تفكيك قانون هيئة مكافحة الفساد

الرابط المختصر

فيما انهت اللجنة القانونية في مجلس النواب ورشة العمل ( الفقهية و الدستورية ) التي عقدتها على الاسبوع الماضي بواقع ثلاث جلسات حول " مشروع قانون مكافحة الفساد " ...فان ورشة داخل اللجنة ستبدا العمل على " فك و تركيب القانون " بصيغة تتلافى العيوب التي توافق جميع المشاركين في ورشة العمل من الخبراء العرب في القانون الدستوري الذين جرى دعوتهم الى الورشة من مصر ولبنان وعدد من اساتذة القانون الدستوري الاردنيين وكذلك نقيب المحامين على عدم انسجام مواد المشروع مع الاحكام الدستورية وبعض القوانيين المعمول بها .



والنتيجة التي خرجت الورشة منها ان مشروع القانون يتقاطع مع احكام الدستور و التعارض معها و مع البناء القانوني للدولة وهو رأي ترفضة الحكومة و تصر على الدفاع عن المشروع وانه لا يخالف الدستور..لكن هذا الراي لايلقى اذنا صاغية لدى خبراء القانون الدستوري و كذلك اللجنة القانونية النيابية و لذا فان اللجنة ستعمل خلال الايام القليلة القادمة على ." تصويب وتجاوز حالة الإشكالات الدستورية بالتعديل أو بالإضافة أو الشطب .



و مصير مشروع القانون على الارجح سيكون لصالح تصويبة لتلافي الإشكالات الدستورية بالتعديل أو الإضافة أو الشطب وهذا القرار لة مبرران لدى النواب، الاول اغتنام الفرصة التي تمثلت بالإرادة السياسية العليا للملك عبدالله الثاني وتوفر النية الحازمة لمكافحة الفساد كآفة تنزف مقدرات الأوطان، والمبررالثاني إعطاء مجلس النواب فرصة اكبر في مناقشة القانون خصوصا أن رده وتحويله إلى مجلس الأعيان، سيحرم مجلس النواب من مناقشته مرة أخرى، والاكتفاء بعملية التصويت عليه.







ولكن ماهي العيوب القانونية في مشروع القانون ....؟



يعدد عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب زهير ابو الراغب جملة من المواد الواردة في مشروع القانون التي تصطدم باحكام دستورية وفي مقدمتها تسمية القانون

فكلمة هيئة لاتنسجم مع المعاني الواردة في مشروع القانون لان الهيئة تعني الامور الادارية ولذا فان الحيثيات الموجودة في القانون الذي يقوم باعمال التصدي لقضايا الفساد و تحديد معنى الفساد و المحكمة المختصة التي تعالج هذة القضابا و الاشخاص المشمولين في احكام القانون ، ولذا فان تسمية مشروع القانون قد تصبح ( قانون مكافحة الفساد ) .









ترى اللجنة بعد القراءة الاولى للمشروع ان التطبيقات القانونية المعمول بها تشمل كافة الامور المتعلقة بمكافحة الفساد سيما في قانون العقوبات وان مشروع القانون يتناول فقط امر المحسوبية و الواسطة ....وهنا يقول ابوالراغب ان المفهوم العام لجريمة الفساد في المشروع يخرج عن المنظومة القضائية الجنائية بمعنى ان تعطي المواد القانونية بصورة واسعة بحيث يكون هناك اغتيال للشخصية و تناول الناس بصورة ارتجالية و مصلحية دون ان نطبق المفهوم العام الجزائي انة ( لا عقوبة الا بنص و لا جريمة الا بنص ) .





ويوضح ان شمول الواسطة و المحسوبية ضمن احكام المشروع يعني ان اي مواطن يطلب من وزير او مسؤول وظيفة او ما شابة ذلك فان احكام المشروع تنطبق على هذة الحالة وهذا يجافي العدالة ( فالمعروف عرفا كالمشروط شرطا ) وبالتالي سوف يخرج عن الهدف الذي يتوخاة المشرع وهو هنا (الملك ) الذي راى ان يتناول المشروع الفاسدين و المفسدين الذين تتطاول ايديهم على المال العام و ليس بصورة مطلقة كما هو وارد في مشروع القانون .



اذن كيف يتعارض مشروع القانو ن مع احكام الدستور ؟



الاجابة على هذا السؤال يوضحها النائب ابو الراغب حيث يقول " ان مواد المشروع لاتنسجم مع القوانيين السارية المعمول بها التي بحثت في مجلس النواب سيما قانون العقوبات و قانون الجرائم الاقتصادية المعدل لسنة 2004 و قانون اشهار الذمة المالية ( الكسب غير المشروع ) الذي صدر قرار من المجلس العالي لتفسير الدستور تضمن بانة لايجوز ان يكون اعضاء مجلس الامة ( النواب و الاعيان ) من ضمن المشمولين في احكام مشروع قانون اشهار الذمة المالية.

ويوضح ان هدم هذة القوانيين او التناقض معها و اختلاف المعايير بين قانون لآخر فانة سينعكس سلبا على حقوق بعض الناس و بالتالي اهدار مبدا العدالة ".



وتاليا بعض المواد الواردة في المشروع القانون التي تتقاطع مع الدستور :



اولا / الفقرتين (ا و ب) من المادة الثامنة في مشروع القانون تتعارض مع القوانيين المشار اليها ( وتنص المادة (8) على : تتولى الهيئة في سبيل تحقيق اهدافها المهام والصلاحيات التالية:-

أ- التحري عن الفساد المالي والاداري، والكشف عن المخالفات والتجاوزات وجمع الادلة والمعلومات الخاصة بذلك ومباشرة التحقيقات والسير في الاجراءات الادارية والقانونية اللازمة لذلك.

ب- ملاحقة كل من يخالف احكام هذا القانون وحجز امواله المنقولة وغير المنقولة ومنعه من السفر وطلب كف يده عن العمل من الجهات المعنية ووقف راتبه وعلاواته وسائر استحقاقاته المالية وتعديل اي من تلك القرارات او الغائها وفق التشريعات السارية المفعول ) .



ويوضح ابو الراغب انة" في قانون اشهار الذمة المالية يقع عبئ الاثبات على الشخص المطلوب لدائرة اشهار الذمة بان يقدم تقريرا حقيقيا عن التطورات التي طرأت على ثروتة وثروة زوجتة و اولادة بعكس ما ورد في مشروع القانون الذي يلقي العبء على الهيئة التي سوف تقيم الاثبات على اي شخص ما قد ارتكب قضية فيها فساد .



ثانيا / الفقرتين (ج و د ) من المادة الثامنة تصطدم مع القواعد العامة الجنائية الجزائية ، وتنص الفقرة ( ج) على ( تلقي الشكاوى والاخبارات التي ترد او تقدم اليها من ذوي العلاقة وفقا لاحكام هذا القانون وبموجب التعليمات التي يصدرها المجلس لهذه الغاية) اما الفقرة (د) فتنص ان ( للهيئة ان تبدأ في اجراء التحريات اللازمة لمتابعة اي من قضايا الفساد من تلقاء نفسها او بناء على اخبار يرد من اية جهة، واذا تبين بنتيجة التحري او التحقيق ان الاخبار الوارد الى الهيئة كانت كاذبة او كيدية يتم تحويل مقدمها الى الجهات القضائية المختصة وفقا للاصول القانونية المتبعة ) .



وبرأي ابو الراغب فان الفقرتين تتعارضان مع القواعد الجنائية و الجزائية العامة حيث ان اي شخص يستطيع ان يقدم للنيابة العامة اي بيانات او وثائق او اوراق في اي قضية فيها شبهات فساد وهذا حق طبيعي للمواطن لتحقيق المصلحة العامة ولا يستطيع اي شخص ولو كان المدعي العام طبقا لقانون العقوبات ان يتناولة لان ما يقدمة لايكون تحت تأثير القسم القانوني امام اي جهة قضائية مختصة .



ويتساءل ابو الراغب عن عبارة ( من ذوي العلاقة ) الواردة في الفقرة (ج) لافتا الى ان هذة الفقرة تحصر الاحالة و الشكاوى والاخباريات التي تقدم الى الهيئة وهذا مخالف لقانون الجزاء ويقول" ان اي انسان طبقا للقواعد العامة ان يقدم الشكاوى الى المدعي العام او قاضي الصلح و ليس هناك اي حجر على اي مواطن ان يقدم الشكوى ويستطيع المدعي العام طبقا لاختصاصة القانوني الاحتفاظ بالشكاوى او احالتها الى النائب العام للتصديق عليها من حيث احالتها الى المحكمة المختصة سواء محكمة البداية او الجزاء او الصلح او الجنايات" .



ثالثا/ المادة السادسة في المشروع التي تنص على سريان احكام هذا القانون على (رئيس الوزراء والوزراء و رئيسي مجلسي الاعيان والنواب واعضائهما ) .



ويقول ابو الراغب ان شمول هؤلاء باحكام القانون يصطدم مع المادة الدستورية (55) التي تنص على ان ( يحاكم الوزراء أمام مجلس عال على ما ينسب إليهم من جرائم ناتجة عن تأدية وظائفهم ) حيث ان القانون تضمن احالة قضايا الفساد على المحكمة .



واضاف فيما يتعلق بالنواب و الاعيان فان احكام القانون تصطدم مع المادة (86) من الدستور التي تنص على في الفقرة (الاولى ) على ( لا يوقف أحد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ولا يحاكم خلال مدة انعقاد المجلس ما لم يصدر من المجلس الذي هو منتسب إليه قرار بالأكثرية المطلقة بوجود سبب كاف لتوقيفه أو لمحاكمته أو ما لم يقبض عليه في حالة التلبس بجريمة جنائية وفي حالة القبض عليه بهذه الصورة يجب إعلان المجلس بذلك فورا ) وكذلك الفقرة الثانية من المادة التي تنص على ( إذا أوقف عضو لسبب ما خلال المدة التي لا يكون مجلس الأمة مجتمعا فيها فعلى رئيس الوزراء أن يبلغ المجلس المنتسب إليه ذلك العضو عند اجتماعاته الإجراءات المتخذة مشفوعة بالإيضاح اللازم ) .



ويوضح ان شمول النواب و الاعيان ضمن احكام القانون يصطدم ايضا مع قرار المجلس العالي لتفسير الدستور المتعلق بهذا الخصوص وشمول النواب و الاعيان في احكام قانون اشهار الذمة المالية .

أضف تعليقك