ما يزال الجدل حول التعديلات الدستورية التي أرسلتها الحكومة إلى مجلس النواب يدور، في ظل مواقف تطالب بعدم اقرارها لما لها من تعدي على الدستور بحسب مراقبين ومحللين.
اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية أرسلت 22 تعديلا دستوريا لكن الحكومة اضافت 8 تعديلات أثارت الجدل لتصل إلى 30 تعديلا.
وتنحصر التعديلات الدستورية التي قدمتها الحكومة في تشكيل مجلس للأمن الوطني والسياسة الخارجية يرأسه الملك، ويضم رئيس الوزراء، ووزيري الداخلية والخارجية، وقائد الجيش، ومدير المخابرات، وعضوين آخرين يُعينهما الملك أيضا، وإعطاء الملك منفردا صلاحيات بتعيين قاضي القضاة، ورئيس المجلس القضائي الشرعي، والمفتي العام، ورئيس الديوان الملكي، ومستشاري الملك، وسبق هذه المقترحات تعديلات في عامي 2014، 2016، أعطت الملك الحق منفردا في تعيين رئيس وأعضاء مجلس الأعيان، وقائد الجيش، ومدير المخابرات، ورئيس المجلس القضائي، ورئيس المحكمة الدستورية وأعضائها.
"الطامة الكبرى".
وصنف نائب رئيس الوزراء الأسبق ورئيس الجمعية الثقافية الأردنية الدكتور ممدوح العبادي التعديلات الدستورية إلى ثلاث أشكال، تعديلات شكلية وتعديلات ممتازة في المواد " 54، 56، 59، 61، 75"من الدستور ،بالنسبة للشق الثالث من التعديلات وهو الذي اعتبره سيئا، فهو الاضافة على المادة 40 وهي التعيينات دون توقيع رئيس الوزراء عليها، وكذلك منع الجمع بين الوزارة والنيابة، وأعتقد أن هذه المادة تخالف رأي الشعب الذي يريد ان يحكمه منتخبون كما هو معمول به في العالم الديمقراطي، والنقطة الثالثة وهي الطامة الكبرى التعديلات المقترحة على المادة 32 والمادة 122 التي تقترح تشكيل مجلس أمن وطني برئاسة الملك.
ودعا العبادي المجلسين " النواب والأعيان " لرد هذه التعديلات والتمني من الملك ان يردها أيضا ، لانها لا تخدم الملك والوطن وأنها تعتدي على الدستور .
لا يوجد استقرار دستوري
ويرى العبادي، أن هناك استسهال كبير بحق الدستور الأردني في الأونة الأخيرة أي انه لا يوجد استقرار دستوري في أخر عشر سنوات ، وأنه قد أجري من 60 الى 70 تعديل في هذه الفترة القصيرة مقارنا بالتعديلات التي أجريت منذ عام 1952 الى عام 2011 حيث وصلت إلى 24 تعديل فقط .
واضاف " أن الذي يحدث من تعديلات مخالف للمنطق الدستوري الذي تعلمنا عليه ، وهذا دستور ليس بالسهل فتحه وانه العامود الاساسي للوطن ،لا يجب اللعب فيه."
التعديلات الدستورية ... انقلاب على النظام
بدوره قال النائب ونقيب المحامين الأسبق صالح العرموطي إن توصيات الملك هي اعتداء على الدستور معتبراً أن هذا انتزاع لصلاحيات الحكومة بموجب المادة 45 التي تنص على أن الحكومة تدير مرافق الدولة كاملة.
وجاء هذا تعليقاً على نشر مجلس النواب، على موقعه، مشروع تعديل الدستور الأردني لسنة 2021 الذي أُعطي صفة الأولوية والاستعجال، بعد إقراره من قبل مجلس الوزراء الأحد الماضي.
وأوضح العرموطي، في حديث لـ "عمان نت" أن هذا التعديل ورد من الحكومة مبيناً أن الحكومة تنازلت عن صلاحياتها لجهة غير دستورية مشيراً أن هذا الأمر يتعارض مع نصوص الدستور.
وقال إن انتزاع صلاحيات الحكومة وإعطائها إلى معهد المجلس الوطني برئاسة الملك هو أمر خطير معتبراً أنه لا يمكن إنتقاد أو استجواب الملك أو الطعن فيه لدى المحكمة.
وكان رئيس الحكومة بشر الخصاونة رفض في رده على مداخلتين ساخنتين لرئيس مجلس النواب السابق عبد المنعم العودات ونقيب المحامين الأسبق النائب صالح العرموطي، اتهام الحكومة «بالانقلاب على الدستور»، أو المساس «بالوحدة الموضوعية الجامعة» للدستور الأردني الذي تؤكد بنوده على «مبدأ تلازم السلطة والمسؤولية» في عمل المؤسسات.
radio albalad · صالح العرموطي: إعطاء صلاحيات جديدة للملك اعتداء على الدستور
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، فيصل الشبول، قوله إن التشريعات "نتاج عمل اللجنة الملكيّة، إضافة إلى التّعديلات المقترحة من الحكومة على مشروع تعديل الدّستور"، موضحًا أن الحكومة أقرت التشريعات المقترحة كما وردت من اللجنة إنفاذًا لتوجيهات الملك عبدالله الثاني "دون أي تدخلات أو محاولات للتغيير أو التأثير".
وقال الشبول: "التشريعات الجديدة المقترحة تشكل بداية مرحلة جديدة من التَّحديث في المنظومة السياسية مع مطلع المئوية الثانية للدولة الأردنية، بإحداث تغيير جوهري في النظام الانتخابي قوامه تصعيد العمل الحزبي، وصولاً إلى تشكيل حكومات برلمانيّة مستقبلاً."
تعديلات تسوع صلاحيات الملك
تأتي هذه التعديلات بعد سلسلة من تعديلات مشابهة في عامي 2014 و2016، والتي أصبح الملك يمارس فيها صلاحياته من دون إرادة ملكية موقعة من رئيس الوزراء والوزير أو الوزراء المختصين، إذ أصبح الملك يختار منفرداً ولي العهد، ويعين منفرداً أيضاً نائب الملك، ورئيس مجلس الأعيان وأعضاءه، ورئيس المجلس القضائي، ورئيس المحكمة الدستورية وأعضاءها، وقائد الجيش ومدير المخابرات، ومدير الدرك الذي استُبدل في مشروع التعديلات الجديدة بمدير الأمن العام بعد دمج الجهازين معاً، وتشمل الصلاحيات إقالتهم وقبول استقالتهم، إضافة إلى صلاحياته المنفردة في حل مجلس الأعيان، الغرفة التشريعية الأعلى.