تواصل الاستياء من التعديلات الدستورية والحراك المدني يبدأ من جديد
*الحراك المدني يستهدف النواب والأعيان * حصر حق الطعن للمحكمة الدستورية يناقض الحقوق *غياب منظومة الاتفاقيات الدولية عن التعديلات*اسقاط “الجندر” عن سواسية الأردنيين يعرقل حقوق الأردنيات
هل تؤيدون تضمين المادة 6 من الدستور الأردني المعدل كلمة الجنس ليصبح النص( الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين او الجنس ؟؟): أؤيد بشدة، أؤيد، لا، لا أعرف.
بهذا السؤال الاستفتائي الذي وضعته اللجنة الوطنية لشؤون المرأة على موقعها الإلكتروني، أعلنت اللجنة وتحالف المجتمع المدني، عن تجديد الحراك المطالب بإعادة النظر بالتعديلات المعلن عنها مؤخرا، لكونها "إجحاف بالمرأة" وضرب الاتفاقيات الدولية التي وقع وصادق عليها الأردن عرض الحائط.
مقترحان لا ثالث لهما، وضعتهما المنظمات الحقوقية حاليا المادة السادسة من الدستور، "الأردنيون رجالا ونساءً أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات"، أو مقترح "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الجنس أو الدين”.
حراك نشط
وتعلق أمينة عام اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، أسمى خضر، عن أسفها من عدم الأخذ بالمقترحات خصوصا بعد تأكيد أعضاء من اللجنة بأخذهم بها، لكنها تؤكد في الوقت نفسه أن الموضوع لم ينته بعد “المجال لا يزال مفتوحا” .
سنعمل بتوازي مع جميع المؤمنين بعدالة المرأة ومساواتها مع الرجل، تقول خضر لوثائقيات حقوق الإنسان، "نتمنى من جميع منظمات المجتمع المدني والإعلام أن تعمل معنا وتساند مطلبنا ونشكل ضغطا على صانع القرار في مجال إحداث التعديلات الدستورية”.
"منسقة حملة أ"مي أردنية وجنسيتها حق لي"، نعمة حباشنة، ورغم خيبة أملها من المقترحات المعلنة، أكدت أن حراكهم سوف يتفاعل أكثر من السابق، وتقول: "خطاب الملك عبدالله الثاني في الثاني عشر من حزيران الماضي أكد على إزالة التمييز بحق المرأة ما يشكل ركيزة لجميع النساء لضمان حقوقها أين مناداة الملك من التعديلات”.
وتعتبر حباشنة أن اللجنة الملكية التي لم تضمن الكلمة "شكل اجحافا بحق جميع النساء"، وتتفق معها خضر وتقول: لم يعد مقبولا ربط حق النساء بالسياسة وإذا كان هذا ما يريدونه فليكن الرجال أيضا".
المحامي مصلح فرح، يرى أن ثمة استدراك لابد منه لمواكبة القصور في التعديلات الدستورية، "المطلوب منا جميعا عقد اجتماعات موحدة وتشاورية لأجل توحيد موقفنا ومطالباتنا والتأكيد على ما اقترحناه سابقا".
وستتوجه المنظمات إلى وزير العدل وديوان التشريع والرأي ورئيس الوزراء، لأن مشروع المقترحات بين أيديهم. “نريد الصياغة من الأصل من الحكومة، بحيث يضمن هذا المبدأ"، وفق خضر.
وتضيف أنهم سيعقدون عدة لقاءات مع رئيس مجلس الأعيان والنواب والكتل النيابية واللجان القانونية في النواب والأعيان وبالتوازي مع البرلمانيات لأجل حشدهم نحو تضمين “الجندر” على المادة السادسة من الدستور الأردني.
من جانبه، دعا رئيس مركز الجذر لدراسات حقوق الإنسان، فوزي السمهوري، أعضاء لجنة تعديل الدستور إلى الالتفات لمطالب الناشطين الحقوقيين،"لم يعد مقبولا أخذهم المقترحات وعدم الالتفات لها من جديد هذا أمر لم يعد مقبولا أبدا".
تعديلات وإن كانت إيجابية..لكن
رغم تسجيل بعض التعديلات إيجابية ممثلة بإنشاء محكمة دستورية، لكها حصر الطعن بدستورية القانون بمجلس الوزراء والأعيان والنواب “يحول دون العدالة الديمقراطية ولابد أن يكون حق لكل صاحب مصلحة والطعن بعدم الدستورية وتكون الأآلية فاعلة وتؤسس لبداية مراجعة وإبطال القوانين التي تعارض الدستور”، وفق رئيس مركز عدالة لحقوق الإنسان، عاصم ربابعة.
الدكتور سمهوري، يعتبر أن حصرها يحرم الأحزاب والمجتمع المدني من حق الطعن، "تعيين ٩ قضاة من محكمة التمييز، فيجب أن يكون هناك مواصفات محددة للقاضي، فإذا كانت السلطة التنفيذية هي من تنسب للملك، فهو يشكل تعديا على استقلالية السلطة القضائية".
المحامي مصلح يتفق مع السمهوري ويضيف أن محاكمة الوزراء "الاتهام يبقى من حق مجلس النواب وبالتالي يجب أن يكون هناك تحقيق، ومن هناك فثمة نقص فقد اناطت الاتهام بحق المجلس، وحرمت القضاء من الاتهام".
نظام عساف مدير مركز عمان لحقوق الإنسان، سجل العديد من تحفظاته على التعديلات، معتبرا أنها أنقصت كثيرا من مقترحاتهم وناقضت التعديلات التي كشف عنها مؤخرا.
وأضاف أن هذا الدستور لا يجسد طموحات المواطنين “لأن الشعب مصدر السلطات” وأردف بقوله أن ثمة غياب واضح لكثير من المقترحات، منها مثلا لم يأخذ بمقترح أن الطعن بعضوية مجلس النواب ينبغي العودة إلى للقضاء.
“لا ترتقي التعديلات لمستوى خطاب الملك، وتطلعات مختلف فئات الشعب ذات المصلحة في بناء دولة مدنية، ديمقراطية”، يقول عساف.
المديرة التنفيذية لمجموعة القانون من أجل حقوق الإنسان، إيفا أبو حلاوة، ترصد تغيبا كاملا في فصل حقوق الأردنيين ووجباتهم،منظومة حقوق المواطنة فضلا عن التعذيب، كما وترصد تغييب ذكر التعذيب كمصطلح رغم وجوده في كثير من دساتير العالم.
وتبدي أبو حلاوة استغرابها من تغييب كامل لنصوص الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان عن التعديلات الجديدة، “. وتعد بمزيد من الحراك المدني المناهض للتعديلات.
لكن ربابعة يسجل نقاط إيجابية في التعديلات منها انشاء هيئة مستقلة للاشراف على الانتخابات، “نتأمل ان تتوفر فيها كل معايير النزاهة” والتأكيد على استقلالية السلطة القضائية.
ودعا نظام عساف إلى حوار بناء ما بين المنظمات ومجلس النواب وأطياف المجتمع الأردني كافة لأجل إيجاد صيغة توافقية بينها.
ومن المقرر أن تجتمع عشرات المنظمات الحقوقية خلال الأيام القليلة القادمة لأجل توحيد ردهم تجاه تلك التعديلات والتواصل مع أعضاء مجلس النواب.
الشارع الأردني..
السيدة أمينة الحجوج والمتزوجة من غير أردني، تعلق لنا بأن إسقاط الكلمة عن المادة السادسة أسقط حقا للمرأة ما أصاب جميع النساء الإحباط.وأضافت أن المساواة والانصاف للنساء يبدأ من الدستور، وتؤكد أن نشاطها مع حملة أمي أردنية لن يتوقف أبدا“ سيتواصل.
السيدة "أم نور" عبرت عن حزنها من التعديلات، وتقول: “كنا نتمنى أن يحدث التغيير بحقنا، لكن للأسف لم يحدث، أنا محبطة جدا".
ويعلق المواطن محمد أبو صفية، أنه يريد أن يستفتى رأيه بالتعديلات الدستورية، معتبرا أن من حقه التصويت على التعديلات من باب أن الشعب مصدر السلطات.
وقد اصدرت حملة أمي أردنية وجنسيتها حق لي، بيانا أدانت فيه التعديلات، معتبرة أنها لم تنصف الأردنيات بالعدل والمساواة بالحقوق والواجبات.
وأوضحت الحملة في بيان لها أن التعديلات الدستورية تخلو من إضافة “الجندر” عند ذكر نص الأردنيون أمام القانون سواء، وهو ما اعتبرته مناقضا للمقترحات الحقوقية بإنصاف النساء، فضلا عن خلوها من نصوص واضحة تجرم التعذيب وإحقاق المواطنة على ما رصدته منظمات حقوق الإنسان في قراءة أولية.
وأضافت أن "المادة السادسة من التعديلات المتعلقة بحقوق الأردنيين وواجباتهم حسب المسودة تضمنت النص على أن الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم على أساس العرق واللغة والدين ولم تتضمن الجنس كما هو وارد في الميثاق الوطني الذي اقر قبل عشرين عاما وكما هو منصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تعتبر الأردن جزء من هذه الاتفاقية بعد أن صادق عليها ونشرت في الجريدة الرسمية.
وطالبت الحملة بنص دستوري صريح على مبدا سمو الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الانسان على التشريعات المحلية وتحريم التعذيب، والنص صراحة على مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة وليس فقط الجنس او العدالة في الحقوق بين الرجل والمرأة، مؤكدة على استمرارها في حراكها ضد أي قانون جديد للجنسية يتنافى مع الدستور "إيمانا بأن المرأة الأردنية مواطنة كاملة الأهلية والحقوق ومن حقها التمتع بكافة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ويعتبر أن الجنسية هي القاعدة الأساسية للمواطنة باعتبارها العلاقة القانونية والسياسية بين الفرد والدولة”.