خطوات واسعة للاقتصاد الأردني

خطوات واسعة للاقتصاد الأردني
الرابط المختصر

تبنى الأردن في عام 1989 برنامجا للتصحيح الاقتصادي تحت اسم "التصحيح والتكيف الهيكلي" وشمل البرنامج مجموعة من السياسات أهمها زيادة الإيرادات وخفض النفقات العام..وتحقيق استقرار في سعر صرف الدينار وكبح التضخم، وتقليص العجز في ميزان المدفوعات، وتقليص دور الحكومة في الأنشطة الإنتاجية.

وفي آخر تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي وصف وضع الاقتصاد الأردني للعام الحالي 2008 بالجيد ولكنه أكد على ضرورة أن تركز سياسات الاقتصاد الكلي على مخاطر التضخم والحد من الاختلالات المالية الداخلية والمؤثرات الخارجية.
 
وتوقع صندوق النقد في تقريره أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام 2008 إلى 5ر5% مع استمرار النشاط في قطاعي الإنشاءات والسياحة مشيرا إلى انه بعد تحرير أسعار المحروقات من المتوقع أن يصل التضخم إلى 9% بحلول كانون الأول المقبل في حال اتخذت الحكومة التدابير المالية المناسبة.
 
أما في مجال الاستثمار حقق الأردن مراتب متقدمة بعد ان  تقدم المرتبة الثامنة عالميا في قائمة أفضل عشرين دولة في مؤشر أداء تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر للعام الماضي الذي شمل 141 دولة، كما يعتبر الأردن في المرتبة الأولى عربيا وعلى مستوى المنطقة من حيث الأداء ولكنه بلغ المرتبة الرابعة على مستوى غرب أسيا في تمكنه جذب الاستثمار بعد تركيا والسعودية والإمارات وقبل البحرين في قائمة أفضل خمس دول في هذا المجال.
 
في مجال التجارة بلغ حجم التجارة الخارجية نحو 6 مليارات دينار، وهذا مؤشر على حراك تجاري واسع ينفذه القطاعان العام والخاص، ويوجه الأردن اهتماما خاصا للمديونية، التي يتعامل معها بشفافية ومصداقية، إضافة لسيطرة الأردن على معدل التضخم الذي لم يزد عن 7,1 بالمئة.
 
ويرى المحلل الاقتصادي د.خالد الوزني إن النهج الاقتصادي الأردني حقق انجازات كبيرة منذ الثمانينات بحيث خطى الأردن خطوات اقتصادية كبيرة نحو الأمام" المتتبع للتطور الاقتصادي منذ نشأت المملكة يجد أن المشرع الاقتصادي وصانع القرار مع التوجه المختلط للاقتصاد الذي يكون فيه دور مهم للدولة في القطاعات الاقتصادية المختلفة بجانب دور موازي للقطاع الخاص في قضايا التنمية المستدامة المختلفة، اليوم نتمتع بشراكة حقيقية بين جانبي عملية الإنتاج الدولة أو القطاع الخاص اليوم هناك دور محوري لقضايا التشريع والمتابعة والرقابة من قبل الحكومة.
 
"أما في فترة الثمانينات تحديدا فان المتتبع للانجازات منذ نهاية الثمانينات يلمس حقيقتين يجب أن نقف عندهما أولهما انه في عام 1989 كان هناك حاجة واضحة في الاقتصاد الوطني لإعادة هيكلة الاقتصاد بمعنى إعادة النظر بالعاملين الفاعلين في عملية الإنتاج  سواء من قبل الحكومة أو القطاع الخاص، النقطة الأخرى أن الاقتصادي الأردني كان ومازال اقتصاد مفتوح بمعنى انه هناك دور مختلط للحكومة والقطاع الخاص ، أي أن الأردن لم يكن في يوم من الأيام دولة اشتراكية، اليوم ومنذ عام ال1990 نحن في ظل إرهاصات العولمة الكبيرة يتولى فيها القطاع الخاص دور مهم في الإنتاج وتتولى الدولة دور الرقابة والتشريع، على خلاف الماضي إذ كانت تستثمر في الاتصالات والنقل وفي جميع المرافق الرئيسية بسبب ضخامة حجم رأس المال المطلوب في وقتها وعدم وجود قطاع خاص قادر على القيام بذلك مما دفع الدولة ان تتخذ على عاتقها هذا الأمر من اجل تأهيل هذه المرافق لمستقبل قيام القطاع الخاص القيام بالإدارة الأفضل".
 
لكن هل حرمت خصخصة مرافق الدولة الأساسية الدولة خزينة الدولة من أموال طائلة؟ يجيب د. الوزني " الحديث عن خسارة خزينة الدولة لأموال كبيرة جراء خصخصة مؤسسات كبيرة كالاتصالات مثلا انا لا اتفق معه؛ في الحقيقة فات الخزينة القليل من الإرباح نعم لكن اليوم هذه الشركات تحقق إرباحا كبيرة جدا يُدفع جزء منها ضريبة وجزء رواتب أعلى من التي كانت تدفع من السابق ناهيك عن المسؤولية الاجتماعية التي يقوم بها القطاع الخاص،لكن النقطة التي أتحفظ  هي انسحاب الدولة الكامل من هذه المؤسسات كان يجب على الحكومة أن تحتفظ بنسبة بسيطة في هذه المؤسسات حتى لو 10%، اما من ناحية الخدمة المقدمة اليوم نوعية الخدمة المقدمة من قبل القطاع الخاص أفضل والسعر كذلك، واطرح مثالا الاتصالات الأردنية ففي السابق كنت بصعوبة بالغة تحصل على خط هاتف، أما اليوم بكل سهولة وبأسعار منافسه".
 
ويواجهه الأردن بعد 62 عاما من الاستقلال تحديا اقتصاديا كبيرا يتمثل بارتفاع الأسعار العالمي في ظل إمكانيات محدودة وظروف سياسية غير مستقرة تحيط بالمملكة من أبرزها سقوط النظام العراقي السابق الذي كان يزود المملكة في النفط بأسعار تفضيلية.
 
الطريق لمواجهة الأزمة العالمية في الأسعار يحددها الدكتور الوزني بالنقاط التاليه" ارتفاع الأسعار قضية عالمية وليست داخلية، والذي حدث هو تضخم كلفة بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية في العالم اجمع، ولمواجهة هذا الأمر هناك قضيتين الأولى هو مواجهة تضخم الكلفة بموائمة القوى الشرائية للمواطن من خلال رفع الأجور والرواتب بما يتوازى مع الإنتاجية الجديدة بمعنى ان القيمة المضافة للأجور يجب أن ترتفع وهذا دور يقع على عاتق للقطاع الخاص والحكومة، النقطة الأخرى هناك فئات يجب دعمها  من باب المسؤولية الاجتماعية للدولة والقطاع الخاص أيضا".
 
وعلى النقيض الآخر لم يسلم النهج الاقتصادي الأردني من النقد، اذ يرى بعض المحللين الاقتصاديين ان نهج التصحيح الاقتصادي المتبع ساهم إلغاء الدعم عن السلع الأساسية وزيادة الضرائب والفقر -بعدما اقتربت نسبة الفقر عام 1986 من الصفر- وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتزايد البطالة وارتفاع الدين العام وعجز الميزان التجاري.
 
ويقول المحلل الاقتصادي د.منير حمارنة –أمين عام الحزب الشيوعي الأردني- : الوضع الاقتصادي في البلد مر بحالات مد وجزر، لكن المهم هو الوضع الاقتصادي في السنوات الأخيرة حيث بدأت تظهر عليه علامات مقلقه جدا لم تؤخذ الاهتمام من الجهات المعنية، مثلا في عام 1989 كان حجم الإنفاق كبير جدا الدين العام ضخم فعجز الأردن حينها عن السداد مما أدخلنا بأزمة اقتصادية كبيرة، وللخروج من هذه الأزمة دخل الأردن في برنامج تصحيح اقتصادي وكان المطلوب من هذا البرنامج تخفيض الدين العام  وخفض عجز الموازنة وميزان المدفوعات وتوفير فرص العمل، في الحقيقة لو أردنا أن ننظر إلى نتائج هذا البرنامج سنجد ما يلي: عجز الموازنة ازداد ولجأت الحكومة على زيادة الضرائب بمختلف أشكالها، ثانيا تضاعف العجز التجاري الذي كان من المفروض إن ينخفض، وهذا فشل حقيقي لبرنامج التصحيح الاقتصادي".
 
ويعتمد اقتصاد المملكة بشكل رئيسي على قطاع الخدمات والتجارة والسياحة والزراعة و على بعض الصناعات كاﻷسمدة و الأدوية، وتوجد في المملكة مناجم فوسفات في جاعلة من اﻷردن ثالث أكبر مصدر لهذا المعدن في العالم البوتاس، اﻷملاح، الغاز الطبيعي و الحجر الكلسي هم أهم المعادن اﻷخرى المستخرجة،ويعتبر أحد أغنى دول العالم بمحزونات الزيت الصخري حيث توجد كميات ضخمة جدا يمكن استغلالها تجاريا في المنطقتين الوسطي والشمالية الغربية قدر مجلس الطاقة العالمي احتياطيات الأردن بما يقارب 40 مليار طن مما يضعها كثاني أغنى دولة باحتياطيات الزيت الصخري بعد كندا.