تنامي الاعتداء على العاملات الأجنبيات في الأردن
منذ صدور الدراسة التي نفذها صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة حول أوضاع "العاملات في المنازل من غير الأردنيين" والحال على ما هو عليه "لا تزال حالات الاعتداء على العاملات في تصاعد".وتعتبر الدراسة التي جاءت بالتعاون مع جمعية أصدقاء المرأة العاملة ان "نقص التشريعات القانونية وغياب الآليات الناظمة للعلاقة بين العاملات ومكاتب الاستقدام وكذلك عدم وجود دور فاعل لوزارة العمل ومع محدودية دور سفارات الدولة المصدرة لعاملات المنازل"، هي أسباب مساعدة لازدياد حالة هرب العاملات بين صفوف العاملات.
واعتبرت الدراسة ان غياب التشريعات المحددة لعلاقة العامل مع صاحب العمل خلق إرباكا كبيرا ما يفتح بابا واسعا أمام الانتهاكات.
ويجتذب السوق الأردني "العمالة المنزلية" من سيريلانكا والفلبين واندونيسيا؛ 81% من الوافدات من سيريلانكا و39% من الفلبين، وفي العام 2001 كانت ما نسبته 85 إلى 94% من سيريلانكا، ومن أكثر الدول العربية استقبالا لهذه الجنسية هي: الأردن، الكويت ولبنان، فيما تشهد الدول العربية ظاهرة متنامية في أعداد العاملات الأجنبيات في قطاع عمل المنازل.
مطلع آب عام 2001 وقع صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفم) المكتب الإقليمي للدول العربية مذكرة تفاهم مع وزارة العمل المسؤولة مباشرة عن قطاع العاملين والعاملات في المنازل من غير الأردنيين تضمنت خطوات جادة لتحسين وتعزيز حقوق العاملين والعاملات في هذا القطاع مراجعة قانون العمل والتعليمات التي تحكم علاقة العمالة المنزلية.
وترمي المؤسسة هدفا نحو تنظيم عمل مكاتب استقدام واستخدام منها تسجيل تلك المكاتب رسميا لدى الوزارة باعتبار ترخيصها واتخاذ آلية لمراقبتها والسيطرة عليها خطوة لضبط سوق استقدام واستخدام العاملات من غير الأردنيين.
تحت عنوان (المرأة العاملة المهاجرة في الأردن..دراسة حالات العاملات الهاربات) نشرت (اليونفام) وجمعية أصدقاء المرأة العاملة المدعومة من الصندوق دراسة تناولت أوضاع العاملات في المنازل من الجنسيات السيريلانكية والفلبينية والاندونيسية في الأردن والهاربات منهن.
"هروب العاملات ظاهرة وتدلل على مشاكل تنتج من المستخدمين للعاملة".
تحرك
مديرة جمعية أصدقاء المرأة العاملة، عايدة أبو راس، تبدي تفاؤلها من تحرك وزارة العمل والذي يتمثل "بإنجاز العقد الموحد وتنظيم عمل مكاتب استقدام واستخدام العاملات والخط الساخن باللغات السيريلانكية والفلبينية والاندونيسية والانجليزية".
تلك الدراسة كانت وفق أبو راس "فرصة للمؤسسات للتحرك وتطلق حملات توعوية موجهة للعاملات غير الأردنيات ومكاتب الاستقدام والوزارة".
مخاوف السفارات
وتبدي سفارات الفلبين والسيريلانكية والاندونيسية مخاوفهم من تلك الظاهرة، ولا توجد إحصائية عن عدد الهاربات لكن السفارة السيريلانكية أشارت في إحصائية غير موثقة ان هناك 100 سيريلانكية هاربة شهريا بمعدل 5 لاجئات يلجأن لسفارة بلادهن في حين السفارة الفلبينية لفتت إلى 90 فلبينية هاربة، أما الاندونيسية فتستقبل من 8-9 هاربات شهريا.
السفارة الاندونيسية بحسب رئيس قسم العاملات الوافدات في السفارة فان 90% من الهاربات يهربن بسبب سوء المعاملة الجسدية أو عدم دفع أجورهن أو رسوم تصاريح العمل من قبل مستخدميهن. فيما السيريلانكية ترمي سبب هروب الخدمات إلى عدم دفع أجورهن يتبعه العمل الزائد المضني والإساءة الجسدية وأخيرا الجنسية ولا تملك أي من تلك السفارات إحصائيات رسمية
ولفتت الدراسة إلى قائمة من الأسباب التي تزيد من هروب العاملات أهمها: "الحبس" وهي مشكلة تواجهه العاملات "ينظر لهن على انهن من ممتلكات المنزل" كأن لا يسمح لها بالخروج من المنزل ابدا حتى إلى حين عودتها إلى بلدها بعد سنتين ونصف السنة.
استغلال
فيما تقوم مكاتب الاستخدام باحتجاز جوازات سفر العاملات والوثائق الشخصية لهن فيما يعتبر ذلك الإجراء بغير القانوني حسب القوانين الدولية كما تعتبره مكاتب الاستخدام بالإجراء الاحترازي للحماية من سوء تصرف العاملة في المنزل وقابلت الدراسة 3 خادمات جوازات سفرهن محتجز اثنتين منهن حاولن الهرب لكن بسبب حجز وثائقهن فلم يتمكن من الهرب...
"الصدمة الثقافية" نتيجة حاجز اللغة بالإضافة إلى الشعر الطويل الذي تطلب العائلات إلى قص شعرهن وهو ما يعتبر لدى السيريلانكيات والاندونيسيات رمز الخصوبة والأنوثة أو الاستحمام لكونهن يعتدن على الاستحمام اليومي في بلادهن اما هنا فيصطدمن بحاجز المنع فيما الفلبينيات وبسبب عادتهن فيعتبروا بأنهن "سهلات المنال" لذلك تقوم العديد من العائلات بحبسهن في البيوت اعتقاد منهن بانها على علاقات جنسية..
أما "مكان الإقامة غير المناسب" وفيه تنام العاملات في المطبخ او أماكن لا تحترم إنسانيتها مثل الحمامات او الممرات. كذلك "العمل الإضافي" فوفق السفارة الفلبينية فالكثير من الفلبينيات يعملن ما يتجاوز العشرين ساعة يوميا وهو ما يؤثر على العدد الإجمالي لساعات النوم.
"كمية غير كافية من الطعام" تواجه بعض العاملات في المنازل عدم الاحترام من حيث عاداتهن الشخصية في تناول الطعام هناك حالات يمنع فيها المستخدم العاملة من تناول نفس الطعام نوعا وكما الذي يتناوله افراد العائلة.
"سوء المعاملة" والأكثر شيوعا الإساءة اللفظية والنفسية و"الضرب والاعتداء الجنسي" فلا يوجد أي نظام مراقبة أو ابلاغ عن حالات الاعتداء الجنسي ووفق السفارة الفلبينية فإن هناك عشر حالات اعتداء جنسي عام 2005 كما أشارات السفارة السيريلانكية إلى معظم حالات الهروب اشتكت من الاعتداءات الجنسية
دور للأمن
بهذا الصدد أشارت إدارة حماية الأسرة التابعة لجهاز الأمن العام إلى ان ما بين عامي 1998 و2005 ثبت حوالي 97 عاملة اللواتي أتينا الإدارة تعرضن لشكل من أشكال الاعتداء الجنسي موزعة الأرقام على النحو التالي: الاغتصاب 52 الشروع بالاغتصاب 8 حالات هتك العرض 26 حالة التحرش الجنسي 11 حالة.
حسب مسؤولي ومحامي السفارات الثلاث فإن الإجحاف الأكثر شيوعا الذي تواجهه عاملات المنازل الوافدات "عدم دفع أجورهن من قبل مستخدميهن" وذكرت عاملة تمت مقابلتها في الدراسة ان مستخدمها وقعها عنوة على ورقة مخالصة تفيد بانها تسلمت أجورها المستحقة رغم حقيقة انه لم يدفع لها ولا حتى لمرة واحدة.
وتطالب أبو راس بضرورة إلزام المكاتب بفتح حساب بنكي للعاملة يوضع الراتب فيه شهريا للحد من هذه التجاوزات التي تحصل.
الملحق العمالي في سفارة فلبين يعتقد "إن الأنظمة العادلة التي توضع وتطبق يجب ان تشجع على خلق ثقافة لاحترام حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق العامل بشكل خاص حتى يتسنى للجميع من الاستفادة من بيئة منتجة". وتشير عاملة فلبينية قابلتها الدراسة إلى انها تنتج في البيت كثيرا وتعامل باحترام وإنسانية ولها غرفة خاصة وتلفزيون وبعد الساعة السادسة لا تعمل إلا في المناسبات وتتمتع بيوم إجازة كامل في الأسبوع.
تتعرض العاملات لإهانة فمع هروبهن من بيوت مستخدميهن يلجأن إلى مكاتب الاستخدام وأحيانا "يقام لهن ملجأ لغير القانونيات مقابل ظروف عمل مهينة غير قانونية كالبغاء.
تعاني العاملات من تناقص الدور المطلوب من سفارات بلادهن بسبب الأعباء المالية من تكليف محامين للدفاع عنهن ومن نقص الموارد المالية وأيضا من غياب نظام المتابعة من قبل الجهات الحكومية المختصة من وزارة العمل ووزارة الداخلية وإدارة الإقامة والحدود "لتخرج العاملة هي ضحية".
وتشكل غرامات تصريح العمل السبب الرئيس الذي تلجأ من أجله بعض العاملات في المنازل إلى الهرب بل وحتى العاملات في المنازل اللواتي أتممن فترة عقد عملهن يجدن نفسهن عالقات في البلد ومن المفروض ان يقوم القنصل في سفارة بلادها بمتابعة حالاتها لأجل إعادتها لمكتب الاستخدام ليتسنى لها العمل عند أسرة أخرى.
وزارة العمل وإدارة الإقامة والحدود لا تسمح للعاملة مغادرة البلاد طالما انها لم تسدد مخالفاتها وغرامتها ويكمن دور إدارة الحدود والإقامة بإصدار بطاقات الإقامة وإلقاء القبض على الهاربات اللواتي يتم الإبلاغ عنهن من قبل الشرطة ومتابعة الأمر مع المستخدمين (أصحاب العمل).
منذ عام 2006 ووزارة العمل تلزم المستخدم بتسديد رسوم تصريح العمل قبل وصول عاملة المنزل إلى البلد وذلك لضمان عدم وقوع العاملات في الشرك الذي عانت منه الكثيرات.
المادة 3 من قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 وتعديلاته تستثني صراحة عمال المنازل سواءً المحليين او الأجانب من مظلة تطبيق أحكام هذا القانون، بذلك، فلا تغطي التشريعات العمالية علاقة العمل بين العاملين ورب العمل.
وحملت الدراسة انتقادً لوزارة العمل التي وصف المديريات التي تم تشكيلها لا تأثير لها لتبقى باقي الخطوات "أنظمة وتعليمات" وليس تعديلات للقانون المعمول به كما ان وزارة العمل أقرت "عقد العمل الخاص بالعاملين في المنازل من غير الأردنيين" ويهدف العقد إلى الحد من أعداد العقود الوهمية وغير المعترف بها من قبل الوزارة .
مديرية العاملين في المنازل، أنشأتها وزارة العمل في شهر أيار عام 2006 وفرضت هذه المديرية إجراءات "بهدف وضع ضوابط على ما يسمى بالعمل التجاري غير القانوني لمكاتب الاستخدام" من باب انها ستكون مسؤولة عن انضباط مكاتب الاستخدام وتنظيمها عبر تسجيلها قانونيا والرقابة عليها وإصدار وتجديد تصاريح العمل وإنشاء خط ساخن لتلقي شكاوى تتعلق بقضايا العمل والإجابة عن أي استفسارات.
ينشط في مجال استقدام استخدام العاملات 120 مكتبا منها 85 مكتبا ينتمي لنقابة أصحاب مكاتب استقدام واستخدام العاملين في المنازل من غير الأردنيين، و65 مكتبا مسجلا لدى وزارة العمل، ووفق نقيب النقابة فإن دور النقابة "تنظيمي" أمام مجموعة مكاتب غير قانونية تشكل حديا أمام المسجلة.
وتشكل وزارة العمل ضابطا للمكاتب، والأخيرة ممثلة بنقابتها تعتبر الوزارة تستهدف عملهم على اعتبار انهم ملزمون فقط :القيام بأعمال الوساطة لاستقدام واستخدام العمالة غير الأردنيين ويطلب منهم تسجيل الشركة باسم أردنيون كما يتوجب على المكاتب عند تقديم طلب الترخيص تقديم كفالة بنكسة لوزارة العمل بقيمة 50 ألف دينار لضمان الالتزام بالأحكام المعمول بها بموجب الأنظمة والتعليمات والقرارات الصادرة بموجبه.
النقابة، تطالب وزارة العمل بإيجاد قنوات مباشرة مع بعضهما لصالح العاملين في المنازل غير الأردنيين. وتنأى بنفسها عن ما ورد في الدراسة، وتقول عضو النقابة وفاء أبو رصاع ان الكثير من المكاتب تعاني من مشاكل تتسبب لها العاملة "منها عدم انسجام العاملة مع عادات المجتمع المحلي".
وتعتبر أبو رصاع انهم يصطدمون دوما مع وزارة العمل التي تضيق الخناق على أصحاب المكاتب، مطالبين بفتح سوق العاملات أمام بلدان أخرى مثل الهند والبنغال لكن الوزارة تتيح المجال فقط لدول السيريلانكا والفلبين واندونيسيا. ويضيف صاحب مكتب استقدام واستخدام، محي الدين خليل على ما أوردته أبو رصاع ان الكثيرات من الخادمات يهربن لأن الأجرة غير مرتفعة ما يقمن للهرب والعمل لوحدهن.
تشير الدراسة إلى أن مصير العاملات في المنازل من غير الأردنيين عالق في شبكة القوانين والأنظمة، موصية الدراسة "توفير ملجأ أو دار رعاية للعاملات الوافدات الهاربات وتوفير هيئة استشارية لتحويل العاملات لدى وصولهن للملجأ وتوفير الخدمات المساندة والاستشارات القانونية وبناء قدرات مكاتب استقدام واستخدام العاملات وتشكيل مجموعة من المحامين للمطالبة بتطبيق آليات تنفيذ المعاهدات الدولية.
إستمع الآن