"تلتبيز اربد وبركة العرائس"… خسائر سياحية بسبب التغير المناخي

الرابط المختصر

"كنا نقول عنها تلتبيز اربد، اليوم صارت أرض قاحلة"، يشتكي محمد ربابعة أحد سكان منطقة أم النمل اختلافات الأوضاع الطبيعية بعد تزاحم السياح عام 2019 العام الذي شهدت فيه اربد إرتفاعًا كبيرًا في أعداد السياح بعد إنتشار صور المقاصد السياحية ذات الجمال الخلاب عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

 

تبعد منطقة أم النمل عن مدينة اربد في الشمال الغربي 15 كيلومتر، وكان لها نصيبًا في الإزدحام السياحي عام 2019 ثم أنقذت كورونا العالم بالتخفيف من الوطء البشري على البيئة إلا أنها أعادت الرغبة الكبيرة في الانتشار لمثل هذه المقاصد بعد انتهاء الجائحة، لكن ما شوهد هو تحولها الى أرض يابسة قاحلة.

تصوير: احمد ذيابات                                                                                                                   تاريخ النشر: 2019

 

ينطبق الأمر أيضا على "بركة العرائس" التي تبعد حوالي 20 كيلومتر عن مدينة إربد في لواء بني كنانة ضمن مساحات محمية اليرموك، إذ جفت بالكامل رغم وجودها عبر العصور واعتبارها إرث تاريخي يحمل قصص خيالية أطلقت منها تسمية البركة، وما يميزها أنها موئلا للتنوع الحيوي.

 

يقول العشريني نضال شواهين من منطقة الحمة/اربد، أن "بركة العرائس كان الناس يستخدموها للاستجمام ومصدر للترفيه، خاصة في فصل الصيف بسبب مياهها العذبة والباردة بالإضافة لموقعها القريب من المناطق السكنية، كانت تعتبر مقصد محبوب لدى أهالي المنطقة والزوار"

 

 

تصوير: احمد ذيابات                                                                                                                   تاريخ النشر: 2019

 

وبحسب البلاغات الوطنية الرابعة للتغير المناخي (3) التي نشرتها وزارة البيئة ، فإن شمال الأردن سيواجه ارتفاعًا بدرجات الحرارة وتكرارًا أعلى لموجات الجفاف قد تصل نسبتها إلى 93% بحلول نهاية القرن تحت سيناريوهات المناخ القصوى، مما يهدد النظم البيئية الحساسة والسياحة البيئية.

 

ووفقا لـ طقس العرب: بركة العرائس هي البركة الطبيعية الجيولوجية الغائرة الوحيدة في الأردن ، تبلغ مساحتها حوالي  (10) دونمات مربعة ويقدر عمقها ب (50) مترا، ومحيطها حوالي 1.5 كيلو مترا . 

 

الأرقام المناخية تؤكد تراجع الأمطار وارتفاع الحرارة وتستدعي خطط تكيف عاجلة

 

 

مختصون يحذرون من كارثة بيئية تهدد التنوع البيئي في أم النمل وبركة العرائس.

 

في البعد البيئي للملف، كشف الباحث في الاقتصاد الأخضر، م. مازن أبو قمر، عن تعرض المناطق الطبيعية في الأردن، خاصة منطقة أم النمل، لتدهور بيئي متصاعد بفعل التغير المناخي والضغط البشري. وأوضح أن تراجع الهطول المطري وارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب الرعي الجائر وحركة الزوار، أضعف الغطاء النباتي وقلص قدرة التربة على امتصاص المياه، ما يهدد التنوع الحيوي واستمرارية النباتات.

وأشار إلى أن زيادة التبخر والانجرافات السطحية نتيجة ارتفاع الحرارة أدت إلى تراجع خصوبة التربة، ما ينعكس سلباً على الموائل الطبيعية للكائنات الحية. كما حذّر من فقدان جاذبية هذه المناطق سياحيًا إذا استمر التدهور.

ودعا أبو قمر إلى إعلان المناطق المتأثرة كمحمية طبيعية، وتنظيم الدخول إليها، إلى جانب تنفيذ مشاريع بيئية تشمل جمع بذور النباتات المحلية وإعادة نثرها سنويًا، وإزالة آثار الضغط الميكانيكي لتحسين بنية التربة واستعادة التوازن البيئي.

 

 

 

 

 

أما في البعد المائي، قال خبير التنوع الحيوي والمحميات إيهاب عيد، ان الوضع البيئي في بركة العرائس حرج جدًا، حيث أدى الجفاف الكامل هذا العام إلى اختفاء أنواع برية مثل البرمائيات وسلحفاة المياه العذبة، وتراجع أعداد الطيور المائية. ورجّح عيد الانقراض المحلي لبعض الأنواع التي تعتمد على المياه السطحية للتكاثر، مشيرًا إلى أن غياب الرصد العلمي الموثق لا يلغي وضوح المؤشرات البيئية.

وبيِن عيد، ان التزويد المائي للبركة لا يعتبر حلًا جذريًا خصوصًا وأن الجفاف الكامل يدل على اختلال في التوازن المائي بسبب تراجع التغذية الجوفية والسطحية وهذا الاختلال تسبب في اختلال بعناصر التوازن البيئي من فقدان للغطاء النباتي الذي يشكل نوع من الحماية للموقع.

وأضاف عيد، ان تكرار موجات الحر خلال هذا الشهر الأكثر حرارة صيفًا يعطي مؤشرات لسهولة تبخر مياه البركة في حال التزويد وما يدعم هذا الخطر هو عدم وجود ضوابط حقيقة للاعتداءات على مياه البركة، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالية ضعف الهطول المطري للموسم المقبل.

وأكد عيد أن الإجراء الأمثل هو إعلان البركة "منطقة بيئية حساسة" لضمان استدامة وجودها، ضمن خطة إدارية متكاملة تشمل فرض الحماية القانونية والإدارية على الموقع والحد من النشاطات البشرية السلبية التي تؤدي إلى تدهور عناصر النظام الطبيعي وتوفير استدامة مالية.

 

تطوير منطقة أم النمل السياحية: مشروع واعد في مرحلة الإنتظار

 

وأوضح نائب رئيس بلدية دير أبي سعيد، يوسف الزعبي، أن مشروع تطوير منطقة "أم النمل" السياحية لا يزال في مرحلة الدراسات ولم يبدأ تنفيذه بسبب غياب التمويل وقرار الاستملاك، إذ أن الأراضي ما تزال مملوكة لمواطنين.

وأوضح أن المشروع يراعي أسس التكيف المناخي في التصميم كاستخدام الطاقة الشمسية وحصاد مياه الأمطار، إلا أن البلدية يقتصر دورها حاليًا على فتح وتسوية الطرق المؤدية للموقع وتوفير الحاويات والخدمات، مضيفاً أن هناك خطة لجذب السياح بالتنسيق مع الجهات المعنية، مع الحفاظ على الغطاء النباتي والتضاريس الطبيعية للمنطقة.

 

ما بين شح الأمطار والاعتداءات العشوائية .. جفت بركة العرائس 

 

تعود البركة إلى اختصاص سلطة وادي الأردن، بينما تتولى محمية اليرموك حماية التنوع الحيوي، وتنسق بلدية خالد بن الوليد مع الجهتين لتعزيز النظافة وحماية الموقع. التي بدورها دعت إلى تطوير البركة بطريقة مستدامة، وضمها إداريًا إلى المحمية، لتعزيز الحماية وتوفير إشراف متخصص يضمن صون المورد الطبيعي، وفقا لرئيسة اللجنة البلدية م.راوية الغرايبة.

 

الملكية لحماية الطبيعة.. تغير المناخ يهدد السياحة البيئية في الشمال

 

وقال مدير العمليات السياحية في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة هيثم عمر، أن الجمعية تتابع  التأثيرات المناخية المتزايدة على النظم البيئية والسياحية في شمال الأردن، مشيرًا إلى أن تراجع الغطاء النباتي وجفاف البرك، أدى إلى انخفاض في أعداد الزوار وتراجع تجربة السياحة البيئية.

وأكد عمر، أن هذه الظروف المناخية زادت من خطر الحرائق، وقللت من دخل المجتمعات المحلية المرتبطة بالسياحة، مثل المطاعم والأدلاء السياحيين وبائعي المنتجات. وأوصت الجمعية بحزمة من التدخلات، أبرزها إنشاء خزانات وبرك لتجميع المياه، وتنظيم مشاريع تشجير وإعادة تأهيل المواقع الطبيعية، وتطوير مسارات سياحية مستدامة مثل المشي والتخييم.

ودعا إلى تكامل الجهود بين الجهات الرسمية والمجتمعات المحلية، مشددة على أن السياحة البيئية لا يمكن أن تستمر دون حماية المنظومات الطبيعية التي تعتمد عليها، مشيرة إلى أنها تواصل جهودها في الرصد الميداني وتقديم الحلول المستدامة للتكيف مع التغيرات المناخية المتسارعة.

 

إربد في مواجهة التغير المناخي: خطط وإجراءات وزارة البيئة

 

فيما قال مدير مديرية حماية الطبيعة في وزارة البيئة م.بلال قطيشات، أن وزارة البيئة تدرج قطاع السياحة البيئية في "خطة النمو الأخضر (2021–2025)" كعنصر محوري.

وصنفت إربد "منطقة حساسة مناخيًا" والأكثر هشاشة في الأردن، وفق التقرير الوطني الرابع لتغير المناخ (2024) وهو المرجعية الأحدث للتقييم، وفقا للقطيشات.

الذي أشار إلى تراجع الأمطار وارتفاع الحرارة وتكرار موجات الجفاف، خاصة في منطقة "أم النمل"، المصنفة ضمن أولويات التدخل لإعادة تأهيل النظم البيئية.

وأوضح قطيشات، أن وزارة البيئة تنفذ مشاريع وطنية مشتركة " 86 مشروعًا " ضمن خطط النمو الأخضر.

تصوير: فاروق العمري / أم النمل                                                                                              تاريخ النشر: 1/1/2025

 

 

 

بركة العرائس جفت: ماذا يعني ذلك لسلطة وادي الأردن

 

فيما يخص بركة العرائس، قال الناطق الإعلامي في سلطة وادي الأردن عمر سلامه، أن المملكة عانت خلال الأعوام القليلة الماضية من مواسم مطرية شبه جافة، وتعمل السلطة بالتنسيق مع المنظمات والجهات المعنية على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استدامة التنوع الحيوي.

وأوضح سلامة حول مقترح سكان المنطقة بتزويد بركة العرائس من نهر اليرموك، الذي يبعد عنها حوالي 1 كيلو متر أنه أمر غير ممكن بسبب صعوبة نقل المياه من الأسفل إلى الأعلى. وأشار إلى أن السلطة نفذت السبت الثاني من آب الحالي عملية تزويد مياه للبركة كنهاية لهذه القضية من وجهة نظر السلطة.

تصوير : نضال شواهين / بركة العرائس                                                                                   تاريخ الصورة 13/7/2025

 

طور هذا التقرير ضمن المبادرة الصحفية (ECO Media) التي تأتي ضمن برنامج "جيل جديد" المنفذ من منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية - أرض.