حذاء واحد لا يُصفّق
ليس ثمّة موضوع يستأهل الكتابة أكثر من حادثة الحذاء ، ولو لمرّتين متتاليتين ، فإدارة "يوتيوب" تقول إنّ أكثر من عشرة ملايين شخص قاموا خلال يومين بتحميل الفيلم ، وأنّ مئات الأفلام المحررة صوتاً وصورة أضيفت إلى الشبكة ، أمّا التعليقات من القراء فكانت بعشرات الملايين ، وفي قناعتنا أنّ العالم كلّه نسي كلّ أحداثه وتذكّر فقط مشهد فردتي الحذاء.
وبدا الأمر وكأنّ استطلاعاً للرأي العام العالمي أجري عفوياً ، وأخذ مصداقية عالية ، يحمل سؤالاً واحداً حول صورة وشعبية الرئيس الأميركي جورج بوش ، وخرج بنتيج بات القاصي والداني يعرفها ، ومن الطريف أن تُتابع أفلاماً بلغات كثيرة على الشبكة تتحدّث كلّها بألسنة بابل عن مشهد لم يستغرق أكثر من خمس وعشرين ثانية ، وتضيف إليه الأغاني والصور والتعليقات.
وصحيح أنّ حذاء واحداً لا يُصفّق ، وأنّ الحادثة لن تُغيّر في الواقع شيئاً ، ولو تصوّرنا أنّ كلّ طاغية قوبل بالأحذية لتراجع حجم الظلم في العالم ، ولكنّ الصحيح أيضاً أنّ الأمر مثّل صحوة ضمير إنسانية ، وبعيداً عن المبالغات والبهارات مثل عرض شراء الحذاء بعشرة ملايين دولار ، وركوب الموجة من جهات سياسية وكأنّها هي التي صنعت الحدث ، فإنّنا أمام حالة جديدة أعلن فيها المظلوم رأيه في وجه الظالم.
منتظر الزيدي صار بطلاً ، وبدأت عمليات التضخيم في شخصيته منذ الآن ، وهذا شأن الإعلام دائماً ، ولعلّه من الأفضل تصويره بالشكل الحقيقي المبسّط: مواطن عربي عادي رفض الظلم ورفع حذاءه في وجهه.











































