حالة المديونية بعد تنفيذ اتفاقيات نادي باريس
نفذت الحكومة الاردنية اتفاقيات شراء ديون دول نادي باريس في الحادي والثلاثين من اذار الماضي اسهمت هذه الاتفاقيات بتخفيض الدين الخارجي (2362.6) مليون دولار بحيث اصبح (5336.1) مليون دولار بدلا من 7698.7 مليون دولار, لكن الحصيلة النهائية لرصيد الدين العام الداخلي والخارجي في نهاية شهر ايار 2008 لم تنخفض سوى ب¯ (388) مليون دينار, حيث اصبح صافي الدين العام الداخلي والخارجي (7811.3) مليون دينار, علما ان رصيد الدين العام في نهاية عام 2007 بلغ (8199) مليون دينار, وعند معرفة الاسباب تكتشف مفاجأة مذهلة وهي ارتفاع الدين الداخلي في نهاية ايار 2008 بحوالي (1300.5) مليون دينار مقارنة مع نهاية عام ,2007 منها تسنيد (800) مليون دينار من حساب الخزينة المكشوف لدى البنك المركزي.
انفقت الحكومة كافة عائدات التخاصية والبالغة (1493) مليون دينار اضافة الى قيمة اراضي ميناء العقبة (500) مليون دولار, ولم تنجح بتخفيض الديون التي اتخذت ذريعة لتبرير تنفيذ برنامج التخاصية, فالمديونية حافظت على مستوياتها بعد استخدام كافة العوائد, ومن المتوقع ان ترتفع مع نهاية العام الحالي رغم المساعدات الاضافية التي ستحصل عليها الخزينة خلال هذا العام, والسبب في ذلك العجز الكبير في الموازنة الذي وصل الى مستويات قياسية نتيجة زيادة الانفاق الحكومي, رغم تعويم اسعار المشتقات النفطية, هذه هي الحصيلة النهائية لسياسة التخاصية, تمليك اصول الدولة للرأسمال الاجنبي وانفاق العائدات من دون الاستفادة منها لا بتخفيض الديون ولا بأي مشروع حيوي تنموي يعود بالفائدة الملموسة على الاقتصاد الوطني او يسهم في توليد الدخل, حتى مشروع جر مياه الديسي الحيوي لم يحظ بتمويل من اموال التخاصية, حيث جرت احالته على شركة تركية على نظام (BOT) على اسس تجارية مما يرفع تكلفة المياه على المواطنين.
اما بعد ما انفقت الحكومة كافة عوائد التخاصية كيف ستوفر المال لتغطية النفقات المتزايدة في ظل عجز للموازنة يتجاوز المليار ونصف المليار دينار, تلقت الحكومة مساعدات اضافية من السعودية وامريكا وانفق ما تبقى من عائدات التخاصية لتغطية العجز, ليس هذا فحسب فقد خرجت علينا وزارة المالية بمشروع قانون الضريبة الموحد متضمنا تبرعا سخيا من الخزينة بقيمة (300) مليون دينار لكبار الرأسماليين من شركات تأمين واتصالات وشركات مالية ومصرفية, وبنفس الوقت تدرس الحكومة امكانية التوسع في تطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات الذي يسهم برفع الاسعار على المواطنين وزيادة التضخم وتباطؤ القطاعات الاقتصادية, الى اين تسير هذه السياسات الاقتصادية? ولصالح من يصب هذا التوجه الاقتصادي? الم يحن الوقت لاجراء مراجعة شاملة لهذه السياسات التي اوصلت البلاد الى هذه الازمة, هل تنتظر الحكومة تدخل صندوق النقد الدولي لفرض تعليماته وشروطه من جديد, لم يعد امام البلاد سوى خيار واحد وهو توفر الارادة السياسية لمواجهة الازمة بكافة جوانبها وتبني برنامج البديل الديمقراطي اقتصاديا واجتماعيا.
*العرب اليوم