خريجات قرى الـ sos يشعرن بالوحشة

الرابط المختصر

لم تكد "جُوان" تكمل الخامسة عشرة من عمرها حتى ألزمتها لوائح وقوانين قرية الأطفال SOS بالرحيل عن المكان الذي آواها طيلة سنين حياتها منذ نعومة أظفارها، لتنتقل بعدها إلى مسكن آخر وصفته "جوان" بالموحش.

نظرات التحدي في عيني "جوان" ترمق بهما كل من يقترب للحديث معها، وكأنها الفتاة الحديدية، بل والعصية على أعاصير الزمان، لا تلبث أن تفتر وتنهار نفسيتها عند الحديث عن اغترابها الداخلي، وعن أم وأب غادراها منذ الأزل، وتركاها بلا هوية، مجهولة النسب.

ما يعيشه الفتية والفتيات مجهولو النسب أكبر من أن تستوعبه أذهانهم التي لم تنضج بعد، وأعظم من أن تدركه عواطفهم المفعمة بالحاجة للدفء الأسري، والأمان الاجتماعي، والإلمام بالأصول والمنابت التي ينتمي إليها كل منهم، هذا ما لمسته "السبيل" إبان حديثها مع "جوان"، وهوالاسم المستعار لفتاة قيد القلق، ومحاولة البقاء في ظل أمواج عاتية، ومجتمع لا يرحم.

تقول جوان لـ"السبيل" إنها تحاول منذ خرجت من الـSOS وسكنت مع مجموعة من الفتيات في منزل يحوي عددا من الشقق تضم بمجملها 18 إلى 20 شابة، بإدارة مشرفة ومساعدة لها، أن تبقى على صمودها، من خلال تركيزها على هدف واحد، هو أن تتفوق أكاديميا في المدرسة، لتلتحق بالدراسة الجامعية بتخصص الرياضة، أو التمثيل الدرامي، مؤكدة أنها لن تحيد عن هذا الهدف.

وما زال الخوف من المجتمع الخارجي، البعيد عن أجواء الـSOS يسكن أعماقها ، ففجاة وجدت "جوان" نفسها مسؤولة عن نفسها، وأصبحت المسؤولة عن نفسها، وهي الأم والأب والأسرة في آن، لا يعتني بها أحد إلا هي، باستثناء الرعاية الخدمية التي تقدمها المشرفات على الشقق الشبابية التي تقيم في إحداها، كتقديم وجبات

الطعام، وتحديد مواعيد الخروج والدخول، والمتابعة الصحية للفتيات، وتقديم النصح والإرشاد بين الحين والآخر.

وتلفت "جوان" التي لا يكاد يغادرها الحزن والأسى إلى أن هذه الظروف في الشقق جعلت بيئة الانحراف للشابات خصبة، مؤكدة أن من بين كل 20 فتاة في المسكن تنحرف أكثر من 10 فتيات منهن، وتحديدا حينما يتركن هذه الشقق التي تشرف عليها مربيتان، إلى شقق أخرى مستقلة دون رقابة أحد من المشرفات، لتصبح الفتاة مسؤولة عن نفسها تماما، من حيث إدارة مصروفها الشهري، وقيامها بأمور التدبير المنزلي من طبخ وتنظيف، والتكسب من عمل بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وتؤكد إحدى المشرفات لـ"السبيل" مفضلة عدم ذكر اسمها، أن النظام في الـSOS، يلزم الفتية والفتيات بمغادرة القرية في سن الخامسة عشرة، لينتقلوا بعدها إلى مساكن هي عبارة عن شقق سكنية تقدم كافة الخدمات اللوجسيتة للمنتفعات، لتصبح هذه المرحلة التي تتراوح فيها أعمار الفتيات من 15-18سنة، فترة تأهيل وتدريب لهن على استقبال المجتمع الخارجي، والتعاطي معه بمفردهن، بمراقبة وتوجيه مشرفات متخصصات .

وتؤكد المشرفة أن الفتيات ينتقلن بعد بلوغهن سن 18عاما، إلى مسكن آخر عبارة عن شقة مستقلة تقطن فيها كل فتاة برفقة فتاة اخرى أو فتاتين من اللواتي تستحسن العيش معهن، وتتقاضى كل فتاة 125 دينارا من وزارة التنمية الاجتماعية، لتصرف على نفسها، مؤكدة أنه مبلغ متواضع، إلا أن صندوق الأمان للأيتام، يتابع التعليم الجامعي للفتيات والفتيان، ويتكفل بكافة مصاريفهم الدراسية، مؤمنا لهم مصاريف المواصلات والتصوير وغيرها.

ويستمر تكفل صندوق الأمان بمصروفات الدراسة الجامعية والمتوسطة للفتيات ـ وفق المشرفة ـ إلى أن يتخرجن من تلك المؤسسات التعليمية، ومن ثم تترقب الشابة فرصة عمل، لتبدأ من خلالها شق طريق الكد والتعب بمفردها، لافتة إلى أن زواج أبناء المجتمع من تلك الشابات أمر تشوبه الكثير من المعوقات، ذاكرة عددا محدودا من حالات الزواج التي شهدتها.

أما عن الفتيات اللواتي لم يرغبن بإكمال دراستهن الجامعية، وبلغن من العمر 18 عاما، وحان وقت رحيلهن من المسكن إلى شقة، فيكتفين بأخذ دورات في أي مجال مهني، كالتجميل، والسكرتاريا، والحاسوب، "إلا أن هناك فتيات كسولات لا يرغبن في العمل، ولا في الدراسة" بحسب المشرفة، "و تلك النوعية من الفتيات عادة ما يلجأن إلى الانحراف، من خلال مصاحبتها لشاب يتكفل بتأمين كافة حاجياتها المادية، بمقابل بيع جسدها ونفسها لذلك الرجل".

وفي حال اكتشفت المشرفة أن إحدى الشابات وقعت فريسة بعض الطامعين؛ نظرا لعدم وجود أهل وأسرة لها تتابع مسلكياتها، ما يجعل منها فريسة سهلة، في ظل عدم وجود رقيب أو حسيب، وفق ما يعتقد المغرر بها، يصار الى التعامل معها كالتالي: "إن كانت الفتاة منضمة للمسكن الذي تباشر العمل فيه فإنه من صلاحياتها إيقاع بعض العقوبات الرادعة عليها، بعد اتباع أسلوب النصح والإرشاد"، وتوضح المشرفة أن "هناك حالات من الفتيات ترتدع، وحالات تستمر ضاربة بعرض الحائط كل العقوبات".

وتعرب المشرفة عن حزنها الشديد لحال الفتيات اللواتي تخرجن من المسكن، ليقطن في شقة منفردات دون رقابة، ويمارسن الرذيلة كي يَتَمَكَّنَّ من الاكتفاء المادي، دون متابعة من أحد، مستثنية التوجيه الأدبي الذي تقوم به مشرفات بقين على صلة وثيقة مع بناتهن.

وخلف ستائر احدى بيوت الشابات، تصف الشابة "هيفاء" خوفها الشديد من الوحدة التي ستعانيها حال تخرجها من سكن الشابات لتعيش الغربة مع نفسها، ورهط من زميلاتها اللواتي تربين معها في الـSOS،مشيرة إلى أنها تخشى كذلك من المجتمع الخارجي؛ لأنها سمعت عنه الكثير، مما هو مؤلم، من قبل زميلاتها اللواتي تخرجن من المسكن.

وكشفت "هيفاء" الطالبة في الصف العاشر انها كانت على علاقة مع شاب تعرفت عليه حينما كانت في الـSOS من خلال ورشات العمل التي كانت تذهب إليها في حدائق الملكة نور بمنطقة أم نوارة، وكانت تشعر معه بالأمان، وكان يبادلها الحب، ويعوضها حنانا افتقدته منذ سنين، إلا أن مربيتها علمت بذلك، وحرمتها من الذهاب إلى الحدائق، واستردت منها الهاتف الجوال الذي منحتها إياه.

نقلت "هيفاء" إلى مسكن الشابات، ليغص صدرها بالحنين إلى أسرتها التي كانت معها في القرية، قائلة: "عمري مارح أسامح والدتي ووالدي الحقيقيين على تنكرهم لي ورميي في الملاجئ، من غير نسب ولا حسب؛ لأن كل شي لا يمكن أن يعوض وجود أم حقيقية".

تبدي "هيفاء" انزعاجها من العقوبات التي كانت تمارس عليها حينما كانت في الـSOS، مثل الحرمان من الرحلات، أو من الزيارات المتبادلة بين الأسر.

مشرفة كانت تعمل في الـSOS توضح لـ"السبيل" أن أسلوب الحرمان كان يتم اتباعه في حال ارتكب الفرد في القرية مخالفات، كأسلوب من أساليب العقاب التربوي.

من جانبه، يؤكد مصدر موثوق يسهم في إدارة دار للشابات في إحدى المحافظات -فضل عدم ذكر اسمه- أن الفتيات يعشن في حالة رعب من المصير المجهول الذي ينتظرهن بعد تخرجهن من المسكن، مشددا على أن مغادرة الفتاة للبيت بعد سن الـ18عاما يجعلها تواجه صعوبات بالغة، ويشهد ذلك تأزما نفسيا للفتيات، لتصبح كل شابة منهن مسؤولة عن نفسها، ووحيدة، مشيرا إلى أن هذا النظام للـSOS يعد نظاما دوليا للدول الأجنبية.

وعلى صعيد آخر رجح المصدر أن بعض الشابات الخريجات من السكن ينحرفن، وتصبح سلوكياتهن سيئة.

ويضيف: "بعضهن يأخذن بالسهر في النوادي الليلية، وأخريات يتعاطين المسكرات، ويمارسن الرذيلة مع رجال آخرين، أو يقعن فريسات الشذوذ الجنسي فيما بينهن، مؤكدا أنه توجه إلى العديد من المراكز الأمنية لاستلام الفتيات بعد ضبطهن في قضايا آداب".

وعلى النقيض من هذه الصورة السلبية، يشير المصدر نفسه إلى قصص نجاح خطتها شابات تَمَكَّنَّ من إكمال دراستهن في جامعات أوروبية، وفي الاردن، وكن على قدر التحدي، واثبتن جدارة وتميزا في أدائهن الأكاديمي، وهنَّ محط فخر على الدوام للقرية وصندوق الأمان الاجتماعي.

وانتقدت عدد من المشرفات القوانين الصارمة التي تفرض على الفتيات أثناء تواجدهن في بيت الشابات، ليصبحن بعدها وبشكل مفاجئ بلا ضغوط ولا أنظمة بعد انتقالهن إلى شقق سكنية خاصة بهن، حين يبلغن الـ18عاما، الأمر الذي قد يسهم سلبا في مسلكيات الفتيات، مشيرات إلى أن اللوائح في البيت تسمح بزيارة واحدة من قبل صديقة للشابة في الدار خلال الأسبوع، وتمنح الفتاة إذنا واحدا بالمغادرة يوم الخميس، ولمدة ساعة واحدة فقط، إلى جانب حصر علاقات الفتيات بالمجتمع، والتضييق عليهن.

وتشير إلى وجوب التدرج في ذلك، والتوازن بين التضييق الذي يمارس عليهن في بيت الشابات، والانفتاح المطلق الذي يعشنه في الشقق السكنية حال بلوغهن سن 18 عاما, حتى لا تجد الفتاة نفسها بغتة متحررة من كل قيد.

وتلفت المشرفة إلى أن من شأن البيت أن يدرب الفتيات على الإدارة المنزلية تحت إشراف المختصات، ومتابعة آلية تعاملها مع فواتير الكهرباء والماء، وإدارتها للمصروف المالي الشهري، والاستمرار بالتوجيه المستمر للشابات ليصبحن قادرات على الاعتماد على أنفسهن حال انتقالهن إلى الشقق السكنية.

بالمقابل، تروي سيدة تقطن بالقرب من بيت للشابات، فصول النزاعات والمشاجرات التي كانت كثيرا ما تحدث بين الشابات، في البيت، أو في الشارع، وعلى أثرها كان يتم استدعاء رجال الأمن للفصل بينهن، مؤكدة أن إحداهن حاولت التعري أمام أحد أبنائها الشباب أثناء وقوفه أمام النافذة المطلة على البيت، مشيرة إلى أن الأمر خطير، وأن بعض هؤلاء الفتيات يهددن الفضيلة في الأحياء السكنية التي يتواجدن بها.

ودعا سكان الحي الذي يوجد به بيت الشابات إلى إيجاد حل منصف يحفظ الشابات من الانحراف في ظل غياب الرقابة، وتحديدا بعد بلوغهن سن الـ18عاما، ويضمن عدم نشر الرذيلة في تلك الأحياء، مؤكدين أن من غير اللائق أن تعيش فتيات وحدهن دون رقيب ولا حسيب.

وأبدى السكان انزعاجهم التام من ذلك. مؤكدين أنهم كثيرا ما كانوا يرون الفتيات يخرجن في سيارات فخمة يقودها شباب، بأوضاع مخلة بالآداب العامة.

إلى ذلك، ذكرت فتاة تعيش في شقة، وتتقاضى من وزارة التنمية الاجتماعية المخصص المالي البالغ 125 دينارا، أن هذا المبلغ لا يكفي لدفع أجرة الشقة وفواتير الماء والكهرباء، الأمر الذي يدفعها إلى مصاحبة شباب ميسوري الحال ليتكفلوا بتأمين احتياجاتها المادية، مقابل المتعة الحرام.

ويرى المختص الاجتماعي والباحث في العلوم الشرعية والمستشار الأسري لوزارة التنمية الاجتماعية منذر زيتون أن ما سبقت الإشارة إليه يعد أمرا خطيرا للغاية، لافتا إلى أن ذلك ليس مشكلة الفتيات اللواتي يتخرجن من الـSOS فقط، وإنما كل الفتيات اللواتي يودعن لدى مؤسسات رعاية الطفولة بسبب ولادتهن غير الشرعية من زنا أو سفاح، أو بسبب تخلي أمهاتهن عنهن، ورفضهن الكشف عن ماهية آبائهن. ويضيف: "رغم أن وزارة التنمية الاجتماعية، ومؤسسات رعاية الطفولة التابعة لها، أو الواقعة تحت إشرافها، تقوم بما تستطيع من توفير الرعاية، إلا أنها لن تستطيع أن تستمر في ذلك إلى أمد بعيد؛ لأن بعض الفتيات قد لا يتزوجن ويبقين بحاجة إلى مأوى آمن"...

ويدعو زيتون إلى معالجة أصل الخطأ، وليس فقط آثاره، مشددا على ضرورة تحصين المجتمع، وتهذيب سلوكيات أبنائه، وفرض العقوبات على كل من يخل بأمنه الاجتماعي، وكرامة الإنسان فيه، ووقف كل ما من شأنه أن يهتك ستار الأخلاق، الذي حتماً يؤدي إلى ما نرى من مشكلات اجتماعية.

ويلفت إلى أن من الواجب عند حدوث خلافات وتفككات في الأسرة أن نعمد إلى إصلاحها بكل ما تحتاج من وسائل وسبل معنوية أو مادية، حتى تبقى في الإطار السليم لنشأة الأطفال وتربيتهم، وتحمل مسؤوليتهم، إذ ليس من الحكمة أن يتم أخذ الأطفال من أسرهم، وإيداعهم في مؤسسات عوضاً عن الأسرة الطبيعية، ويمكن للأسر الأخرى في نطاق عائلة الأب أو الأم أن تتحمل مسؤولية أطفال الأسرة المفككة مع توفير الدعم اللازم لذلك.

وأضاف: "في حال حدوث ولادات غير عادية نتيجة الزنا والسفاح، فذلك يتطلب تكاتف المجتمع كله لإلزام الأم الوالدة إذا كانت معروفة، وغالباً ما تعرف، برعاية الولد، بل وبنسبته إليها، حتى لا يصبح الولد مقطوعاً من غير نسب أو عائل أو حاضن، فضلا عن تشجيع نظام الكفالات، أي ينقل هؤلاء الأطفال إلى أسر تكفلهم، ما يضمن وجود محضن طبيعي قريب إلى المحضن الأصلي، وهو أمر لا بد أن يكون ضمن ضوابط وشروط محددة وواضحة.

وفيما يخص الفتيات اللواتي ينتقلن للعيش في شقق مستقلة، قال إنهن يتعرضن لمخاطر ولمساومات كثيرة، قد يخضعن لها بإرادتهن كجزء من سعيهن للهروب من الواقع جراء أوضاعهن النفسية المتأزمة، أو حاجتهن إلى المال، أو افتقارهن إلى من يرعاهن بشكل مباشر، ويساعدهن على تخطي مشكلاتهن، خصوصاً أن الناس بشكل عام يتجنبون الاحتكاك بتلك الفئة لاعتبارات مختلفة، ويعتبرون أن بيئتهن بيئة غير سليمة، وبالتالي نادراً ما تحظى إحداهن بفرصة زواج.

وعن الحلول المقترحة لمثل تلك الإشكاليات يشير زيتون إلى أهمية تأسيس دار إيواء تنقل إليها كل فتاة جاوزت سن الثامنة عشرة، تتمتع تلك الدار بنهج اجتماعي مريح، وبنظام إداري صارم، تبقى الفتاة فيها ما لم تتزوج، وتكون مهمة الدار فضلاً عن تأمين المأوى والرعاية، متابعتها بتدريبها وتعليمها ومساعدتها على مواجهة مشكلاتها، وتشجيعها على التدرب والتعلم والسعي لإيجاد فرص عمل لها بشكل فردي، أو على مستوى مشاريع جماعية تتعهد الحكومة بإيجادها، على أن تكون مثل تلك الدار في رعاية وزارة التنمية الاجتماعية، وأن يكون وزير التنمية الاجتماعية بمثابة ولي الأمر، بما يضمن للفتيات الحماية والمتابعة.

ويتابع: "قد يكون من الجيد انخراط تلك الفتيات أو كثير منهن في مؤسسات الدولة العسكرية، لما في العسكرية من صرامة ومتابعة، وليكون في ذلك تسخير لمهارات الفتيات أولاً، وقدراتهن لما فيه فائدة للوطن، عبر عملهن في المجالات المناسبة لهن، وخصوصاً في المجالات الصحية والخدمية والاجتماعية.

ويرى أن إعطاء الفتيات الحرية التامة ليس من الحكمة في شيء، مثلما تقديم مبالغ من المال لهن دون متابعة أو محاسبة؛ لأن ذلك سيشجع انفلاتهن؛ لعدم وجود روابط اجتماعية لهن من جهة، وانعدام وجود محاسبة من جهة أخرى، ولسوف تنقلب تلك الفتيات من مظلومات إلى ظالمات، يكررن ما فعل بهن من السوء، وسيتولد عن الخطأ أخطاء مثله، ونبقى ندور في رحى مفرغة.

إلى ذلك، شرح مدير إدارة الأسرة في وزارة التنمية الاجتماعية محمد شبانة لـ"السبيل" أن البرامج التي تتبعها الـSOS، تعتمد على التدريب والتأهيل والتمكين للشابات دون سن 15 عاما خلال فترة تواجدهن في المؤسسة الرعائية التابعة لقرية الاطفال، ليتم تخريجهن إلى منازل إيوائية مستقلة تتكفل القرية بدفع كافة التكاليف المالية للاستئجار والخدمات اللوجستية في الشقق، بإشراف إداريات من نفس القرية، ليتم تدريبهن بشكل عملي للاعتماد على أنفسهن في مواجهة المجتمع الخارجي، لافتا إلى أنه حين تبلغ الفتاة والفتى سن 18عاما، يتم تخريجهن من تلك المنازل، لتبدأ مرحلة أخرى من حياتهن المستقلة المعتمدة فقط على أنفسهم، مشيرا إلى أن صندوق الأمان للأيتام يتبنى كافة التكاليف لمن يرغب منهم بإكمال تعليمه.

وأشار إلى أن الوزارة أسست بيوتا لليافعات من سن 18 إلى 27 عاما، تستقبل من ترغب منهن بالانضمام إليها وفق شروط وإجراءات مشددة،لافتا إلى أنها لا تستقبل كافة خريجات الـSOS.

واعتبر شبانة أن البرامج التي تطبق على الفتيات في قرية الأطفال، كفيلة بتأهيلهن ليعشن مستقلات، ومعتمدات على أنفسهن، دون الاعتماد على خدمات مقدمة من حكومة أو وزارة، لافتا إلى أن الشابات يُدربن على الرقابة الذاتية، متعجبا من تعرض بعضهن للاستغلال الجنسي من قبل آخرين.

وتساءل عن سبب قبولهن بذلك الاستغلال، لافتا إلى وجود برامج متابعة غير مكثفة للواتي يقمن في شقق مستقلة بعد سن 18.

وعن الإجراءات التي تتخذها الوزارة في حال مارست إحدى الشابات أمورا غير لائقة أخلاقيا، قال شبانة: إن تدخل الوزارة له حدود في شأن اللواتي يتبعن المؤسسات الرعائية، أما تلك الفتيات، وتحديدا اللواتي بلغن سن 18عاما، فإن الجهة المعنية بردعهن عن تلك الممارسات هي الجهات الأمنية، مؤكدا أن الوزارة تقدم الخدمات لمن يحتاجها ضمن اختصاصها الاجتماعي فقط.

ولم ينكر شبانة وجود نماذج من الشابات تعرضن لمؤثرات سلبية من اللواتي تخرجن من قرى الأطفال، إلا أنه عاد وأشار إلى أن تلك الممارسات لم تنفرد فيها فقط الشابات مجهولات النسب، وإنما قد تقع العديد من الفتيات ذوات النسب في السلوكيات الخاطئة، مفترضا أن يقوم المجتمع بدوره لتوفير الأمان الاجتماعي لتلك الشابات، وتمكينهن من الاندماج في المجتمع.

بدورها حاولت "السبيل" الاتصال بقرية الأطفال، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، على أننا نرحب بالرد على ما ورد في هذا التقرير.