حرب ثقافية: أوديسا مسرحها

الرابط المختصر

منذ أن أُعلن عن وجود مهرجان شعري ضخم سيقام في عمان، وسيأتيه شعراء من كافة أنحاء العالم، حتى بدأت الأقلام تشحذ هممها تحليلاً واستنباطاً لنوايا المهرجان ومصدر دعمه، وما الهدف منه. ولما للمثقفين الأردنيين من حساسية التطبيع وبكل ما ينم عن مشاركة أجانب في أية فعالية تقام؛ تبدأ التساؤلات وتدور حول نوايا ومآرب هؤلاء، ومن هنا كان لأعضاء رابطة الكتاب الأردنيين المشاركين في المهرجان النصيب في مقاطعة المهرجان بعدما نشرت أسماؤهم في قوائم المشاركين.



غير أن فكرة المهرجان وأهدافه المعلنة فتح الباب واسعا نحو التساؤلات المبنية على الشك، فالمهرجان المقام في الأردن ويجمع شعراء العالم ويفتح المجال أمام تجارب أردنية شابة بسيطة ليس لديها الخبرة لتأخذ الفرصة، وإشراك المؤسسات الثقافية المحلية في رصد ما عندها من مبدعين للمشاركة في المهرجان، كان الجديد في الساحة الشعرية في الأردن.



مهرجان أوديسا وشعاره (للإبداع الشعري والالتقاء الحضاري) بدأت فعالياته يوم الخامس والعشرين من آب الماضي، وهو ذات اليوم الذي بدأت فيه مؤشرات توقفه، لكنه استمر ليومين لتتحول أمسياته الشعرية بعد ذلك إلى أحد فنادق عمان التي يقيم بها الشعراء الأجانب، وبعد إغلاق المسارح أبوابها أمامهم.



وفوق ذلك، فإن أكثر الشعراء الأردنيين المشاركين في المهرجان انسحبوا، والبداية كانت مع إعلان الشاعر الأردني المشارك محمد المقدادي اعتذاره عن المشاركة في بيان نشرته الصحف الأردنية، قائلاً فيه "تلقيت دعوة للمشاركة في فعاليات مهرجان أوديسا الشعرية، والذي ذهب البعض إلى القول بأن للمهرجان ارتباطاً مشبوهاً مع أعداء الأمة، ويسعى القائمون عليه إلى تحقيق شكل من التطبيع الثقافي معهم، عن طريق استدراج بعض الشعراء الصغار، وتطعيم التشكيلة ببعض القامات الشعرية على سبيل التمويه".



هنا، ومن خلال هذا البيان، بدأت سلسلة انسحابات الشعراء الأردنيين، وتخللها بيان أصدرته رابطة الكتاب الأردنيين دعت من خلاله إلى مقاطعة مهرجان أوديسا، مشيرة إلى ما "أكتنفه من غموض في الغايات والأهداف، والتمويل والتنظيم، ومن خلط في الأسماء الداعية والمدعوة للمشاركة فيه على مستويات، بعين من الريبة والحذر"، كما دعا البيان "الشعراء ووسائل الإعلام المختلفة إلى مقاطعة المهرجان والعمل على تعطيل الآليات التي سيستخدمها لاختراق الجبهة الثقافية بعامة والشعرية بخاصة والتصدي والرفض بصلابة لعمليات الاستمالة التي مارسها مع بعض الشعراء".



بمقابل ذلك، وصف منير مزيد صاحب المهرجان بأن "حرباً تشن عليه وعلى المهرجان منذ الوهلة الأولى التي بدأ فيها العمل على تجسيد فكرته إلى الواقع"، كما وصف ما حدث للمهرجان "بالإرهاب الفكري" لأن جهات مختلفة أثرت على المعنيين بمسارح الدولة والمسارح الخاصة لمنعهم من إقامة المهرجان عليها، وحتى حجب بعض الصحف من نشر بيانه الذي وضح فيه أهداف ومساعي وتمويل أوديسا، وكذلك نشر بعض الصحف الأسبوعية أخباراً تتحدث عن مهرجان أميركي سيقام في عمان وهو ما أعتبر تطاولاً على المهرجان.



"فهل دعوة شعراء العالم للحضور للأردن للمشاركة في احتفالية عالمية هي خطيئة" يتساءل مزيد، ويجيب "أساء لنا الكثير من دون أي سند أو تقديم أي وثيقة تدعم ما يقال من الادعاءات والشائعات والافتراءات المغلوطة، البعض يقول: بأن مهرجان اوديسا له تمويل خارجي، لماذا هذا التجني علينا بهذه الطريقة القذرة، نحن نقول وبكل شفافية وصدق ولدينا كل ما يثبت ذلك بأننا لم نتلق أي دينار من أحد أو من أي جهة كانت، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، خارجية أو داخلية، وان تمويل اوديسا هو تمويل ذاتي من مالنا الحر".



ووصف منير مزيد مدير مهرجان، هذا الحدث "بالإفلاس الثقافي" "أنت لا تستطيع أن تحاور الآخر"، متسائلاً "كيف يمكن لشاعر أن يقاطع شاعر آخر، كيف يمكن ذلك".



في حين، يقول عبد الله حموده، عضو لجنة مقاومة التطبيع، ورئيس لجنة الحريات في رابطة الكتاب الأردنيين، "هم لا يملكون ذلك المال، ولنفرض أنهم يقولون ذلك بدقة، من أين سيأتون بالمردود، هم يقولون نحن شركة تجارية، والشركة التجارية تحتاج مردودا، من أين ستحصل على الأموال. ثم أن من يقدم على هذا الموضوع ألا يكون دارسا له دراسة كاملة؟ هل يعادي المؤسسة الثقافية الأولى في البلد. هو كتب أيضا أن الملك سيفتتح المهرجان، أنا سألته هل أخذت موافقة من الديوان الملكي فقال لي: لا، فكيف تكتب أنت أن الافتتاح سيكون من قبل الملك أو من والديوان الملكي ولم يعطك أي موافقة خطية".



حرب فكرية أم شللية

لا أجد أي سبب لرابطة الكتاب الأردنيين بأن تعلن المقاطعة، "لا يوجد أي شاعر إسرائيلي كما يقولون. من حقي أن أقيم مهرجاناً، لست بحاجة إلى أن أخذ إذنا منهم، أو حتى أن أوضح لهم من أين مصدري المالي" يقول مزيد.



منير مزيد سيقاضي كل من جريدتي العرب اليوم والمحور الأسبوعية وشركتين، "شركة الطيران التي أعطيناها 20 ألفاً لجلب المشاركين بسبب تغير جدولها دون علمنا ما أدى إلى تغيير مجيئهم، وذهاب الأموال علينا.. أوديسا مهرجان أردني ومصدرنا معروف عند وزارة الصناعة والتجارة، وجريدة العرب اليوم التي ساندت بيان محمد المقدادي، وبياني لم ينشر فقد وضع بالدرج، كذلك جريدة المحور التي نشرت خبراً تتهمنا بأننا مهرجانا أميركيا".



"هناك شللية بين الأوساط الثقافية وما تتعرض له أوديسا له أكبر دليل على أن رابطة الكتاب لا تريد لنا أن نقيم المهرجان"، يقول مزيد "مسارح البلد جميعها أغلقت أمامنا، وهذا كله من خلال مخاطبات الرابطة معهم لأجل منعنا، وهو ما تعرض إليه مدير مسرح التراسانطة في جبل اللويبدة والذي أقمنا عندهم أمسية الافتتاح والأولى، ثم انتقلنا إلى فندق سيدين بخلدا".



وعن الضغوطات التي تعرض لها أعضاء الرابطة، نفى حموده أن يكون هناك أي ضغط، ويقول "نحن نقدم معلومات حصلنا عليها من الإنترنت ومن الدعوات التي بين يدينا وعلى ضوئها بدأنا نبدي الرأي. لا نستطيع وليس من حقنا الضغط على الشعراء، لأننا نرفض الضغط، ولا نمارس القمع. نحن نؤمن بحرية الفرد بالوصول إلى الحقيقة".



هناك حرباً تشن على مهرجان أوديسا، يقول منير مزيد، وأنها تشن من قبل جهات ومن بينهم رابطة الكتاب الأردنيين، لكن يقول عضو الرابطة حموده "هذا الكلام غير صحيح لأنه في 10-8 الرأي نشرت لهم مساحة الدعوة بحجم ثلث صفحة والدستور أيضا، لكن القضية عندما صار هناك انسحابات ووضعت الرابطة بيانات بدأوا يعاتبونا بالموضوع من قبل اخوان معظمهم أعضاء في الرابطة وليس الإعلام، بدليل أن الإعلام قدم لهم صفحات، لم يحاربوا من البداية لكنهم قدموا معلومات من البداية تثير التساؤلات. أنا لا أعمل في أي من الجرائد أنا عضو في الرابطة مستقل، لكن هناك أناس يعرفوا منير مزيد وقالوا أن التعامل صعب معه".



شوكي بن آمي، ذلك الشاعر الذي أثير حول مشاركته الجدل، "إسرائيلياً أم مناصراً لقضايا إسرائيل"، لا يهم "أنت تتيح للشعراء الأردنيين الحوار مع الآخر المناصر لقضايا العرب والمسلمين، والمقاطعة هي رسالة غير جيدة لنا" يعلق مزيد. ويتساءل " سميح القاسم، شاعر فلسطيني ويحمل الجنسية الإسرائيلية ويشارك في مجمل المهرجانات الثقافية في الأردن".



ويلفت حموده، أن "مقدمة الدعوة للمهرجان كانت تتحدث عن ثقافة السلام ونبذ الإرهاب، ومقاطع من الإنجيل (أحبوا أعداءكم) مقطوعة من السياق التاريخي الذي وجدت فيه والكتاب الهندي المقدس والذي لفت النظر أن هناك شخص اسمه شوكي بن عامي وهو يبدو أن له مركزا في القدس ويعلم في تل أبيب. وعندما تجمعت هذه المعلومات قاطع الأردنيون والعرب المهرجان ولم يأت من العرب سوى مندوب ليبي ومندوب تونسي، أما الآخرين الذي ذكروا من مصر ومن الجزائر واليمن فلم يحضروا".



ومع ذلك كانت النشرة قد تضمنت نصاً قرآنياً صريحاً ومقاطع من الكتاب المقدس لدى الهندوس والديلا لاما تحث على السلام والتعارف والحوار.



ويشير عبد الله حموده إلى أن جدول المهرجان يتضمن بنداً حول خيار (زيارة اختيارية للأراضي المقدسة) قائلاً "هذا لا يمكن أن يتم إلا بالتشاور مع السفارة الإسرائيلية وهذه حقيقة وهو أمر ملفت للنظر، فإذا كان هؤلاء القادمون من أنصار القضية الفلسطينية لن تسمح لهم إسرائيل بالدخول ومن سيرافقهم أيضا. وأنت بحاجة إلى موافقة إسرائيلية وهذا بعرفنا هو التطبيع بعينه. وثانيا هم كتبوا في النص أن التمويل من جهات رفضت ذكر أسماءها، ماذا يعني ذلك؟ معناه أن هناك شبهة في التمويل الأجنبي".



المهرجان جاء ضمن مؤسسة خاصة مستقلة، ولم ينتم لأي مؤسسة حكومية، ومنير مزيد صاحب أوديسا ليس عضوا في رابطة الكتاب الأردنيين، هل لهذا علاقة بالمقاطعة، وهل الأمر قد ينصب في الإطار الشخصي بالنسبة إلى الجانبين، يقول حموده "تقدم مزيد بكتاب إلى الرابطة في 27-7 يطلب منا أن نسمي أسماء، فتمت دراسة الموضوع من قبل الرابطة لاتخاذ موقف لأكثر من أسبوعين وتم اتخاذ القرار، لأن هناك دعوة مسبقة لنائب رئيس الرابطة محمد مقدادي ومن هنا طرح الموضوع على الهيئة الإدارية بشكل رسمي وكلف إخوان من الرابطة ببحث هذا الموضوع وتقديم معلومات وعلى ضوء كل الوقائع التي قدمت، أصدرت الرابطة البيان الرافض للمهرجان لأنه طلب منها أن تحدد موقف".



وحول قرار المهرجان برفع قضية على الرابطة، يقول حموده "هم يستطيعوا أن يفعلوا ما يريدون. نحن لا نستطيع أن نمنعهم من ذلك فليذهبوا إلى القانون والقانون يقرر، وليس لنا علاقة بهذه المسألة، كل شخص يستطيع أن يدعي ما يريد".



نقص المعلومة دافع الانسحاب !

كم هائل من اللغط، أثير حول المهرجان، يلفت الشاعر المنسحب محمد المقدادي في بيانه، " وانسحابي جاء أيضاً لضآلة ما توفر لًدّي من معلومات حتى هذه اللحظة (...)، "إلا أن انعدام الوضوح وضبابية المشهد التنظيمي لهذا المهرجان، قد ترك الباب مفتوحاً على جملة من التساؤلات التي لا أجد لها أجوبة شافية، تجعلني أندفع باتجاه المشاركة في تظاهرة ثقافية كهذه".



ليرد عليه مدير المهرجان منير مزيد ببيان نشرته الصحف الأردنية، "لقد جاء بيان الدكتور محمد مقدادي مقتضباً وحزيناً لأنني استطيع أن أتلمس حجم الضغط الذي تعرض إليه من أجل أن ينسحب من المهرجان وذلك إرضاءً للآخرين وتماشياً مع أهوائهم ورغباتهم ومصالحهم الذاتية، والدليل على ذلك اعترافه بأن انسحابه جاء بناءً على إشاعات وأقاويل وهذا أمر مؤسف جداً ومحزن.والغريب في الأمر أنه يتحدث عن إثم، ومن حقي أن أسأل وأن استغرب عن أي إثم يتحدث الدكتور محمد مقدادي أننا قد فعلناه".



وفي الوقت الذي كان فيه الشاعر المقدادي أول المعلنين عن إنسحابه، كانت الشاعرة الأردنية نبيلة الخطيب ترقب ما يحصل منذ اللحظة الاولى لدعوتها للمشاركة، حيث تحدثت لبرنامج برائحة القهوة قائلة "عندما عدت من القاهرة وسمعت ما سمعت اتصلت بالرابطة للاستفسار عن ما حصل خصوصا وأني سمعت أن الشاعر محمد المقدادي قد انسحب من المهرجان، وقرأت ما نشرته الرابطة من نداء، ووجدت أن هناك بعض المشاكل، ولأني حريصة على مسيرتي الأدبية، لذلك قلت أنني لا أريد أن أدخل إلى مهرجان عليه أي علامة استفهام".



وفي سؤالنا عما إذا تعرضت الشاعرة الخطيب لأي ضغط من قبل رابطة الكتاب الأردنيين للانسحاب، تتابع "اتصلت بالرابطة وقالوا لي أنهم خاطبوا جميع الشعراء المشاركين في المهرجان، والمنتمين إلى الرابطة وطلبوا منهم أن ينسحبوا من المهرجان وفعلا استجابوا وكانت الصحف قد نشرت أسماء الشعراء المنسحبين، وأنا كنت قد أعلنت بمبادرة شخصية بأنني انسحبت من المهرجان وبعيدا عن أي ضغط".



الخوف من نقص المعلومة المتوفرة حول المهرجان كان الدافع وراء انسحاب الشعراء من المهرجان تقول الخطيب "اتصل بي عبد الله حموده وقال لي أننا نخشى من نقص المعلومة ونخشى أن تكونوا ضحيتها، وكان ذلك قبل سفري حيث قلت له أن يبحث عن المعلومات، وأنا عندما أعود سأطلع على ما وصلت إليه حتى لا نرمي التهم جزافاً، لذلك وبعد عودتي اتخذت قراري بمحض إرادتي بأن أنسحب من المهرجان".



الانسحابات توالت وبدى أن الشعراء العرب قبل توافدهم معلنين انسحابهم من المهرجان، باستثناء الشاعر الليبي جمعة الفاخري والتونسي محمد الغزي، لكنهم كما غيرهم أعلنوا انسحابهم بعد الأمسية الثانية "بعد اتصال الرابطة بهم"، كذلك الأمر بالنسبة للشعراء الأردنيين غير المعلنين عن انسحابهم لكنهم لجأوا إلى الصمت ومتابعة الأحداث من بعيد.



حسن صالح أحد ممولي مهرجان أوديسا، يقول لـبرائحة القهوة " أردنا أن تكون البذرة في عمان، حلماً أردنيا ينطلق إلى العالم، اجتهدنا بالتنظيم وحاولنا أن نجلب شعراء العالم، وخطابنا حينها كل الجهات الرسمية والخاصة لدعمنا لكننا لم نلق أي تفاعل إلا من وزارة الداخلية ومن محافظ العاصمة من خلال تسهيلات إقامة المهرجان والمؤتمرات الصحفية، وباقي المؤسسات كوزارة الثقافية وأمانة عمان الكبرى، والمسارح وقصر الثقافة وكلهم لم يستجيبوا علينا أبداً حتى الجامعة الأردنية التي طلبنا منها المشاركة وفي البداية أرسلت لنا لجنة ومن ثم طلبنا قاعة الحسن لكنها لم ترد علينا وألغت الاجتماع بيننا".



منذ أن توالت انسحابات الشعراء الأردنيين من المهرجان كيف تعاملتم مع الحدث؟

يجيب صالح "في البداية لم نفعل شيئا، لكن بعد نشر الدكتور مقدادي بيانا في الصحف بدأنا التحدث مع الصحافة، إننا لسنا ممولين من أحد او مشبوهين أنه من مالنا الخاص، والشعراء من الهنود الحمر وأميركا اللاتينية".



لكنكم لم توضحوا مصدر المال تحديداً؟

"نحن وضحنا. وكانت أبواب أدويسا مفتوحة للجميع، لم نغلق الأبواب ولم نخف أي معلومة أبداً أو أي ورقة تتعلق بمصدر مالنا والذي هو قائم منا نحن، فهذه الأموال أموال أردنية محضة، بقوت أموالهم وعرق جبينهم، فلم يكن أي شيء مخفي عن الجميع، ومن عنده شك أو يريد توضيح فنحن مستعدين من توضيحها ومواجهة الجميع حولها".



الصحافة بعيدة كالعادة

الصحافة الأردنية كعادتها لم تكن محايدة في تناولها قضية المهرجان، فالرأي والدستور والعرب اليوم نشرت كل واحدة منها، في البداية بيان الشاعر المنسحب محمد المقدادي ثم أخبارا تتحدث عن فشل أمسية الافتتاح ثم نشرت جريدة المحور الأسبوعية خبراً يقول عنوانه "فضيحة مهرجان أميركي في عمان"، ونعود إلى جريدة الدستور التي نشرت أخبارا بدت وكأنها اعتمدت على "وجهة نظر" الصحفي وليست الجريدة كموقف واحد، ففي الوقت الذي تناول فيه الصحفي مدني قصري خبرا تحت عنوان (أوديسا العالمي مهرجان أردني ولا مكان فيه لأعداء الأمة) ضمن فيه آراء منظمي المهرجان والرابطة، لينشر زميله في العمل عمر أبو الهيجاء خبرا بيومين يتناول الأمسيات الأولى للمهرجان بلغة غلبها "التشفي" وعنوان مادته (بعد إعلان شعراء أردنيين وعرب انسحابهم من المشاركة.. قاعة افتتاح مهرجان أوديسا العالمي للإبداع الشعري بدت مزهوة بالفراغ والعتمة) كذلك صحيفة الرأي والتي اقتصرت متابعتها على أخبار انسحابات الشعراء ورد منير مزيد على بيان المقدادي.



ورغم أن منير مزيد سيقاضي جريدة العرب اليوم على "مساندتها المقدادي" في بيانه، كانت قد نشرت رد مزيد على بيان المقدادي. لكن مجمل فعاليات المهرجان والأحداث التي تخللته لم تنشرها العرب اليوم، وبحسب أحد الصحفيين من داخل الجريدة فإن "نية مسبقة من إدارة الجريدة أن لا تتابع مجمل فعالياته"، وأيضا جريدة الغد لم تكن بأحسن حالا عن غيرها بل نأت عن نفسها ولم تنشر أي مادة صحفية ولا حتى من نشر البيانات الصحفية الصادرة عن الشعراء المنسحبين وكأنها ليست هنا.



وفي خضم هذه الأحداث أخذت تتسلل إلى الصحافة الأجنبية والعربية بوادر الأزمة، وهو ما دفع جريدة هآرتس الإسرائيلية من نشر خبر مطول يتحدث عن تداعيات المهرجان، وعن ماهية الشعراء المشاركين، وبدورها نفت أن يكون الشاعر المشارك شوكي بن آمي إسرائيلياً.



يتساءل المثقف أين وزارة الثقافة من كل هذه الزوبعة، وما دورها وما يمكن أن تقوم به، وهل كان من الممكن أن تتدخل الوزارة بشكل فاعل من باب القيام بواجبها ومن التحري والدخول على الخط، فقد حاولنا الحديث مع الوزير أمين محمود إلا أن سكرتيرة المكتب لم توصلنا إليه وذلك لتعاقب اجتماعاته فلم تتح لنا الفرصة للقائه والحديث عن دور وزارة الثقافة من هذه الأحداث.



لماذا كانت رابطة الكتاب الأردنيين الجهة المعنية بالذات بموضوع المهرجان والأكثر تشدداً بهذا الحدث، ولماذا لم تحرك وزارة الثقافة ساكنا تجاه ما يحدث في الساحة؟



نحن بتناولنا للملف، حاولنا أن نكون موضوعيين، لا ننحاز إلى طرف دون آخر، وللمستمع الحكم على ما آلت إليه الأحداث، ولندع الأحداث تتحدث عن نفسها.






أضف تعليقك