تشكيلة الاعيان وتوقعات الحل تفرض نفسها على ايقاع انتخابات رئاسة النواب

الرابط المختصر

دخلت المعركة المتجددة على رئاسة مجلس النواب والمكتب الدائم ( مطلع الشهر القادم ) ، مرحلة( ربع الساعة الاخيرة ) فوسط اجواء من الضبابية والغموض تلف مشهد الانتخابات رغم وجود تحركات عدة تحدث عنها نواب تجري في الكواليس بين كتل مختلفة في محاولة لايجاد نوع من "التفاهمات" تمهيدا للمعركة القادمة والتي لا تزال ملامحها حتى هذا الاوان غير واضحة.



ورغم أن بورصة مرشحي الرئاسة لا تزال غير واضحة المعالم هي الاخرى، فإن التسريبات الصادرة عن الكتل النيابية تشير الى نية 5 نواب الدخول في ماراثون الانتخابات الرئاسية فيما لا تزال، الصورة غير واضحة ، سيما ما يتعلق بماراثون المسافات القصيرة بين المتنافسين الرئيسيين على كرسي الرئيس ، اضافة الى انتخاب اعضاء المكتب الدائم.



وتبدو حدة التنافس بين اللاعبين في الساحة النيابية اقل منها في الانتخابات السابقة ، خاصة بعد الانقسام الواضح بين تيارين ولدتهما انتخابات رئاسة النواب الماضية، والتي انتهت الى معركة كسر عظم بين عبد الهادي المجالي وعبد الكريم الدغمي انتهت الى حسم المجالي وتحالفه للمعركة على الرئاسة وعضوية المكتب الدائم بفارق قليل من الاصوات وهو ما شجع الاطراف النيابية المختلفة على اعادة صياغة تفاهماتها في محاولة لايجاد نوع من الحراك النيابي المختلف في دورة يتوقع ان تكون ساخنة لما على اجندتها من قوانين ومناقشة سياسات مختلفة، لكنها ايضا ستعني المواجهة مع حكومة تتمتع بانتقادات نيابية كبيرة في حال استمرار حكومة بدران في ولايتها .



التحركات النيابية لتأسيس تحالفات وتفاهمات جديدة لا تزال تطبخ "على نار هادئة" تتزامن مع لقاءات غير معلنة بين اقطاب من كتل وتوجهات مختلفة، وتشير هذه التحركات الى وجود نوع من الاتصالات بين كتل عدة لكن محورها يبدو الاتصال مع كتلة العمل الاسلامي التي ما تزال تشكل مع الكتلة الوطنية الديمقراطية ومستقلين ائتلاف التغيير و الاصلاح النيابي.



لكن الغموض الذي يلف المشهد النيابي له ما يبرره وفق مراقبي الشان النيابي حيث يرى هؤلاء ان هواجس الوسط النيابي وتخوفاته تتقاطع مع ما المح اليه مسؤول رفيع المستوى من ان مسألة حل مجلس النواب مطروحة بقوة لكن قرارا نهائيا بهذا الاتجاه لم يتخذ حتى الان.



ويضيف المسؤول ان صدور الارادة الملكية بارجاء اجتماع مجلس الامة دون تحديد تاريخ لانعقادها لم يأت من قبيل السهو أو الخطأ وانما جاء عن قصد.



و"أسئلة القلق" حول حل المجلس هي التي دفعت بالنواب جميعهم كتلا ومستقلين للتريث طويلا في البحث عن مرشحين لانتخابات رئاسة مجلس النواب وعضوية المكتب الدائم واللجان الدائمة, وهو تريث لم يسبق من قبل ولم يحدث في الدورات النيابية السابقة التي كانت تشهد عادة فتحا مبكرا لملفات الانتخاب والترشيح والتكتلات والتحالفات لضمان موقع في قطار سدة الرئاسة.



لكن الواضح والثابت في المشهد النيابي ان حالة الترقب والقلق لم تتوقف فقط عند حدود التأثير السلبي على النشاط الانتخابي بل وصلت حتى للاجراءات الفنية التي تصاحب عادة استعدادات مجلس الامة لافتتاح الدورة العادية فحتى الان فإن الطواقم الفنية والادارية في مجلس الامة لم تقم بطباعة بطاقات الدعوة للشخصيات التي ستتم دعوتها للاستماع لخطاب العرشرغم اقتراب موعدها (20 يوما ) .





والسؤال الذي يطرح نفسه في ظلال هذا المشهد المقلق هو: لماذا دخل المجلس الى هذا النفق من التخوفات المقلقة على مصيره؟



والإجابة على السؤال تؤشر الى الحراك الخجول الذي شهدته أروقة مجلس النواب خلال الايام القليلة الماضية لجهة استحقاقات الدورة العادية الثالثة، حيث ارتفع منسوب التحركات النيابية للتسخين و دخولهم حلبة المنافسة،لانتخابات الرئاسة و انتخابات المكتب الدائم للمجلس "نائبان ومساعدان " وسط محاولات بدت يائسة بان تكون هذة التحركات تاخذ طابع السرية وبعيدا عن الاعلام لاسباب متعددة .



ووفق مصادر نيابية فان الحالة التي تسود اجواء المجلس تعود الى سببين الاول وهو رغبة النواب عدم الكشف عن اجواء المعركة في الوقت الحالي نتيجة انتقادات جلالة الملك التي وجهها للنواب والاعيان خلال لقاءه بهم في منتصف شهر اب الماضي والتي اشارجلالة الملك خلال اللقاء إلى ضرورة الالتفات إلى المصلحة الوطنية وهموم الوطن بدلا من الاستغراق في معرفة هوية رئيس مجلس النواب .. ووفق النائب فان النواب اتخذوا قرارا (ذاتيا ) بعدم إشعال المعركة في وقت مبكر..والسبب الثاني المعلومات المتداولة في الوسط السياسي والنيابي حول احتمالية حل البرلمان أو تغيير الحكومة أو تغيير رئاسة مجلس الاعيان حيث جعلت مثل هذة الانباء الحراك النيابي ياخذ طابع السرية وعدم التسارع في خطوات المعركة الانتخابية ..وبات التركيز النيابي اكثر اهتماما بالحصول على معلومات تؤكد اوتنفي هذة الانباء للبناء عليها تكتيكات المعركة الانتخابية.



وفي هذا السياق تقول مصادر نيابية ان الجو العام في السلطة التشريعية يميل نحو الهدوء الحذر والترقب القلق, الى جانب ربط جزء من العملية الانتخابية بما يمكن ان تكون عليه الصورة النهائية في مجلس الأعيان, وهي حالة لم يشهدها المجلس من قبل, والسبب اكثر من واضح فاذا ما تم تعيين رئيس الوزراء الاسبق د. عبد السلام المجالي رئيسا لمجلس الاعيان فان رئيس مجلس النواب الحالي المهندس عبد الهادي المجالي لن يرشح نفسه لدورة رئاسية جديدة, مما سيدفع به للبحث عن مرشح اخر بديل له ليدعمه.



وهذه المعادلة يقول مقربون من المهندس المجالي لن تستقيم لكون شقيقه عبد السلام قد تم استثناءه من الاسماء المرشحة لشغل موقع رئيس مجلس الاعيان مما يعني ان الرئيس عبد الهادي المجالي قد تخلص من اعباء رئاسة شقيقه ليعود منافسا قويا للمرشحين الذين سيواجهونه في الاول من الشهر المقبل.



لكن معلومات مؤكدة بهذا الخصوص لم تصدر عن جهة رسمية لاعتمادها وللاستناد اليها في قراءة المشهد المقبل, اذ ان الحديث يتواصل حول تشكيلة مجلس الاعيان التي ستصدر قبل نهاية الشهر الجاري لتقول ان اكثر من 25 عضوا حاليا فيه سيخرجون منه وان على مجلس النواب الانتظار لحين معرفة الخارطة النهائية للأعيان.



وتبدو وجهة النظر هذه قاصرة تماما عن اقناع الاخرين بجديتها لان تشكيلة مجلس الاعيان حق لجلالة الملك اولا , ولانها لا تؤثر من قريب او بعيد على شكل انتخابات مجلس النواب الا بالقدر الذي تتقاطع فيه فقط شخصيتي الشقيقين المجالي وموقع كل منهما.



ومع دخول الكتل البرلمانية في سباق محموم وان كان يأخذ طابع الهدوء لاختيار المرشح لرئاسة مجلس النواب او حسم موقفها من مرشحين محتملين ،فان انظار مراقبي الشان البرلماني تتجة افقيا وعموديا نحو الائتلافين النيابيين اللذان خاضا معركة الرئاسة الاخيرة فحتى اللحظة لم يصدر عن الائتلافين اي موقف محدد وواضح باتجاة انتخابات الرئاسة وتسمية مرشحيهم ( على الاقل بشكل علني ) .



وامام هذا المشهد النيابي تبرز معضلة بناء التحالفات والروافع الانتخابية وبعبارة ادق اعادة بناء التحالفين الانتخابيين السابقين وهما ائتلاف الاصلاح والتغيير الذي دعم ترشيح النائب المحامي عبد الكريم الدغمي, والائتلاف الوطني الديمقراطي الذي دعم ترشيح المهندس عبد الهادي المجالي.



وصورة الائتلافين اكثر من واضحة فقد فشلا طيلة عام مضى من التأسيس لحالة مؤسسية, وانتهى كل منهما الى الفراغ بعد ان انتهت مهمتهما, ولم يعد لاي منهما اي وجود مؤثر باستثناء حالات قليلة لا يمكن وضعها في سياق التأكيد على انهما مارسا وجودهما على الارض بشكل مؤسسي وبرامجي.



ومن هنا تبدو مهمة المرشحين المحتملين اكثر من صعبة خاصة وان الفترة الزمنية المتبقية قد لا تسمح لاي منهم باعادة بناء تحالف من نوع مختلف عن صيغة التحالفات السابقة.



فتحالف الإصلاح والتغيير يشهد هذا الاوان نية ثلاثة من اقطابه البارزين ترشيح انفسهم وهم المحامي عبد الكريم الدغمي والمهندس سعد هايل السرور وعبد الرؤوف الروابدة الذي من المؤكد ان لا يستمر في ترشيح نفسه لتبقى الحبال معلقة بانتظار التوافق بين الدغمي والسرور بانتظار قرار احدهما بالانسحاب.



وتبرز معضلة كبرى اخرى في ائتلاف الاصلاح وهي معضلة مشتركة مع الائتلاف الوطني الديمقراطي وهي قدرة كل منهما على استعادة ما بناه كل منهما قبل عام مضى, وقدرتهما على استقطاب اخرين من الائتلاف الاخر وان كان ائتلاف الاصلاح قد نجح العام الماضي باحداث خروقات خطرة في الائتلاف الديمقراطي تمثلت بشكل واضح في تشكيل اللجان انذاك.



وفيما يستبعد احد اركان الائتلاف النيابي الديمقراطي ان يتم الدعوة الى عقد اجتماع للائتلاف فان مصادر في الائتلاف النيابي ( الاصلاح و التغيير ) اكدت عن انة يعتزم عقد اجتماع خلال الايام القليلة القادمة لحسم الموقف فان حسابات الإسلاميين ( احد الكتل في الائتلاف ) وفق مراقبين قد تشهد في المرحلة القادمة تغييرا في التكتيك والتكنيك، فهم في المقام الأول سيحسبون القرار المقبل من كافة جوانبه وكذلك عوامل الكسب ومدى انعكاس ذلك عليهم في انتخابات نواب الرئيس والمساعدين ورؤساء الكتل النيابية ومقرري اللجان أيضا.



الاسلاميين الذين يطمحوا بان يكونوا بيضة القبان في الانتخابات المقبلة تقول مصادر لـ" عمان نت " في الكتلة ان لديهم شرطين يحكمان أي تحالف لهم مقبل مع أيا من الفرقاء النيابيين وهما ، الاول ا لحصول على موقع في المكتب الدائم وتحديدا موقع نواب الرئيس سواء كان الاول أو الثاني والشرط الثاني إن يكون الحليف النيابي متوافقا معهم في خوض معركة سياسية يجري التحضير لها هذا الاوان لجهة ايجاد قانون انتخاب ديمقراطي يتوافق مع توصيات لجنة الاجندة الوطنية ( مختلط ) .



الشرطان اللذان طرحهما الاسلاميين على النواب الذين (يحجون ) اليهم حاليا تتمسك قيادتهم السياسية بهم وفي حال عدم ايجاد أي حليف نيابي يقبل بهذة الشروط فان القرار سيكون (التعويم ) لغاية ربع الساعة الاخيرة من موعد بدء التصويت على الرئيس المحتمل .



لكن في المقابل يقول نواب في الكتلة إن لديهم هامشا من المناورة والتحرك بحيث يجري حاليا التفكير في طرح احد اعضاءهم لمعركة الرئاسة للقياس على مدى قبول الاطراف النيابية من جهة و الحكومة من الجهة الاخرى لمثل هذا الأمر فيما يري أعضاء في الكتلة إن يتم دعم احد النواب من المرشحين للرئاسة كما هي العادة لكن بعد الموافقة على شروطهم .



وتقول المصادر إن قنوات الاسلاميين مع الدغمي والسرور مفتوحة بجميع الاتجاهات كما إن قنوات الحوار و الاتصال مع كتلة المجالي و الروابدة والعبادي ايضا مفتوحة هي الاخرى بدرجات متفاوتة بينما يواصل النائب نايف الفايز تحركاتة الذاتية مع باقي النواب بشكل شخصي حتى الان خشية احداث شرخ في كتلتة التي اعلن عدد قليل من اعضاءها رفضهم لفكرة تلاشيح الفايز لموقع رئيس مجلس النواب .



ومع اعلان النائب الدكتور نايف الفايز ترشيح نفسه للانتخابات يكون قد شغل موقع الطريق الثالث الذي يسعى لتفاهمات مع كتل متعددة لضمان حمله لسدة الرئاسة لكن شيئا واضحا من تلك الاتفاقات او التفاهمات لا تزال غير واضحة.



وتبرز ايضا مشكلة الكتل الباحثة عن مكاسب والتي تريد الدخول في تحالفات انتخابية تقوم على مبدأ تقاسم السلطة في مواقع متقدمة في المكتب الدائم, فنواب حزب جبهة العمل الاسلامي يسعون الان للحصول على موقع النائب الاول او النائب الثاني, وكتلة "الجبهة الوطنية" تسعى هي الاخرى لتعويض ما تعتقد انها خسرته في الانتخابات السابقة, وكذلك الكتل الاخرى التي اما انها تسعى للحفاظ على مكاسبها, او تسعى لتعويض خسائرها.



وأي مرشح الآن مطالب ليس فقط ببناء تحالف انتخابي كبير ومؤثر فقط بل عليه انتهاج سياسة التوزيع المغري للمكاسب التي يطمح العديد بالحصول عليها وهي مكاسب محدودة وفي مواقع محدودة مما يعني ان الزحام سيعيق التوصل لتفاهمات حاسمة ومبكرة.



على ان اللافت للانتباه وهو ما يشكل خطورة على اي من المرشحين المحتملين هو صعوبة الاحتفاظ بالانصار السابقين اولا, وصعوبة استقطاب انصار جدد في ظل معطيات تقول ان انصارا لمرشحين سابقين لن يدعموا ما كانوا قبل عام يناصرونهم ويدعمونهم مما يؤشر على ان خارطة التحالفات نفسها ستتغير بالكم والكيف وهو ما يفتح الباب على مصراعيه للتكهن عما اذا كانت انتخابات الاول من الشهر المقبل ستشهد جولتين انتخابيتين ام لا.



ان الثابت الوحيد حتى هذا اليوم في المشهد الانتخابي النيابي هو حالة الحذر والخوف والقلق وهي الحالة الضاغطة على النواب والتي لن تسمح بالمزيد من المناورة لكنها وفي اجواء السرعة ومسابقة الزمن قد تؤدي اما الى التوافق على ابقاء الحال على ما هو عليه او البحث عن تحالفات جديدة قد تعيد خلط الاوراق.