حقوق الانسان في مساقات التعليم إضافة كمالية!
"لا، لم أتعلم شيئًا من هذا في المدرسة أو حتى في الجامعة"، هذا لسان حالنا جميعاً؛ فليس خفياً على أحد عوز مناهجنا التربوية والتعليمية لمساق يعنى بحقوق الإنسان. ورغم توقيع الأردن على جميع المواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان؛ إلا أن النظام التربوي والتعليمي الأردني لا يعير أدنى اهتمام لبديهيات حقوق الإنسان سواء كان على المستوى المنهجي أو حتى على مستوى السلوكيات.
فالمدرسة مثلاً عاجزة عن السيطرة على العنف بين الطلاب، بل وحتى وقت قريب كانت المدرسة نفسها متورطة في العنف الجسدي وتمارسه كوسيلة تأديبية تعليمية، وحتى الآن ما زالت المدرسة تمارس العنف النفسي ضد الطلاب.
رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، عدنان بدران، أكد على تطبيق مبادئ حقوق الإنسان من خلال التربية والتعليم لتصبح أحد مفاهيم الطفل الأساسية التي تتفتح عيونه عليها، معلناُ عن إنشاء مبنىً جديد سيباشر في بنائه خلال اسبوعين- ممول من الحكومة الأردنية- ضمن المركز الوطني "يعنى بتدريب القضاة والمعلمين ومدراء المدارس على أساسيات حقوق الإنسان".
ويضيف بدران: "المشكلة الأساسية في التطبيق وهذا مايستدعي تدريب المعلمين أولاً، لأن التقبل الرسمي حول إضافة وحدات تعريفية بحقوق الإنسان في إحدى المساقات، بناءاً على توصيات المركز، موجود".
حقوق الإنسان كمساق منفرد، إن وجد، في الجامعات فهو اختياري، وغالباً لا يتم طرح هذا المساق، بفتح شعبة دراسية، لأن أعداد الراغبين بالتسجيل فيها غير كاف.
كمعظم الطلبة الجامعيين، حلا ندمت لإقدامها على اختيار مساق حقوق الإنسان في إحدى الجامعات الخاصة، التي تمكنت من فتح شعبة رغم انسحاب بعض الطلاب، لعدم قدرتها على "استيعاب" جملة المواثيق والقوانين الدولية لحقوق الإنسان. "ليس لدي معرفة مسبقة بهذا الموضوع، وأجده غاية في الصعوبة"، تقول حلا.
وفي ظل توقيع الأردن على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لا بد من التأكيد على أن التربية على حقوق الإنسان يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الحق في التربية والتعليم، فهي تندرج ضمن الأهداف التربوية التي نصت عليها المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 13 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمادة 29 من اتفاقية حقوق الطفل، إذ أن جميعها تنص على أن الأهداف الأساسية للتربية هي تنمية الذات البشرية لدى الطفل وتدعيم احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
وتعتبر أجهزة مراقبة الاتفاقيات الأممية أن حرمان الطفل من التربية والتعليم، بل وحتى وجود أي تناقض في صلب أي نظام تربوي مع الأهداف الواردة في هذه المواد، هو خرق لهذه النصوص الدولية.
ومع ذلك فإن السياسات التربوية والمناهج الناتجة عنها قد تغافلت إلى حد كبير عن محتوى تلك البنود أو تبنتها بصفة شكلية لا غير"إقناع الأطراف المعنية بأن التربية على حقوق الإنسان ليست من باب الترف الفكري، وإنما هي الأساس الذي يجب أن يقوم عليه كل إصلاح تربوي"، يقول أحد الخبراء في منظمة <<اليونسكو>>، الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه.
ويعلق بأن البلدان العربية تبتعد عن قيم إنسانية عامة وواضحة بحجة عدم ملاءمتها لخصوصياتها الثقافية والدينية والقومية "وبناء على ذلك نجدها تنتقي من حقوق الإنسان ما يناسب أنظمتها السياسية، في حين أن المسألة لا تقبل التجزئة".
وبعد محاولات دامت ل3 أيام للحصول على تعليق من مدير المناهج في وزارة التربية والتعليم د. موفق الزعبي الذي كان مشغولاً بالاجتماعات، استطعنا الحديث معه، ولكنه رفض التعليق بحجة أنه غير مخول بالحديث عن أي موضوع.
وبدا واضحاً في حديث الطالب الجامعي محمد أن التربية على حقوق الإنسان والتسامح وعدم التمييز مازالت تصطدم بتضارب المرجعيات، وتضارب القيم وتناقضها (دينية، قومية، سياسية..)، فيقول "اطلعت على الأقل على المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، فتشوشت إلى حد كبير لتناقضها مع دينانتنا وواقعنا الاجتماعي الذي نعيشه بما فيه عاداتنا وتقاليدنا".
أسمى خضر، عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، تقول بأنه لا بد من التعامل مع الموضوع بمرونة والتزام بالجوهر، إذ أن تطبيق مبادئ حقوق الإنسان لا يتعارض وأي من قيم المجتمع العربي الدينية والقومية، ، ولكن "بعض المحافظين التقليديين المتمسكين بالشكليات لا يرغبون، بالطبع، في مواكبة التطور وإن كان على المستوى الحقوقي".
واعتبرت خضر أن المشكلة الأبرز كانت في تقديم مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان للمجتمع العربي على أنها نتاج غربي "بالرغم من أن أول منظمة لحقوق الإنسان وجدت في مكة باسم حلف الفضول".
وترى خضر بتأهيل المعلمين وإدماج مبادئ حقوق الإنسان في مختلف المساقات التعليمية بطريقة غير مباشرة الطريقة المثلى لغرس مفاهيم حقوق الإنسان في المجتمع "من خلال جيل المستقبل"، مضيفة بأن إفراد مساق يعنى بحقوق الإنسان يزيد العبء على الطلبة.
وتؤكد طالبة الحقوق سمية على وجود البعد الحقوقي النظري بشكل مضمر في كل مناهج الثقافة الإسلامية التي تدرس، إلا "أنني لم أتعلم على الإطلاق شيئًا عن تطبيقات هذه الحقوق في الواقع، ولا كيف أمارسها فهذا المنهج النظري قاصر على إنزال هذه الحقوق على مجموعة القوانين والتشريعات النافذة التي تحكم حياتنا كمواطنين، بحيث أتحسسها كواقع أعيشه، وهذا المنهج النظري قاصر حتى عن فرض تطبيقاته في حدود المؤسسة التعليمية، أي داخل المدرسة نفسها".
ربما يقول البعض أنه من الغريب أن نتحدث حول تعليم حقوق الإنسان للأطفال والشباب ضمن المناهج التعليمية والمدارس والجامعات، في الوقت الذي لا توجد أية مشاريع أو مساءلات حول إيجاد ثقافة حقوقية للبالغين وفي الحياة العامة!
وكانت وزارة التربية والتعليم أعلنت في عام 2005 عن تعديل مناهج التعليم ضمن خطة شاملة وذلك على ثلاث مراحل تنتهي في العام 2008. سوف تتناول التعديلات مفاهيم واردة في مصفوفة حقوق الإنسان وثقافة السلام، إلا أنها جوبهت بالرفض آنذاك على المستويين النيابي والنقابي والاجتماعي متهمين الوزارة بإقحام ثقافة السلام "من باب تعزيز السلام مع إسرائيل"، إلا أن الوزارة قالت أن التعديل يأتي ضمن "مشروع تعديل مصفوفات المناهج التعليمية المتضمن تحديد نتاجات لكل المراحل".











































