درويش يعود إلى فلسطين عبر عمان
تنتظر عمان اليوم وصول جثمان الشاعر الكبير محمود درويش في زيارة ليست كما كل زيارته لعمان، فهذه المرة جسدٌ مسجى داخل تابوت، قادم من هيوستن بولاية تكساس الأمريكية وهو الذي ذهب إليها لإجراء عملية القلب.
وستقل طائرة إماراتية جثمان الفقيد الى عمان، ومن هناك سيتم نقله عبر طائرة أردنية إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية، فيما أكدت مصادر من داخل السلطة الفلسطينية إلى مساعي مع الطرف الإسرائيلي للسماح بدفنه في قريته البروة في أراضي الـ48.
"محمود درويش كان للعالم العربي وليس لفلسطين وحدها..محمود درويش كان اسما فلسطينيا أمام العالم" يقول وزير الثقافة الأسبق الشاعر حيدر محمود، ويضيف "محمود درويش نقل القضية الفلسطينية إلى العالم وعلى مستوى حضاري رفيع، من خلال كتاباته عنها، وكان الأكثر تأثيرا، لأنه خاطبهم بلغة الشعر المتميز هو خسارة لا تعوض".
ويضيف حيدر أن درويش كشجرة الزيتون وارفت الظلال، تفيء في ظلالها كل الشعراء الذين جاءوا من بعده.
الروائية رفقة دودين، اختارت أن تقول ما قاله درويش سابقا في إحدى قصائده."لو يعرف الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا".
وتضيف "غاب عنا جسدا وبقي مشروعا إبداعيا إنسانيا..درويش سيظل مفتوحا على إعادة الإنتاج في كل مرة يُقرأ فيها".
وزيرة الثقافة نانسي باكير نعت درويش، قالت إن فقدانه يُعد خسارة كبيرة باعتباره أحد أعمدة الشعر العربي المُعاصر، وقد كان من أفضل من صوّر الفاجعة الفلسطينية في أشعاره وكتاباته، وليس بمقدور أحد أن ينسى "جدارية درويش، عاشق من فلسطين، يوميات الحزن العادي، العصافير تموت في الجليل، شيء عن الوطن، لماذا تركت الحصان وحيداً وغير ذلك من مؤلفاته".
القاص رسمي أبو علي، يستذكر درويش قبل أربعين عاما عندما قرأ له قصيدة عبر إذاعة فلسطين، وكان درويش فيها معترضا على تغييب إحدى أشطر قصيدته التي كان يرثي فيها أحد الثائرين الفلسطينيين، التي تقول (كانت صورنا داخل جيوب الفتيات) ومن هنا بدأت الصداقة بينهما، يقول: "لا نجد الكلمات المناسبة للحديث عنه..يكفينا القول فقط محمود درويش ليكون علما يختصر الإبداع والإنسانية، أنا حزين جدا".
برز نجم درويش كشاعر المقاومة الفلسطينية والنضال في الستينيات، ثم أصبح رمز الحب والجمال عبر مجموعاته الشعرية، ومن أبرز دواوينه: عصافير بلا أجنحة (1961). أوراق الزيتون (1964). عاشق من فلسطين (1966). آخر الليل (1967). العصافير تموت في الجليل (1969). حبيبتي تنهض من نومها (1970). أحبك أو لا أحبك (1972). محاولة رقم 7 (1973). تلك صورتها وهذا انتحار العاشق (1975). أعراس (1977). حصار لمدائح البحر (1983). مديح الظل العالي (1987). هي أغنية.. هي أغنية (1986). ورد أقل (1987). مأساة النجس وملهاة الفضة (1989). "أرى ما أريد" "لماذا تركت الحصان وحيداً"، "سرير الغريبة" "لا تعتذر عما فعلت" "كزهر اللوز أو أبعد" "أثر فراشة".
في حيثيات حياته الأخيرة..قال الطبيب المشرف على درويش عبد العزيز الشيباني، إن قرارا اتخذ بالتشاور بين الأطباء وأسرة الشاعر الكبير بنزع أجهزة الإعاشة عنه بعد أن تبين استحالة عودة وظائفه الحيوية إلى طبيعتها. خاضعا لجراحة على أيدي الجراح العراقي حازم صافي وتضمنت العملية إصلاح ما يقارب 26 سنتيمترا من الشريان الأبهر (الأورطي) الذي تعرض لتوسع شديد تجاوز درجة الأمان الطبيعية المقبولة طبيا.
ولد درويش في فلسطين في قرية البروة في الجليل الغربي عام 1942، ودمرت قريته عام 1948، وأقيم مكانها قرية زراعية يهودية باسم "أحي هود"، ونشأ وترعرع في قرية الجديدة المجاورة لقريته.
قام درويش بكتابة إعلان الاستقلال الفلسطيني الذي تم إعلانه في الجزائر عام 1988. فيما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحداد مدة ثلاثة أيام وتنكيس العلم الفلسطيني حداد على روح درويش، فيما أضاءت مدينة رام الله الشموع حزنا، وقد بدأت السلطة إجراءات إحضار الجثمان لمواراته الثرى.
إستمع الآن