تفشي البضائع المقلدة
اعترف مسؤولون ومواطنون بتفشي ظاهرة البضائع المقلدة وتسللها إلى السوق المحلية، مشيرين إلى خطورة هذه الظاهرة اقتصاديا وقانونيا وصحيا؛ إذ يمكن أن تودي بعض تلك البضائع المقلدة بحياة الإنسان.
وخلصت "الغد" في جولاتها التي قامت بها إلى الأسواق وإلى عدة مؤسسات محلية إلى أن كل ما هو متداول في الأسواق عرضة للتقليد والتزوير، ما يسبب خسائر كبيرة للشركات التي تنتج المواد الأصلية، وبالتالي يقلص الفرص الاستثمارية في الأردن، لقناعة الشركات الكبرى بعدم الأمان في حق براءة الاختراع وحق الملكية داخل السوق المحلية، في ظل عدم وجود ضوابط حقيقية تحد من التقليد داخل السوق الأردنية.
وتقف العديد من العوائق الإدارية والفنية أمام تفعيل مبدأ الرقابة على البضائع المقلدة ناهيك عن تعدد المرجعيات وضعف التنسيق بين الإدارات الرقابية المختلفة.
ويعد الأردن من البلدان المستوردة للمنتوجات المقلدة لكنه لا ينتجها،
إذ يتم استيراد المواد المقلدة من بلاد معينة قادرة على إنتاج كميات كبيرة من السلع وتصديرها إلى دول العالم.
وتتعدد طرق دخول البضائع المقلدة إلى الأردن من خلال أساليب التهريب المتعارف عليها، أو من خلال إخفاء عينات من البضائع المقلدة داخل كميات من البضائع الأصلية بحيث لا تصل اليها يد الجمارك أو مؤسسة المواصفات والمقاييس في المراكز الحدودية.
ويعتبر التقليد جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامات، إضافة الى منع إدخال البضائع المقلدة الى السوق الأردنية، إذ يتم التحفظ على الكميات المضبوطة وإتلافها بحسب القانون، أو إعادة تصديرها الى الخارج على اعتبار مخالفتها للمواصفات والمقاييس الأردنية.
الألعاب المقلدة.. مضرة بالأطفال
من ناحيته، قال مدير التسويق المؤسسي للمركز الأردني للتجارة والاستثمار وكيل إحدى العلامات التجارية لألعاب الأطفال، خليل سالم، إن تقليد الألعاب لا يكون بالعلامة التجارية، وإنما بمبدأ اللعبة وفكرتها، في حين إن الألعاب تكون حاصلة على براءات اختراع.
وذكر سالم أن بعض قطع الألعاب تكون تكلفتها عالية، وذلك لمطابقتها للمواصفات والمقاييس الأردنية والبريطانية على حد سواء، فالألعاب خالية من الرصاص، ومصنفة بحسب عمر الأطفال ونوعية اللعبة، إضافة إلى احتوائها على تحذيرات وإرشادات لاستعمالات اللعبة.
وأضاف أن الألعاب المقلدة تحتوي على مواد مضرة بالطفل في كثير من الأحيان، ولا ترشد الأهالي إلى كيفية استخدام اللعبة، فبعض الألعاب لا تصلح سوى لسن معينة، بينما الكثير من الزبائن لا يدركون الهدف الحقيقي من اللعبة، ما يؤثر على حجم مبيعات الشركة في الأردن والخارج.
العطور المقلدة تزعزع ثقة المستهلك بالأصلية
وقال مسؤول قسم العطور والمكياج في وكالة عطور ومستحضرات تجميل، ناصر سوندة، إن التقليد يكون بشكل أكبر في العطور لأن ذلك يتم بشكل أسهل، مشيراً إلى أن المبيعات لا تتأثر بقدر ما تتزعزع ثقة المواطن بالسلعة، إذ يجدها خارج الوكالة بسعر رخيص وداخل الوكالة بسعر أعلى بشكل واضح.
وبين سوندة أن الضرر المعنوي أكبر من الضرر المادي بخاصة أن زبائن الوكالة لا يشترون من المحلات التي تبيع المواد المقلدة، في حين إن زجاجة العطر المقلد تحتوي على مادة "السبيرتو" بالإضافة إلى لون ما.
وأكد سوندة أن مؤسسة الغذاء والدواء أثبتت أن غالبية المواد التي تدخل في تركيبة السلع المقلدة تؤثر على الجلد والبشرة، وصحة الجهاز التنفسي نتيجة المواد "الطيارة"، سواء أكانت عطورا أو مستحضرات تجميل.
وأشار إلى أنه منذ بداية العام 2007 ترسل كل قطعة تدخل إلى الأردن إلى وزارة الصحة، لمطابقتها للمواصفات المحلية ومنحها شهادات إجازة تداولها في الأسواق.
وذكر أن الدولة الوحيدة في العالم التي تخضع العطور للفحص هي الأردن وهو من مصلحة المواطن بشرائه سلعا مضمونة، ومن مصلحة الوكالات التي تبيع بضائعها بشكل شرعي ومدروس، ويساهم بالحد من التهريب؛ إذ إن المهرب لا يستطيع الحصول على شهادات الإجازة للبيع في السوق.
تجار يبيعون بضائعهم لزبون لن يعود
وقال التاجر، مصطفى سالم، الذي يعرض مجموعة من الكهربائيات على بسطة في وسط البلد إنه يشتري بضائعه من موزعي البضائع التابعين لبعض الشركات الكبرى المستوردة للأسواق المحلية.
ويقول سالم إن بضائعه تحمل علامات تجارية معروفة حول العالم في القطاع الكهربائي، إلا أنها مصنعة في الصين، مشيرا الى أن زبائنه يعرفون أنها مقلدة، إلا أنهم يشترونها نتيجة أسعارها المناسبة لمداخيلهم.
من جهته، بين التاجر، علي حسن، إنه يعتمد على الزبائن "الطيارين" بمعنى الذين يتسوقون في الزرقاء بالمناسبات فقط، إذ لن يعود الزبون الى المكان نفسه إلا بعد فترة طويلة، في حين إن المبلغ الذي دفعه مقابل أي قطعة ليس كبيرا.
ويشير حسن الذي يبيع الملابس على قارعة الطريق في منطقة الزرقاء ان اشكال الملابس التي يبيعها تدل على انها مصنعة بطريقة جيدة، في حين انه لا يعلم حقيقة جودتها، ولكنه يخبر الزبائن انها ليست أصلية.
وقال مواطن ان احد بائعي الادوات الكهربائية عرض عليه شراء "لمبة" بعدة خيارات فالأصلية لها سعر معين والاخرى بسعر مختلف، في حين إن "اللمبة" المقلدة للأصلية بسعر أرخص من ذلك، وعند سؤال البائع عن سبب الاختلاف بالاسعار كانت اجابته انه يتم استيراد الاصلية من الشركة الأم او بلد المنشأ، في حين إن البضائع المقلدة تصنع في بلد معين، ويتم استيراد اللمبات من قبل تجار باسم معين يوضع على وجه الكراتين، فيما تخبأ البضائع المقلدة في قاع الكراتين وتباع للمواطنين في الاسواق.
** مؤسسة المواصفات والمقاييس: الشك يوصلنا إلى اليقين
يوجد في مؤسسة المواصفات والمقاييس مديرية تسمى "الرقابة والتفتيش" وهي مسؤولة عن مطابقة جميع المنتجات المطروحة في الأسواق المحلية المستوردة من الخارج، والمصنعة محلياً إلى القواعد الفنية الأردنية، ومنذ نحو سنتين باتت المديرية مسؤولة عن مكافحة العلامات التجارية المقلدة.
وقال مصدر مسؤول في مؤسسة الممواصفات والمقاييس إن التمييز بين العلامات التجارية المقلدة والاصلية تخضع لبعض المعايير العامة التي قد لا تكون صحيحة تماماً، لاسيما ان درجة التقليد في بعض الاحيان تصل الى التطابق التام، مشيراً إلى أن المؤسسة تشك في كل العلامات التجارية، بخاصة اذا كانت واردة من غير الشركة الأم أو من بلد غير بلد المنشأ الأصلي.
وبحسب المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، فإن المؤسسة تقوم بالتأكد من تقليد السلعة بواسطة عدة اجراءات؛ إذ يتم في البداية الاتصال بالوكيل القانوني للعلامة التجارية او الشركة الأم، وترسل عينة من العلامات التجارية المشكوك فيها للتأكد من قبل الشركة التي تحكم على العينة مقلدة او اصلية.
ويضيف أن الطريقة الأخرى تتم في حال عدم وجود وكيل قانوني للشركة في الأردن، حيث تخاطب المؤسسة الشركة الأم بالبريد الإلكتروني، بعد تصوير العينة المشكوك فيها من جميع الجهات، اضافة الى تصوير الغلاف، بحيث يظهر في الصورة الرقم المتسلسل للعينة والعلامات الفارقة فيها والرقم السري الخاص، لتحكم الشركة الأم على المنتج وتخبرها بصناعة السلعة او لا، لاسيما أن معادلة المواد غير متوفرة لدى المؤسسة.
ويشير إلى أن الطريقة الثالثة للكشف عن تقليد المواد تكون من خلال احتفاظ المؤسسة في بعض الأحيان بعينات اصلية لبعض المنتجات، ليتم مقارنتها مع العلامة الواردة من المعاملات الجمركية، وبذلك يتم اكتشاف الخلل في بعض الأحيان، واتخاذ الإجراءات الخاصة بالتقليد.
وبين المصدر وجود عدة معايير أخرى للكشف عن المواد المقلدة كالسعر رغم انه لا يدخل ضمن المعايير عند استيراد السلعة، ولكنه يدخل ضمن المعايير عند عرضه في السوق، فالسعر له دلالة على تقليد البضائع؛ اذ ان البضائع الاصلية لها اسعار محددة ومعروفة.
والنقطة الاخرى، وفق المصدر، تغليف المنتجات، الذي يعد من ضمن المعايير الأخرى، إذ يمكن أن يحتوي على أخطاء بالتغليف، إضافة إلى أن ترتيب المعلومات على بطاقة البيان الخاصة بالعلامة التجارية، قد يكون مختلفا عن ترتيبها على العلامة التجارية الاصلية، ويمكن ايضا ان تشتمل العينة على اخطاء املائية على بطاقة البيان، ما يؤكد تقليد السلعة.
يشار إلى أن العلامات التجارية الاصلية لا تحتوي اخطاءً، بينما المقلد يخطئ، بخاصة في البلدان التي لا تتقن الانجليزية، فعندما تكتشف الشركات الاخطاء الاملائية بعد انتهاء تغليف العبوات لن تعيد تصنيع البضاعة، لأن ذلك يحمل كلفة مادية عالية، واحيانا يتم اكتشاف البضائع المقلدة بواسطة الخط الذي تكتب فيه العلامة التجارية، أو شعارها، في حين إن بعض البضائع تكون مقلدة تماما ويتم اكتشافها بفحص المكونات داخل المختبرات، بخاصة مواد الكيماويات ومواد التجميل والشامبو.
وقال المصدر إن مخالفة إدخال بضائع مقلدة تنقسم إلى نوعين: الأول؛ العلامات المستوردة التي تحتوي على بيان جمركي، والثاني؛ العلامات المقلدة التي تضبط في الأسواق المحلية.
وفيما يخص ضبط المواد المقلدة في السوق المحلية، بين المصدر أنه يتم إصدار قرار إتلاف من قبل المؤسسة على الفور، ويتم تبيلغ الوكيل القانوني او الشركة الأم بالتقليد، إذ إنهم أصحاب الحق في رفع دعوى على المتعدي على العلامة التجارية، ضمن قوانين الملكية الفكرية، حيث تتخذ المحكمة اجراءاتها، فيما تقوم المؤسسة بالاحتفاظ بعينات احترازية لغايات المحاكم، وعند تكرر المخالفات لدى تاجر معين، يخول للمؤسسة تحويله للمدعي العام، الذي يرفع دعوى في المحكمة باسم الحق العام.
أما بالنسبة للمواد المستوردة، وفق المصدر، فتختلف الإجراءات قليلا، ذلك أن قانون المواصفات والمقاييس لا يتيح إتلاف البضائع المقلدة المستوردة، بينما تملك الحق بالكتابة للجمارك بتقليد البضائع، وبالتالي منع دخولها إلى السوق المحلية، بمعنى إعادة تصديرها.
وبين المصدر أن قانون الجمارك رقم 41 يوجب عليها إبلاغ الوكيل القانوني بضبط البضاعة بشكل رسمي وذلك للسؤال عن الرغبة في رفع دعوى خلال مهلة مدتها 8 أيام، فإذا تم رفع دعوى من قبل الوكيل القانوني، لتتحفظ الجمارك على البضاعة لحين الانتهاء من القضية في المحكمة، ولا تدخل البضاعة الى السوق المحلية، في حال شرح مؤسسة المواصفات والمقاييس بأنها مقلدة أو غير مطابقة للمواصفات الأردنية.
ولفت المصدر أنه تم تعديل قانون المؤسسة وهو الآن في مجلس النواب، للمصادقة عليه، اذ أفرد القانون بابا للعلامات التجارية ما يخول المؤسسة متابعة التعدي على العلامات التجارية، الواردة من المعاملات الجمركية، او معاملات الترانزيت او داخل الاسواق المحلية، مشيرا إلى اعطاء المؤسسة حق إتلاف جميع البضائع المقلدة حتى لو كانت تعبر الأردن فقط، اضافة الى اعطاء المؤسسة دور الضابطة العدلية، الامر الذي يوسع صلاحيات المؤسسة في التعامل مع العلامات التجارية المقلدة.
وأشار أن المؤسسة لديها قسم خاص بمسح الأسواق، وله مهمتان رئيستان الأولى؛ القيام بجولات على الاسواق المحلية للتأكد من المنتجات المطروحة في أماكن العرض كمحلات السوبرماركت والمولات، بهدف التأكد من مطابقة المنتجات للقواعد الفنية الأردنية، والتمييز بين المنتجات الأصلية والمقلدة، بينما تقوم فرق المؤسسة بجولات دورية شبه يومية على الأسواق للتأكد من مطابقة المواصفات، والعلامات التجارية.
وأضاف المصدر أن المهمة الثانية لقسم مسح الأسواق تكمن في استقبال الشكاوى من المواطنين، والشركات والوكلاء التجاريين والوكلاء القانونيين، وأي شخص اعتباري، بحيث يتم التأكد من الشكوى، بالذهاب الى مكان الشكوى وفحص العينات والتأكد من علامتها التجارية.
وأوضح المصدر أن دخول المواد المستوردة الى الأردن يكون بعدة طرق فبعضها يدخل ببيانات جمركية قانونية ويتم التفتيش عليها، بخاصة أن الجمارك تقوم بالتفتيش على 10% من حاويات البضائع فقط ما لم يتم التبليغ على الحاوية، لذا قد يكون هناك بضعة كراتين موجودة بعيداً عن أيدي الجمارك والمواصفات، بالاضافة الى اساليب التهريب المتعارف عليها حيث تعمل الجمارك على مكافحتها.
وأكد المصدر السيطرة التامة من قبل المؤسسة على المنافذ الحدودية وعلى البضائع المستوردة، فعند وصول البضاعة يقوم موظفو المؤسسة بالتفتيش على البضاعة بأخذ عينات من البضاعة فبعضها بحاجة إلى فحوصات مخبرية لمطابقة القواعد الفنية ومطابقة بطاقة البيان، مشيراً إلى أن مفتش الجمارك يدقق على القيد والفاتورة الخاصة بالبضائع؛ حيث يوجد مكاتب داخل كل حرم جمرك حدودي وفي جمرك عمان وجمرك سحاب وجمرك حرة الزرقاء وجمرك المطار وجمرك جابر، إضافة إلى وجود فرع للمؤسسة في جمرك العقبة، وللمؤسسة فرع في إربد ومفوضين من الدوائر الأخرى للقيام بأعمال المؤسسة في جسري الشيخ حسين والملك حسين والعمري والكرامة.
ووفق المصدر، تم ضبط الكثير من المواد الغذائية المقلدة، كمعلبات مرقة الدجاج والأرز، ومواد التجميل والكهربائيات، إذ إن مواد التجميل تخضع للفحوصات المخبرية لوجود تشابه تام مع المواد التجارية الأصلية، بينما الحالات التي يتم فيها الفحص في مختبرات الجمعية العلمية الملكية، هي المواد الميكانيكة والإنشائية والكيميائية، بينما يتم فحص المواد الغذائية في مؤسسة الغذاء والدواء، ووزارة الصحة، وفحص المواد الغذائية في مختبرات أمانة عمان، مشيراً أنه رغم قلة كادر المؤسسة ونقص الإمكانات إلا أن الجهود كبيرة لضبط المخالفات والمخالفين.
وتحدث المصدر عن أثر تقليد البضائع على الاقتصاد المحلي، مشيرا إلى أن الأثر قد يكون بالخسائر المادية، أو خسائر الأرواح، وضرب مثلا على ذلك بعض أنواع القواطع أو الأباريز المقلدة ذات الجودة الرديئة، إذ تؤدي إلى إيجاد تماس كهربائي داخل البيت ويسبب احتراقا ينجم عنه خسائر في الأرواح والممتلكات، ومن الامثلة الاخرى تقليد فرامل السيارات او "الصنوبرص" الامر الذي يسبب الحوداث.
وبحسب مصادر في مؤسسة المواصفات والمقاييس فإن إحصائية المنتجات المضبوطة للعام الماضي بلغت 142104 منتجات كهربائية (قواطع واباريز ومفاتيح)، بالإضافة الى 2970 (مجففات شعر ومكاوي) و 14545 (مضخات وخلاطات مياه)، في حين بلغت المنتجات الميكانيكية ( قطع غيار) 1087 كرتونة، ومواد التجميل والشامبوهات 54302 قطعة و 774 كرتونة، فيما بلغ 39211 قطعة ملابس، لوازم مكتبية مثل احبار طابعات وأقلام 18888 قطعة، والألعاب 1236 كرتونة، ومكعبات الماجي 9518 باكيتا، ودخان 6057 كرتونة، والهواتف والإكسسوارات الخلوية 15574 قطعة، والاغلفة والاغذية والادوية 40000 غلاف وملطف الحلق 7492 عبوة.
وبين المصدر أن البضائع المقلدة تضر بالاقتصاد الأردني، بتشويه سمعة الاقتصاد الاردني لوجود بضائع مقلدة، تؤدي إلى تقليص عمليات الاستثمار الخارجي القادم، ويمكن ان يؤدي ذلك الى الغاء اتفاقيات مع دول ومنظمات اقتصادية للاستثمار داخل الاردن، مشيرا الى أن التقليد جريمة يعاقب عليها القانون في حين ان ارباح المواد المقلدة اكبر بكثير من ارباح المخدرات، ما يزيد من الجريمة المنظمة وانتشارها.
** المؤسسة العامة للغذاء والدواء: ضبط 15 محلا تعامل بالأدوية المقلدة في عام 2008
تلعب المؤسسة العامة للغذاء والدواء دورا مهماً في الحد من تداول الأدوية المقلدة في السوق الأردنية التي تتواجد داخل الصيدليات ومحال العطارة، والمراكز التجارية.
وقال رئيس قسم الرقابة والتفتيش في المؤسسة العامة للغذاء والدواء، تحسين العبادي، إن دخول الأدوية المقلدة الى الاردن يتم بالطريقة نفسها التي تدخل بها الأدوية المهربة، الا ان المقلدة او المزروة أخطر بكثير، لانها لا تحمل مواد مفيدة، اضافة إلى أن عملية تصنيعها لا تخضع للرقابة، ما يجعل تركيز جرعة الدواء مضاعفة في بعض الأحيان، وتصبح شديدة الخطورة على صحة مستخدميها.
وبين العبادي ان عدد المحال التي تتعامل بالادوية المقلدة في عام 2008 بلغ 15 محلا منخفضة من 61 محلا عام 2007، وذلك نتيجة العقوبات الصارمة على من يروج الأدوية المزورة او يستوردها، وعلى الرغم من قلة الكميات المضبوطة في الصيدليات الا انها تعتبر جريمة تزوير.
وأضاف أن قانون الصحة العامة فرض عقوبات بالحبس تتراوح ما بين 3- 5 سنوات مع الاشغال الشاقة، اضافة الى غرامات مالية على من يتعامل بالأدوية المزورة، والعقوبات المالية تفرض بحسب كمية البضاعة، حيث يحسب القضاء الدواء المقلد بقيمة مضاعفة عن قيمة الدواء الأصلي، رغم ان قيمته الحقيقة لا تساوي شيئاً.
من جهة اخرى، ذكر العبادي ضبط كميات كبيرة من الأدوية التي تهرب الى دول اخرى عن طريق الترانزيت، اذ يتم ضبط 95% من الأدوية المراد تصديرها بفضل الأجهزة الرقابية وفاعلية القوانين.
** أمانة عمان الكبرى: هناك فرق بين صلاحية المادة للاستهلاك او عدم مطابقتها للمواصفات
تضم أمانة عمان الكبرى مديرية تسمى "دائرة صحة المجتمع"، وهي مسؤولة عن إصدار تعليمات مركزية من الدائرة لاقسام الصحة في المناطق لمراقبة المحلات التجارية، إذ تعتبر المرجعية في وضع التعليمات والانظمة والقوانين والمواصفات والمقاييس، لا سيما للمواد الغذائية ومياه الشرب.
وبينت مديرة دائرة صحة المجتمع في الأمانة، الدكتورة ميرفت مهيرات، أن الامانة لديها نظام وقوانين تتبعها مثل نظام مراقبة الاسواق الخاص بأمانة العاصمة والمنبثق عن قانون البلديات، مشيرة الى ان دور مراقب الصحة يكمن في التأكد من بطاقة البيان، فمعظم الاصناف الغذائية المصنعة والمستوردة 90-95% لها مواصفات ومقايسس وتخضع لتعليمات، ولها تواريخ انتاج وانتهاء، أو تاريخ محصول كما هو موجود في بعض البقوليات، وبعض المواد كالسكر والأرز، والاعشاب، إذ يتم التأكد من مطابقة بطاقة البيان فعليا للمادة الغذائية.
المهيرات تحدثت عن وجود بعض المواد الغذائية المقلدة أو المغشوشة داخل الاسواق الاردنية التي تخلف بعض الأضرار، في حين يختلف الضرر بحسب السلعة كبيع اللحوم التي تحتوي على حروق تجميد وهي لحوم مجمدة بطريقة غير صحيحة، وتعتبر لحوما مغشوشة، فهي عبارة عن ألياف من دون بروتين.
ومن الامثلة الاخرى، وفق المهيرات، بيع المواطن انواعا معينة من الشوكولاتة على اساس احتوائها على نسب معينة من المكونات الاساسية كالسكر، حيث كل صنف غذائي له نسب معينة، وعند تقليدها ودخولها بطريقة غير شرعية الى الاردن تكون محتوية على كميات عالية من السكر الامر الذي يؤثر على الصحة، في حين ان دخول اي مادة غذائية الى السوق الاردنية مشروط بتتطابق السلعة مع المواصفة الاردنية، بينما اذا اثبت الفحص المخبري لأي مادة غذائية عكس ذلك يتم اتلافها.
وذكرت المهيرات وجود شراكة مع مؤسسة المواصفات والمقاييس والمؤسسة العامة للغذاء والدواء، من خلال الشراكة في المختبرات، وتبادل الخبرات، إذ إن الغش بحاجة الى قرار فني، في حين يتم ضبط الاجهزة في المواصفات والجمعية العلمية الملكية، ولا بد من اعلام الجهات المراقبة بإجراءات الأمانة التي تتبعها في اي موضوع.
وبينت ان المواد المقلدة توجد بكثرة في المناطق الشعبية البعيدة عن الجهات الرقابية، اذ تباع بأسعار اقل من الاسعار العادية بالاضافة الى المحلات غير المرخصة كالبسطات على سبيل المثال، التي لا يتوافر فيها قاعدة بيانات، كالشامبو الموجود على البسطات، الذي يباع كنوع فاخر، ويكون بسعر رخيص، فيما هو في الحقيقة سائل جلي.
وبينت المهيرات ان بعض الأصناف الغذائية تكون موصوفة عبر بطاقة البيان وصفا كاذبا، كأن يكتب على المادة الغذائية "صبغة كيميائية طبيعية"، وعند الفحص تكون مادة كيميائية مشعة وبالتالي تكون موصوفة وصفا كاذبا، وغير مطابقة للمواصفة القياسية الاردنية، ويفرض اتخاذ اجراء قانوني من قسم الرقابة الغذائية بتوسيع حجم العينة حتى لا تكون استثناء، وفي حال التأكد من الوصف الكاذب يتم الإتلاف لهذه العينات بموافقة صاحب العلاقة.
وأضافت أن دائرة صحة المجتمع تعمل وفق قانون الحرف والصناعات، الذي يمنحها الحق من خلال قانون المواصفات والمقاييس تحويل الاشخاص الذين يبعون هذه البضائع الى محكمة الامانة، وهي منصوص عليها في قانون الحرف؛ اذ تتراوح العقوبة من 10 دنانير الى 200 دينار، ويمكن ان تمتد الى السجن وذلك حسب ما يراه القاضي وفقا للضرر، اذ تعمل الدائرة على مساعدة المحكمة بتوفير الأدلة لمساعدتها في اتخاذ القرار كضبط الحجز على البضاعة او اتلاف المواد.
بدوره، قال رئيس قسم الرقابة الغذائية، الدكتور محمد العكور، إن القسم معني بجمع عينات من المواد الغذائية كالعصائر والمشروبات الغازية من الاسواق بصورة يومية، لتحديد مدى التزام أصحاب المؤسسات بالاشتراطات الصحية الخاصة، بالإضافة إلى جرد عينات للفحص المخبري لغايات الروتين او بناء على شكوى من مواطن او بناء على شك من مراقب الصحة من خلال عمليات التفتيش على هذه المؤسسات؛ اذ يتم فحصها في المختبر ضمن المواصفات والتعليمات، لتحديد طريقة التصرف بالمادة سواء أكانت غير مطابقة او غير صالحة للاستهلاك.
وبين ان الفرق بين صلاحية المادة للاستهلاك او عدم مطابقتها، أن المادة غير المطابقة، تكون مخالفة بالعد البكتيري حيث يكون اعلى من المسموح، إذ لا يؤثر على سلامة المنتج او صحة المواطن، ويكون ناتجا عن ظرف معين او نقص اشتراط صحي.
اما المادة غير الصالحة للاستهلاك فهي المادة التي تؤثر سلبا على صحة وحياة المواطنين نتيجة فساد المنتج.
وبين العكور ان العينات التي تم فحصها من قبل مختبر امانة عمان خلال العام الماضي بلغ نحو 32 ألف عينة، بالاضافة الى تحليل للعينات ونتائجها، ويتم ادراج البيانات بتقرير شهري وتقرير ربعي، بجميع انشطة واعمال الدائرة.
من جهة اخرى، قالت المهيرات إن من العوامل التي تزيد من احتمالية دخول مواد غذائية مقلدة الى الاسواق الاردنية ان بعض المواطنين يفتتحون محلات تجارية رغم عدم معرفتهم بطرق التعامل مع المادة الغذائية ومدى صلاحيتها وخضوعها للاشتراطات الصحية والرقابة الغذائية قبل دخولها الى السوق، وعرضها على المستهلك، وكيفية دخولها إلى المملكة هل هو قانوني أم عن طريق التهريب بواسطة بطاقة بيان مزورة، وهل تم شراؤها من تاجر معروف او من شخص غير موثوق.
وبينت المهيرات ان التعامل ببضائع تحمل بطاقة البيان يسهل من عملية ضبطها ولكن المشكلة تكمن في بعض الاشياء غير الخاضعة للمواصفات؛ مثل الزعتر الذي يوضع عليه صبغات كي يصبح لونه اخضر، والمعمول اذ يتم استخدام بقايا السميد ويضعون عليها صبغة على اساس انها حشوة، فاستخدام صبغات سواء كيماوية او غير كيماوية مخالف للقانون، مشيرة الى ان الخوف الاكبر من استخدام صبغات مشعة مثل المخللات التي تتطلب استخدام الشمندر أو الصبغات الطبيعية، لاعطاء اللون الاحمر وبدلا من ذلك يتم استخدام صبغات مشعة لاعطاء اللون الاحمر، الامر الذي يضر بالصحة حتى لو لم يكن ذلك على المدى القصير.
وأوضحت مصادر في الامانة ان كمية الإتلافات للعام 2008 بحسب قسم الرقابة الغذائية بلغت 62.279.523 طنا، بالإضافة الى 7518.717 لترا، في حين بلغت خلال كانون الثاني (يناير) 1.8458 طنا، و 1056 لترا، وفي شباط (فبراير) 1581.665 كغم، و5.700 لتر ومجموع عينات العام 2008 بلغ 7086.
** الجمعية العلمية الملكية: المواد المقلدة قد تكون بكفاءة الأصلية
أوضحت مديرة دائرة مطابقة الجودة في الجمعية العلمية الملكية، المهندسة ربى ملكاوي، أن الجمعية تتعرف على المواد المقلدة، ولكن قرار الكشف عن ذلك ليس من صلاحياتها؛ إذ إن تقارير الجمعية تحتوي على مطابقة المواصفات من ناحية الجودة فقط.
وبينت ملكاوي ان اختصاص الجمعية يعنى بإعطاء نتائج وليس من اختصاصها اتخاذ القرارات، مشيرة إلى أن بعض السلع لا يتم الكشف عن مدى التقليد فيها، فبعض المواد المقلدة والأصلية تعطي الكفاءة ذاتها من المنتج.
وبحسب ملكاوي، يتم إرسال المواد من قبل مؤسسة المواصفات والمقاييس من الحدود، في حين تختلف آلية فحوص المواد باختلاف هذه المواد، فالمواد الغذائية تفحص من ناحية الجودة ومن ناحية صلاحيتها للاستهلاك البشري.
وأوضحت ملكاوي وجود مكاتب للجمعية على بعض الحدود مثل العقبة، التي يوجد فيها مكتب ارتباط يحتوي مختبرات للعينات التي تأخذها المواصفات، وتنقل العينات الى مقر الجمعية ويتم الفحص بعد ذلك، ويوجد ايضا مكتب ارتباط في منطقة سحاب الصناعية، بالاضافة الى مكتب ارتباط في جامعة اليرموك في اربد يحتوي مختبرات ايضا.
وبينت وجود اتفاقية مع مؤسسة المواصفات والمقاييس لفحص المواد لديها، حيث كل مركز داخل الجمعية له أسعار خاصة به وهي معلنة وثابتة للجميع وتعاد دراستها سنويا، في حين إن حجم العينات القادمة من المواصفات عالية.
وتتقاضى الجمعية مبالغ مالية، من فحص المصنعين الأردنيين لبضائعهم، إذ إن الجمعية جهة غير حكومية وهي منظمة غير ربحية، ودخلها يأتي من النشاطات والفحوصات والأبحاث والاستشارات وخدمات منح الشهادات وخدمات التفتيش.
وبينت ملكاوي أن مدة فحص العينة تعتمد على نوعها، وطبيعة الفحوصات التي تخضع لها، فمثلا فحوصات المواد الإنشائية كالخرسانة يتم وضع المكعبات في الماء لمدة 28 يوما، في الوقت الذي تحتاج بعض العينات فيه الى اسبوع لمعرفة نتيجة الفحص، وبعضها يومين، فيما تحتاج بعض المواد الغذائية إلى 3 أيام لمعرفة نتيجة الفحص.
وأوضحت دور الجمعية في ضبط مواصفات المواد الأردنية المراد تصديرها الى الخارج، بعد دخول الأردن إلى اتفاقية التجارة العالمية، التي تتطلب بعض الترتيبات لتسيهل التجارة بين البلدان.
وتقوم المؤسسة بفحص المنتج داخل الأردن وإصدار شهادة تفيد بمطابقته للمواصفات المطلوبة، حيث إن وجود الشهادة يغني عن فحص العينات مرة اخرى، الامر الذي قد يضر بالتاجر وبالبضاعة نتيجة التأخير لاسيما المواد الغذائية، حيث يصدر مركز المطابقة الشهادات، وهي معترف بها دوليا حسب الممارسات العالمية بناء على فحص العينة وإخضاع المصنع للتدقيق خلال عملية التصنيع.
من ناحية اخرى، أشارت ملكاوي الى إمكانية استخدام مختبرات اخرى اذا توفرت فيها امكانات المختبرات الخاصة بالجمعية، من خلال عقود تعاون لاسيما ان مختبرات الجمعية معتمدة دوليا، في حين إن المختبرات الاخرى لا بد ان تكون معتمدة دوليا او ان تتأكد الجمعية من اعطاء هذه المختبرات النتائج بطريقة صحيحة، في حين إن فحص النتائج موثوقة 100% داخليا وخارجيا.
** جمعية حماية المستهلك: تسلل البضائع المقلدة بسبب غياب الرقابة الصارمة
بدوره، قال نائب رئيس جمعية حماية المستهلك، عبدالفتاح الكيلاني، إن البضائع المقلدة لا تحمل أيا من صفات الجودة، وبيعها للمواطن يجعله يدفع قيمة للاشيء، رغم ان أسعارها رخيصة مقارنة بالسلع الاصلية، بخاصة البضائع ذات الماركات العالمية.
وبين الكيلاني أن المواطن يلجأ الى البضائع المقلدة في ظل إغراء الشكل الخارجي لها وأسعارها الزهيدة، نتيجة للظروف الاقتصادية، ما يجعل المواطن يعتقد أن الأسعار العالية نوع من الاستغلال والغش.
وأكد الكيلاني ان غياب الرقابة المباشرة والصارمة أو الفحص الحسي على البضائع في المراكز الحدودية بدعوى تسهيل دخولها يزيد من المواد المقلدة في السوق المحلية، منبها انه يتم الفحص أحيانا على الأوراق فقط، حيث يتم استغلال التسهيلات لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
وأوضح الكيلاني أن المواطن يدفع قيمة البضاعة الأصلية كاملة، حتى لو اشترى المقلد، فالبضائع المقلدة لا تدوم طويلاً بينما تدوم الأصلية لفترة أطول، إذ إن التقليد في مجال الكهربائيات يسبب حوادث الحريق او انقطاعات في التيار الكهربائي، إضافة الى الضرر الناتج من تقليد الألعاب والملابس، وباقي السلع.











































