حول المطار الزراعي؟
من المقرر أن يتم اليوم تحديد الموقع الجديد للمطار الزراعي المقترح في الأغوار ، والذي يفترض أن يستخدم لأغراض التصدير بعد جدل نيابي حكومي مدعوم برفض شعبي للمكان السابق المقترح في قلب واحدة من أخصب القطع الزراعية في الأغوار.
النقاش والحوار كانا مفيدين ، فقد تم الوصول إلى قرار حكيم بحماية الأرض الخصبة ، والبحث عن موقع آخر للمطار الزراعي لا يضر بقدرة الأرض الإنتاجية ولا بالعوامل البيئية وهذه من الحالات الإيجابية للتراجع عن الخطأ والبحث عن الخيار الأفضل.
هذا إذا افترضنا أن الخيار الثاني لن يكون في منطقة اللسان الممتدة في البحر الميت وهي من الأعاجيب الطبيعية التي يمكن استثمارها سياحيا ولكننا قررنا أن نزرعها بالبندورة قبل سنوات والآن يتم التفكير بها كمطار،.
ولكن الملاحظ أن السؤالين الأكثر أهمية لم تتم الإجابة عنهما وبالتفصيل وأولهما الحاجة الحقيقية للمطار الزراعي ، وثانيا مدى حكمة ترسيخ خيار تصدير المنتجات وبالتالي المياه الأردنية الشحيحة بدلا من استخدامها في السوق المحلي.
مطار الملكة علياء لا يبعد أكثر من 70 كم عن قلب الإنتاج الزراعي في الأغوار ، وفي بلد صغير متمتع بشبكة طرق متميزة فإن المطار الزراعي لغايات التصدير لا يبدو حاجة قصوى.
في بلاد ذات مساحات شاسعة ومناطق إنتاج زراعي بعيدة عن بوابات النقل الجوي فإن المطار الزراعي يبدو منطقيا.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه سيكون من المهم معرفة مدى الجدوى الاقتصادية المتوقعة من هذا الاستثمار الذي يصل إلى 29 مليون دينار من خزينة الدولة وكميات هائلة من المياه لمرافق المطار في ضوء مدى إمكانية زيادة ، أو حتى تراجع الإنتاج الزراعي لغايات التصدير في السنوات المقبلة.
ليس هذا فحسب ، حيث أن هناك كلفة استملاك تتراوح ما بين 21 مليونا 75و مليون دينار للموقعين البديلين المقترحين.
دعونا أيضا نتحدث عن مأسسة إدارة هذا المطار ، والشركة التي سوف تقوم بتصدير المنتجات الزراعية ، وما هي المواسم التي سيتم استثمار المطار فيها والمواسم التي سوف تضيع هباء.
أما القضية الأخرى فهي مدى التوسع في عائدات التصدير ، فوزارة الاشغال تقول بأن كمية التصدير سوف تزيد من ألف طن العام 2008 إلى 220 ألف طن إلى أوروبا خلال السنة الأولى من إنشاء المطار.
وهذا ما يدعونا أيضا إلى حك الرأس من الدهشة ، فما هو ذاك العامل السحري الذي يجعل المطار هو الحل لزيادة الإنتاج 220 ضعفا ، خاصة أن هناك سقوفا محددة للتصدير إلى أوروبا ومعظم دول الخليج.
أما زيادة الإنتاج الأسطورية هذه فإنها تتطلب استنزافا هائلا لموارد المياه الشحيحة في الأردن من أجل تصدير المنتجات لأوروبا وهو ليس بالتوجه الحكيم.
تقديم الدعم للمزارعين في الأغوار ليس مجرد خيار تنموي بل واجب وطني وذلك لا يتم من خلال المطار الزراعي ولكن من خلال منظومة من الإجراءات التي تساعد عمليات الإنتاج والتسويق وهناك مئات الخبراء الذين قدموا التوصيات والنصح للحكومة في السياسات الزراعية ، وخاصة في مجال كفاءة استخدام المياه وتعديل نمط المنتجات الزراعية وتغطية حاجات السوق المحلي بشكل اساسي وتكسير حلقات الربح الفاحش في التسويق وخاصة من قبل الوسطاء بحيث تصبح الفائدة مباشرة للمزارع وكذلك التخفيض أو الإلغاء الضريبي على مدخلات الإنتاج الزراعي والأهم من كل ذلك تخفيض التكلفة التي يتكبدها المزارع لشحن المنتجات إلى مطار الملكة علياء ولو قامت الحكومة بتغطية نصف التكلفة لكان ذلك أوفر من بناء المطار وتشغيله لسنوات طويلة.
وضع 30 مليون دينار من خزينة الدولة في مشروع مثل هذا يتطلب اعادة التفكير بجدواه الاقتصادية والاستراتيجية فيما يتعلق بموارد المياه والتصدير وهذا هو الوقت الحاسم والمناسب.











































