دوائر معاناة "صالات الأفراح" لا تتوقف .. المرصد العمّالي يكشف حجم الضرر
ما زالت أزمة فيروس "كورونا المستجد" ترمي بثقلها على العاملين في الأردن، لهذا تأثرت مجمل القطاعات الاقتصادية بشكل متفاوت. تمامًا كالعاملين والعاملات في صالات الأفراح؛ القلقون من مضي فصل الصيف الحالي دون إيجاد أي حلول لأزمتهم "الكارثية" كما أسماها أصحاب الصالات أثناء حديثهم لـ"المرصد العمالي الأردني"، حيث توقف قطاع صالات الأفراح عن العمل منذ 13 آذار الماضي وحتى اليوم؛ ما زالت أبواب هذه الصالات مغلقة أمام أكثر من 30 قطاع فرعي مرتبط عمله بهذه الصالات.
استنادًا إلى تقرير أعدّه "المرصد العمالي" سابقًا حول قطاع صالات الأفراح، والذي رصد تبعات أزمة وباء "كورونا المستجد" على أعمالهم، حيث كانت مطالب أصحاب الصالات تتمحور حول إعادة فَتح صالات الأفراح والقبول بأي شروط صحية تفرضها الجهات المعنية لإعادة فتح القطاع.
اليوم؛ لم تتغير مَطالب أصحاب الصالات سوى أنها تمددت وأصبحت هاجسًا يرافقهم، خاصّةً، أن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الوباء حالت دون سداد التكلفة باهظة الثمن لدفع الإيجارات لمستحقيها، وتأجيل سداد الديون التي تم اقتراضها لبناء صالات جديدة، والتي تصل إلى مليون دينار كحد أدنى للصالة الواحدة بحسب المتحدّثين للمرصد.
المدير في صالة (حياة إربد) علاء بشارات تحدّث لـ"المرصد العمّالي الأردني" قائلًا: "إنّ تأجير صالات الأفراح المتواجدة في إربد، والتي بلغت تكلفتها 2 مليون ونصف المليون دينار خلال الفترة السابقة؛ هي الدخل الوحيد الذي يعتاش منه بشكل مباشر 42 عاملًا وعاملةً (مياومة)".
"أنا صابني الإحباط"، هكذا عبّر بشارات عن حاله بعد استمرار الإجراءات الحكومية الخاصّة بقطاع صالات الأفراح، والذي أكّد أنّه يتفهم هذه الإجراءات وضرورتها، لكنّ العاملين في قطاع صالات الأفراح يجب أن يتم تعويضهم.
لم تكن ردة فعل عمر العجلوني مالك (قاعات النعمان) تختلف عن ردة فعل علاء، فاستمرار إغلاق صالات الأفراح؛ دفعه إلى التساؤل في أحد اللقاءات المتلفزة حول الرؤية الحكومية تجاه قطاع صالات الأفراح، "كأنك هيك بتقولي جمد مهنتك، وكأنه هاي المهنة انتهت".
وتعتمد صالات الأفراح على تشغيل عمال المياومة (غير منظمين/غير مشتركين في الضمان الاجتماعي)، حيث تعمل بكثرة في الصالات: السّيدات، واللواتي يعتمدن اعتماداً كلياً على دخلهن المتأتي من العمل اليومي في حفلات الزفاف كمشرفات قاعات، أو منظمات حفلات، أو موظفات (كاجوال/ سيرفس)، أو عاملات نظافة، واللواتي أيضًا يواجهن ظروفًا معيشيةً صعبةً، إضافةً إلى الشباب الجامعيين الذين يسدّدون أقساط جامعاتهم من العمل اليومي في الصالات، وذلك كما أوضح صاحب قاعات (مسك الأفراح) حامد المغاري خلال حديثه لـ"المرصد العمّالي الأردني".
وأشار المغاري إلى أهمية إعادة تشغيل القطاع والسماح بفتح الصالات بالعدد الممكن الأقل لكل صالة، وذلك حسب مساحتها قائلًا: "اذا المطعم مساحته 300 متر وفي 30 – 40 شخص، نحن مساحات كبيرة لو حددوا لنا 60% حضور من حجم القاعة، نرضى بذلك".
ويلفت المغاري إلى أهمية هذا القطاع الذي يصل عدد القاعات فيه إلى 1100 قاعة، موزعةً، في جميع محافظات المملكة، ويصل عدد العاملين فيه بشكل مباشر إلى 35 الف عامل وعاملة -بحسب المغاري-، حيث تبلغ تكلفة التجهيز لبدء مشروع في قطاع تأجير صالات الأفراح أكثر من مليون دينار، ويتم المخاطرة بها كاملة قبل البدء الفعلي بالتشغيل.
فيما تعمل (خلود) مشرفة صالة منذ خمس سنوات في إحدى صالات الأفراح، حيث تعتمد اعتماداً كلياً على عملها من الصالة.
"أنا ما الي مصدر دخل أصرف منه على أولادي غير من الصالة". تحصل "خلود" على 15 ديناراً كأجر يومي تستحقه على الحفلة الواحدة، ومنها تعيل أطفالها.
وتضيف قائلةً:" أنا ما بفهم باشي غير شغلي هذا، وين أروح بحالي إذا ما فتحت الصالات بأسرع وقت؟ وحتى أتمكّن من إطعام أطفالي؛ قدمت على دعم عمال المياومة بس ما طلعلي".
تتفق "آلاء" خلال حديثها مع "المرصد العمّالي الأردني" مع الحديث أعلاه موضحةً: "قدمت على دعم عمال المياومة أنا وكل اللي أشتغل معهم، بس ما حدا طلع له من اللي بعرفهم".
وتؤكد مضيفةً: "أن هذه الأزمة كانت مدمرة لي ولعائلتي، كلنا قاعدين بالبيوت، لا أنا بشتغل ولا أخواني، رغم أن صاحب العمل قدم معونات لي خلال شهر رمضان، إلا أن الأزمة أكبر من مأكل ومشرب، والوضع أصعب ما تتصور".
وكانت الحكومة الأردنية قد أعلنت في شهر نيسان المنصرم إطلاق برامج للحماية الاجتماعية صادرة بموجب أمر الدفاع رقم (9)، والذي يُعنى بدفع بدل تعطل مؤقت عن العمل، ويهدف لحماية العاملين المشمولين بهذا البرنامج.
لم ينحصر تأثير إغلاق صالات الأفراح بأصحابها أو العاملين فيها، بل الكثير من القطاعات المرتبطة بقطاع صالات الأفراح توقفت عن العمل، وبانتظار من "ينقذها"، والتي تعتمد بشكل كلي أو جزئي على تقديم خدمات أو مواد لصالات الأفراح، والتي يصل عددها إلى أكثر من 30 قطاعًا مثل: محلات الحلويات، النقل، الصالونات، الورود، محلات تأجير السيارات، بدلات الأعراس، الزفات، منظمي الأعراس، التصوير، وغيرها.
يتعاقد استديو التصوير الذي يملكه "أكرم" مع إحدى الصالات لتصوير جميع حفلاتها، بالإضافة إلى صالات أخرى، حيث يعمل معه 20 مصورًا ومصورة كعمّال مياومة (عمل غير منظّم)، ويتقاضون من 10 – 20 دينارًا على الحفلة الواحدة.
ويوضح أكرم خلال حديثه للمرصد قائلًا: "أن الاستديو متعطل بشكل كبير في هذه الأوقات، حيث كان اعتماده بنسبة 85 بالمئة على الأعراس، أو ما يقدر بـ 3500 ديناراً من مجمل نفقاته الكلية، والتي تصل في بعض المواسم إلى 4000 ديناراً".
ويذكر أن المرصد العمالي الأردني حاول التواصل مع نقابة أصحاب قاعات الأفراح والقطاعات المساندة لها (قيد التأسيس)، لكنه لم يتلق إجابة، وفي نفس الوقت أكّدت مصادر أنّ أصحاب الصالات سينفذون وقفة احتجاجية يوم السبت المقبل أمام المركز الوطني للأزمات، وذلك للمطالبة بتعويضهم والاستجابة لمطالبهم الأخرى.