تكرار عرض صور "غزة" تُبلد المشاعر وتنتهك الطفولة

الرابط المختصر

داخل بيوت العمانيين تتسيد التلفزيونات في مجالسهم، وتفرض صوتها عاليا وسط صمتهم، حيث لا يقوون على النطق إلا جمل المؤازرة المعنوية والتعاطف غير المحدود مع شهداء قطاع غزة.

ولا ينتهي مسلسل الدمار الذي يعيشه الأهل في قطاع غزة، في وقت تتواصل متابعة الأردنيين للفضائيات العربية وما تبثه من صور أشلاء لأطفال ونساء ورجال.

"الصورة بألف كلمة" كما يقول المثل الصيني؛ هي عند من يتابع الأحداث الدامية الحاصلة في قطاع غزة يعتبرها عن مائة ألف كلمة. ولا تقف الصور عند واحد بعينه فالكثير منهم أصبح مهتما أن يشاهد أطفاله صور الضحايا على وحشيتها، لقناعته بأنها الحقيقة ويجب مشاهدتها لتبيان حجم الكارثة الإنسانية التي تحدث في قطاع غزة.

في استفتاء أجراه موقع "عمان نت الإلكتروني" أظهر أن 67.07 % من المستفتين يروون أن هذه الصور "تنقل الحقيقة وتظهر بشاعة الموت"، في حين وجد 21.15% أن تكرارها يؤدي إلى "الاعتياد عليها وفقدان تأثيرها"، ونسبة 6.34 % ترى أن هذه الصور ما كانت إلا فرصة "لزيادة جمهور الإعلام"، وأخيرا اعتبرت نسبة 5.44 % أن هذه الصور تعمل على "تحفيز العنف".
 
الشاب علي واحدا من المشاهدين المدمنين على نشرات الأخبار الخاصة عن قطاع غزة، يقول إن ما تبثه الفضائيات "لا تتخيله العين، صعب أن أتحدث عن ما أراه يوميا لكني اعتدت على مشاهدته".
 
والمنافسة جعلت الناس يعتادون على صور الموت والدم حتى أصبحت جزء من ثقافة حديثهم اليومي.
 
محمود اعتاد على مشاهدة صورة الدمار والوحشية يقول إن الجزء من مهمة الإعلام هي جعلنا الاعتياد على مناظر الدمار التي طالت الإنسانية بالتالي أي جريمة تقع نكون معتادين عليها وهنا لا نتأثر منها.
 
وتلعب الصورة دوراً في إحداث تأثير في الرأي العام، لكن، طول مدة الحرب وتكرار عرض الصور يولد اعتياداً لدى المشاهد، ما يضعف التأثير، بالتالي تتراجع مشاعر التأثير، ويصبح منظر الأشلاء أمرا اعتياداً قد ينعكس على التجارب الشخصية.
 
"حزني يزداد يوميا عندما أشاهد مناظر القتل اليومي والطرق المختلفة في الدمار" هذا ما يقوله فهد 50 عاما.   
 
الطفل محمد 11 سنة، يقول دائما لوالديه أنه يريد أن يضحي بجسده فداء للأهل في غزة، ويشعر أنه لا يخاف أبدا. وشقيقه محمود 9 سنوات يتحدى شقيقه من سيموت مثل أطفال غزة.
 
أبو علي يعتبر أن الصور التي بثُت بداية العدوان على غزة كانت بمثابة حقن التخدير التي ساهمت في قدرته النفسية على تحمل باقي الصور التي بثت لاحقا. لكن زوجته فضلت حجب الصور من أمام أطفالها الذين أقلعوا عن الأكل والنوم جيدا تأثرا من الصور التي تبثها الفضائيات.   
 
نفسيا، ثمة صور تبعث في بعض المشاهدين متعةً خفية لا تتوانى فضائيات من بثها باستمرار في مسعى تجاري تتمثل بجلب أكبر عدد ممكن من المشاهدين.
 
ويؤكد علم النفس أن ثمة عجز نفسي يكتسبه الإنسان عندما يزداد تعرضه لعوامل الإحباط والألم والشعور باليأس، ومن ثم يتحول إلى إنسان لا مبالٍ، ويفقد الرغبة في التغيير، ثم تصبح الصور غير مؤثرة ولا يشعر بمعاناة أصحابها.
 
دكتور علم النفس، محمد الحباشنة، يجد أن لهذه الصور "تأثيرا على عقلية المشاهد وخصوصا فئة الأطفال، فتكرار مشاهدة الصور تعتبر نوع من الإساءة العاطفية وإساءة وإهمال وخصوصا لدى فئة الأطفال فنحن نعرضهم لشيء ضد تفكيرهم ومعتقداتهم لان الطفل يعتقد أن العالم مستقر وامن وعندما تأتي هذه المناظر بهذه القسوة تشعره بانتهاك أمنه وتسرق طفولته".
 
ويبين الحباشنة "هذه المشاهد وتأثيرها يكون نفس التأثير عندما ينظر الطفل إلى فيلم اباحي فالصورة تعلق في ذهنه على الفور، أكثر مما هو مقروء أو مسموع".
 
ويجد الحباشنة أن تكرار مشاهد القتل والدمار يؤدي إلى الذهول والانطفاء والخمول وتبلد المشاعر عند الكبار، وأضاف "تكرارها يؤدي إلى الوصول إلى مرحلة عدم الفعل وفقدان الأمل وكلما تضخمت المشاعر اتجاه غزة كأننا نفعل شيء لهم ولكن ذلك غير صحيح بل نحن نؤذي أنفسنا".
 
وكان سؤال الاستفتاء الذي نشره موقع "عمان نت": "ما هو تأثير تكرار عرض صور دامية من غزة" فيما كانت الخيارات والنتائج كما يلي:  

نقل الحقيقة وبشاعة الموت 67.07%.

 الاعتياد عليها وفقدان تأثيرها 21.15%.

زيادة جمهور الإعلام 6.34%.

 التحفيز على العنف  5.44%.