يصلني تقريبا شبه يوميا بيانات وعرائض للتوقيع عليها. وفي معظم الأحيان يكون مضمون العريضة صحيح واجد نفسي متفق عليه الا انني بشكل عام امتنع عن التوقيع لأنني اعتبر أن دور الصحفي في أي موضوع خلافي ان يكون محايد.
الا ان الحياد له حدود وخاصة عندما يكون الموضوع متعلق بمهنتنا الصحفية ففي تلك الأحوال أوافق على التوقيع على والاعتصام في أي أمر متعلق بحرية الصحفيين وعملهم. فقد كان لنا وقفة احتجاج في الأشهر الأولى للحرب الإبادة في غزة حول الاعتداء الوحشي الذي أدى الى استشهاد أكثر من مئة صحفي وعامل في مجال الإعلام إضافة الى تدمير عشرات المؤسسات الإعلامية في قطاع غزة. كما وشاركنا الزملاء بدعوات متعددة دفاعا عن الصحفيين كان الكثير منها أمام مقر نقابة الصحفيين الأردنيين.
وفي هذا المضمار لا بد من إعادة التساؤل عن قانون الإعلام الذي يجرم أي شخص يقوم بعمل صحفي دون أن يكون عضوا في نقابة الصحفيين الوحيدة في الأردن والتي تضع عراقيل أمام الانضمام لها امرا بحاجة الى معالجة. وعلى الدولة الأردنية أن تقوم بإلغاء هذا القانون المجحف رغم أنه - والحق يجب أن يقال - لم يتم استخدام هذا القانون بصورة واسعة.
إلا أنه وفي الفترة الأخيرة ومع زيادة الاعتقالات للمشاركين في التظاهرات في حي الرابية بالقرب من مقر سفارة الاحتلال فقد تبين أن الجهات الأمنية والقضائية تقوم بتوجيه تهمة انتحال عمل صحفي لعدد من نشطاء السوشيال ميديا والذين نعتبرهم خط الدفاع الأول في فضح جرائم الاحتلال عالميًا. فمن الصعب أن تكون الدولة الأردنية، والتي يشهد لها الجميع مواقفها الوطنية اتجاه حرب الإبادة في فلسطين، تقوم بتوجيه تهمة انتحال عمل صحفي نشطاء أردنيون يقوموا بتغطية أحداث الرابية.
كما فوجئنا بأن الهيئة العامة لنقابة الصحفيين الأردنية قد صوتت لتفعيل هذا القانون غير الديمقراطي في زمن الرقمية العالمية وكأن نقابة الصحفيين الأردنية لا تزال تعيش في عصر الاتحاد السوفيتي.
نشد على أيدي الحكومة والأمن في دعم حق التعبير والتظاهر، ولكن إن كان لنا أن نهمس في أذن أصحاب القرار الأعزاء فمن الصعب أن يستطيع أي صحفي حر في الأردن والعالم الدفاع عن قرارات تحرم مواطن او نشيط من نقل صور المظاهرات للعالم.
بدل من تحريم العمل الصحفي نطالب بتوسيع رقعة الانضمام لنقابة الصحفيين أو السماح تشكيل نقابة جديدة ربما متخصصة في مجال الصحافة الرقمية.
أن الحياد الصحفي مطلوب، ولكن المهنية الصحفية تفرض علينا الخروج المؤقت من حياتنا لدعم مهنتنا وفي نفس الوقت المطالبة بأن يكون العاملين فيها مؤهلين ومنظمين وأن يتحروا في المسؤولية في تجميع ونقل الأخبار مع التأكيد بقول جلالة الملك أن حرية الصحافة في الأردن سقفها السماء.