حب.. فزواج.. فطلاق
لا يخلو مسلسل أو فيلم عربي أو أجنبي من قصة حب بين شاب وبنت ، أو بين ذكر وأنثى عموما ، دون تحديد للسن ، بل إن كلمات الأغاني ومضمون الحملات الإعلانية لا تكاد تخلو من قصص الحب والعلاقة بين الجنسين ، ويبدو أن تكرار هذه المسألة رسخ في أذهان الأجيال الصاعدة أن ثمة مرحلة لا بد من أن تمر بها البنت أو الولد وهي مرحلة الحب ، فكلاهما ينتظر ظهور الشريك المحتمل ، عبر قصة حب معينة ، يُفترض أن تنتهي بالزواج ، أو هكذا تؤمل الفتاة نفسها ، فيما يُبيت الولد النية غالبا على عكس ما يُبدي ، هذه ليست قصتنا هنا ، قصتنا الزواج الذي يتم بناء على حب ، ومآل هذا الحب،.
قبل أيام وقعت على دراسة طريفة للدكتور إسماعيل عبدالباري ، أستاذ علم الاجتماع ، وعميد كلية الآداب بجامعة الزقازيق السابق ، خَلَص فيها إلى أن زواج الحب محكوم عليه بالفشل ، وأن الزواج التقليدي الذي يتم دون تعارف مسبق بين العروسين ينجح ويستمر ، يقول البحث الذي أجري على عينة مكونة من 1500 زوج وزوجة ، أن ثلاثة أرباع حالات الزواج التي تمت بعد قصة حب فشلت تمامًا ، وانتهت بالانفصال بين الطرفين ، أما الزواج الذي يتم من خلال الطرق التقليدية: فإن نسبة نجاحه تتعدى 95%. كما يفيد البحث أن الحب وحده لا يكفي لنجاح الزواج: ولذلك كان الفشل نتيجة حتمية للزواج بعد قصة حب عنيفة ، بينما كان النجاح أمرًا طبيعيًّا في حالات الزواج التقليدي ، الذي يتم عن طريق الأهل والأقارب والأصدقاء ، الباحث يعلل هذه الأرقام حيث يرى أن هناك أسبابًا عديدة تقف وراء هذه الظاهرة المثيرة: من بينها أن زواج الحب يقوم غالبًا على عواطف ملتهبة وجياشة ، والعواطف لا تكفي وحدها لإقامة علاقة زوجية ناجحة ومنزل مستقر: لأن هناك عوامل أخرى عديدة للنجاح ، كما أن زواج الحب ينقصه التعقل والتريُّث والاتزان ، ويغلفه الاندفاع واللهفة والكذب.
الإحصائيات التي أوردها الباحث عن المجتمع المصري ، يقابلها إحصائيات تقريبية عن المجتمع السعودي ، حيث تقدر باحثة سعودية أن %75 من زواج الحب السريع جداً ينتهي بالطلاق.
لا تتوفر لدي إحصائيات أو أرقام حول أسباب الطلاق في المجتمع الأردني ، لكن ما هو مؤكد أن ارتفاع هذه النسبة في أوساط الأزواج الشباب له علاقة بكون علاقات الحب السريعة سببا في هدم مشروعات تكوين أسر جديدة.
بعض الدراسات تقول أن العمر الافتراضي للحب لا يزيد عن خمس سنوات ، لكن يبدو أن التجارب العملية تظهر أن عمره لا يزيد عن خمسة أشهر إذا تم تحويل "مشروع" الحب إلى "مؤسسة" زواج،.
ونختم بقول جميل لسيد قطب رحمه الله.. وما أعظم قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لرجل أراد أن يطلق زوجه ، لأنه لا يحبها: ويحك، ألم تبن البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم؟ ، وما أتفه الكلام الرخيص الذي ينعق به المتحذلقون باسم "الحب" وهم يعنون به نزوة العاطفة المتقلبة ، ويبيحون باسمه - ليس انفصال الزوجين وتحطيم المؤسسة الزوجية فحسب - بل خيانة الزوجة لزوجها، أليست لا تحبه؟، وخيانة الزوج لزوجته، أليس أنه لا يحبها؟ وما يهجس في هذه النفوس التافهة الصغيرة معنى أكبر من نزوة العاطفة الصغيرة المتقلبة ، ونزوة الميل الحيواني المسعور. ومن المؤكد أنه لا يخطر لهم أن في الحياة من المروءة والنبل والتجمل والاحتمال ، ما هو أكبر وأعظم من هذا الذي يتشدقون به في تصور هابط هزيل،











































