ثقافة الشباب..بين هيمنة الصورة وضياع المسؤولية

الرابط المختصر

لو أردت أن تحصي أعداد الأدباء الأردنيين واستذكار أسمائهم، لبقيت ساعات، لكن عند بعض الشباب الأردني لانهيت العد من أول ثانية، فنتاج الروائي مؤنس الرزاز وغالب هلسة وتيسير السبول لم يسعفهم ليصلوا إلى ذاكرة الشباب الأردني. لكن قد نحسد تيسير السبول لأن بعضا منهم تذكره، لكن كيف يقول شاب "نعم إنه أديب أردني أنتحر"، لكن بوسع القاصة بسمة النسور أن تعمل مونتيرة في التلفزيون حسب شابة لا تعلم من هي لكن "سمعت باسمها"، أو الروائية سميحة خريس "من هي، لا أعلم صدقا".



مؤنس الرزاز، تيسير السبول، غالب هلسا، محمد القيسي، إحسان العباس، حسني فريز، هاشم غرايبه، إلياس فركوح خالد محادين، سميحة خريس، بسمة النسور، إبراهيم نصرالله، نبيلة الخطيب، جمال القيسي، جمال ناجي..أسماء كثيرة لم تحتل ولو حتى بأسمائها ثقافة الشباب، لم نتحدث عن نتاجهم الأدبي لكن حاولنا تقصي الأسماء فقط.



هل من بين الشباب الأردني من يعرف هؤلاء الكتاب والمبدعين؟ هل هناك شباب يقرأ آخر إصدارات الكتب والدواوين الشعرية ويتابع الأمسيات التي يحييها الشعراء والأدباء الاردنيين؟ أسئلة وددنا أن نجد لها إجابات في استفتاءنا الذي لم يصل إلا لمأساة ثقافة يعيشها الشباب الجامعي.



ربما يقع على عاتق الإعلام الدور الكبير في التعريف بأبرز الأدباء الأردنيين، يقول فخري صالح رئيس القسم الثقافي بجريدة الدستور أن الإعلام المطبوع يقوم بدور جيد بالتعريف بالكتاب والمبدعين الأردنيين، لكن المشكلة تكمن في القنوات الإعلامية الأخرى وبخاصة التلفزيون، الذي لا يقوم بأي دور وأنه ليس هناك أي برامج ثقافية حقيقية تقوم بتعريف الشباب بصورة الكاتب والمثقف الأردني ومحاولة إيصال صوته وصورته الى المشاهد الأردني والعربي. "ولهذا فالشباب بصفتهم متابعين للتلفزيون بشكل دائم لا يتعرفون على المثقف ومن يكتب القصة والشعر والرواية في الأردن".



ومع انتشار ثقافة الطرب والفيديو كليب والأفلام، واهتمام الشباب بها وبأبرز نجومها، وانحسار الإبداع والقراءة لديهم، يعلق صالح أن "المسألة لها شقان: الأول في أن الشباب لا يقرأون، لا الصحف ولا الكتب ولا المجلات ويمكن رد ذلك الى النظام التعليمي الذي يركز على تدريس الطالب لتخريجه في تخصصه، وأن الأنشطه اللامنهجيه هي مجرد اكسسوارات وهي غائبة تماما، ولهذا فإن الشباب لا يطلع ولا يعرف من هو حيدر محمود ومؤنس الرزاز وغيرهما، فالشباب يتعرف فقط على نانسي عجرم وهيفاء وهبي لأنها مفروضه عليه في كل القنوات الفضائية أثناء تقليبه للمحطات وهؤلاء هم الموجودين بصورة دائمه ولذلك فالشباب العربي لا يعرف أي شيء عن الثقافة العربية.



وعلى من تقع مسؤولية عدم معرفة الشباب الأردني والعربي بالكتاب والأدباء يجيب الناقد صالح أن "جزءا من المشكلة تقع على الإعلام العربي في كل مكان، والجزء الآخر له علاقة بالعصر وصبغة العصر حيث هيمنة الصورة على الكتابة والكتاب".



أكاديمياً، تقول الكاتبة وعميد كلية الآداب والعلوم بجامعة آل البيت، هند أبو الشعر، أن الثقافة المعاصرة الآن تميل الى الصورة تبعا للتطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم ككل" والأنتقال الى ثقافة الصورة لا يشكل عائقا أمام الثقافة بل العكس هو الصحيح، لكن السماح لهذا النمط بأن يتسيد ويصبح هو النمط الوحيد السائد في حياتنا الثقافية فهذه هي المشكلة.



وتضيف "أنا لا أحتجّ على ثقافة الصورة ولكن الإشكالية هي إحلال هذه الثقافة التقليدية، إذ لا مانع من الاهتمام بهذه الثقافة لكن المشكلة أن هذه الثقافة جرفت هذا الجيل وأنسته الكتاب".





"لنكن واقعيين، فنحن لا نستطيع أن نمنع هذا الجيل من الانخراط في هذا النمط، لأن طبيعة التطورات جعلت العالم كله قرية عالمية، بل العكس يجب أن نستفيد من هذه الظاهرة لا أن نحاربها شرط ألا نجعلها البديل، نعطيها حجمها ونعطي للكتاب ولمظاهر الثقافة المتعددة أيضا حقها ونوازن بين الأمرين ولا نحارب هذا التوجه ونستفيد منه".



وعن دورها ككاتبة أيضا تقول أبو الشعر "لنا دور كبير كأكاديميين وكتاب، وأعتقد أن الجامعات مقصرة في التعريف بالأدب المحلي وعلى الجامعات أن تكون مركز تنوير في هذا الجانب، لكن هناك مجموعة من الجامعات الرسمية والأهلية تدُرّس نصوص أدبية محلية وتحلل هذه النصوص وتقدم أصحابها للطلبة".



المسؤولية لا تقع فقط على عاتق الجامعات فحسب، إنما على المجتمع ككل، وتقول أبو الشعر"لم يدخل في مناهجنا التعليمية التعريف بالأدب المحلي بشكل يليق به مع أن هناك بدايات إيجابية"، فالمسؤولية مشتركة، "والأديب أمامه كل وسائل الإتصال الحديثة، فلما لا يدخل الى الإنترنت ويعرف بإنجازه". وعن دور المؤسسات "يجب أن تقوم بدورها فالمسألة تحتاج الى جهود جماعية لا فردية"، قائلة في نهاية حديثها "انا متفائلة ولست بمجال توزيع تهم لمؤسسات وأفراد".

أضف تعليقك