تمريض الطب النفسي في القطاع الحكومي.. قلة كوادر وغياب الاختصاص

الرابط المختصر

"مرات بتغطي لحالك 16 مريضاً، باقي الأقسام بتلاقي فيها مثلاً 1 أو 2  مداومين"، قالها محمود عمر وهو يصف أوقاتًا صعبة يمر بها خلال عمله ممرضًا في مستشفى للطب النفسي في الأردن.

 يعمل "محمود  عمر"، وهو اسم مستعار، ممرضًا  في المركز الوطني للطب النفسي في الأردن. عمل عمر  لأكثر  من 10 سنوات في مستشفيات الرعاية النفسية والإدمان في البلاد.

يوضح عمر أن تسعة أقسام تتوفر في المركز الوطني للصحة النفسية ويتواجد في كل منها 16-18 ممرضًا، إلا أن المنشأة الصحية تتعرض لفترات نقص في التمريض، بحسب ما أشار. 

مؤكدًا أن العديد من الممرضين الذي عملوا في المستشفى توجهوا إلى العمل خارج البلاد.

يضم المركز الوطني للصحة النفسية 265 سريرًا بنسبة إشغال تصل إلى نحو 67 في المائة. ويبلغ متوسط فترة إقامة المريض فيه 34 يومًا تقريبًا، حسب إحصاءات وزارة الصحة الأردنية للعام 2021. 

تملك وزارة الصحة الأردنية ثلاثة مستشفيات للصحة النفسية تشمل المركز الوطني للصحة النفسية، وهو الأكبر بينها، والمركز الوطني لتأهيل المدمنين، ومستشفى الكرامة للتأهيل النفسي، إلى جانب قسم قضائي تابع للمركز الوطني جرت توسعته حديثًا.

تتسم وظائف الممرض المختص بالصحة النفسية بتقديم الرعاية لمرضى نفسيين محتملين أو فعليين، والمصابين باضطرابات تعاطي المواد، وهو ممرض قانوني حاصل على الشهادة الجامعية الأولى على الأقل.

 

يكشف تحليل البيانات المتعلقة بالمركز الوطني للصحة النفسية عن زيادة محدودة  في عدد الممرضين القانونيين العاملين في المركز خلال الفترة بين العام 2010 والعام 2020.

ينخفض المؤشر  المتصل بعدد الممرضين العاملين في مجال الصحة النفسية عمومًا في الأردن لدى مقارنته بما هو مسجل في دول مجاورة؛ إذ يبلغ 3.3 ممرض لكل 100000 نسمة، مقارنة مع   9.9  في قطر و 4.8 في مصر و 150.3 في تركيا. 

أما عند الحديث عن الرعاية التمريضية المتخصصة في مجال الصحة النفسية يتضاءل المؤشر إلى 0.13 ممرض لكل 100000 نسمة، حسب تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية في العام 2020.

يُصنف ممرضو الصحة النفسية ممرضين قانونيين مختصين، و يتوزعون في فئتين هما ممرض مختص و ممرض مختص متقدم، ويشترط في الحالتين الحصول على شهادة البكالوريوس كحد أدنى. 

ومع ذلك يعمل في مستشفيات الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة الأردنية ثلاثة فئات رئيسة من الممرضين هم الممرض القانوني، والممرض المشارك و الممرض المساعد، إذ لا يحمل الأخيرين شهادة جامعية.

وحسب الممرض محمود عمر ، لا يخضع الممرضون للتدريب مسبقًا قبل تعيينهم في المركز الوطني للصحة النفسية، لكن يبدأ الممرض المعين حديثًا فترة تعريف وتوجيه مدة ثلاثة شهور يتعلم فيها طرق التعامل مع المرضى. في حين قد يجري إخضاعه لدورات لاحقًآ، وفقًا لما أوضح.

 

 

يجب أن يحمل الممرض المختص دبلومًا عاليًا أو مهنيًا أو تدريب في التخصص لا يقل عن 9 أشهر. في حين يضاف شرط الحصول على شهادة الماجستير بالنسبة للممرض المختص المتقدم، ويتوجب في الحالتين الخضوع لامتحان المجلس في الاختصاص, وفق نظام الاختصاص والتصنيف الفني في مهنة التمريض والقبالة الصادر بمقتضى قانون مجلس التمريض الأردني رقم (53) لعام  2006.

 

 

يوضح عمر أن مدير المستشفى يطلب من وزارة الصحة تزويده بكوادر تمريضية كل عام أو عامين، لكن لا بد من انتظار تعيينهم من ديوان الخدمة المدنية، " بيجينا ممرضين لكن قليل، يعني مثلا بيجينا خمسة..ستة ممرضين وعلى دفعات"، حسب قوله.

وهو يعزو نقص الكوادر التمريضية إلى انخفاض الرواتب وتوجه الممرضين للعمل في دول مجاورة.

موضحًا أن المشكلة تفاقمت منذ نحو أربع سنوات. "الراتب كوظيفة حكومية ما بتطعمي خبز، أنا واحد من الناس إللي يشتغل شغلتين، من سبع سنوات مش عشان تعيش برفاهية، عشان تعيش بالمستوى العادي إللي بعيشوا الناس".يقول عمر.

جرى التواصل مع إدارة المركز الوطني للطب النفسي أثناء إعداد التقرير، بهدف الحصول على معلومات حول أعداد الكوادر التمريضية في المنشأة، إلا أن الإدارة اعتذرت عن الحديث دون وجود موافقة من وزارة الصحة.

تقدمت معدة التقرير  بطلب للحصول على موافقة بإجراء المقابلة منذ نحو شهرين، إلا أنها لم تتلق ردًا حتى الآن.

 

أنتجت هذه القصة بالتعاون مع أريج وبدعم من سفارة مملكة هولندا- مشروع 100 واط.