تركيا تستقبل أول لاجئ أردني هربا من "أمن الدولة"

تركيا تستقبل أول لاجئ أردني هربا من "أمن الدولة"

أثارت قضية طلب الناشط عدي ابو عيسى اللجوء السياسي من المفوضية العليا لشؤون للاجئين في تركيا ردود فعل متباينة بين أوساط الناشطين الأردنيين.

ناشطون دافعوا عن ابو عيسى مبررين تخوفه من الحكم الذي سيصدر بحقه الموجهة له وفقاً للمادة 195 من قانون العقوبات، من قبل محكمة أمن الدولة، والتي تنص على "يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من ثبتت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك ".

فيما اعتبر آخرون ان ابو عيسى "هرب" بدلاً من ان يواجه الظلم الواقع عليه ويحارب الفساد في البلاد.

وأطراف آخرى اعتبرت ان ابو عيسى لعب دور "البطل و المناضل" دون أن يكون قد قدّم أي تضحية حقيقية للشارع الاردني.

والدة عدي فوجئت بخبر لجوء ابنها، تؤكد "لعمان نت" أنهم لم يتواصلوا معه منذ سفره الى تركيا في الثامن عشر من سبتمبر وحتى الآن، قائلة أنها قرأت خبر لجوءه عبر وسائل الاعلام".

حاولت "عمان نت" التواصل مع ابو عيسى في تركيا، مكتفيا برد مكتوب عبر الانترنت بأنه سافر لتركيا "بشكل نظامي من مطار الملكة علياء الدولي".

"قرار السفر صعب كوني قد لا استطيع العودة الى الاردن"، يقول أبو عيسى، إلا أنه يفضل اللجوء السياسي عن "العيش بخوف من الاعتقالات التعسفية وبطش البلطجية" على حد قوله.

وعند سؤالنا عن سبب قبول طلب لجوئه، أجاب أبو عيسى "انا مطلوب لمحكمة أمن الدولة وهي غير معترف فيها دولياً وتناقض القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا أعلم أين ستنتهي بي الأمور بالنهاية لكني مستمر بمعارضتي".

على الرغم من أن قضية ابو عيسى هي الاولى من نوعها بعد الربيع العربي وبدء دوران ما وصفته الحكومات المتعاقبة بـ"عجلة الإصلاح"، إلا أن تاريخ لجوء الأردنيين إلى الخارج، متكررة.

 منذ الامارة وحتى اليوم

راشد الخزاعي: كان الخزاعي شيخاً عن مناطق اردنية وفلسطينية قبل قيام الامارة، وحاول عام 1937 بإبقاء هذه المناطق التي امتدت من عجلون الى نابلس تحت سلطته، إلا أنه لم يستطع مقاومة الجيش العربي مما دفعه مع مجموعة من رجالاته وأسرته إلى طلب اللجوء السياسي عند الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.

عبدالله التل: قائد معركة القدس في عام 1948، اتهم بأنه يتآمر مع السوريين للاستيلاء على الحكم وضم الأردن إلى سوريا، فاضطُرّ التل إلى اللجوء إلى مصر حيث أمضى ما يقارب العشرين عامًا كلاجئ سياسي.

علي ابو نوار قاسم الناصر، محمود الموسى، عصام الجندي، كمال الحياري، نذير رشيد، إحسان الحلواني: كانوا ممن خرجوا إلى سوريا عام 1957 على إثر فشل الانقلاب الذي قام به الضباط الاحرار، وبعضهم قدم لجوئاً سياسياً لدى جمهورية مصر العربية وعادوا إلى الأردن إثر عفو عام أصدره الملك الحسين عام 1962.

وعلى الرغم من خروجهم من الاردن اثر محاولة انقلاب، إلا أن عدداً من أعضاء التنظيم عادوا إلى الخدمة العسكرية، وتدرجوا بالمناصب إلى أن وصلوا إلى مراكز حساسة، فقد عين نذير رشيد مديراً للمخابرات العامة برتبة فريق، وقاسم الناصر مديراً للدفاع المدني برتبة لواء، بالإضافة للعديد من أعضاء التنظيم الذين شغلوا مناصب عليا ورتب عسكرية متقدمة، وأصبح اللواء علي أبونوار قائداً للجيش.

بهاء الدين طوقان: عام 1957 وصلت له برقية من قادة انقلاب الضباط الاردنيين الاحرار على الملك الحسين، فقام فورًا بقراءتها في جلسة الأمم المتحدة باعتباره سفير دولة وليس نظام، و أعلن مباركته لهم، و بعدها بأيام جائت برقية أخرى من الديوان الملكي تعلن فشل الانقلابيين و الضباط الأحرار في مهمتهم، فقرأ نفس النص مباركًا عودة الملكية و ترك المنصة، واتصل مع القنصل المصري الذي رتب له اللجوء السياسي و بعدها بفترة ومن خلال اللواء عبد الفتاح أبو الفضل من المخابرات المصرية أمّن صبحي طوقان له الاستقرار إلى أن صدر العفو و عاد بهاء الدين طوقان إلى الأردن ليرسله الملك الحسين فيما بعد سفيرًا إلي القاهرة التي لجأ إليها.

ابو قتادة: طلب ابو قتادة اللجوء السياسي من بريطانيا في 1993 بدعوى الاضطهاد الديني، ليمنح اللجوء في العام اللاحق، وحكم عليه عام 1998 في الاردن بالسجن خمسة عشر عاماً بقضايا تتعلق تمويل عمليات ارهابية،وتم تسليمه من قبل السلطات البريطانية الى الاردن بعد توقيع الاخيرة على معاهدة لمنع التعذيب بالسجون العام الحالي.

حراك الأيتام: في عام 2012 هدد حراك الايتام ومجهولي النسب بتقديم طلبات لجوء سياسي للسفارة البريطانية في عمّان، بعدما فضّت الاجهزة الامنية اعتصامهم الذي اقاموه على الدوار الرابع، إلا أنهم تراجعوا عن تقديم الطلبات.

 فيما يعرّف اللاجئ بالشخص الذي ابتعد عن وطنه الذي ينتمي إليه خشية أو هربا من الاضطهاد لأسباب تتعلق بالعرق أو الدين أو الجنسية أو الرأي السياسي أو الانتماء إلى فئة اجتماعية خاصة ولا يريد إن يضع نفسه تحت حماية بلده الأصلي.

ونصت المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بصراحة على حق كل فرد في إن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هربا" من الاضطهاد ولا ينتفع من هذا الحق في المحاكمات المستندة إلى جرائم غير سياسية أو أعمال مخالفة لأغراض ومبادئ الأمم المتحدة.

وحول تقديم ابو عيسى طلب اللجوء لمفوضية اللاجئين بدلاً من السلطات التركية، علل المحامي الدكتور أيمن هلسا السبب بدخول تركيا باتفاقية عام 1951 المخصصة للاجئين الاوروبيين، والتي تفرض عليها قبول طلبات اللجوء القادمة من اوروبا، فيما تنظر المفوضية بالطلبات التي تأتي من دول غير اوروبية.

يؤكد هلسا على ما قاله أبو عيسى، حيال محكمة أمن الدولة، "هي محكمة خاصة لا يتم الاعتراف بها بالمحافل الحقوقية الدولية، لكونها لا تحوي ضمانات المحاكمة العادلة، هي من سهّلت عليه قبول طلبه من قبل المفوضية".

"محكمة أمن الدولة كانت السبب في رفض العديد من الدول تسليم مطلوبين قضائيين للأردن بسبب عدم الاعتراف بها، كقضية الجلبي بالتسعينات وابو قتادة أيضاً" يقول هلسا.

هذا وكان الاردن قد استقبل بدوره عدداً من اللاجئين السياسيين كان آخرهم الطيار السوري الذي انشقّ بطائرته منتصف العام الماضي وهرب بها الى الاردن.

أضف تعليقك