استضاف منتدى الفكر العربي، مساء يوم الأحد 21/7/2019، الأمين العام السابق لاتحاد الجامعات العربية أ.د. سلطان أبو عرابي في محاضرة له بعنوان "واقع التعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي"، تناول فيها تطور التعليم العالي وانتشار الجامعات في البلدان العربية، بما فيها الجامعات الخاصة التي يبلغ عددها 500 جامعة وتشكل 40% من إجمالي العدد الكلي للجامعات العربية اليوم الذي يصل إلى 1150 جامعة حكومية وأهلية، مشيراً إلى بعض التداعيات والظواهر التي رافقت هذا التوسع وأثره على جودة التعليم العالي وإمكانات البحث العلمي.
أدار اللقاء وشارك فيه الأمين العام لمنتدى الفكر العربي د. محمد أبوحمور، الذي أكد في كلمته التقديمية أن قضايا التعليم والتعليم العالي العربي تشكل التحدي الأكثر خطورة بشأن قدرة المنظومات التعليمية على رفد التنمية المستدامة بعناصر الاستدامة البشرية المدربة والقادرة على التعامل مع التكنولوجيا في عهد الثورة الصناعية الرابعة وما بعده؛ مشيراً إلى أن التكنولوجيا الحديثة تتجاوز نظم التعليم التقليدية وتتطلب توفير مهارات تعتمد على الإبداع والخيال، والتفكير الناقد، وقابلية للتنقل بين الأعمال، وداعياً للربط بين التطوير التكنولوجي، وتحفيز الاستثمار، والشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ومؤكداً أيضاً مسؤولية الجميع في تهيئة البيئة التعليمية المناسبة لمخرجات تتلاءم مع متطلبات التنمية والتحول إلى المجتمع المنتج والاقتصاد المعرفي.
وقال د. سلطان أبو عرابي في محاضرته: إن عدد سكان الدول العربية يبلغ حوالي 400 مليون نسمة، 60% منهم أعمارهم اقل من 25 سنة، وهذا النمو السكاني الكبير يفرض إيجاد 50 مليون وظيفة عام 2030، فيما نجد أن عدد الطلبة في الجامعات العربية يزيد على 15 مليون طالب، نسبة الإناث بينهم تزيد على 55%، في الوقت الذي تصل فيه نسبة الأميين في الوطن العربي إلى حوالي 60% وتشكل النساء ثلثي هذه النسبة، بينما نسبة البطالة بين الجامعيين الشباب هي 30% حالياً.
وأضاف د. أبو عرابي أن التوسع الكمّي للتعليم العالي في البلدان العربية يقابله تأخر من الناحية النوعية في أغلب هذه الدول، وخاصة عندما يُقارن ذلك مع الدول الغربية الصناعية أو دول جنوب شرق أسيا؛ موضحاً أن التعليم العالي والبحث العلمي يواجهان الكثير من المشاكل والتحديات الكبرى، مثل عدم وضوح أولويات واستراتيجيات البحث العلمي، وعدم كفاية الوقت، وضعف التمويل، وقلة الوعي بأهمية البحث العلمي الجيد، وقلة فرص التشبيك وقواعد البيانات، بالإضافة إلى محدودية التعاون الدولي، وهجرة الأدمغة العربية إلى بلاد الغرب.
وبيّن د. أبو عرابي في هذا الصدد أن البحث العلمي في الجامعات العربية هو أكاديمي بحت، ومن أهم دوافعه الترقية، وأن الصلة ضعيفة جداً أو مفقودة بين خطط البحث العلمي في الجامعات العربية ومتطلبات التنمية في المجالات المختلفة بسبب الانعزال التام للبحث العلمي في الجامعات العربية عن الوحدات الإنتاجية والقطاع الخاص، وغياب التعاون والتنسيق فيما بين الجامعات داخل القطر الواحد أو بين الجامعات العربية.
كما أشار د. أبو عرابي إلى أن التمويل العربي للبحث العلمي يتخلًف كثيراً عن المعدل العالمي للإنفاق على البحث العلمي، فنجد ما يصرف على البحث العلمي يتراوح ما بين 0,2 – 0,8% من ناتج الدخل القومي (GDP) في الدول العربية، بينما يتراوح هذا الانفاق ما بين 4-6% في الدول الصناعية والمتقدمة. ونجد ان مساهمة القطاع الخاص للبحث العلمي في الدول المتقدمة تصل إلى ما يزيد عن 80% من تمويل تلك الدول، بينما نجد مساهمة القطاع الخاص في البحث العلمي للدول العربية لا تتجاوز 10 % من المساهمة الكلية. ويصل عدد الباحثين العرب إلى حوالي 500 باحث لكل مليون نسمة، فيما الرقم يصل إلى 7000 باحث لكل مليون نسمة في الدول الغربية أو دول جنوب شرق أسيا.
وقال: إن مساهمة الدول العربية (22 دولة) في النشر العلمي العالمي لا تتجاوز 0,3% من النشر العالمي، بينما نجد أن إسرائيل تنشر أربعة أضعاف ما ينشره الوطن العربي مجتمعاً، وأن حصة دول الاتحاد الأوروبي تتجاوز 34% من النشر العلمي، وحصة الولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى 31%، مما يعد مؤشراً قوياً على عدم جاهزية المنطقة العربية للمنافسة في القرن الحادي والعشرين، فضلاً عن أن معظم البحوث العربية المنشورة هي بحوث غير علمية وغير تطبيقية، وإنما هي بحوث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وتنشر في مجلات عربية محلية ليس لها اعتبار كبير في معامل التأثير العالمي وقسم كبير من هذه الأبحاث العلمية تنشر بالاشتراك مع باحثين وعلماء أجانب.
وتطرق د. أبو عرابي إلى هجرة الأدمغة العربية بوصف هذه الهجرة من أكبر التحديات لمعظم الدول العربية دون استثناء؛ فهناك أكثر من 35% من مجموع الكفاءات العربية في مختلف الميادين تعيش في بلاد المهجر، وتشير بعض الدراسات إلى أن 54% من الطلبة العرب الذين يدرسون في الجامعات الغربية لا توجد لديهم الرغبة في العودة إلى أوطانهم للكثير من الأسباب السياسية والاجتماعية، وفروق الحوافز والرواتب، وضعف البنية التحتية لمراكز البحوث في الدول العربية.