٪ قبل ان ترفع إلى 16٪ لاحقا، على الرغم من اعترافه بأن ضريبة المبيعات لها تأثير سلبي على ذوي الدخل المحدود لكن مبرراته؛ إيجاد مصادر إضافية للإيرادات بشكل سريع، موضحا ان الفشل في تحقيق إصلاحات هيكلية في التحصيل الضريبي، لم يتركا أمام الحكومة خياراً على المدى القصير سوى تعزيز الضرائب غير المباشرة.

ومع مرور ثلاثة عقود على ضريبة المبيعات الإنكماشية؛ نجحت هذه الضريبة بإمتياز في اخضاع الاقتصاد الوطني للركود المزمن وإفقار المواطنين. لم يجر التفكير بإجراء مراجعة لإعادة هيكلة السياسات الضريبية، على العكس من ذلك جرى التوسع بالنهج ذاته؛ بإصدار الضريبة الخاصة على المحروقات، واتحفتنا الحكومة المستقيلة بأخر قراراتها بحزمة جديدة من الضرائب.

اما بخصوص الخصخصة فقد اشاد الرئيس بالخطوات التي تمت في معظم الشركات والمؤسسات المستهدفة بحلول عام 1999. مؤكدا على تقرير البنك الدولي الذي صدر في عام 2000 ببرنامج الخصخصة خلال السنوات السابقة، وأعده من أنجح التجارب في المنطقة بـعد خصخصة 33 شركة من أصل 40 شركة مستهدفة، اضافة الى تخفيض الدعم الحكومي.

تأتي هذه الحكومة في ظروف اشتداد الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي تسير على النهج ذاته، "إلا إذا ادركت مخاطر استمرار النهج" الذي أوصل الاقتصاد الى الحافة، فالرئيس الجديد أحد منظري السياسات الاقتصادية النيو ليبرالية، التي استنزفت جميع الطاقات الشعبية والرسمية ببيع مؤسسات القطاع العام، وارتفاع المديونية الى نحو (42) مليار دينار. وتراجع معدلات النمو الاقتصادي من 7.5% الى 2.5%. وعرضت نصف الأردنيين للفقر ونصف جيل الشباب بلا عمل. لم يعد لدى الشعب الأردني ما يقدمه بعد اتساع الفجوة الطبقية واستحواذ شريحة ضئيلة على ثروات البلاد، وتمتعها بإعفاءات ضريبية غير مسبوقة باستبدال فلسفة الضريبة التصاعدية، بمساواة العبء الضريبي بين الفقراء والأثرياء بشكل مخالف للدستور. وتأتي هذه الحكومة في ظروف استمرار حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، والإعلان جهارا نهارا عن المشروع الصهيوني التوسعي الذي يستهدف الشعبين الشقيقين الفلسطيني والأردني.

*الكاتب خبير ومحلل اقتصادي