ديمقراطية وعشائرية ودراما انتخابية في معان

الرابط المختصر

استهلت مدينة معان يوم الانتخابات بأحداث صادمة، حيث تم العثور على أوراق اقتراع مختومة ملقاة في الشارع. هذا الأمر دفع الهيئة المستقلة للانتخاب إلى فتح تحقيق عاجل، ليصبح هذا الخبر هو العنوان الأبرز في المشهد الانتخابي بمدينة معان منذ الصباح الباكر.

تزامنًا مع ذلك، توافد المواطنون إلى مراكز الاقتراع، حيث اختار بعضهم التجمع في ديوان العشيرة لمناقشة آلية التصويت والتخطيط لزيارة مراكز الاقتراع لاختيار المرشحين الذين يرونهم الأنسب لتطلعاتهم. لعب ديوان العشيرة دورًا بارزًا في هذه الانتخابات، إذ عمل كمنصة لتبادل الآراء والمشاورات بين أبناء العشيرة.

في الوقت نفسه، ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في تحفيز المواطنين على التوجه إلى صناديق الاقتراع. فقد شهدت المنصات الرقمية العديد من الحملات الدعائية التي شجعت الناس على المشاركة الفعالة.

ومع ذلك، لم تسر عملية الاقتراع بسلاسة للجميع. فقد واجه البعض صعوبات في فهم آلية التصويت، حيث خرج بعضهم من مراكز الاقتراع دون وضع إشارة على القائمة بسبب عدم درايتهم بكيفية التصويت. كما واجه ذوو الإعاقة صعوبات في الوصول إلى مراكز الاقتراع، رغم تأكيد القانون على أحقية تصويتهم. من جانب آخر، واجه الأميون وكبار السن صعوبات إضافية؛ فقد وصل البعض منهم إلى المراكز ولكن لم يتمكنوا من التصويت لعدم وجود مرافق يساعدهم، مما اضطرهم لطلب المساعدة من المحيطين بهم.

أما على صعيد المشهد الحزبي، فقد كان هناك بعض السطحية في بعض الحالات، حيث اختار البعض الأحزاب بناءً على سمعتها العامة دون معرفة حقيقية بأيديولوجياتها وبرامجها. كما تأخر إصدار نتائج الانتخابات عن المعتاد، مما أثار القلق والتساؤلات بين المواطنين. وفي تعليقها على الوضع، أكدت الهيئة المستقلة للانتخاب أن هذه التجربة يجب أن تُفهم كخطوة أولى في مسار تحديث المنظومة السياسية، ولا ينبغي الحكم عليها بناءً على هذه المرحلة فقط.

 

في هذا السياق، قالت الناشطة الشبابية عتاب الحسنات من لواء البترا: "أرى أن هذه الانتخابات كانت لها دور كبير في تغيير وجهات النظر. نحن كشباب في لواء البترا نأمل أن يكون لنا دور أكبر ونصيب أكبر في مقاعد البرلمان. كان لدور العشيرة أثر إيجابي في تعزيز المحبة والتفاهم وإعطاء الرأي بكل ديمقراطية. وبالنسبة للأحزاب، فقد كان الأداء رائعًا، ونأمل من النواب أن يتيح لنا مجالًا أكبر للتعبير عن آرائنا وتقديم مشاريع تساعد على تقليل البطالة، خاصة بين خريجي الجامعات." 

 

من جهته، أشار الناشط الاجتماعي وصانع المحتوى الإلكتروني عاصم المشاعلة إلى أن العملية الانتخابية تُعد جزءًا أساسيًا من مظاهر الديمقراطية في الأردن، حيث تعكس حرية التعبير من خلال اختيار الأفراد لممثليهم. وأضاف: "الشباب يلعبون دورًا كبيرًا في هذه العملية من خلال حماستهم وتقديم طاقاتهم. أما دور العشائر، فإنه قد يكون له تأثير إيجابي أو سلبي، لكنه يظل مهمًا جدًا في زيادة حدة المنافسة. المناطق التي تشهد تجمعات عشائرية غالبًا ما تسجل نسب تصويت أعلى، ولا يمكن تجاهل دور الشيوخ والوجهاء في تنظيم وقيادة أفراد العشائر وتوجيههم خلال الانتخابات." 

 

في لواء الشوبك، تحدث الشاب يامن الطورة، الناشط الاجتماعي الذي عمل كمراقب محلي مع المركز الوطني لحقوق الإنسان، قائلاً: "من منظوري كشاب من لواء الشوبك، أرى أن العملية الانتخابية تمت وفق أعلى معايير التنظيم والالتزام. لم نلحظ أي مظاهر للشغب أو تعطيل لسير الانتخابات، حيث ساد الهدوء وتم الحفاظ على الطابع الديمقراطي لهذا اليوم الوطني. ومع ذلك، لوحظ ضعف في نسبة المشاركة، حيث عزف العديد من الناخبين عن التصويت لأسباب متعددة، أبرزها عدم التوافق في الرأي والرؤية مع المرشحين المطروحين لتمثيل اللواء. وعلى الرغم من ذلك، كان المشهد العشائري إيجابيًا، حيث تبادل الكثيرون الزيارات بشكل ودّي، بعيدًا عن العنصرية." 

وأضاف يامن الطورة: "كان للشباب دور بارز في تنظيم اللجان الشبابية، بهدف تحفيز الناخبين على المشاركة، وخاصة أولئك الذين قرروا مقاطعة الانتخابات. وقد أثمرت جهود هؤلاء الشباب في زيادة نسبة التصويت، ولو بحدود معينة. أما بخصوص آلية التصويت، فقد واجه البعض صعوبة في فهم النظام الجديد، وكان هناك نقص في التوعية، خاصة من جانب الأحزاب. العديد من الناخبين لم يكونوا على دراية كاملة بآلية التصويت للأحزاب، حيث اعتقد البعض أنه يمكنهم التصويت لشخص واحد فقط من الحزب، ولم يكن لديهم معرفة كافية بأسماء الأحزاب، بل كانوا يعرفون المرشحين فقط. هذا الخلل في الترويج والتوعية كان من النقاط التي غفلت عنها الأحزاب." 

وأشار يامن الطورة إلى أن العزوف عن التصويت لم يكن فقط ناتجًا عن عدم التوافق مع المرشحين، بل أيضًا عن شعور بعض الناخبين بعدم جدوى المشاركة أو عدم قناعتهم بقدرة المرشحين على تلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم. هذا الأمر يستدعي ضرورة التواصل المستمر بين المرشحين والمواطنين لبناء ثقة متبادلة وتقديم برامج انتخابية واضحة وشاملة.

 

وفيما يتعلق بآلية التصويت، كانت هناك ملاحظات حول أن النظام الجديد أربك بعض الناخبين، خاصة كبار السن أو الأشخاص الذين لم يتابعوا التحديثات بشكل مستمر. هذا يبرز أهمية تعزيز حملات التوعية، سواء من قبل الجهات الرسمية أو الأحزاب السياسية، لضمان أن كل الناخبين يدركون آلية التصويت بشكل صحيح وفعال. 

بالمجمل، على الرغم من بعض العقبات التي واجهت العملية الانتخابية، إلا أن الانتخابات في لواء الشوبك كانت ناجحة نسبياً من حيث التنظيم والأجواء الودية بين المرشحين والعشائر. ومع تحسين الجوانب المتعلقة بالتوعية وتقديم برامج انتخابية تلبي احتياجات الناس، يمكن تعزيز المشاركة في المستقبل ورفع مستوى الوعي الانتخابي.

في الختام، بعد انتهاء الانتخابات، يتعين على النواب الجدد أن يركزوا جهودهم على تلبية المطالب الشعبية. يتوقع المواطنون منهم تقديم برامج واضحة تعالج القضايا التي تم طرحها خلال الحملة الانتخابية، وتعمل على تحسين مستوى الخدمات وتلبية تطلعات المواطنين. إن النجاح في تحقيق هذه المطالب سيكون دليلاً على قدرة النواب على تمثيل الشعب بشكل فعّال والمساهمة في تعزيز الديمقراطية في الأردن. 

أضف تعليقك