حملة "كلاشيهات" وشعارات "تداعب المشاعر"
بدأ العد التنازلي للسباق على المعقد الانتخابي الذي يفصلنا عنه 20 يوم تقريبا، فمنذ إغلاق باب طلبات الترشيح والموافقة على 998 مرشحا لخوض غمار سباق الانتخابات البرلمانية المقبلة.فان المشهد العام منذ الإغلاق هو اكتساء شوارع العاصمة والمحافظات على الإشارات الضوئية والدواوير بشعارات وصور مرشحين، لدرجة توشك فيها على التعرض لحادث سير بسبب دوران عيونك لقراءة ما يعرضه المرشحون الذين يتنافسون على معقد لمناقشة قضايا المواطن الأردني.
فبعض هذه الشعارات المرفوعة اعتبرها أغلبية المواطنين في الشارع الأردني أنها تتسم بـ"السذاجة" وعدم ملامستها لأرض الواقع وهي مجرد "كلاشيهات" معروفة ليس بحاجة المرشح لان يعرضها في حملته الانتخابية.
شعارات لا تلامس الواقع.. ولا تؤثر على المصوت!
عبد اللطيف في 50 من عمره اعتبر ان كافة الشعارات المطروحة مجرد أحلام لا يمكن تحقيقها على ارض الواقع. "النائب يفكر انه عندما يصل الى البرلمان انه سيقوم بعمل المعجزات وانه لديه القدرة على التغيير، فيبدأ بطرح شعارات لا تتسم بالواقعية وإنما بالخيال".
"هناك شعارات تتحدث عن حق العودة دول لم تستطع ان تدافع عن هذا المطلب فكيف على البرلمان الأردني ان يدافع عنها ويعمل على تغييرها؟، احد المرشحين على سبيل المثال تناول في شعاره عن قانون الضرائب ماذا سيقوم بعمله هذا المرشح هل سيغير القانون؟".
ولم يعتبر عبد اللطيف أن قيام المرشح باستخدام اسم "الإسلام" كشعار انتخابي سيدفعه اكثر على الانتخاب: "بحسب معرفتي عمره ما كان يدخل اسم الإسلام في الشعارات الانتخابية، وأنا سأنتخب على أساس قناعاتي لا اكثر".
رفيق في 40 من عمره، هو الآخر وصف كل الشعارات المطروحة " بالكاذبة" ويفسر وصفها بذلك بقوله:" المرشح عند فوزه لا ينفذ أي من هذه الشعارات لأنها لا تكون معروضة من قلبه فقط يعرضها المرشح حتى يفوز بالكرسي لا اكثر".
"هناك بعض الشعارات تكون ذات مضمون ديني وأنا لا انتخب على هذا على الأساس بل ما تمليه علي قناعاتي، واحد من الشعارات التي استوقفتني بالفعل كثيرا "الوطن للجميع"، من يخالف هذا الأمر؟ ما دمت احمل الجنسية الاردنية فمن حقي العيش في وطني، ما هو الجديد الذي أضافه المرشح".
احمد في 30 من عمره وصف مضامين هذه الشعارات بـ"الحقيقية" ولكنة استدرك بقوله: "كبيرة في معانيها فلا يمكن تنفيذها على ارض الواقع".
ولم يجد ان ورود اسم الإسلام في أي شعار دافعا لترشيح هذا النائب دون الآخر: "الإسلام ليس شعارات بل تصرف، وكشعار لا أتأثر به لان الكل يتحدث باسم الإسلام في مثل هذا المنصب".
سامر رأيه هو الآخر لم يختلف عن البقية فكل هذه الشعارات بنظره هي أحلام لا تتأقلم مع الواقع المعيشي في مجتمعنا فكلها وعود وشعارات معادة ومعروفة وتفوق قدرة مجلس النواب نفسه على تحقيقها بنظرة.
زيتنا مش عكر!
وكالمتوقع دافع المرشحون للانتخابات النيابية المقبلة عن الشعارات فرأي الأغلبية منهم أن شعاراتهم كلها تلامس ارض الواقع ولا تتسم بالفضفاضة وتشارك المواطن بهمومه وأحلامه، خلاف ما أفاد به المواطن.
المرشح عودة قواس طرح في حملته الانتخابية 34 شعارا معتبرا انه كل هذه الشعارات تشكل برامج عمل تحت قبة البرلمان ويقول: "هي ليست شعارات فضفاضة بل هي مواقف يجب أن يأخذها المرشح كأمانة في عنقه".
شعار "أوقاف القدس أمانة في أعناقنا" هو واحد من الشعارات التي طرحها المرشح قواس الذي بين: "هذا الشعار له دلائل كبيرة يندرج أساسا تحت عدم التفريط بأي شبر من أوقاف القدس لأنها لأبناء الوطن جميعا وغيرها من الشعارات التي تهم المواطن، ومن واجبي عند قيامي بجولاتي الانتخابية أن اشرح للمرشحين ماذا اعني من شعاري وكل شعار جاء من خلفية سياسية معينة".
طارق خوري دخل الحملة الانتخابية بـ 10 شعارات يسعى من خلالها لتثقيف المواطن وتوعيته ببعض الأمثلة المهمة لاستخدامها في الحياة اليومية على حد رأيه "طرحت شعاراتي من الواقع وليس من الخيال، وهدفي ليس شعارات بل أن يفكر الناس في شعاراتي التي طرحت بشكل أساسي لزيادة الوعي وكل رسالة منها موجهة لفئة معنية، فليس هناك أي ضير من طرح شعارات مثل "الشباب أبناء الحياة... والمرأة ركيزة المجتمع"، "الوطن يكبر بالمحبة ويفنى بالبغضاء" وهذا برأيي مثل جميل على المواطن أن يعرفه".
أما المرشح خليل توفيق الحاج فلم يدخل الحملة الانتخابية إلا بشعار واحد "همي همك" الذي دافع الحاج عنه بأنه "مختصر ومفيد ونابع من داخلي"، رغم مواجهته معارضة وقال: "الشعار الذي أطلقته لا يوجد فيه أي مبالغة ولا يداعب مشاعر المواطن من اجل كسب مزيد من الأصوات فهمّ المواطن معروف تحديدات اقتصادية وإقليمية واجتماعية فالهموم واحدة ولا أتوقع أنها مختلفة ورأيت أن هذا اصدق شعار أخاطب به المواطن بعيدا عن الشعارات الرنانة".
شعارات..عامة!
من جهته وجد الكاتب والمحلل السياسي جميل النمري أن اغلب الشعارات المعروضة تتصف بالعمومية وتبتعد عن التحديد وقال: "يجب تحديد موقف يتصل بالقضية المطروحة التي يتناولها الشعار فأغلبية المرشحين لا يقومون بذلك لضعف التسييس، وكل مرشح لدية ستايل مختلف فمنهم من يكتب شعارات عامة لا تخدم الواقع ومنهم من يعرضون شعارات تعكس لون لهم وتعطيهم نوعا من الخصوصية وهذا أفضل برائي لأنة سيميز هذا المرشح عن ذاك".
وأضاف: "فمن التحديات المهمة التي لم يطرحها المرشحون في شعاراتهم مثل رفع أسعار البترول والآليات التي ستتبعها الحكومة في تحرير أسعار المحروقات فلم يكن هناك شعارات قوية في هذا المضمون، فالأغلبية الساحقة ليس لديهم فكرة وليس لديهم أجوبة يمكن أن يضع الشعار التقليدي"لا لارتفاع الأسعار" وهذا دليل على الهروب من مواجهة القضايا الأساسية".
واعتبر النمري أن المرشح الذي لا يطرح أي شعار فهذا دليل على أنه غائب عن الساحة الانتخابية، وتابع: "هناك بعض من المرشحين يستخدمون اسم الدين في شعاراتهم لمعتقد قابلية التسويق كما كان في السابق عندما كان ينتخب المرشح على أساس شعاره الديني، ولكن هناك بعض يراهنون باسم الدين لعدم وجود برامج قوية لطرحها".
الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان كتب في مقال له بعنوان "فوضى الشعارات ونوعية المرشحين"، جاء فيها: "في الانتخابات عموما تستطيع أن تعرف المرشح من شعاراته ان كان يساريا او قوميا او إسلاميا ومن البرامج تميز المرشح الليبرالي عن المرشح المحافظ وهكذا. هذه القاعدة لا يمكن الاعتماد عليها لتصنيف المرشحين في الاردن لأنك ستجد مرشحين يجمعون كل ألوان الطيف السياسي في شعاراتهم.
"بعض الشعارات المرفوعة تتسم بسذاجة كبيرة وهي مجرد بدهيات اجتماعية ووطنية تصلح لكل زمان مكان، والبعض الآخر من الشعارات لم يعد صالحاً وأصحابها على ما يبدو فاتهم إدراك ذلك".
ورأى الخيطان أن "فوضى الشعارات وتشتتها تعكس في الحقيقة تدني مستوى العملية الانتخابية فمع استمرار العمل بقانون انتخاب، يتجاهل دور الأحزاب والمجاميع الوطنية تسود الثقافة المحلية بكل تجليتها ويتصدر المشهد الانتخابي مرشحون لا علاقة لهم بقضايا الوطن والمواطن وتزدهر الروابط العشائرية والجهوية والمناطقية على حساب الرابطة الوطنية".
ومن الشعارات الملفتة للمرشحين: "الأردن وفلسطين توأمان قلبهما القدس"،" مرشح الوطن همي همك"،" مهما قدمت فالوطن يستحق أكثر"،" التغيير للأفضل"،" الفوضى لا تحارب بالفوضى بل بالنظام"،" المرأة شريك استراتيجي وليس تابع ثانوي"،"نعم لإعفاء الغذاء والدواء من الضرائب والجمارك"،" النهضة تتحقق بمشاركة المرأة"،" من اجل طفولة أمنة"،" على العهد باقون ..الوطن للجميع"،" وطن خالي من المواد الخطرة"،" لا للتقسيم العراق"،" مع قيام الدولة الفلسطينية"،"اليد العليا خير من اليد السفلى"،"أوقاف القدس أمانة في أعناقنا"،الشباب فرسان التغيير".
إستمع الآن











































