جمعيات تطوعية تستجدي أموالاً وأخرى مهددة بالإغلاق

الرابط المختصر

لا تعتمد الجمعيات التطوعية في مواردها المالية على جهة بعينها؛ فالموارد متعددة ومتنوعة، لكن، على كثرتها، لا تشكل مصدرا ثابتا يؤمن لها الاستمرارية، ما يعطل عملها، وقد يؤدي في أحيان كثيرة إلى الإغلاق لعدم قدرتها على دفع الإيجار.فيما لا تتجاوز الأنشطة المنفذة من قبل الجمعية أصابع اليد الواحدة، ليعزوه الناشطون في هذه الجمعيات على جملة أسباب أهمها: "قلة الموارد المالية" و"منع إقامة نشاطات متفرقة لعدم حصولهم على ترخيص من محافظة العاصمة" لكن يبقى "التمويل" المحرك الأساسي لنجاح أي جمعية.
 
يبحث الكفيف أسامة السيد رئيس جمعية "شمس الأمل" الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، عن معيل للجمعية التي تؤهل 100 كفيف على لغة البريل وطرق الرد على الهواتف في المقاسم بشمل دوري. يقول إن الجمعية بدأت في الأول من العام الجاري عملها، حيث لا يدفع إيجار المقر إنما "تبرعا" من قبل صاحب البناية في منطقة سحاب لكنه عازم على بيع البناية الشهر القادم ما يلزم الجمعية على دفع إيجار المقر للمالك الجديد.
 
"ثمة تحد كبير نواجهه. وقد حاولنا الاتصال مع شتى الشركات الخاصة والاتحاد العام للجمعيات الخيرية لأجل الدعم لكن لم تجد نفعا باستثناء الاتحاد الذي قدم النذير لتسيير حال الفواتير ليس أكثر"، يقول السيد.
 
جمعية "سيدات عراق الأمير التعاونية " تمكنت من تحصيل دعم مالي بمقدار 16 ألف دينار من السفارة البريطانية أوائل العام 2000، وبعد ذلك لم تستطع، ما حد بها الأمر إلى تقليص منتجاتها والتوقف عن إقامة البازارات. رئيسة الجمعية إنعام السكارنة تعبر عن تخوفها من إغلاق الجمعية التي توظف عشرات السيدات في منطقة عراق الأمير خارج العاصمة.  
 
تبيع الجمعية منتجاتها من الصابون للملكية الأردنية؛ هي الجهة الوحيدة التي استطاعت أن تؤمن لها أجرة المقر وأجور العاملات. تقول السكارنة: "قدمت لنا وزارة التخطيط منحة مالية وصلت إلى 51 ألف دينار، قمنا بعدها بشراء أجهزة وأفران الخزف، ودفع أجور المباني الباهظة".
 
تأسست جمعية مرضى التلاسيميا في عجلون على أكتاف أسر يعاني أطفالها من مرض فقر الدم المعروف بالتلاسيميا. ولا ينكر رئيسها السابق الدكتور حسن بني نصر من "محدودية" عملها لسبب يعزوه إلى "شح الموارد المالية".
 
يقول بني نصر إنهم اصطدموا بأهمية الدعم المالي عند بداية عملهم منذ العام 1996 وأن التبرعات التي يقدمها ذوي المرضى لا تكفي لضمان مسيرة الجمعية.
 
المنتدى الوطني للثقافة الصحية يتشابه حاله مع جمعية مرضى التلاسيميا في الأهداف، تقول رئيسته جهاد البنا أنهم يعتمدون على الشراكات المتعددة مع مؤسسات مجتمعية تؤمن لهم تمويلا نذيرا. "لا نحصل على دعم حكومي، نتمنى أن نصل إلى دعم ثابت من جهة لنتمكن من تنفيذ جملة نشاطات خاصة بمرضى التلاسيميا".
 
"شح الموارد المالية" يعطل مسيرة عمل الجمعيات المتخصصة في أهدافها، حيث لا تقوى على الاستمرارية وسرعان ما تتوقف عن عملها وتهجر مقراتها، وهذا ما حصل لإحدى الجمعيات المتخصصة بمرض التوحد والتي تأسست قبل عدة سنوات لكنها سرعان ما أغلقت بداية العام الجاري لعدم قدرتها على سداد إيجار مقرها.
 
الدكتورة سهام الخفش، رئيسة جمعية "مساندة ودعم الأفراد التوحديين وأسرهم الخيرية"، تتمنى أن تنفذ قاعدة بيانات حول حجم التوحد في الأردن ومعرفة التوزيع الجغرافي وفئاتهم العمرية، لكنها لا تستطيع في الوقت الحالي لسبب "عدم وجود دعم مالي" كما أن التبرعات لا تؤمن لها الديمومة. 
 
جمعية "أصدقاء كبار السن" تعتمد في دعمها على رئيستها سميرة فاخوري، التي تقول إنها تعتمد على "علاقاتها الخاصة لدفع أجرة المقر التي تبلغ ثلاثة آلاف دينار في السنة"، إلا أن هناك دعم "عيني" تتلقاه الجمعية عن طريق شركات تنشط في شهر رمضان فقط، حيث تقدم الأدوية والمعلبات الغذائية.
 
دلال العتوم رئيسة "نادي العون الإنساني" تشير إلى اعتماد النادي ماليا على دعم سيدات ساهمن في إنشائه، وتقول: "هن صفوة المجتمع ومن الميسورات مادياً" إضافة إلى ذلك يقيم النادي سنويا حفلا خيريا يستقطب عشرات سيدات الأعمال وزوجات مسؤولين يدفعن دخول الاشتراك مئات الدنانير، لينتهي الحفل بمبالغ تؤمن قوت النادي على مدى عام كامل.         
 
على جانب آخر، هناك جمعيات متخصصة، لا تقوى على حجز فندق لإقامة حفل خيري ما يجعلها تستجدي دعماً من المنظمات الممولة وحبيسة للتبرعات كما هو الحال مع الجمعية الأردنية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. يقول رئيسها السابق محمد حياصات إنهم يعتمدون على الاتحاد العام للجمعيات الخيرية في دعم لا يتجاوز الـ400 دينار سنويا.
 
"شح الموارد قلص من نشاطات الجمعية وحدد من خططها السنوية في الوصول إلى أكبر فئة من ذوي الاحتياجات الخاصة"، يضيف حياصات.
 
الدكتور بشير شريم رئيس جمعية مكافحة التدخين، يعتقد أن أي تمويل لا يلبي طموحات أي جمعية، ويقول: "المال عائق كبير لدى الجمعيات ولا أي اشتراك يكفي لأي جمعية والدعم الآخر يكون من خلال المؤسسات الأجنبية التي تعيل أي جمعية لها نفس الرسالة".
 
 
ثمة عبء على المواطنين سببه تخمة الجمعيات التي لا تلبث أن تؤسس حتى تغلق، بانتهاء المبالغ المرصودة لها؛ من التبرعات أو رسوم الاشتراكات أو التمويل المقدم من إحدى الجهات الداعمة، ما أثار انتقادات عديدة بين أوساط العاملين في الجمعيات مطالبين بوجود ضوابط على "سوق الجمعيات" التي أصبحت تتكاثر بشكل مضطرد قياسا بحجم عملها.
 
المحامية أسمى خضر دعت سابقا الجمعيات بأن تضع بالتفصيل الغايات التي أنشأت من أجلها ووسائل تنفيذ تلك الغايات. وتقول: "الجمعيات غير ملتزمة بأنظمتها الداخلية إلى حد ما، مما يساعد في ذلك ضعف الأفراد المنتسبين لتلك الجمعيات".
 
على أرض الواقع، تفتقر الجمعيات إلى إستراتجية واضحة لسير عملها، حيث لا تقوى على الاستمرارية، بعد ولادتها بفترة زمنية قصيرة؛ فلا الاشتراكات تعيلها ولا التبرعات كذلك، لتبقى خططها أسيرة داخل أدراج المكاتب المقفلة تنتظر من ينفث الغبار عنها من جديد.