حكاية ابو خالد العراقي الذي رفض الاردن استقباله
*اتهم بمحاولة اغتيال غولدا مائير فاعتقلته امريكا لمدة 19 عاما *اطلق سراحه دون ان يتمكن من دخول اية دولة عربية *مبارك عوض يتابع قضيته مذ سنوات بتكليف من الرئيس ياسر عرفات .
اصبح البرفيسور الفلسطيني مبارك عوض مهموما بشكل كبير للغاية بعد ان سدت كل الطرق والمنافذ في وجهه لحل قضية المواطن العراقي خالد الجاسم والملقب بابو خالد العراقي.
بدايات القصة
وتعود جذور القصة حسب البرفيسور عوض والذي يشغل رئيس مركز اللاعنف الدولي ويعمل محاضرا في العلوم السياسية بالجامعة الامريكية بواشنطن العاصمة الى العام 1991 حينما اغتيل صلاح خلف " ابو اياد " الرجل الثاني في حركة فتح بتونس وكان خالد الجاسم احد رجالات حركة فتح ومن كبار مساعدي ابو اياد اذ اراد التوجه من ايطاليا الى تونس من اجل المشاركة في جنازة الشهيد ابو اياد فتم اختطافه في المطار من قبل رجال امن اسرائيليين وامريكيين وقد نقل في حينه الى الولايات المتحدة عبر طائرة امريكية ، وظلت قضية اعتقاله مبهمة لغاية قيام الرئس الشهيد ياسر عرفات بالاتصال بالبرفيسور عوض والذي كان معروفا بمواقفه المعادية لاسرائيل ولاحتلالهها للاراضي الفلسطينية وهو من بين الشخصيات التي تحمل لواء النضال اللاعنفي ضد اسرائيل اذ اقدمت على ابعاده بعد اعتقاله الى الولايات المتحدة وذلك في اواسط الثمانينات من القرن الماضي.
الرئيس عرفات اثار القضية
ويوضح عوض خلال مقابلة مطولة مان الرئيس عرفات وفي العام 1994 كلفه بمتابعة امر اعتقال العراقي في السجون الامريكية وبالفعل بدات جهوده وجهود الطاقم العامل معه من اجل ذلك ليتمكن في العام 1996 من زيارته في سجن بولاية كاليفورنيا الامريكية وهي الزيارة الاولى لهذا الرجل في السجن على الاطلاق حيث قابله في زنزانة انفرادية وكانت السلاسل تقيد قدميه ويديه وخاصرته، وحينها طلب عوض من سجانيه فك القيود والسماح له بالمقابلة بدون وجود اي حارس وبالفعل استجابت ادارة السجن لطلباته بشكل جزئي، واصفا الزيارة بانها مميزة للعراقي كونه اول فلسطيني يقابله داخل سجنه.
اربع زيارات في اربع ولايات
ومنذ ذلك الوقت بدء التفكير بكيفية مساعدته واخراجه من السجن لا سيما وان خالد رفض كل التهم الموجه ضده منكرا ذاته، وقد تكررت زيارة عوض له اربع مرات في اربع سجون مختلفة وفي اربعة ولايات مختلفة الى ان صدر بحقه حكما بالسجن الفعلي لمدة 19 عاما التي انتهت بالفعل في التاسع عشر من شهر شباط الماضي وحينها بدات سلسة معاناة اخرى وتتمثل في اثبات شخصيته وقبول دولة عربية باستقباله بعد اطلاق سراحه وهذا ما حاول الجانب الامريكي من تثبيته اذ لا يمكنه اطلاق سراح العراقي بدون تلك الضمانات وكان هم البرفيسور عوض ان يستخرج له وثيقة رسمية وبالفعل فقد تمكن من استصدار جواز سفر فلسطيني دبلوماسي"أي أحمر اللون "، وبالفعل تم ارسال هذا الجواز الى دائرة الهجرة في امريكا التي لم تكتفي بذلك بل اشترطت ان تحصل على قبول دولة عربية على استقباله بشكل رسمي وبعد جهد جهيد تمثل بالاتصال مع عدد من الدول العربية فقد استعدت الجزائر على استقباله الا ان السلطات الجزائرية رفضت اصدار مرسوم رسمي واشترطت ان يتم وضع اسمه في المطار للعمل على استقباله وهذا التطور كان خلال الجمعة الماضي الموافق السابع والعشرين من شباط الماضي اي بعد مضي اسبوع من موعد اطلاق سراحه حيث كانت السلطات الامريكية قد تحركت " بالعراقي " عبر طائرة خاصة باتجاه السنغال وبحراسة اربعة من رجال الامن الامريكيين ومن ثم الى النيجر لنقله الى الجزائر ولكن ظهرت الاشكالية برفض الجزائر مرسوم رسمي لاستقباله والاكتفاء بضرورة وضع اسمه في المطار وما كان على الجانب الامريكي ان يعود بالعراقي الى السنغال لمدة اربع وعشرين ساعة وقد تم استئجار غرفة فندقية له في فندق تابع لمطار السنغال حتى تحل القضية.
المساعي تواصلت لقبوله في احدى الدول
ويؤكد عوض انه وفي ظل هذه التطورات اضطر ان يسافر الى الشرق الاوسط حيث توجه الى الاردن لمقابلة عائلة العراقي التي تسكن هناك وهي مكونة من زوجته وابنائه الاربعة اضافة الى عدد من افراد عائلته، كما حاول ان يتدخل لدى السلطات الاردنية كي يتم السماح بدخوله الى الاردن، اضافة الى السلطات الغربية ايضا وكانت الاجابات بالرفض، مما جعله اللجوء الى قناة الجزيرة حيث ذهب الى قطر هو وزوجة العراقي اضافة الى ابنته وحفيدته وذلك يوم الاثنين الماضي ليطلق صرخة للعالم العربي وللدول العربية ان تعمل على استقبال هذا الرجل بدون اي رد، وبعدها وصل الى الاراضي الفلسطينية من اجل متابعة الموضوع ولم يتمكن الا من مقابلة اللواء جبريل الرجوب والذي استقبله يوم الاربعاء الموافق الرابع من اذار الجاري استقبال حافل وباحترام شديد الا ان الرجوب رد عليه بموضوع العراقي بالقول انه اليوم لا يتدخل بالسياسة وكل شغله يتمحور حول كرة القدم كما قال له مضيفا"ان كل ما يتعلق بالكرة لديه الاستعداد الكامل للبحث فيه".
السودان محطة الاستقبال
واشار عوض خلال المقابلة الصحافية التي جرت بمدينة بيت لحم حيث زارها ومكث عند اقارب له ليومين قبل ان يعود الى الاردن صباح الخميس الخامس من الشهر الجاري الى انه وفي خضم هذه الازمة تم التفكير بالسودان التي بالفعل وصلها العراقي يوم الثلاثاء دون ان يعرف ما هي طبيعة الاستقبال كونه موجود في رام الله، وهو الان بطريقه الى السودان عبر الاردن وسيصطحب زوجة العراقي واولاده ان كان هناك مجال لمقابلته في السودان، ولكن من الواضح ان رجال الامن الامريكيين قد تركوا موكله اخيرا في السوادان حيث يتواجد بدون حراسة امريكية.
لا بد من رد الجميل
واكد عوض انه تدخل كفلسطيني في هذه القضية لانه يشعر بضرورة رد الجميل لمواطن عراقي يحمل افكارا قومية وعربية واراد النضال الى جانب الفلسطينيين لمساندتهم قدر الامكان
في المطالبة بحقوقهم العادلة ولذلك فقد استنفر هو وكافة عناصر طاقمه الذين شكلوا هيئة اركان لانقاذ هذا الرجل وذلك بمساعدة منظمة التحرير الفلسطينية وعدد من قياداتها وعلى راسهم اللواء نصر يوسف وكذلك مكتب المنظمة في واشنطن حيث عمل الطاقم على كل المستويات ومن بينها التقدم باستئناف ضد الحكم كل سنتين ونصف مرة وكان يرفض على التوالي اضافة الى المتابعات الدبلوماسية وشركات الطيران والاتصال برام الله، معتبرا ان هذه القضية من بين القضايا المعقدة وذلك نظرا لان العراقي لا يتمكن من الدخول الى مسقط راسه العراق اضافة الى عدم تمكنه من دخول اراضي السلطة الفلسطينية وذلك خشية من ان تقوم اسرائيل على اعتقاله مرة اخرى او غتياله فهو مستهدف لديها، هذا اضافة الى ان العامل العربية ضعيف وخائف ولا يوجد اي استعداد من قبل الزعماء الوقوف الى جانب شخص انتمى للثورة الفلسطينية وضحى من اجلها ولهذا " فانني اقول ان التضامن العربي قد مات " حسب ما قاله عوض، اضافة الى ان المنظمة الفلسطينية اصبحت ضعيفة واصفا اياها بانها نمر بدون اسنان مع تاكيده ان الرئيس محمود عباس يتابع تطورات القضية عن بعد ان لم يكن معه اتصالات مباشرة بل كان هناك صلة غير مباشرة، معربا عن امله ان تنتهي مشكلة العراقي الذي اصبح عمره اليوم 63 سنة وقد تقدم بالعمر وهو بحاجة الى الاستقرار العائلي اذ لم يرى احد من عائلته منذ اعتقاله قبل 19 عاما، وهذا هو همنا اليوم والذي يتمثل بكيفية التاهيل النفسي له ولافراد عائلته بعد ان اصبح عمر الطفل ذو الثلاثة اعوام 22 سنة على سبيل المثال وكيف اصبح لديه احفاد بعد سنوات السجن الطويلة.
واكد عوض ان قضية ايجاد دولة تقبل بمعتقل في السجون الامريكية قضية ليست بالسهلة حيث يوجد طائرة امريكية تحوم حول العالم وبشكل دائم وبداخلها سجناء امضوا محكومياتهم في امريكا ولا تريدهم البقاء هناك وهم بدون وثائق رسمية، وهذه الطائرة دوام البحث عن بلاد تقبل هؤلاء الاشخاص وغالبا ما لا يتم ايجاد مثل هذه البلدان بسهولة.











































