تعديلات قانون الجمعيات ..ما الجديد ؟
خلصت لجنة متابعة تحالف منظمات المجتمع المدني في اجتماعها الأربعاء إلى أن مشروع قانون الجمعيات المعدل الذي قدمه مجلس الوزراء لا يفي بمتطلبات عمل الجمعيات، وأنه لا يوجد تعديلات على جوهر القانون الساري حاليا وما يزال يقيد عمل الجمعيات ويضع أمامها عراقيل كثيرة.
وكان تحالف 102 منظمة من كافة المحافظات قد تشكلت احتجاجا على قانون الجمعيات الخيرية الجديد الذي أصبح ساري التنفيذ منذ أربعة شهور دون التشاور مع منظمات المجتمع المدني. وتابع التحالف حواراته مع الحكومة لتعديل القانون الذي تعتبر هذه المنظمات أن فيه انتهاكا لحقوقها وتدخلا في عملها، إلى أن وافقت الحكومة على إجراء تعديلات على القانون.
وزارة التنمية الاجتماعية من جهتها تؤكد أنها التقت مع مجموعة من منظمات المجتمع المدني وتمت صياغة التعديلات بالشراكة معهم. وستصدر الوزارة برنامجا إعلاميا متكاملا فيما يتعلق بهذه التعديلات، وفقا لمدير الجمعيات في الوزارة، إبراهيم التميمي.
الخلاف بين منظمات المجتمع المدني وبين الوزارة التنمية الاجتماعية انحصر في ثلاث نقاط يوضحها المحامي طالب السقاف، رئيس جمعية الأرض والإنسان، عضو في تحالف منظمات المجتمع المدني.
"الأولى هي أن تسجيل المنظمة يتم بموجب الموافقة، فالنقطة الأساسية التي لن نتنازل عنها هي أن التسجيل يتم بمجرد الإشعار وليس بموجب الموافقة، سواء من وزارة أو من مجلس وزراء.
"يجب أن تعطى الجمعيات الحق بالتسجيل عبر الإعلام والإشعار لدى كاتب العدل في وزارة العدل، كسلطة قضائية وليست تنفيذية، وطالما أن هذه الجمعيات تعمل وفقا للمادة 16 من الدستور ولا تقوم بأي عمل مخالف لتحقيق أهدافها عنوة"، يقول الدكتور فوزي السمهوري، مدير مركز جذور للاستشارات في حقوق المواطن والتنمية المستدامة.
المسألة الثانية تتعلق بالتمويل والتي لم يجر عليها أي تعديل رغم ملاحظاتها عليها. يتحدثون في التعديل عن إشعار بالتمويل، لكنها عمليا موافقة أو رفض الوزير على التمويل خلال شهر من تقديم الإشعار له، ودون ذكر الأسباب.
وثالثا الحقوق المكتسبة للجمعيات القائمة حاليا. القانون المعدل حاليا ليس فيه تصنيفا للجمعيات، وكلها تسجل بنفس الشكل، مع إضافة ما سمي بالشركة غير الربحية التي تسجل وفق أحكام قانون الشركات. كما نريد استبدال مصطلح الوزارة المختصة التي تتبع لها الجمعيات بالوزارة المشرفة، وطلبنا فصل التسجيل عن الرقابة، والسجل هو الذي يتم فيه تسجيل كل الجمعيات بمختلف أنواعها وتتولى الوزارات المشرفة الرقابة على عمل الجمعيات من ناحية موضوعية، أما النواحي القانونية فهي للسجل وهي جهة التسجيل، وهي المسائل المتعلقة بالشخصية القانونية للجمعية".
وأبرز التعديلات التي تضمنها مشروع قانون الجمعيات المعدل، كما أعلنتها وزيرة التنمية الاجتماعية، كان تشكيل لجنة لإدارة السجل برئاسة وزير التنمية الاجتماعية وممثلين عن الوزارات المختصة وممثلين عن القطاع التطوعي. ومن مهام المجلس تحديد الوزارة المختصة لكل جمعية، وإصدار الخطط والبرامج اللازمة للنهوض بأوضاع الجمعيات ومساعدتها على تحقيق أهدافها، وإدارة صندوق دعم الجمعيات، وتشكيل لجان للتوفيق فيما بين الجمعيات في حال وجود نزاع بينها، ويدار السجل من قبل أمين عام دائرة السجل بمستوى أمين عام، واتخاذ قرارات تسجيل وحل الجمعيات من اختصاص مجلس إدارة السجل، كما أوضحت الوزيرة لطوف في مؤتمرها الصحفي للإعلان عن مشروع القانون المعدل.
"إدارة السجل"، بالنسبة للدكتور فوزي السمهوري، مدير مركز جذور للاستشارات في حقوق المواطن والتنمية المستدامة، هي "صندوق بريد يستقبل طلبات التسجيل ويوزعها على الوزارات التي ترفض أو توافق على الطلبات دون ذكر الأسباب. وما السجل إلا مكتب بريد، فأمين عام السجل يجب أن يخاطب الوزارة المعنية، ووجوده هو فقط مزيد من البيروقراطية".
كما أن تشكيل مجلس إدارة السجل مناصفة بين وزارة التنمية الاجتماعية وممثلين عن الوزارات المختصة والقطاع التطوعي، بالنسبة للسمهوري، "هي تغيرات ديكورية لا قيمة لها طالما أن القرار بيد الوزير".
"قانون الجمعيات الذي صدر العام الماضي وأصبح نافذا في كانون أول 2008، أو التعديلات التي أدخلت عليه حاليا، يقيد عمل الجمعيات ويصادر حقها بالاستقلالية في كافة نشاطاتها. وبذلك لا يكون هناك تغيير يذكر"، يقول السمهوري.
ويلفت السمهوري إلى أن القانون بتعديلاته لا يلبي ما تضمنته المواثيق الدولية، وبخاصة العهد الخاص من الحقوق السياسية والمدنية وحقوق الإنسان. واعتبر أن التغيرات شكلية والنقطة الايجابية الوحيدة فيها إلغاء موافقة الوزير على انتخابات الهيئة العامة.
وهذه ملاحظات ثلاثة جوهرية تظهر بأن التعديل جاء "تحايلا على مطالبات منظمات المجتمع المدني"، وفقا للسقاف.
الهدف من التعديلات، بحسب مدير الجمعيات في الوزارة، كان "توحيد مرجعية التسجيل وتبسيط إجراءات تسجيل الجمعيات بشكل عام، وتسهيل تأسيس الجمعيات بتقليل عدد الأشخاص الراغبين بتأسيس جمعية، وحرية تأسيس نوع جديد من الجمعيات وهي الجمعيات الخاصة أو المغلقة والهيئات الإقليمية للهيئات المسجلة خارج الأردن بناء على طلب مؤسسيها".
"والجمعيات الخاصة التي يؤسسها من 3-10 أشخاص، يوضح التميمي، يمكن أن تكون بديلا أو غطاء قانونيا للشركات غير الربحية، لأن القانون الساري لم يعالج الشركات غير الربحية نهائيا وكان تنظيمها يختلف عن تنظيم الجمعيات بشكل عام".
"حاولنا تقديم وجهة نظر تقريبية بيننا وبين منظمات المجتمع المدني"، يقول التميمي.
أما السقاف فأبدى استغرابه من خطوة الحكومة بتقديم مشروع قانون معدل. "ما الجديد الآن؟ منذ ستة شهور قدمت الحكومة مشروع قانون، واعترضت المنظمات عليها بشدة، والآن تقدم الحكومة قانون معدل على أنه يمثل وجهة نظر المنظمات! هذا غير منطقي".
وزيرة التنمية الاجتماعية هالة لطوف دافعت عن اتهامات مباشرة للحكومة بتعرضها لضغوطات دولية قبل انجازها لمشروع قانون الجمعيات الخيرية. وأكدت خلال مؤتمرها الصحفي لإعلان القانون المعدل، وبحضور وزراء التنمية السياسية والاتصال والعدل، أن "أحرف هذا القانون وطنية بامتياز وأنها وضعت بشراكة حقيقية مع مؤسسات المجتمع المدني وانه جاء منحازا بالمطلق للفقراء".
وأضافت لطوف أن "مشروع القانون الذي ساهمت في إخراجه إلى الضوء أنهى تفردها المطلق في صياغة القرار الذي سيصبح فيما بعد بيد إدارة السجل التي سيشترك فيها ممثلون عن الوزارات والقطاع التطوعي".
آمنة الزعبي، رئيسة اتحاد المرأة الأردنية حيث سيعقد اجتماع لجنة المتابعة غدا، قالت أن هناك مجموعة من الملاحظات التي قدموها استجابت لها الحكومة، في حين لم تأخذ بمجموعة من القضايا الجوهرية التي طالبوا بها.
وسيطرح اجتماع غد موضوع مأسسة التحالف وتوسيع قاعدته ليشمل إضافة إلى المجتمع المدني شراكة مع الإعلام، "لأن دورنا لن يتوقف عند قانون الجمعيات، بل أيضا كل القوانين التي لها علاقة بالديمقراطية الأحزاب والاجتماعات العامة بالدرجة الأساس لأنها لها ترابط كبير مع موضوع الجمعيات"، تقول الزعبي.
وينوي التحالف، بحسب السقاف، عقد جولة جديدة مع البرلمان حول هذا الموضوع. "كنا نفضل أن نتوافق مع الحكومة على تعدل القانون ونقدمه للبرلمان مع بحيث تصبح المهمة أسهل علينا وعلى الحكومة. أما الآن فلا شك أن التعديلات التي تمت بهذا الشكل كرست الانقسام بين موقف الحكومة ومنظمات المجتمع المدني فيما يتعلق بالقانون المعدل".
والتحالف، بحسب الزعبي، مفتوح أمام كل المنظمات تشعر أن هذه ليست قوانين عادلة وستؤثر في مسار عملها. "لكن بعض المؤسسات لا تكترث بالقانون وترى أنه لا يؤثر على عملها لأن مجال عملهم محدود وخيري ولن يتقيد بالقانون. وهناك منظمات تخاف من الانضمام لأي تحالف. وبعضهم الآخر موال بالكامل لوزارة التنمية الاجتماعية ويعتبرون أن الاختلاف مع معها قد يؤثر على المنح التي يحصلون عليها من الوزارة".
أما منظمات المجتمع المدني التي تتلقى تمويلا أجنبيا ويرأسها أحد أفراد العائلة المالكة، مثل مركز الأميرة بسمة ومعهد الملكة زين والصندوق الهاشمي واللجنة الوطنية لتجمع لجان المرأة ومؤسسة نهر الأردن ومؤسسة نور الحسين وغيرها، فلا تخضع لقانون الجمعيات الخيرية وإنما تسن لها قوانين خاصة بها. وكذلك الحال بالنسبة لمنظمات المجتمع التي أسستها وتمولها الحكومة إضافة إلى التمويل الأجنبي، مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الوطني لشؤون الأسرة وغيرها.











































