خبر الجريمة...صنارة لاصطياد القارئ
تتسابق وسائل الإعلام المحلية بالبحث عن أخبار الجريمة وإبرازها كخبرٍ رئيس، بل يذهب رئيس تحرير صحيفة شيحان الأسبوعية جهاد أبو بيدر ليؤكد ان "خبر الجريمة الأكثر مبيعا".
المتابع للصحافة المحلية -وخصوصا بعد طفرة المواقع الالكترونية- يلمس ارتفاع نسبة تغطية أخبار الجريمة مقارنة مع قضايا أخرى، إذ تتهافت العديد من المواقع الإخبارية على نشر أخبار المكتب الإعلامي للأمن العام كما هي، بل ان البعض يبرزها لجذب اكبر عدد من القراء إما بوضع كلمة "عاجل" بجانب الخبر او بجعله خبرا رئيسيا لساعات".
يرى أبو بيدر – الذي يعمل في الصحافة الالكترونية أيضا- ان نشر المواقع الالكترونية لإخبار الجريمة "أشعل باب المنافسة حتى وصلت للصحف اليومية التي كانت في الماضي تترك أخبار الجريمة للصحافة الأسبوعية".
ومن الملاحظ حسب أبو بيدر ان "أخبار الجرائم –وخصوصا البشعة منها- التي تنشر على المواقع الالكترونية لها النصيب الأكبر من القراء، وذلك حسب إحصائيات كل موقع. كما ان أخبار الجرائم هي الأكثر مبيعا بالصحف الأسبوعية، اذ تفوقت على الخبر السياسي والاجتماعي والبرلماني".
لكن لماذا هذه المتابعة الحثيثة لأخبار الجرائم؟ يجيب أبو بيدر بالعبارة المتكررة "الجمهور عاوز كده".
المكتب الإعلامي للأمن العام
الأمن العام يسعى لتحقيق غايتين من وراء نشر أخبار الجريمة، يلخصهما الناطق الإعلامي باسم الأمن العام الرائد محمد الخطيب بما يلي: أولا "استسقاء الخبر من مصدره بعد ان أصبح الخبر متاحا للجميع مع تعدد وسائل الإعلام، لذا يفضل ان يخرج الخبر من مصدره الرسمي خوفا من الإشاعات والتأويل".
الغاية الثانية من نشر هذه الأخبار هي "التوعية"، يقول الخطيب، "في الفترة الأخيرة ارتكبت جرائم بشعة غير مألوفة في المجتمع، لذا قام المكتب الإعلامي بتمرير خبر امني بهدف التوعية، لكن انتشار أخبار الجريمة لا يعني ازدياد نسبة الجريمة في الأردن، إذ أنها مازالت ضمن المعدل الطبيعي".
لكن للمقدم عديل الشرمان رأي آخر في مقالة نشرها موقع "أمننا" التابع للأمن العام، مفادها أن "قيام وسائل الإعلام بنشر لأخبار الجرائم على نحو مفرط وعشوائي يعني تراجع ثقة المواطنين بجهاز الشرطة وبقدرته على ضبط الأمور وامتلاك زمامها".
ويتابع الشرمان: "مثل هذا النشر لأخبار الجرائم من الممكن ان يقوّض جهود رجال الشرطة وأجهزة الإعلام الأمني في تحسين صورة رجل الشرطة في أذهان المواطنين، وربما يقود مثل هذا الوضع الى تحوّل الصورة الذهنية المنطبعة في أذهان الناس عن رجال الشرطة من صورة البطش والجبروت والقوة، الى صورة أخرى لا تقل عنها سلبية تتمثل بالعنف والوهن والتقصير في أداء الواجبات".
علم الاجتماع...
تأثير نشر أخبار الجرائم يربطها أستاذ علم الاجتماع د. حسين الخزاعي "بكيفية طرح ومعالجة الخبر" إذ تركز بعض وسائل الإعلام على الأداة التي ارتكبت بها الجريمة أكثر من الأسباب التي أدت لحصولها، وهذا النوع من التغطية تأثيره سلبي خصوصا إذا كانت بعض المعلومات غير كاملة ودقيقة".
ويتابع الخزاعي: "لا نعارض تغطية أخبار الجريمة في وسائل الإعلام خصوصا التي تهدف لتوعية المجتمع بمثل هذه الجرائم، ولكن شريطة عدم الانجرار وراء التهويل والمبالغة التي قد تدفع البعض لتقليد الجريمة من خلال إخبارهم بنمط جديد من ارتكاب الجرائم".
والاهم، بالنسبة للخزاعي، هو "ما بعد الجريمة والأسباب النفسية والاجتماعية التي دفعت الجاني لارتكاب جرائمه، إذ تشير إحصائيات ان العديد من مرتكبي الجرائم يعودون ويكررون ارتكابها، لذا يجب على وسائل الإعلام الغوص في الأسباب التي أدت لارتكاب الجريمة أكثر من الطريقة التي تمت بها".
وحسب الإحصائيات الرسمية فان إدارة المختبرات الجنائية والأثر الجرمي في مديرية الأمن العام بالأردن تعاملت خلال العام الماضي مع (44.687 ) عينة من مسرح الجريمة، وردت من خلال ( 23.985 ) قضية مختلفه، وفقاً لما ذكره مدير الإدارة الدكتور غازي الذنيبات لوكالة الأنباء "بترا"، وهذا يعتبر ضمن المعدل الطبيعي حسب جهاز الأمن العام.











































