من بريطانيا وحتى اندونيسيا مرورا بايطاليا واسبانيا وفرنسا والارجنتين وماليزيا وكوريا الجنوبية والكثير الكثير من الدول جميعها ( باستثناء ما يسمى بالوطن العربي ) تشهد مظاهرات والاعمال احتجاجية منذ اكثر من اسبوع فمن سائقى الشاحنات وحتى ربات البيوت مرورا بالموظفين واصحاب المهن يشاركون في هذه المسيرات ، التي قال عنها الخبراء بانها اوسع موجه احتجاج عالمية تغمر اجزاء واسعة من المعمورة،  ويشدد الخبراء انفسهم على انها الاخطر ايضا ،لان الجميع يعرف لماذا وكيف بدات؟  ولكن لا احد يعرف كيف ستنتهى ؟ وما هي نتائجها على الاستقرار العالمي؟!! نعم الى هذا الحد الذي تؤثر معه على الاستقرار العالمي ....!

كل هذه المسيرات والمظاهرات والمواجهات بين الشرطة ( المتفهمة في غالبية الاوقات لمطالب المتظاهرين) والمحتجين بسبب  الاعتراض على ارتفاع اسعار النفط وما يرافقه  من ارتفاع جنوني لاسعار المواد الغذائية. للمتظاهرين حق في التظاهر ، بعد ان ارتفاع سعر النفط منذ نهاية العام الماضي الى اكثر من 270 % ، اليس هذا جنوني ! وغيرمنطقي ، ويدعو الانسان الى الخروج عن طوره وان يتظاهر حتى لو كان اوروبيا ....!!!
 وهنا فقط لتذكير يمكن القول انه لو استمر ارتفاع اسعار النفط كما يتوقع الخبراء بان يصل سعر برميل النفط الى اكثر من 150 دولار حتى نهاية العام الحالى فان هذا يعنى ركودا اقتصاديا حاد يجتاح العالم وبالتالى فان هذا الركود سيؤدى الى انخفاض الطلب على النفط والذي سيبدء بالتكدس في الاسواق بانتظار المشترى، هذا الوضع يكبد الدول المصدرة للنفط خسائر باهظة ،ومن هنا جاء اعلان السعودية بانها قررت رفع كمية النفط المستخرج من ابارها بنسبة كبيرة لسد الطلب المتزايد في الاسواق العالمية......
وعودة الى المظاهرات حيث يطالب الناس هناك وليس هنا،  بدعم حكوماتهم للنفط او تعيد تلك الحكومات النظر في سياساتها الاقتصادية ، اخذه بعين الاعتبار الطبقات غير القادرة على تحمل هذا الوضع الجديد .
اما عندنا ونحن نقصد هنا العالم العربي ، فحدث بلا حرج ، فلا حياة لمن تنادى  وكان هذا العالم يعيش خارج السرب العالمي ، او يعيش على كوكب اخر ، او ان هذه الموجه لا تحرك شعره من جسد العرب لانهم اغنياء ..! فلم نسمع عن مسيرات سلمية للغاية تعبر عن عدم رضى عن هذه الموجه من ارتفاع الاسعار ، وليس بالضرورة ان تكون تلك المسيرات ضد الحكومات العربية،  بل لتعبير فقط عن غضبهم! وان المسيرات التي جرت كانت متواضعه للغاية ،وهذا ما فسره بعض اساتذه  علم الاجتماع هذه التصرف من قبل الشعوب العربية على اختلاف الوانها بانه ما يسمى بعلم الاجتماع  " سلوكا تكيفيا" وهذا السلوك يريح الشعوب العربية  من التعبير عن انفسهم،  مقنعين انفسهم بان موجه ارتفاع الاسعار شئ عالمي لا دخل لهم ولا لحكوماتهم وبالتالى يجب ان نتكيف مع الوضع والرزق على الله !!!
 وهذا ليس صحيحا !!
 صحيح ان اسعار النفط ارتفعت بصورة كبيرة ، ولكن الاصح هو ان الحكومات تفرض رسوم وضرائب تصل في بعض الاحيان الى اكثر من70 % واقل الضرائب لا تقل عن 25 % وبالتالى فانه لو قامت تلك الحكومات والمستفيدين من هذا الارتفاع بالتقليل  قيمة الضريبة ، ستكون الضربة اقل ايلاما على المواطن وسيشعر بان الحكومة  معه في نفس القارب
 اذن اذا تعودونا التكيف ... سياتى يوم علينا  وقد فقدان كل شئ !!