"تمكين" يكشف واقع العمال المهاجرين في أزمة كورونا.. وما يواجهونه من صعوبات‎

منسيون تحت مطرقة التوقف عن العمل.. وعدم القدرة على تلبية أدنى الاحتياجات

أدى الحظر الرسمي للعمل والتنقل، لمنع انتشار تفشي فيروس كورونا المستجد بالمملكة والعالم، في الحادي والعشرين من مارس 2020، حالة ضاغطة على العمال والعاملات المهاجرين من مختلف الجنسيات، بحرمانهم من أدنى متطلبات العيش وإيقاف دخلهم.

مركز "تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان"، أصدر مؤخرا تقريرا، يبين فيه واقع هؤلاء العمال بين 18 أذار و2 نيسان.

التقرير الذي رصد أحوال هؤلاء العمال، عن طريق مقابلات هاتفية، وتواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمركز؛ "فيسبوك" و"واتس أب"، أكد عدم وجود حالات إبعاد أو احتجاز إداري لهم.

وبين أن ثلاث عاملات منازل من الجنسية السيريلانكية، حجر عليهن صحيا بعد مقدمهن للأردن، فوضعن في فنادق بعمان والبحر الميت من فئة 4 و5 نجوم، وأقمن في غرف مستقلة، وحصلن الخدمات المقدمة لكافة المحجور عليهم من طعام وشراب وعناية صحية.

ويتوقف التقرير عند أوضاع العمال المعيشية، بعد تعليق العمل في المنشآت العامة والخاصة، باستثناء قطاعات حيوية، أكانوا من حملة تصاريح العمل أم مخالفي، مؤكدا تأثير الحظر على العمال المهاجرين والأردنيين وأصحاب العمل؛ اقتصاديا ومعيشيا، في ظل ندرة الحلول لحمايتهم في هذه الظروف الصعبة، بخاصة غير النظاميين منهم، وحملة تصاريح العمل المرن.

العمال المصريون توقف عن العمل دون توفير الاحتياجات

العمال المصريون، الفئة الأكثر عددا بين العمال المهاجرين في الأردن، توقفوا عن العمل، ما حدّ من توفير احتياجاتهم المعيشية، وهذا بدوره، اوقف تحويلاتهم المالية لعائلاتهم في مصر.

وأفصح التقرير عن أن بعضهم أجبر على الالتحاق بعمله، أو أجبر على أخذ إجازة بدون راتب، حتى تنتهي تبعات أزمة "كورونا" والإجراءات المرتبطة بها، فحرموا من الدخل، وتوفير متطلبات العيش، فيما أجل أصحاب عمل، دفع أجورهم، حتى قبل قرار الحظر.

عامل مصري؛ يعمل في منشار حجر بالعاصمة، أكد عدم نيله أجره قبل الحجر، وتذرع صاحب عمله بافتقاره للسيولة المالية، كما وقع في المشكلة ذاتها، عاملون في قطاعات مستثناة من الحظر، مثل البقالات والمخابز ومحطات المحروقات والخدمات المساندة.

كما شكوا من توقف وسائل النقل العام، ما تسبب بصعوبة وصولهم لأعمالهم، وفي حال تمكنوا من وصولها، فبوسائل نقل كلفتها عالية، بخاصة لمن لا تتجاوز أجورهم الـ250 ديناراً، ويؤكد غير النظامين منهم، بأنهم لن يتمكنوا من تقديم شكاوى إلى وزارة العمل، جراء أوضاعهم، خوفاً من محاسبتهم على العمل من دون تصاريح.

ولفت عاملان مصريان يقيمان في مأدبا، أحدهما بلا تصريح، إلى أنهما استمرا بعملهما في ورشة بالعاصمة عمان لأسبوع منذ إعلان الحظر، ولم يكن لديهما ما يكفي من الطعام والتدفئة، برغم علمهما برقم الطوارئ، لكنهما لم يتصلا، حتى لا يتعرض المخالف، لأي تبعات. 

عاملات المنازل ضغوطات قاسية وحرمان من توفير الاحتياجات

عاملات منازل، معظمهن يحملن جنسيات دول الفلبين وسريلانكا وبنغلاديش، يتعرضن أيضا لضغوطات قاسية، فالنظاميات منهن، يعملن ويقمن لدى صاحب العمل، أو خارج منزله، أما غير النظاميات، فتركن أماكن عملهن.

وتشكو النظاميات من معاملة أصحاب العمل السيئة لهن خلال الأزمة، وتعرضهن لأعباء خدمة أعداد كبيرة من أفراد أسرهم، ولأوقات تصل إلى 16 ساعة يوميا، ولا يحصلن على عطل أو راحة، برغم حجم العمل الكبير الذي يقمن به، لتلبية طلبات التعقيم والتنظيف المستمرين.

أما غير النظاميات،  فلا يملكن سبلا لتوفير احتياجاتهن اليومية، وقد تواصل "تمكين" مع أكثر من 600 منهن، شكون عجزهن عن توفير احيتاجاتهن، وأكدت 30 أم منهن، عدم استطاعتهن توفير مستلزمات أطفالهن، إضافة إلى عدم قدرتهن على تسديد إيجارات مساكنهن، ما يعرضهن للطرد.

وبرغم ذلك، يلفت التقرير، إلى أن عاملتي منازل سريلانكية وفلبينية، أصيبتا بفيروس كورونا، اختلاطهما بمصابين، لكنهن تلقيتا الرعاية الصحية في المستشفيات، ووضعهما مستقر.

عاملات صالونات التجميل من دون أجور

في سياق آخر، تتعرض عاملات صالونات تجميل مهاجرات، لعدم حصولهن على أجورهن، التي يغطي جزء منها، إعالتهن لأسرهن في بلدانهن، ولم يتمكن من تسديد إيجارات مساكنهم، وتلبية احتياجاتهن المعيشية، لامتناع أصحاب العمل عن صرف أجورهن، بذريعة أنهم يعتمدون على عملهن في تغطية أجورهن.

ورغم إعلان وزير العمل منذ بداية الجائحة، بالتزام أصحاب العمل في القطاع الخاص بصرف أجور العمال لشهر أذار، لكن بعضهم لم ينفذ ذلك.

ويواجه العمال صعوبة في طريقة تسلم أجورهم التي أعلن الوزير بأنها ستكون عن طريق المحفظة الالكترونية، لعدم امتلاك غالبيتهم هواتف حديثة، أو اشتراكات في الانترنت، ولجهلهم باستخدام التكنولوجيا، ولكون بيانات المحفظة متاحة فقط باللغتين العربية والإنجليزية، بينما معظمهم لا يتقنون سوى لغاتهم الأم، الآسيوية والإفريقية.

المناطق الصناعية المؤهلة غموض ومعاناة في تأمين الإحتياجات

في المناطق الصناعية المؤهلة بالرمثا والظليل، يكشف تقرير "تمكين" أن واقع العمال المهاجرين هناك، يخيم عليه الغموض، فبرغم من أن معظم العمال يتسلمون أجورهم بداية كل شهر بين الرابع والسابع منه، لكن حيثيات تعامل العمال مع الحظر، تظهر معاناتهم الكبيرة في تأمين حاجاتهم الضرورية.

وأوضح أن سكنات العمال هي في مناطق العمل نفسها، وبعيدة عن الأحياء والأسواق، بحيث لا يتيح الحظر لهم تأمين حاجياتهم من مجاوريهم إلا مشيا على الأقدام، ما يحد من حركتهم، كما أنهم يعانون من عدم تسلم رواتبهم، جراء عدم قدرتهم على التعامل مع بيانات المحفظة الاليكترونية المعقدة بالنسبة لهم.

ويعيش هؤلاء العمال، تحت ضغط عدم توافر المواد الغذائية في المناطق المجاورة، فبرغم تخفيف الحظر، بمنح فترة بين الساعتين العاشرة والسادسة يوميا لقضاء الحاجيات، لكن تهافت المواطنين على السلع، حرم العمال من نيل ما يحتاجونه، وعرضهم لاستغلال بعض التجار، ببيعهم مواد منتهية الصلاحية، بأسعار مرتفعة أحيانا.  

في المناطق الصناعية بالظليل، أقدمت الإدارة المحلية على وقف عمل التجمعات التجارية، لمخالفتها شروط السلامة العامة، باعتبارها بيئة ناقلة للفيروس، فحرم العمال من التزود بالمؤونة، لكن إدارة المصانع، بدأت بتزويد العمال باحتياجاتهم، عن طريق موظفين يمتلكون تصاريح عمل مخصصة لهذه المهمة، وتوفير مستلزمات السلامة الصحية لهم.

ويكشف "تمكين" أن عمالا مهاجرين غير نظاميين، هم على رأس عملهم في مصانع تلك المناطق، التي ما تزال مستمرة بالعمل بإذن رسمي، لكنهم يقيمون خارجها، ما يعرضهم للخطر والمساءلة القانونية، إذا أوقفتهم الأجهزة الأمنية، وقد يتعرضون لخطر العدوى بالفيروس، في حال اختلاطهم بمصابين خلال حركة ذهابهم وإيابهم للمصانع.

أضف تعليقك